ocaml1.gif
العدد 44: في العطاء Print
Sunday, 01 November 2015 00:00
Share

تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد أوّل تشرين الثاني 2015   العدد 44

الأحد الثاني والعشرون بعد العنصرة

القديسان قزما ودميانوس الماقتا الفضّة

logo raiat web



كلمة الراعي

في العطاء

إنجيل اليوم يحدثنا عن العطاء المادي الذي يجعل صاحبه قائمًا في حضرة الله إلى منتهى الدهر. ولكن الكلام أوسع من العطاء المادي وأهله. فالكريم كريم النفس «وبرّه يدوم إلى الأبد» (٢كورنثوس ٩: ٩) لأنه يكسر قلبه ليعطيه للناس فيشيع كرم النفس في الناس.

 القلب البشري إذا انطوى على نفسه يذبل. الله لا يقيم في القلب المنفرد بل يأتي إلى القلب كلما انفتح. وعلى قدر ما يعطي من ذاته فهو المُعطى له. بهذا المعنى «من له يُعطى فيزاد» (متى ٢٥: ٢٩).

من له نفس كريمة فالله يريدها دائما في جمال وبهاء. والرب إذا نزل في القلب فإنه قادر على تحطيم الحواجز كلها. والله ينتقل من قلب إلى قلب وليس له عرش سوى النفس البشرية يتربع فيها ويلاطفها ويجعلها تلطف بالنفوس.

في القداس نتكئ معا على صدر الحبيب في عشاء سري، والعشاء المقدّس الذي نقيمه انما هو دعوة لكي نتكئ جميعا على صدر يسوع كما فعل يوحنا في يوم مبارك من تاريخ الناس.

انه هو اليوم لا غدًا ذلك الذي نجيء فيه إلى السيد لنسمع منه كلمات لطف وليسمع منا كلمة توبة. فإذا نحن عدنا إلى الله فإنما نعود إلى البشر جميعا لكونهم أبناء الله، لأن الذي لا يحب الإنسان الذي يراه فكيف يحب الله الذي لا يراه؟

والإنسان الذي يطلب الله الينا ان نحبّه هو هذا الذي معنا وإلينا، وليس لنا ان نبعد كثيرا في المدى حتى نجد الإنسان الذي يجب ان نحبّه. والأولى بالذكر هو ذاك الذي آذيناه أو الذي تأذى من دون ان نقصد نحن ان نؤذيه. فالنفس البشرية هشة مكسورة وقد لا يكون لأحد في ذلك مسؤولية، وقد نكون جميعا بالكسل أو الإهمال أو التغاضي أو النسيان أو التناسي مسؤولين جميعا عن أية نفس تألمت بسبب هذا الوجود. ولذا كنا مطروحين معا في مسؤولية واحدة في حضرته تعالى تحت الذنب وتحت الرحمة في آن واحد كي نظهر لأولئك الذين تألموا ولكي نرتمي وإياهم على صدر يسوع وهو القادر ان يشفي كل نفس، وقد جاء حسب قوله ليشفي المنكسري القلوب (مزمور ١٤٦: ٣)، ليرضي الناس في الكون.

«اليوم ان سمعتم صوته فلا تُقسّوا قلوبكم» (عبرانيين ٣: ٧)، اليوم ان سمعتم صوته فصوته عذب وأنغامه تجعلنا في فردوس مُقيم. ولهذا نطهّر أنفسنا بتوبة اليه تعالى، ونجثو عند قدميه معا، وتنتصر قلوبنا برحمة نسألها.

إذا انفتحت نفوسنا إلى عطاء الرب، فنحن عندئذ كرماء، وإذ ذاك نعطي وبرّنا يدوم إلى الأبد.

المسيح سيدنا، المسيح راعينا، لنصبح اليه كما كان هو إلينا، وبهذا يُسَرّ، وبذا نفرح ونكون كما شاء هو ان نكون متمتعين بفرح وسلام ونِعَم.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

الرسالة: ١كورنثوس ١٢: ٢٧-٣١ و١٣: ١-٨

يا إخوة أنتم جسد المسيح وأعضاؤه أفرادًا، وقد وضع الله في الكنيسة أناسًا أولاً رسلًا ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين ثم قوّاتٍ ثم مواهبَ شفاء فإغاثاتٍ فتدابيرَ فأنواع ألسنةٍ ألعلَّ الجميعَ معلمّون، ألعلّ الجميع صانعو قوّات، ألعل للجميع مواهب شفاء، ألعلَّ الجميع ينطقون بالألسنة، ألعلَّ الجميع يترجمون؟ ولكن تنافسوا في المواهب الفُضلى وأنا أريكم طريقًا أفضل جدّا. إن كنتُ أنطق بألسنة الناس والملائكة ولم تكن فيّ المحبة فإنما أنا نحاسٌ يطنُّ أو صنجٌ يرنُّ. وإن كانت لي النبوة وكنت أعلم جميع الأسرار والعلمَ كلَّهُ، وإن كان لي الإيمان كلّه حتى أنقلَ الجبالَ ولم تكن فيّ المحبة فلست بشيء، وإن أطعمتُ جميع أموالي وأسلمت جسدي لأُحرقَ ولم تكن فيّ المحبّة فلا أنتفعُ شيئا. المحبة تتأنّى وترفق، المحبّة لا تحسد، المحبّة لا تتباهى ولا تنتفخ ولا تأتي قباحةً ولا تلتمس ما هو لها ولا تحتدّ ولا تظنّ السوء ولا تفرح بالظلم بل تفرح بالحق وتحتمل كلّ شيء وتصدّق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبّة لا تسقط أبدًا.

الإنجيل: لوقا 16: 19-31

قال الرب: كان إنسان يلبس الأُرجوان والبزّ ويتنعّم كل يوم تنعّمًا فاخرًا. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مطروحًا عند بابه مصابًا بالقروح. وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغنيّ، بل كانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. ثم مات المسكين فنقلته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الغني أيضًا فدُفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب فرأى إبراهيم من بعيدٍ ولعازر في حضنه. فنادى قائلًا: با أبت إبراهيم ارحمني وأرسِلْ لعازر ليُغمّس طرف إصبعه في الماء ويبرّد لساني لأنّي معذّب في هذا اللهيب. فقال: إبراهيم: تذكّرْ با ابني أنّك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه، والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذّب. وعلاوةً على هذا كلّه فبيننا وبينكم هوّة عظيمة قد أُثبتت حتى إنّ الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون ولا الذين هناك أن يعبُروا إلينا. فقال: أَسألُك إذن يا أبتِ أن تُرسله إلى بيت أبي، فإنّ لي خمسة إخوةٍ حتى يشهد لهم لكي لا يأتوا هم أيضًـا إلى موضع العذاب هذا. فقال له إبراهيم: إنّ عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم. قال: لا يا أبت إبراهيم، بل اذا مضى إليهم واحدٌ من الأموات يتوبون. فقال له: إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء، فإنهم ولا إن قام واحدٌ من الأموات يُصدّقونه.


 المواهب في خدمة الجماعة

«فأنواع مواهب موجودة، ولكنّ الروح واحد. وأنواع خدم موجودة، ولكنّ الربّ واحد. وأنواع أعمال موجودة، ولكنّ الله واحد، الذي يعمل الكلّ في الكلّ» (كورنثوس الأولى 12: 4-6).

يخصّص القدّيس بولس الرسول حيّزًا كبيرًا من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس للحديث عن المواهب المتنوّعة التي يوزّعها الله بالروح القدس على الأفراد الذين يشكّلون الكنيسة، أيّ الجسد الواحد. هذه المواهب الروحيّة (نسبةً إلى الروح القدس) تعطى للمعمّدين كي يسهموا، عبر التزامهم تحقيق هذه المواهب، في بنيان الكنيسة ومنفعتهم الروحيّة. ونلاحظ لدى القدّيس بولس أنّه لا ينسب توزيع المواهب إلى أسباب بشريّة، بل هي عطيّة من لدن الله كي يكون صاحب الموهبة نافعًا لنفسه وللمؤمنين كافّة. وفي ذلك يقول القدّيس كيرلّس الأورشليميّ (+387): «عظيم الروح القدس وكلّيّ القدرة، وعجيب في هباته. إنّه يفعل في كلّ واحد منّا بمقدار ما يؤتينا».

يشدّد الآباء القدّيسون على القول بأنّ المواهب كلّها، مهما كانت صغيرة، إنّما هي مهمّة لاكتمال البنيان. وهذا أساسه موجود في تشبيه القدّيس بولس الكنيسة بالجسد: «لأنّه كما أنّ الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة، وكلّ أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد، كذلك المسيح أيضًـا» (كورنثوس الأولى 12: 12). ولا ينسى القدّيس بولس التذكير بأنّ كلّ أعضاء الجسد لها وظيفتها الخاصّة التي لا يكتمل الجسد من دونها، فالأعضاء «التي تظهر أضعف هي ضروريّة. وأعضاء الجسد التي تُحسب أنّها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل» (12: 22-23).

في هذا السياق يقول القدّيس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة قيصريّة كبادوكية (+379): «بما أنّه لا طاقة للمرء أن ينال كلّ المواهب الروحيّة، فإنّ نعمة الروح تُمنح وفق إيمان كلّ فرد، فتصبح ملكًا مشتركًا لكلّ مَن يحيا في شركة مع الآخرين. ومَن ينل أيّةً من هذه المواهب لا يملكها لخيره، إنّما لخير الآخرين». وهذا يتطلّب أن يقبل كلّ امرئ بموهبته، لأنّها ضروريّة مهما قلّ شأنها. فبولس الرسول حين يدعو الكنيسة جسد المسيح، وللجسد أعضاء كثيرة مختلفة، بعضها أهمّ من غيره، وبعضها أقلّ أهمّيّة، بعضها أثمن، وبعضها أخسّ، لكنّها كلّها ضروريّة ونافعة. لذلك ينبغي ألاّ يُعامل أحدٌ باحتقار، وألاّ يُحسب أحدٌ كاملاً. لذلك يطلب الرسول بولس من سامعيه ألاّ يهملوا أعضاء الكنيسة الأقلّ شأنًا من سواهم.

يؤكّد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (+407) على أهمّيّة التنوّع، إذ لا يوجد جسد من دون تنوّع، فيقول: «لولا التنوّع الكبير بينكم لما أمكنكم أن تصيروا جسدًا. ولو لم تكونوا جسدًا، لما كنتم واحدًا. لو لم تكونوا واحدًا لما تساويتم في الكرامة... أنتم جسد لأنّكم لا تملكون الموهبة ذاتها». هذا الكلام يعني أنّ التنوّع في أعضاء الجسد، والتنوّع في المواهب، يكون في الوحدة من أجل إتمام حاجيّات الجسد، حاجيّات الجماعة المؤمنة. فلو تساوى الجميع في الكنيسة، لما كان هناك جسد، فالجسد يحيا باختلاف وظائف أعضائه. لذلك، على مَن هو أدنى من الآخرين ألاّ يظنّ أنّه غير ضروريّ للجسد. هنا يعيد الذهبيّ الفم التذكير بأنّ «على الرغم من أنّ الموهبة أدنى، إلاّ أنّها ضروريّة. وعندما تكون واحدة منها غير موجودة، تعاق أمور كثيرة. هكذا من دون وجود منها يتناقص ملء الكنيسة».

يذكّرنا، إذًا، القدّيس بولس بأنّ الجسد منظّم جدًّا إلى درجة أنّ كلّ أعضائه ضروريّة. ولهذا تهتمّ الأعضاء كلّها بعضها ببعضها الآخر، إذ لا يمكن أحدًا أن يوجد من دون الآخر، وما يبدو أدنى مرتبةً يكون في أحيان كثيرة أشدّ ضرورة. فالرسول بولس يقول: «فإنْ كان عضو واحد يتألّم، فجميع الأعضاء تتألّم معه. وإنْ كان عضو واحد يكرَّم، فجميع الأعضاء تفرح معه» (12: 26). يعطي المغبوط أغسطينُس أسقف هيبون (+430) مثالاً في هذا الشأن، فيقول: «افترضوا أنّ إصبعكم مكسورة. أفلا ترتجف كلّ أعضائكم؟ ألاّ تهرعون إلى طبيب ليجبّرها؟ طبعًا يكون جسدكم بصحّة جيّدة عندما تكون أعضاؤه كلّها منسجمة. فتُعتبرون، عندها، سالمين، أصحّاء».

يقدّم القدّيس كيرلّس الأورشليميّ صورة جميلة عن كيفيّة توزيع الروح للمواهب، فيقول: «مطر واحد يسقي العالم باسره، فيصير أبيض في الزنبقة، وأحمر في الوردة، وأرجوانيًّا في البنفسج والياسمين، ويتنوّع بتنوّع الأشكال. وهو في النخلة يختلف عنه في الكرمة، وفي كلّ الشياء، على أنّ طبيعته واحدة في حدّ ذاتها. فالمطر هو هو لا يهطل تارةً بشكل وطورًا بشكل آخر، ولكنّه يتكيّف بتكيّف العناصر التي تتقبّله، فيأتي لكلّ منها بما يلائمه. هكذا الروح القدس، فهو واحد بسيط لا يتجزّأ، يوزّع النعمة على كلّ واحد كما يشاء... الروح يعمل بتنوّع في مختلف الأشخاص، ويظلّ هو هو في ذاته من غير تعدّد».

يلاحظ القدّيس إيرونيمُس (+420) أنّ بولس الرسول لا يقول: «كما يشاء كلّ منكم»، بل «كما يشاء الروح» (12، 11). كما يبيّن القدّيس هيلاريون أسقف بواتييه (+368) أنّ ثمّة أربعة أمور ينبغي عدم إغفالها حين نتكلّم على المواهب، وهي: "1) الروح نفسه موجود في المواهب المتنوّعة؛ 2) الربّ نفسه في خدم متنوّعة؛ 3) الله نفسه في هذه الأنواع؛ 4) هناك استعلان للروح في إعطاء ما هو نافع". هذا يفترض بنا أن نقبل جميعنا بأنّ لكلّ منّا موهبته الضروريّة من أجل البنيان، فنسعى من أجل خير الجماعة ومنفعتها لا من أجل مصلحة فرديّة أو مجد باطل.

كيف صرت مؤمنًا؟

سُئل الأب جيفكو (بانيف)، الأستاذ في معهد القديس سرجيوس اللاهوتي: كيف صرتَ مؤمنًا وأنت المولود في بلد شيوعي؟ أجاب:

وُلدت سنة ١٩٦١ في مقدونيا التي كانت آنذاك جزءا من يوغسلافيا. كان والدي ضابطًا في الجيش اليوغسلافي، وكانت عائلتنا شيوعية. لما وصلتُ إلى المرحلة الثانوية من دراستي، صرتُ أبحث ككل رفاقي عن معنى للحياة. قرأتُ كتبا كثيرة في الفلسفة وعلم النفس، ثم صرت أميل إلى ديانات شرقية مثل الهندوسية والبوذيّة. بعد ذلك تعرّفت على الأرثوذكسية بواسطة أستاذ مادة الماركسيّة الذي كان مؤمنًا متخفيًّا. هذا أَرشدَني إلى كتُب دوستويفسكي ثم إلى كتب أرثوذكسية باللغة الصربية، فابتدأت أهتمّ بالخبرة الروحية الأرثوذكسية، فقرأت في سلّم الفضائل للقديس يوحنا السلّمي والفيلوكاليا... نتج عن ذلك أني تعمّدتُ في سن الثامنة عشرة.

بعد أن أَنهيتُ دراسة الحقوق في جامعة سكوبيي، أردتُ ان أدرس اللاهوت فاستشرتُ أبي الروحي الأب أَمفيلوخيوس (رادوفيتش) (حاليًا متروبوليت مونتينغرو) أن يبارك مسعاي، فنصحني بمعهد القديس سرجيوس في باريس حيث وصلت سنة ١٩٨٨ وأتممتُ دراسة الإجازة والماجيستر والدكتوراه... ثم رُسمتُ شماسًا في الكنيسة الصربية الأرثوذكسية.

سنة ١٩٩٠ ابتدأت الحرب في يوغسلافيا. حتى ذلك الوقت كنا كلنا يوغسلافيين. وبظرف ساعة، صرتُ مقدونيًا في الكنيسة الصربية، واعتبرني المقدونيون صربيًا، فصار من الصعب جدا أن أعود إلى بلادي. لذلك بقيت في فرنسا، وصرت كاهنا سنة ١٩٩٤ وأخدم رعية في باريس تابعة للأبرشية الروسية في أوربا الغربية التابعة للبطريركية المسكونية.

كنيسة القديس إسحق السريانيّ في نابيه

مساء السبت 17 تشرين الأوّل ٢٠١٥، قام سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس بوضع حجر الأساس لكنيسة القديس إسحق السريانيّ في نابيه التي ستُبنى على أرض في وسط بلدة نابيه أوقفتها عائلة الأرشمندريت إسحق (عطالله) الآثوسيّ تخليدًا لذكره، بالتنسيق مع رهبان قلاّية القيامة في كابسالا (جبل آثوس) حيث نسك الأب إسحق. وقد عاونَه في الخدمة رئيس دير مار ميخائيل بقعاتا، وكاهن رعيّة نابيه، وعدد من الكهنة، وذلك بحضور حشد من أبناء رعية نابيه بمن فيهم عائلة الأب إسحق ومعارفه وأصدقاء من كل المناطق. ثمّ صار نضحُ الأرض بالماء المقدّس تمهيدًا لأعمال الحفر والبناء.

والأب إسحق (عطالله) هو أوّل ناسكٍ أنطاكيّ استقرّ في جبل آثوس المقدّس من سنة 1978 حتى رقاده في 16 تمّوز 1998. وقد تتلمذ على يد الشيخ باييسيوس الآثوسيّ الذي أُعلنت قداسته في 13 كانون الثاني 2015. وعُرف بشدّة نسكه، واشتُهر أبًا روحيًا في كل بلاد اليونان، وداعيةً إلى ممارسة سرّ الاعتراف. وكوْنَه الراهب الأنطاكيّ الوحيد في تلك الديار جعل منه «باب أنطاكيا»، فكان الأنطاكيّون يحجّون إلى قلايته وكذلك المقدسيّون والإسكندريّون، وحتى من القارّة الجديدة. عرَّب مجموعةً من الكتب الآبائيّة، منها: نسكيّات، السلّم إلى السماء، كيف نحيا مع الله، المزامير... بعد رقاد أبيه الروحيّ الشيخ القديس باييسيوس إزنبيذيس (12 تمّوز 1994)، شرع الأب إسحق في كتابة سيرته باللغة اليونانيّة، تمهيدًا لإصدارها في كتاب ضخمٍ في بلاد اليونان، قبل إعلان قداسته رسميًا. ولكن رقاده أوقف هذا العمل، فأكمل الكتابَ تلميذُه الأب إفثيميوس، وأصدره في الجبل المقدّس باسم الأرشمندريت إسحق سنة 2004 وفاءً لذكراه الطيّبة. وبعد سنتين، تُرجم الكتاب إلى لغة الأب إسحق الأُمّ، وأصدره الجبل المقدّس في سنة 2006 باللغة العربيّة، وصدرت الطبعة الثانية في بداية السنة الحاليّة ليكون ريعُها لبناء كنيسة القديس إسحق السريانيّ في نابيه.

Last Updated on Monday, 26 October 2015 16:11