ocaml1.gif
العدد ٥٢: الميلاد في رعيّتنا Print
Written by Administrator   
Sunday, 30 December 2018 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٣٠ كانون الأوّل  ٢٠١٨   العدد ٥٢ 

الأحد بعد الميلاد

القدّيسان الصدّيقان يوسف خطيب مريم، 

وداود الملك ويعقوب أخو الربّ

logo raiat web

كلمة الراعي

الميلاد في رعيّتنا

5218  ما أحلى أن تسأل أبناء الرعيّة كيف يفهمون ميلاد المخلّص ويشهدون له في حياتهم. إنّها فرصة لترى كيف وُلد المسيح فيهم بالحقيقة. هذا ما حدث معي في زيارتي إحدى رعايانا عبر ما انكشف لي من حوارات عدّة مع مجموعات من شرائح عمريّة مختلفة.

عندما سألتُ الرعيّة كيف يعرّفون الميلاد أمام من لا يعرف العيد، أجاب أحدهم: «أن تعرف ما هو عيد الميلاد، عليك أن تأتي دومًا إلى الكنيسة!». البعض تحدّث عن المسامحة والغفران والمحبّة التي يسكبها الله على كلّ إنسان. البعض تحدّث عن السلام واستطرادًا، توسّع الموضوع حول كيفيّة اقتناء السلام وعيشه، خصوصًا عندما نتناول واقعًا يكثر فيه الظلم والسوء والفساد وغياب العدالة وهدر كرامة القريب. هذه كلّها كانت مناسبة لمقاربة حياة روحيّة جدّيّة مبنيّة على العودة إلى الذات وبناء الهيكل الذي يقيم فيه الروح القدس، وإن كان هذا هو واقع الحال الذي نراه.

مع الأطفال، تنطلق وإيّاهم نحو معرفة المسيح عبر الإنجيل والأيقونة والترانيم التي تعلّموها، وبالأخصّ عبر المعيّة التي تجمعهم كإخوة في الكنيسة وفي الفرقة التي ينتمون إليها. كأنّي أراهم رعاة أو مجوسًا، ينقلون إليك فرح ميلاد المخلّص بابتهاج لا لبس فيه. لذا ترافق تدرّجهم في الإيمان والعيش والمعرفة كنموّ براعم الأشجار المثمرة والتي تشتهي أن تكتمل أزهارها أمام ناظرَيك، لترى ماهيّة الثمر الذي سيحصده من تعب في التربية والإرشاد والصلاة والمرافقة المستمرّة في العائلة والكنيسة والحياة عمومًا.

أمّا مع المراهقين والشباب، فيأتيك الحديث عن الميلاد من مغارة غير مغارة بيت لحم، من المغارة اللحميّة التي تنمو في نفوسهم، أي هيكلهم الخاصّ بكلّ واحد منهم، بسعيهم الشخصيّ إلى مقاربة مسائل الحياة على ضوء الإيمان الذي لديهم. حوادث من يوميّاتهم، كمواجهة الموت أو مرض السرطان أو الشيخوخة أو أشخاص ذوي احتياجات خاصّة تجعلهم يعودون إلى أنفسهم في بحث، في شكر، في صلاة تلد فيهم طفل المغارة على حين غرّة منهم، فيأتي ما يتعلّمونه متجسّدًا في واقعهم الشخصيّ والتزامهم المسؤول تجاه ذاتهم وتجاه أترابهم. وهذا، عدا عمّن بلغ نضجًا أكبر في معرفة الذات، فيحدّثك عن صراعه مع لجم لسانه وجهاده في الإيمان والصلاة بشكل يوميّ عساه يغلب آفته. بين وجوه الفتية والشباب والبالغين المجتمعين معًا، ترى عائلة جميلة متكاتفة وخادمة. خدموا بعضهم بعضًا بشهادات رأوها أو عاشوها، فحاكت بينهم أواصر انتمائهم إلى جسد المولود في المغارة، والمولود دومًا في قلوبهم طالما سعوا بإيمان وصدق.

عندما تنتقل إلى الحديث مع الأمّهات، تكتشف زبدة التربية التي سكبوها في نفوس أبنائهم. فَبِمَ توصي كلّ واحدة بنيها؟ تعدّدت التوصيات، وكان أبرزها: أن تسود المحبّة بين الإخوة؛ أن يحافظوا على الوئام بين عائلاتهم مهما كلّف الأمر؛ أن يسامحوا في الظروف كافّة؛ أن يسلكوا في الحقّ؛ أن يتآزروا في ما بينهم؛ ألا يغيبوا عن الكنيسة؛ أن يمارسوا الصلاة دومًا؛ أن يحافظوا على ضميرهم حيًّا؛ أو أن يأتي سلوكهم مطابقًا للكلمة الإلهيّة. إحداهنّ استشهدت بقول النبيّ داود: «لا تطرحني من أمام وجهك وروحك القدّوس لا تنزعه منّي» (مزمور ٥٠: ١١)، ثمّّ أردفت قائلة: «لا أتوقّف عن التأمّل بهذه الآية، راجية أن يعفيني الربّ من مصير كهذا، وذلك بعد كلّ تعب أو عمل». لقد قدّمت هؤلاء الأمّهات ذهبها ولبانها ومرّها إلى أبنائهنّ، يحدوهنّ الرجاء على أن يختبرن فرح المجوس في سجودهم للمخلّص، وذلك لمّا يرَين في أبنائهنّ ثمار بنوّة مبنيّة على الإيمان المسيحيّ المعاش.

هذه بعض من الرسائل التي تلقّفتها في عيد الميلاد. لربّما هناك الكثير مثلها. فرحتُ بهذه وأشاركها ليقيني بأنّها تساعدنا على حمل صليبنا اليوميّ، ونحن سائرون في إثر من وُلد في مغارة ولا يتخلّى عن أيّ منّا، كائنًا من كان، لأنّه يحبّنا.

سلوان

مطران جبيل والبترون وما يليهما

(جبل لبنان)

 

الرسالة: غلاطية ١: ١١-١٦

يا إخوة أُعْلمكم أنّ الإنجيل الذي بشّرتُ به ليس بحسب الإنسان، لأنّي لم أتسلّمه وأتعلّمه من إنسان بل بإعلان يسوع المسيح. فإنّكم قد سمعتم بسيرتي قديمًا في ملّة اليهود أنّي كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأدمّرها، وأزيد تقدّمًا في ملّة اليهود على كثيرين من أترابي في جنسي بكوني أوفر منهم غيرة على تقليدات آبائي. فلمّا ارتضى الله الذي أفرزني من جوف أمّي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشّر بين الأمم، لساعتي لم أصغِ إلى لحم ودم ولا صعدتُ إلى أورشليم إلى الرسل الذين قبلي، بل انطلقت إلى ديار العرب، وبعد ذلك رجعت إلى دمشق. ثمّ بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأزور بطرس فأقمت عنده خمسة عشر يومًا. ولم أرَ غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الربّ.

 

الإنجيل: متّى ٢: ١٣-٢٣

لمّا انصرف المجوس إذا بملاك الربّ ظهر ليوسف في الحلم قائلاً: قم فخذ الصبيّ وأمّه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتّى أقول لك، فإنّ هيرودس مزمع أن يطلب الصبيّ ليهلكه. فقام وأخذ الصبيّ وأمّه ليلاً وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس ليتمّ المقول من الربّ بالنبيّ القائل: من مصر دعوتُ ابني. حينئذ لمّا رأى هيرودس أنّ المجوس سخروا به غضب جدًّا، وأرسل فقتل كلّ صبيان بيت لحم وجميع تخومها من ابن سنتين فما دون، على حسب الزمان الذي تحقّقه من المجوس. حينئذ تمّ ما قاله إرمياء النبيّ القائل: صوت سُمع في الرامة، نَوح وبكاء وعويل كثير، راحيل تبكي على أولادها وقد أبت أن تتعزّى لأنّهم ليسوا بموجودين. فلمّا مات هيرودس إذا بملاك الربّ ظهر ليوسف في الحلم في مصر قائلاً: قم فخذ الصبيّ وأمّه واذهب إلى أرض إسرائيل، فقد مات طالبو نفس الصبيّ. فقام وأخذ الصبيّ وأمّه وجاء إلى أرض إسرائيل. ولمّا سمع أنّ أرشيلاوس قد مَلَك على اليهـوديّة مكان هيرودس أبيه خاف أن يذهب إلى هناك وأوحي إليه في الحلم فانصرف إلى نواحي الجليل، وأتى وسكن في مدينة تدعى ناصرة ليتمّ المقول بالأنبياء إنّه يدعى ناصريًّا.

 

إيضاح الإنجيل

مجوس من المشرق عاينوا نجم المولود ملك اليهود في المشرق، فأتوا إلى أورشليم ليسجدوا له. قابلوا الملك هيرودس فأرسلهم إالى بيت لحم وطلب منهم أن يعودوا ليعلموه بمكان المولود الجديد لكي يسجد له. قادهم النجم إلى الموضع فرأوا الصبيّ وسجدوا له مقدّمين هدايا، وعادوا إلى بلادهم بعد أن أُوحي لهم بألاّ يرجعوا إلى هيرودس (متّى ٢: ١-١٢).

«ولمّا انصرف المجوس إذا بملاك الربّ ظهر ليوسف في الحلم». لا يقصد الإنجيليّ بملاك الربّ ملاكًا مخلوقًا مختلفًا عن الله، بل يشير هذا التعبير إلى تجلّي الله نفسه. كثيرًا ما يرد هذا التعبير في سفر التكوين (تكوين ١٦: ٧ و١٣ و٢٢: ١١)، يرافقه الإلهام بواسطة الأحلام (تكوين ١٥: ١٢ و٢٨: ١٢). الإنجيليّ متّى، في الإصحاحين 1و2 من إنجيله، يستعمل طريقة إنشاء سفر التكوين ذاتها مستخدمًا التعابير عينها.

موضوع التكوين هو الخلق. ويضعنا الإنجيليّ متّى في هذين الإصحاحين في جوّ الخلق، لكنّه خلق من نوع آخر. الربّ يسوع ليس كآدم الأوّل بل هو آدم الجديد باكورة الخليقة الجديدة ابن الإنسان الحقيقيّ وابن الله الحقيقيّ. آدم سقط بالخطيئة وابتعد عن الله فتشوّهت صورة الله فيه. أمّا الربّ يسوع فأعاد بهاء هذه الصورة في الإنسان راسمًا بطاعته حتّى الصليب السبيل إلى تحقيق المثال الإلهيّ (تكوين ١: ٢٦-٢٧).

«قم فخذ الصبيّ وأمّه واهرب إلى مصر... قم فخذ الصبيّ وأمّه واذهب إلى إرض إسرائيل». الإنجيليّ متّى وحده يذكر الهروب إلى مصر والعودة منها مذكّرًا بخروج الشعب الإسرائيليّ من مصر في العهد القديم. نلاحظ أنّ الإنجيليّ متّى يذكر حوادث من طفولة يسوع بترتيب يذكّرنا بأحداث سبق أن عاشها الشعب الإسرائيليّ في العهد القديم.

«ليتمّ المقول من الربّ بالنبيّ القائل: من مصر دعوت ابني» (هوشع ١١: ١). قصد النبيّ هوشع بهذه الآية الشعب الإسرائيليّ، وها الإنجيليّ متّى يجد تحقيقها في الربّ يسوع. إذًا ما نُسب سابقًا إلى الشعب الإسرائيليّ يُنسب الآن إلى الربّ يسوع. والقصد من هذا هو التشديد على أنّ الربّ يسوع هو إسرائيل الحقيقيّ (بعكس اليهود)، والدليل القاطع على هذا أنّ النبوءات آخذة في التمام منذ اللحظة الأولى للحبل البتوليّ (متّى ١: ٢٢ و٢٣ و٢: ٥ و٦ و١٥ و١٧ و٢٣). هكذا يُظهر الإنجيليّ متّى أنّ الربّ يسوع هو المسيّا المخلّص المنتَظر وأنّ مواعيد الله تتحقّق فيه.

«لمّا رأى هيرودس أنّ المجوس سخروا به غضب جدًّا وأرسل فقتل كلّ صبيان بيت لحم.....». عُيّن هيرودس ملكًا على اليهود من قبل مجلس الشيوخ الرومانيّ، فكان حريصًا جدًّا على المُلك ولم يتهاون أمام أيّ تهديد يطال عرشه. ذُكر عنه أنّه لم يتوانَ في قتل عدد من أبنائه وزوجته عندما أحسّ أنّهم يشكّلون خطرًا على عرشه، وهذا يوضح أنّ قتله أطفال بيت لحم الأبرياء ليس غريبًا عن تصرّفه.

«صوت سُمع في الرامة، نواح وبكاء وعويل كثير...» (إرمياء ٣١: ١٥). قصد النبيّ إرمياء بهذه الآيات حادثة جلاء اليهود إلى بابل بعد سقوط أورشليم على يد نبوخذنصّر. يرجّح العلماء أنّ متّى استشهد بهذه الآية ليشير مسبقًا إلى دم يسوع الذي سيراق على الصليب.

 أرشيلاوس خلف أباه هيرودس كوالٍ وليس كملك. أسندت الأمبراطوريّة الرومانيّة هذه المهمّة إليه، لكنّها عادت فخلعته بعد عشر سنوات، بناءً على طلب وفد من سكّان اليهوديّة والسامرة. هذا يوضح أنّه كان ظالمًا ولم يُرضِ الشعب. ربّما لهذا السبب خاف يوسف من العودة إلى اليهوديّة فسكن في مدينة الناصرة في الجليل.

تأتي رواية ميلاد يسوع في الإصحاحين ١ و٢ كمقدّمة لإنجيل متّى، يعرض فيها الخطوط الرئيسة للإنجيل ككلّ. في إنجيل اليوم نجد الخطوط التالية: رفض هيرودس يجسّد رفض اليهود للربّ يسوع الذي سينتهي بالصليب، والذي يُشار إليه بدم الأطفال. الأطفال يشيرون إلى الذين سيؤمنون بالربّ يسوع ويُضطَهدون. سجود المجوس يشير إلى قبول الأمم بشارة الخلاص وإيمانهم بالربّ يسوع.

 

إستفانوس أوّل الشهداء، عيده في ٢٧ كانون الأوّل

«لمّا تكاثر التلاميذ حدث تذمّر من اليونانيّين على العبرانيّين بأنّ أراملهم كنّ يهمَلن في الخدمة اليوميّة» (أعمال الرسل ٦: ١). اليونانيّون هم مسيحيّون كانوا يهودًا يتكلّمون اليونانيّة بسبب هجرتهم. العبرانيّون مسيحيّون وطنيّون لم يهاجروا. كانوا فئتين اختلطتا في الكنيسة. لمّا تذمّر اليونانيّون جمع الرسل الإخوة وقالوا: «لا يحسن أن نترك نحن كلمة الله ونخدم الموائد» (٦: ٢)، أي لا يحسن أن ننصرف عن البشارة- وهذه مهمّتنا- وأن نتولّى  توزيع المساعدات. وطلبوا منهم أن ينتخبوا «سبعة رجال مشهود لهم بالفضل ممتلئين من الروح القدس والحكمة» (٦: ٣) لكي يتدبّروا هذا الأمر. وكان أوّل السبعة إستفانوس. «فصلّوا ووضعوا عليهم الأيدي»، أي أقاموهم شمامسة لخدمة المحتاجين.

اتّهم اليهود إستفانوس بأنّه دعا إلى نقض الهيكل وتبديل شريعة موسى. تهمتان اتُّهم بهما الربّ يسوع. لمّا جلبوا إستفانوس ليقتلوه ألقى فيهم خطابًا (أعمال ٧)، وحدّثهم عن العهد الذي ابتدأ بإبراهيم، حتّى قال عن الهيكل إنّ الله «لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيدي»، مستشهدا في ذلك بأقوال أشعياء. ثمّ وبّخ اليهود لكونهم يقاومون الروح القدس وقال إنّهم اضطهدوا الأنبياء ثمّ قتلوا المسيح. نظر إستفانوس إلى السماء «ورأى مجد الله ويسوع قائمًا عن يمين الله»، فهجموا عليه وأخرجوه خارج المدينة كما فعلوا بالسيّد وصاروا يرجمونه بالحجارة وهو يصلّي ويقول: «أيّها الربّ يسوع المسيح اقبل روحي». آخر كلمة لإستفانوس هي إيّاها التي قالها الربّ يسوع للآب.

 

عيد القدّيس نيقولاوس

- الأربعاء ٥ كانون الأوّل، احتفل المطران سلوان بعيد القدّيس نيقولاوس في كنيسة القدّيس نيقولاوس في بلونة. في العظة، شرح معنى رسالة العيد بناء على خبرة بولس الرسول في الرعاية وطريقة تمثّله بالمسيح، وكيفيّة عيشنا الرعاية بناء على توصياته في الرسالة إلى العبرانيّين. بعد القدّاس الإلهيّ، جرى حوار مع الرعيّة في القاعة انطلاقًا من أسئلة طرحها المؤمنون.

- الخميس ٦ كانون الأوّل، ترأس راعي الأبرشيّة القدّاس الإلهيّ في كنيسة القدّيس نيقولاوس في شرين، وشاركه في الخدمة المتروبوليت إلياس، راعي أبرشيّة صور وصيدا وتوابعهما. في العظة تحدّث المطران سلوان عن التطويبات على الجبل، وسطّر المعنى الكامن بين معاناة «الآن» والفرح والتهليل «اليوم» الذي يدعونا إلى الربّ، وكيف أنّ الحياة المسيحيّة ترتكز بالفعل على محبّة الله وأنّه أمين في وعوده، ما يجعلنا نغلب الصعاب بالإيمان ونتحوّل إلى تعزية للآخرين بفعل التعزية التي نتلقّاها، على مثال شهادة القدّيس نيقولاوس. في القاعة، جرى حوار بناء على أسئلة لاهوتيّة وروحيّة، ثمّ اشترك الكلّ في مائدة محبّة.

 

«أين يولد المسيح؟» (متّى ٢، ٤)

رسالة راعي الأبرشيّة في عيد الميلاد

إذ يدنو منّا يوم الاحتفال بعيد التجسّد الإلهيّ، أراني خجلاً عندما أبحث عن جواب لهذا السؤال في نفسي: «أين يولد المسيح؟» (متّى ٢، ٤). لكنّي أجد ضالّتي في محبّتكم وخدمتكم الرسوليّة، خدمة متفانية، محبّة، باذلة.

وجدتها وأجدها في وجوه أشرقت عليها دموع الغربة والقلّة والوحدة، لكنّها ثابتة في الخير والحقّ والصلاة. وجدتها وأجدها أيضًا في رعيّة لا تحيا لذاتها، لكن تمدّ نفسها إلى أبنائها في خدمة ألوانها التآزر والتعاضد والاستفقاد.

وجدتها وأجدها في خدّام لا يعون إلاّ فقرهم إلى الله وغنى عمل النعمة ووفرها في خدمتهم.

وجدتها وأجدها مرتسمة في أجساد رهبان صائمة ونفوسهم المصلّية تعكس بشائر نشيد الملائكة، فتنزع البؤس والمرارة من قلوب كثيرين لتهبهم عوضًا منها السلام والمسرّة الإلهيَّين.

وجدتها وأجدها في أبناء كنيسة يتّضعون في التوبة، في التلمذة للإنجيل، وفي شهادة محبّة لا تعرف ذاتها. وجدتها وأجدها في من يحملون شهادة كهذه: في فقر وشكر بآن، في حزن ورجاء بآن، في غياب أليم وحضور دائم بآن، في غنى واتّضاع بآن، في فرح ومشاركة بآن.

وجدتها وأجدها في صلاة من يبحث عن الصلاة ويلتمس بداءتها من معطيها؛ أو في رجاء مسكوب من أجل الذين لا يدنون من المغارة الصغيرة في بيت لحم ولا من المغارة الكبيرة في هياكلنا المقدّسة؛ أو في محبّة تعطي ذاتها وإن كانت لا تستطيع كثيرًا، لكنّها مثابرة حتّى النهاية، حتّى يصير المستحيل ممكنًا.

وجدتها وأجدها في التسبيح على كلّ هذه العطايا التي أقدّمها إلى أبوّتكم وأخوّتكم في المسيح، فتتعزّى قلوبكم وقلوب المؤمنين الذين يبحثون عن المولود في مغارة، ويسعون في إثره فيستقرّ الفرح فيهم.

Last Updated on Monday, 24 December 2018 09:12