ocaml1.gif
العدد ٢٣:نبع العطشان والساقي Print
Written by Administrator   
Sunday, 07 June 2020 00:00
Share

 raiati website copy

الأحد ٧ حزيران ٢٠٢٠ العدد ٢٣ 

أحد العنصرة

كلمة الراعي

نبع العطشان والساقي

2320 يملأ حديث يسوع عن الآب إنجيل يوحنّا بشكل يميّزه عن بقيّة الأناجيل. يقول لنا فيه إنّه مرسَل من الآب، ويعمل مشيئته، ويسمع كلمته، وباسمه يقوم بكلّ شيء، ومنه تلقّى كلّ سلطان، وإليه يرفع المناجاة، وفي يدَيه يستودع روحه، ومنه ينتظر المجد الذي كان له قبل إنشاء العالم.

أيّ إنسان يمكنه أن يقدّم نفسه هكذا بصلته مع الله؟ كَشْف يسوع عن أبيه وعن صلته بأبيه سبّبا درجات من الرفض متنوّعة، بدأت بالتساؤل، فالحيرة بشأنه، فالشكّ فيه، فالتجديف عليه، فالتآمر على رجمه ثمّ على قتله. هذا ما جال في نفس عدد من اليهود ورؤسائهم. أمّا في نفس يسوع فكانت تجول أمور أخرى يريدها أن تصل إلينا وتكون لنا. فهو، رغم الرفض أو اللامبالاة أو عدم الفهم من معاصريه وأترابه وأبناء اليهود، ومنّا أيضًا، يستمرّ في عمله الذي أعطاه إيّاه الآب ليكمله. لم يتوانَ، أمام كثافة الظلام الذي يعيش فيه الإنسان، لا بل بسبب كثافته القاتلة، في أن يحدّثه عن النور.

هكذا، لا يتوقّف يسوع أبدًا عن الكشف عن الله وفعله فينا. هوذا اليوم، في صبيحة العنصرة، نطالعه يتحدّث في الإنجيل عن الأقنوم الثالث، أي الروح القدس. لم يكتفِ بأن يحدّثنا عن الآب، بل أراد أن يضعنا في خطّ عمل الأقنوم الآخر. في هذا السبيل استخدم صورة عرفها الرسل بالخبرة معه على شكل تدفّق «أنهار ماء حيّ» من البطن (يوحنّا ٧: ٣٩ و٣٨) كصورة عن فعله فينا. فمَن اختبر فعله في داخله يلمس فيضًا متدفّقًا منه، غزيرًا وجديدًا ومدهشًا، من المعاني والإيمان والمحبّة والغفران والفهم والحكمة والنقاوة.

هل كان يحتاج يسوع إلى أن يقوم بهذا الكشف في أجواء لا يكتنفها، لدى مستمعيه ومحدّثيه، التفهّم والاستعداد الحسن بأفضل تقدير؟ لا بدّ لنا من القول إنّ عطيّة الآب، في نظر يسوع، كانت أهمّ عطيّة على الإطلاق يمكنه أن يقدّمها لنا، فهي أشهى لديه من حياته نفسها، وذلك بأنّ معرفة الآب، أي الإيمان به وبـمَن أرسله، هي حياة أبديّة بالنسبة إلينا. ولـمّا كانت مسيرتنا نحو الآب تحتاج إلى نعمة الله، فبدونها نبقى في الظلام، كان من الضروريّ أن يعرّفنا بالروح القدس. هذا كلّه كان بدافع حبّ الابن للآب والروح، وبدافع حبّه للإنسان.

لذا لم يتورّع يسوع عن أن يقف أمام الملء ويطلق دعوته الكبرى مرّة وإلى الأبد: «إن عطش أحد فليُقبلْ إليّ ويشرب» (يوحنّا ٧: ٣٧). نعم، كنوز السماء مفتوحة لسكّان الأرض. ويريد يسوع أن يعطينا كنزه الخاصّ. ألا يذكّرنا هذا بقوله: «حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك» (متّى ٦: ٢١)؟

للأسف، لم تلقَ دعوته هذه القبول، فقد «حدث انشقاق في الجمع من أجله» (يوحنّا ٧: ٤٣). وكما شكّل قبلًا حديثه عن الآب وعلاقته به معثرة لمستمعيه، حتّى قال فيه البعض إنّ به شيطانًا أو إنّه سامريّ أو إنّه يجدّف (يوحنّا ٨: ٤٨ و١٠: ٣٦)، كذلك اليوم، تأرجحت ردود الفعل لدى مستمعيه بين تساؤل إن كان هو «بالحقيقة النبيّ»، أو «هو المسيح»، حتّى بلغت حدّ التشكيك في أصله وفي أصالة دوره (يوحنّا ٧: ٢٠-٤٢). لقد تحوّل يسوع، في نظر رؤساء الكهنة والفرّيسيّين، إلى مادّة «ملغومة» و«مفخّخة» لا يسعهم التعاطي معها بأريحيّة. فهو بالعمق «مضِلّ»، وما يقوله ويفعله لا يخدم فهمهم للناموس ولا سلطتهم ولا مرجعيّتهم، لذا كان لا بدّ من «إلقاء القبض» عليه (يوحنّا ٧: ٤٥ و٤٧).

هل نفع إعلان يسوع هذا؟ إليكم كيف كلّله: «أنا هو نور العالم. مَن يتبعْني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» (يوحنّا ٨: ١٢). ترك لنا حرّيّة الاختيار، وحسنًا فعل! فهلّا أحسنّا الاختيار إذًا؟ هل أنت عطشان إلى الحقّ والعدل، إلى المحبّة والغفران، إلى الصدق والنبل، إلى المصالحة والسلام، إلى الفرح والوئام؟ بات لديك عنوان تقصده، لا بل شخص يلبّيك، لا بل إله يرويك بكرم حتّى تفيض من عطاياه على غيرك. فإن كنتَ من هؤلاء العطشانين، ففي العنصرة يمكنك أن ترتوي وتسقي. أهلًا بك إذًا في كنيسة المسيح.

سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ٢: ١-١١

لمّا حلّ يوم الخمسين كان الرسل كلّهم معًا في مكان واحد. فحدث بغتة صوت من السماء كصوت ريح شديدة تعسف، وملأ كلّ البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار فاستقرّت على كلّ واحد منهم. فامتلأوا كلّهم من الروح القدس وطفقوا يتكلّمون بلغات أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا. وكان في أورشليم رجال يهود أتقياء من كلّ أُمّة تحت السماء. فلمّا صار هذا الصوت اجتمع الجمهور فتحيّروا لأنّ كلّ واحد كان يسـمعهم ينطقون بلغته. فدهشوا جميعهم وتعجّبوا قائلين بعضهم لبعض: أليس هؤلاء المتكلّمون كلّهم جليليّين؟ فكيف نسمع كلّ منّا لغته التي وُلد فيها؟ نحن الفَرتيّين والماديّين والعيلاميّين وسكّان ما بين النهرين واليهوديّة وكبادوكية وبُنطُس وآسية وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية عند القيروان والرومانيّين المستوطنين واليهود والدخلاء والكريتيّين والعرب نسمعهم ينطقون بألسنتنا بعظائم الله.

 

الإنجيل: يوحنّا ٧: ٣٧-٥٢

في اليوم الآخِر العظيم من العيد كان يسوع واقفًا فصاح قائلًا: إن عطش أحد فليأتِ إليَّ ويشرب. من آمن بي فكما قال الكتاب ستجري من بطنه أنهار ماء حيّ (إنّما قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مُزمعين أن يقبلوه إذ لم يكن الروح القدس بعد لأنّ يسوع لم يكن بعد قد مُجّد). فكثيرون من الجمع لمّا سمعوا كلامه قالوا: هذا بالحقيقة هو النبيّ. وقال آخرون: هذا هو المسيح. وآخرون قالوا: ألعلّ المسيح من الجليل يأتي؟ ألم يقُل الكتاب إنّه من نسل داود من بيت لحم، القرية حيث كان داود، يأتي المسيح؟ فحدث شقاق بين الجمع من أجله. وكان قوم منهم يريدون أن يُمسكوه ولكن لم يُلقِ أحد عليه يدًا. فجاء الخُدّام إلى رؤساء الكهنة والفرّيسيّين، فقال هؤلاء لهم: لمَ لم تأتوا به؟ فأجاب الخدام: لم يتكلّم قطّ إنسان هكذا مثل هذا الإنسان. فأجابهم الفرّيسيّون: ألعلّكم أنتم أيضًا قد ضللتم؟ هل أحد من الرؤساء أو من الفرّيسيّين آمن به؟ أمّا هؤلاء الجمع الذين لا يعرفون الناموس فهم ملعونون. فقال لهم نيقوديمُس الذي كان قد جاء إليه ليلًا وهو واحد منهم: ألعلّ ناموسنا يدين إنسانًا إن لم يسمع منه أوّلًا ويَعلم ما فعل؟ أجابوا وقالوا له: ألعلّك أنت أيضًا من الجليل؟ ابحث وانظر أنّه لم يَقُمْ نبيّ من الجليل. ثمّ كلّمهم أيضًا يسوع قائلًا: أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة.

 

«ما نصلّي لأجله»

تصلنا الصلاة بالله، هي «الصِلَة» الشخصيّة به. عندما نقول إنّنا نُصلّي، نعني أنّنا نتكلّم مع الله ونقيم علاقة معه، كما يكلّم الطفل أباه أو أمّه أو يتّصل بهما.

قوام الحياة المسيحيّة الصلاة الحارّة. بيد أنّنا، بحسب بولس الرسول «لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي» (رومية ٨: ٢٦). قد يظنّ بعض الناس أنّهم يعرفون «ما يصلّون» لأجله أو «كيف ينبغي». لكن أوّل أمر نعرفه عن الصلاة، هو أنّنا لا نعرف طبيعتها! يعتقد الكثيرون أنّ الصلاة تشبه الجلوس في حضن «بابا نويل» والطلب منه ما نريد!

في مقولة معبّرة، منسوبة إلى القدّيسة الكرمليّة المتصوّفة، تيريزا الأفيلاويّة (إسبانيا القرن ١٦)، تقول فيها: «تُذرَف دموع كثيرة نتيجة الصلوات المُستجَابة أكثر من تلك التي لم تتمّ الاستجابة لها»! بكلام آخر: كن حذرًا جدًّا ممّا تطلبه إلى الله، لأنّه قد يعطيك إيّاه! وإن لم يفعل، فذلك فقط لأنّه رحيم.

يرحمنا الله، في كثير من الأحيان، بعدم إعطائنا ما نطلبه. هذا ما كانت عليه الحال في العُلّيّة، يوم العنصرة، حيث كان هناك تلاميذ يصلّون من أجل «ردّ المُلك إلى إسرائيل» (أعمال ١: ٦). تصوّروا، هذا «الهمّ السياسيّ» كان يشغل بال بعض الرسل فيما هم منتظرون موعد الروح القدس. لكنّنا «لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي». هذا الأمر تعلّمه الرسل في العُلّيّة، كيف صار أثناء الصلاة، أن نزل الروح القدس و«قاطع» صلاتهم تلك وأوقفها. وذلك بأنَّ «الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا يُنطق بها» (رومية ٨: ٢٦). كلمة «يشفع فينا» في اللغة الأصليّة تعني «يقتحمنا»، أي يقاطع صلاتنا ليصحّح اتّجاهها، لأنّنا «لسنا نعلم ما نصلّي لأجله كما ينبغي»! ما يعلّمه بولس هنا عن الصلاة، سبق أن اختبره هو شخصيًّا، إذ يقول: «أُعطيتُ شوكة في الجسد، ملاك الشيطان ليلطمني، لئلّا أرتفع» (٢كورنثوس ١٢: ٧). لهذا السبب، صلّى بولس للخلاص من ملاك الشيطان: «من جهة هذا تضرّعت إلى الربّ ثلاث مرّات أن يفارقني» (١٢: ٨). بينما أتاه جواب الله: «تكفيك نعمتي» (١٢: ٩)! يعطينا الله ما هو كاف لنا. يستجيب الله لصلاة بولس بعدم إعطائه ما أراده! لأنّ الله أراد أن يعلّمه أنّ: «قوّتي في الضعف تكمُل». هو أمرٌ لم يكن بولس يُدركه، لذلك، من تلك اللحظة توقّف بولس عن صلاته تلك. هناك بعض الصلوات (الطلبات) التي يجب أن نتوقّف عنها بعد مدّة من الإلحاح! لأنّ الاستمرار بالإلحاح في بعض الصلوات (أي أن نصلّي بحرارة من أجل كذا،…) لا يعدو كونه تعبيرًا عن إرادتنا الخاصّة! بينما جوهر الصلاة الكتابيّة هو: «لتكن مشيئتك». توقّف بولس عن طلب الشفاء، تضرّع في طلبه ثلاث مرّات، ثمّ «قاطع» الروح القدس صلاته، وأعلن له: «تكفيك نعمتي».

لمَ نصلّي إذًا؟ لا نصلّي لنحصل على ما نريد! بل نصلّي، لكي نضع أنفسنا في «مشيئة الله». إن لم يكنْ أحدهم في «مشيئة الله»، هذا لن يقدر على أن يصلّي، لن يتقدّم في الحياة الروحيّة. أولويّة الصلاة هي أن نُخضع ذواتنا لـ«مشيئة الله»، إحدى طرائق خضوعنا هي أن نصلّي في طلبها «لتكن مشيئتك». الصلاة ضروريّة لتعليمنا، ويجب ألّا تُصبح الصلاة مجرّد تأكيد لإرادتنا ورغباتنا. هذا النوع من الصلاة يجب أن يتوقّف فورًا!

ما القاعدة في الصلاة إذًا؟ لو كنتَ تصلّي من أجل أحدهم، استمرّ في ذلك إلى الأبد! أمّا إن كنت تصلّي من أجلك، وبدأ ذلك يؤدّي بك إلى إحباط لا نهاية له، عليك أن تتوقّع عندها، أنّ الله لا يريدك أن تستمرّ في هذه الصلاة.

هناك صلوات تُستجاب دائمًا، أو على الأقلّ، يستمع الله إليها بتعاطف. هكذا كانت صلاة سليمان: «أعط عبدك قلبًا فهيمًا… لأميّز بين الخير والشرّ» (١ملوك ٣: ٩)، لنتبنَّ هذه الصلاة، بخاصّة أولئك الذين لديهم التزامات تجاه الآخرين، كالأهل مثلًا. «أعطني قلبًا حكيمًا للتمييز»، هذه صلاةٌ يُسرّ بها الله دائمًا. هذه صلاةٌ على المعلّمين، والكهنة أن يصلّوها أكثر…

يسوع نفسه، بحسب إنجيلَي متّى ومرقس، صلّى ثلاث مرّات ««يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عنّي هذه الكأس» (متّى ٢٦: ٢٩؛ مرقس ١٤: ٣٦) ثمّ توقّف! هذه صلاة، حتّى يسوع نفسه، لن يكرّرها أكثر من ثلاث مرّات! مثال يسوع يعطينا القاعدة للصلاة والتعليم: «لتكن مشيئتك، لا مشيئتي».

في آخر أحاديث المسيح مع رسله في العلّيّة قبل الصعود. كرّر يسوع عليهم مقولته، أنّه أفضل لهم، أن يتركهم وينطلق إلى الآب: «خيرٌ لكم أن أنطلق».

لمَ أفضل للمؤمنين، أي لنا نحن أيضًا، أن يتركنا المسيح ويحرمنا من وجوده الملموس؟ لأنّه لو لم يتركنا، لما قدرنا على اختبار طريقة «حضوره» المختلفة.

انطلاقًا من العنصرة، وفيض الروح القدس، لا يعود حضور المسيح خارجيًّا من بعد، بل يصير داخليًّا. هو ما زال المسيح الشخصيّ، ولكنَّ حضوره يصير في داخلنا. هو داخليّ، شخص إضافيّ، يحيا داخل قلوبنا. أي عندما أنعتقُ أنا إلى قلبي، هناك شخص يسوع، داخل قلبي بالفعل. شخص يسوع يأتي إلينا من الآب بالروح القدس.

هذا هو سرّ الرجاء، أنّ المسيح، أبعد من حدود الزمان والمكان، ومن الشدائد والصعاب، صار ساكنًا فينا، ونحن نحيا به. هو يؤكّد لنا اليوم، وغدًا، وإلى الأبد: «لا أترككم يتامى. إنّي آتي إليكم» (يوحنّا ١٤: ١٨).

 

الاستعداد لأحد العنصرة

ندعوكم اليوم إلى الاستعداد لأحد العنصرة بالتمعّن في الصلوات التي وضعتها الكنيسة عشيّة العيد في صلاة الغروب، وقبل القدّاس الإلهيّ في صلاة السَحر. هذه طريقة جيّدة للتمعّن في معنى العيد وانعكاسه علينا. تجدون هذه الصلوات في الكتاب الليتورجيّ المُسمّى «البندكستاري» أي صلوات الأيّام الخمسين أو في بعض مجموعات صلوات الأعياد. اخترنا لكم هنا بعضًا ممّا كتبه الأب ليف جيلله في كتاب «سنة الربّ المقبولة» صفحة ٣٢٥-٣٢٦، منشورات تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، سلسلة الروحانيّات والليتورجيا، رقم ٥.

«إنّنا معيّدون عيد الخمسين ولحضور الروح ولإنجاز الوعد وإتمام الرجاء». هكذا تدعونا الكنيسة في غروب العنصرة إلى الدخول في جوّ العيد. ففي خلال صلاة الغروب تُقرأ ثلاث قراءات تحضّرنا للعيد.

تصف لنا القراءة الأولى من سفر العدد (١١:١٦-١٧، ٢٤-٢٩) موسى وهو يختار، بأمر من الله، سبعين شيخًا لينقل إليهم الله جزءًا من الروح الذي أعطاه لموسى. فوقفوا بقرب الخيمة «فلمّا حلّ الروح عليهم تنبّأوا...» وحين طلب يشوع من موسى أن يُسكت رجلين كانا يتنبّآن من دون أن يحضرا إلى الخيمة، أجاب موسى: «هل ملأتك الغيرة عليّ؟ آه! مَن يعطيني أنّ كلّ شعب يهوه يتنبّأون ويحلّ عليهم الربّ بروحه؟».

وتتنبّأ القراءة الثانية من يوئيل (٢: ٢٣-٣٢) بما سوف يحدث في العنصرة المسيحيّة الأولى: «بعد ذلك أدفق من روحي على كلّ جسد فيتنبّأ بنوكم وبناتكم ويرى شيوخكم أحلامًا وشبّانكم رؤى. وحتّى على العبيد رجالًا ونساء في ذلك اليوم، أدفق روحي».

كما تؤذن القراءة الثالثة المأخوذة من سفر حزقيال (٣٦: ٢٤-٢٨) هي الأخرى بتجدّد داخليّ: «... أعطيكم قلبًا جديدًا، وأضع فيكم روحًا جديدة، وأنزع من جسدكم قلب الحجر وأعطيكم قلبًا من لحم وأضع روحي فيكم...».

ونقرأ في سَحريّة العنصرة أحد الأناجيل التي تروي ظهورات يسوع القائم. ونرى في هذا المقطع (يوحنّا ٢: ١٩-٣١) أوّل حلول للروح على التلاميذ: «... ونفخ فيهم وقال لهم: خذوا الروح القدس...». إنّ مجيء الروح القدس الأوّل هذا لا يقلّ حقيقة عن مجيئه يوم العنصرة. لكنّ الفرق هو أنّ الروح نزل على التلاميذ «بقوّة» يوم العنصرة. والفرق هو ذاته بين نزول الروح القدس على مسيحيّ معتمِد، في لحظة حصوله على سرّ الميرون، ومعموديّة الروح التي ينالها بعض المؤمنين في مرحلة متقدّمة من حياتهم الروحية».

 

أديار الأبرشية

بين الأحد الواقع فيه ٢٤ والأحد ٣١ أيار ٢٠٢٠، استفقد راعي الأبرشية كافّة أديار الأبرشيّة. خلال جولته الاستفقاديّة، التقى رؤساء الأديرة، وشارك الرهبان والراهبات في الصلاة أو المائدة، وكانت له أحاديث روحيّة في عدد منها. كانت هذه الجولة هي الأولى من بعد الرفع الجزئي لحالة التعبئة العامّة وإجراءات الحجر الصحيّ الإلزاميّ.

Last Updated on Thursday, 04 June 2020 15:55