ocaml1.gif
العدد ٨: المرآة الإنجيليّة للنّفس في المصعد الروحيّ Print
Written by Administrator   
Sunday, 21 February 2021 00:00
Share

raiati website copy




الأحد ٢١ شباط ٢٠٢١ العدد ٨ 

أحد الفرّيسيّ والعشّار

البارّ تيموثاوس

القدّيس إفستاتيوس الأنطاكيّ

 

كلمة الراعي

المرآة الإنجيليّة للنّفس
في المصعد الروحيّ

المرآة الإنجيليّة للنّفس في المصعد الروحيّ يتعلّم المؤمن، في جهاده الروحيّ، أن يحفظ نفسه من الهلاك وأن يخلّصها بنعمة الله وبالحكمة التي تكسبه إيّاها خبرة مَن سبقوه في الجهاد. في معرض تهيئتنا لجهاد الصوم الكبير، يأتي مثل الفرّيسيّ والعشّار ليشاركنا بعضًا من هذه الحكمة ويدعونا إلى تمثّلها فعلًا لا قولًا. فكيف نكتسبها؟

تعدادُ المآثر قد يساعد مَن كان ضعيفَ الإيمان على أن يقوّيه عبر شكره الله على نعمته في تحقيقها. وقد يعين تعدادُها وقت الشدّة مَن كان صغير النفس على احتمال الشدّة بالصبر عليها كلّما استذكر إحسانات الله نحوه ونحو الآخرين، فيحرص على ألّا يفقد روح المبادرة والثقة بعناية الله وتدبيره. وقد ينفع تعدادها مَن ظنّ نفسه أنّه صاحب إنجازات فيتّضع عبر استذكار أصحاب الفضل عليه فيرفع الشكر على ما تحقّق بفضلهم. على هذا المنوال يعود تعدادُ المآثر بالفائدة على صاحبه ويكون خلاصيًّا، من دون أن يجرّه ذلك إلى الوقوع في فخّ الكبرياء والتعالي والمجد الباطل.

أمّا لومُ النفس فوسيلةٌ يعرّي بها المرء ذاته على ضوء الإنجيل ويرى بفضلها عيوبه وخطاياه. لوم الذات سلاح يواجه به المؤمنُ تبريرَ ذاته وتهرّبَه من تحمّل مسؤوليّة هفواته وأخطائه بتحميل سواه المسؤوليّة بشأنها. لوم الذات حصن يحفظ المؤمن من التفاخر بموهبة أو إنجاز ومن الاستعلاء بسببهما على الآخرين. لوم الذات يشفي من داء تحرّي عيوب الآخرين وخطاياهم وما يرافقه من روح إدانة ودينونة. لوم الذات دواء يساعد المؤمن على إصلاح نفسه كلّ يوم، عوضًا من أن يتلهّى في وعظ الآخرين حول كيفيّة إصلاح أنفسهم. لوم النفس شفاءٌ لها من علل كثيرة وسبيلٌ لتقويمها واستعادة للعلاقة الصحيحة مع الذات والله والقريب.

ما سلف توضيحه يأخذ مكانه عندما يلامس أقدس ما في حياتنا، أي قلبنا. فهناك معركتنا الحقيقيّة وجهادنا من أجل أن يكون هذا القلب نقيًّا بحدّ ذاته، أي نقيًّا في علاقتي بالله وبالقريب. وإلّا ما نفع الوسائل التي تحدّثنا عنها إن كانت لا تخدم بالتحديد هذا الغرض؟ فالوقوف في حضرة الله، سواء في مخدعنا أو في الهيكل، ورفع الصلاة إليه لا يمكن أن يكون بمعزل عن حالة القلب وكيف يقدّم المؤمن قلبه فيها وما يعتمله من أفكار تجاه الأشخاص أو الأشياء أو الأحداث.

كلّنا يعي أنّ نقاوة القلب لا نبلغها إلّا إذا آزرتنا النعمة الإلهيّة في سعينا. فالوقوف في حضرة الله في الصلاة هو المرتكز في هذا الجهاد لتنقية القلب. فإن فاتتنا رؤية هذه الحاجة وسؤال العون لتحقيقها، ساعتها يحقّ للمراقب أن يتساءل عن معنى هذه الصلاة والجدوى من الوقوف في حضرة الله وعبادته.

يضعنا مثل الفرّيسيّ والعشّار في مواجهة مع هذا الواقع في شخصَي الفرّيسيّ والعشّار اللَّذين «صعدا إلى الهيكل ليصلّيا» (لوقا ١٨: ١٠). فالأوّل عدّد مآثره الروحيّة وشكر الله، شكلًا لا فعلًا، على تمايزه عن القريب السيّئ السيرة أو السمعة أو الأخلاق، مقارنًا نفسه به حتّى درجة احتقاره وتبجيل نفسه: «اللّهمَّ أنا أشكرك أنّي لستُ مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشّار» (لوقا ١٨: ١١). أمّا الثاني، فيبدو أنّه فحص نفسه ولامها على أفعالها، الأمر الذي أفضى به إلى أن يجد نفسه غير مستحقّ للوقوف في حضرة الله وإلى حاجته القصوى إلى رحمته: «أمّا العشّار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينَيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلًا: اللّهمّ ارحمْني أنا الخاطئ» (لوقا ١٨: ١٣). إذا ما وضعنا هذَين الموقفَين على الميزان، لفاز الموقف الثاني على الأوّل. هذا ما أشار إليه يسوع في خاتمة المثل: «إنّ هذا (العشّار) نزل إلى بيته مبرّرًا دون ذاك (الفرّيسيّ)»، ثمّ ثبّته في الخلاصة العامّة: «كلّ مَن يرفع نفسه يتّضع ومَن يضع نفسه يرتفع» (لوقا ١٨: ١٤). هذه الخلاصة الإنجيليّة هي مرآة نفسنا في المصعد الروحيّ التي يعرضها علينا الربّ إن شئنا استخدامها في دنوّنا من الله. أَفَلا يجدر بنا تبنّيها في جهادنا وحياتنا كمبدأ لمحاسبة النفس ومقياس لحياتنا الروحيّة ومعيار لخلاصنا؟

هل يمكننا أن ندع هذه الأضواء الكاشفة تنفذ إلى واقعنا الروحيّ، الشخصيّ والجماعيّ، الرعويّ والكنسيّ، لكي تعرّي فينا نزعة الفرّيسيّ الاستعراضيّة والفارغة والمميتة روحيًّا، سواء المعشّشة في صميم قلبنا أو الملازمة لأوجه في خدمتنا وعبادتنا؟ لا بدّ من الانتباه إلى ألّا نقع في الفخّ المتمثّل بأن نحتقر بدورنا الفرّيسيّ الذي في المثل لأنّنا لسنا مثله. هذا قد يحصل إذا ظننّا بأنّنا نسلك سبيل العشّار عندما نمجّ صورة السيّئ ونتغنّى بصورة الصالح، ولكن لا نتغيّر في العمق لأنّ الفرّيسيّة متأصّلة فينا إلى درجة كبيرة لا يستأصلها عمليًّا منّا سوى صلاة من طينة صلاة العشّار المنسحقة والمتنهّدة. إنّها الحقيقة التي تصدمنا وتشفينا بآن، لأنّها تضعنا في السياق الذي شاءه الربّ أن يخلّصنا به: أن يبرّرنا الله لا أن نبرّر أنفسنا! هلّا انتبهنا؟

+ سلوان
مطران جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢تيموثاوس ٣: ١٠-١٥

يا ولدي تيموثاوس إنّك قد استقْرَيتَ تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبّتي وصبري واضطهاداتي وآلامي، وما أصابني في أنطاكية وإيقونية ولسترة، وأيّة اضطهادات احتملتُ وقد أنقذني الربّ من جميعِها، وجميعُ الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهَدون. أمّا الأشرار والمُغوُون من الناس فيزدادون شرًّا مُضِلّين ومُضَلّين. فاستمرّ أنت على ما تعلّمته وأَيقنتَ به عالـمًا ممّن تعلّمت وأنّك منذ الطفوليّة تعرف الكتب المقدّسة القادرة على أن تُصيّرك حكيمًا للخلاص بالإيمان بالمسيح يسوع.

 

الإنجيل: لوقا ١٨: ١٠-١٤

قال الربّ هذا المثَل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصلّيا، أحدهما فرّيسيّ والآخر عشّار. فكان الفرّيسيّ واقفًا يصلّي في نفسه هكذا: «اللّهمّ إنّي أَشكرُك لأنّي لستُ كسائر الناس الخَطَفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشّار، فإنّي أصوم في الأسبوع مرّتين وأُعشّر كلّ ما هو لي». أمّا العشّار فوقف عن بُعدٍ ولم يُردْ أن يرفع عينيه إلى السماء، بل كان يقرع صدره قائلًا: «اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ». أقول لكم إنّ هذا نزل إلى بيته مبرّرًا دون ذاك، لأنّ كل مَن رفع نفسه اتّضع، ومَن وضع نفسه ارتَفَع.

 

واقع التعالي وإقصاء الآخر ومداواته

يُقيّم مثل الفرّيسيّ والعشّار التواضع الذي تعتبره المدنيّة الحاضرة ضعفًا ومذلّة. إنّه رأس الفضائل لأنّه يحارب الكبرياء، رأس الرذائل.

يمثّل الفرّيسيّ نمط إنسان اليوم، المقتنع بقدراته الذاتيّة والذي يحصر علاقته بالله ببعض «الفرائض» الخارجيّة، متجاهلًا أنّ هذه العلاقة لا تكون فاعلة إلّا بمحبّة الآخرين.

عالم اليوم هو عالم الفرديّة والتقوقع على الذات وتمجيد الأنا بامتياز. بابتعاد الإنسان عن الله يجعل هذا العالم منه إلهًا بديلًا. فيعتبر هذا الإنسان أنّه محور كلّ شيء، وكلّ شيء متاح له، حتّى إذا تعدّى على الآخرين. أفقدتنا المدنيّة الحديثة كلّ حسّ بالخطيئة، وأقنعتنا بأنّه يحقّ لنا أن نمجّد ذواتنا وننظر إلى الآخرين نظرة متعالية، فوقيّة، ونعتبر أنّ التواضع لا يليق يإنسان عاقل. تخشى طبيعتنا الساقطة الآخر. مَن يخاف من الآخرين يرفض المجادلة والنقاش واختلاف الآراء. يجعل من الآخرين أعداء له كي يضفي عليهم تساؤلاته وقلقه، بخاصّة في أيّام المآسي التي تُشعره بهشاشته وضعفه.

يتناسى الفرّيسيّ النهج أنّ الخوف غُلب مرّة واحدة على الصليب. وأنّ القائم من بين الأموات أزال كلّ كراهيّة، داعيًا الناس إلى المحبّة والأخوّة، معلّمًا إيّاهم أنّهم ما عادوا بحاجة إلى «كبش للمحرقة»، لأنّ الإنسان الآخر هو شريكهم في الإنسانيّة، ولا يحقّقون ذواتهم إلّا في التواصل المحبّ معه.

أمّا العشّار فيمثّل الإنسان العارف بضعفه، المتّكل على الله، والذي يعتقد أنّ لا سبيل إلى الخلاص إلّا في رحمته تعالى.

نكتسب التواضع بعمل مشترك بيننا وبين الله. علينا أوّلًا أن نعرف ذواتنا بممارسة فحص للضمير دائم والإقرار بأخطائنا. والطلب إلى الله أن يفتح أمامنا «أبواب التوبة». التوبة الحقيقيّة تغيّر الذات وتقلب المقاييس وتجعلنا كما أرادنا الله عندما دمغ صورته فينا. نتغيّر حقًّا إذا تمثّلنا بيسوع الذي قال: «تعلّموا منّي فإنّي وديع ومتواضع القلب». نتعلّم من يسوع بالتعرّف إلى فكره في الكتاب المقدّس، والحوار معه في الصلاة، والاندماج فيه في سرّ الشكر والليتورجيا، وأخيرًا وليس آخرًا، بلقائه وخدمته في الإنسان الذي اختار أن يسكن فيه. فقط عندما ينمو المسيح فيّ وينقص الأنا أصبح متواضعًا. يكمن ميزان التواضع «في الغفران لأخيك الذي أساء إليك قبل أن يطلب المغفرة»، كما قال أحد آباء الصحراء. ويوصينا الآباء بعامّة بأن نمتنع عن كلّ إدانة. فكيف نتجرّأ على أن نطلب إلى الله أن «اغفر لنا ما علينا كما نغفر لمَن لنا عليه»، إذا كنّا نضمر الشرّ لأخوتنا؟

لا يمكننا الوصول إلى التواضع الحقيقيّ إلّا بمعونة الله. لذلك، لا بدّ من صلاة العشّار «اللّهمّ ارحمني أنا الخاطئ». إنّ تنهّدًا واحدًا منه، وصرخة واحدة من اللصّ الشكور، كانا كافيين لكشف محبّة الله لهما. لا تنفع الصلاة والاشتراك في الخِدم الإلهيّة إن لم يقترنا بالمناقب الإنجيليّة في الحياة اليوميّة. لا تواجَه تحدّيات العالم الحديث بإطلاق الأحكام ضدّه، بل بشهادة مَن يقتدي بالمسيح في حياته وعلاقته بالآخرين.

نتهيّأ لمثل هذا العيش في الجماعة الكنسيّة، فنعي أنّنا، كلّما اشتركنا في القدّاس الإلهيّ، نُعلن إيماننا بالثالوث القدّوس المحبّة، ونؤكّد محبّتنا لبعضنا بعضًا. وبعد اتّحادنا بجسد الربّ ودمه الكريمين، نحمل حضور الربّ فينا إلى العالم الذي لا يعرفه. ولن يعرفه العالم إلّا إذا أحببنا بعضنا بعضًا وأحببنا الجميع، وتجسّدت هذه المحبّة في سلوكنا وأعمالنا.

ألا أعطانا الله أن نبدأ هذه الفترة التحضيريّة للصوم الأربعينيّ المقدّس بالتزام التواضع المؤدّي إلى المحبّة، عسانا نُصبح قياميّين.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: افتحْ لي أبواب التوبة

التلميذ: لاحظْتُ اليوم في صلاة السحر أنّ بعد قراءة الإنجيل رتّلْنا طروباريّات متعلّقة بالتوبة. لماذا صار تغييرٌ في هذه الخدمة؟

المرشد: اليوم دخلْنا في زمن التريودي، أي التهيئة للصوم الكبير. وابتداءً من هذا الأحد، الذي هو أحد الفرّيسيّ والعشّار، نبدّل قراءة المزمور الخمسين في صلاة السحر بترتيل ثلاث قطع، خاصّة بهذه الفترة، تدخل إلى أعماقنا لتذكّرَنا بأفعالِنا الخاطئة وتحثَّنا على التوبة. هل حفظْتَ شيئًا من هذه الطروباريّات؟

 

التلميذ: لقد دوّنْتُ الأولى، سأقرأها لكَ. «افتحْ لي أبواب التوبة يا واهب الحياة، فإنّ روحي تبتكر إلى هيكل قدسِكَ، آتيًا بهيكل جسدي، مدنّسًا بجملته، لكن بما أنَّكَ متعطّفٌ، نقِّني بتحنّن مراحمِك». لكنّي لم أفهم معانيها جيّدًا.

المرشد: يمكنك أن تتخيّل شخصًا يشبه العشّار، يعرف أنّه خاطئٌ، ويتضرّع إلى الله أن يفتحَ له أبواب التوبة. يتكلّم على «أبواب التوبة»، لأنّه يعلم أنّ لا دخول إلى الملكوت إلّا عبر التوبة، التي هي الرجوع إلى الله بعد هجراننا له. يطلب إلى «واهب الحياة» أن يعطيه حياةً جديدةً يعيشها معه. ثمّ يقول إلى الله «لأنّ روحي تبتكر إلى هيكل قدسك» أي أنّ روحه تبكّر في الصباح وتصلّي. ويتابع «آتيًا بهيكل جسدي مدنّسًا بجملته». هل تعلم ماذا يقصد بذلك؟

 

التلميذ: ربّما هو يعترف بأنّه إنسانٌ خاطئ؟

المرشد: بالضبط. هو كالإنسان الواقف أمام عرش الملك، وقفةً تملأها الرهبة من الحساب. إنّما اعترافه بالخطيئة هو خطوة أوّليّة وجدّيّة نحو التوبة. لكنّ هذا لا يحصل إلّا إذا كان هو راغبًا في تغيير جذريٍّ في ذهنه، ومريدًا الخلاص وواثقًا برحمة الله. لذلك يتابع قائلًا: «لكن بما أنّك متعطّفٌ، نقِّني بتحنّن مراحمك». هو إذًا لم ييأس بل عنده رجاء كبير بحنان الله، لذلك يطلب إليه أن ينقّيه أي أن ينزع عنه خطاياه ويمحوها إلى الأبد ويخلق فيه قلبًا محبًّا ووديعًا.

هل فهمْتَ الآن سبب ترتيل هذه القطع في التهيئة للصوم وخلاله؟

 

من شرح المطران جورج لرسالة اليوم

يصل الرسول في هذا المقطع إلى وصايا لتلميذه: لقد استقريتَ تعليمي أي تبعتَه، وبولس يشير إلى الكلام الذي كان يقوله لتلميذه. ثمّ تعرفُ سيرتي. القدوة عنده مصدر أساس للتعليم. ورأيتَ أناتي وصبري ومحبّتي والاضطهادات التي عانيتُها وما أصابني في أنطاكية (آسيا الصغرى) وإيقونية ولسترة. وهذه كلّها مذكورة في أعمال الرسل. ثمّ يكرّر كلامه عن الاضطهادات التي عاناها. ويشير إلى أعداء الإيمان فيقول عنهم: «أمّا الأشرار والمُغوُون (هذه غواية الدجل) من الناس فيزدادون شرًّا مضِلّين ومضَلّين».

ثمّ يقول بولس إنّ هذه الكتب تجعل تيموثاوس حكيمًا أي تعطيه حكمة الله والفهم الإلهيّ، بحيث يتدبّر حياته وسلوكه وفق الكلمة الإلهيّة. هذه الحكمة تقوده إلى الخلاص الذي يصل إلينا بإيماننا بالمسيح يسوع.

هذا الكلام موجّه إلى جميع الناس وبنوع رئيس إلى الكهنة المدعوّين إلى أن يتحلّوا بفضائل تيموثاوس من جهة، وأن يُطالعوا الكتاب المقدّس في عهديه ليعظوا منه، أي ليستلهموه حتّى تتطبّع عقولهم بكلماته لينقلوا فكر الله إلى الناس لا فكرهم الخاصّ ولا فكر الأدباء والشعراء. رجل الله يتكلّم بكلام الله فيتغذّى المؤمنون بالمعنى الإلهيّ.

المسؤول عن الإنجيل في الكنيسة يأخذ ممّن سبقه التعليم والقدوة. لا نكتفي بمدرسة اللاهوت لنتعلّم الإيمان إذ نحتاج إلى قدوة المعلّمين وطهارة سيرتهم. الأمر الثاني في اختيار تلاميذ اللاهوت أنّ من الأفضل أن ننتقي الذي يعرف الكتب المقدّسة قبل أن يدخل المعهد، وأن يكون مستعدًّا لقبول العذاب من أجل المسيح، وأحيانًا يجيئه العذاب من أعضاء الكنيسة أنفسهم. وإصرار بولس على التعليم يجعلنا حريصين على أن يكون الكاهن مثقّفًا لاهوتيًّا وطاهر السيرة معًا. الطهارة وحدها لا تكفي، والعلم وحده لا يكفي. ينبغي أن يكون المسؤول في الكنيسة على صورة تيموثاوس. حيويّة الكنيسة تأتي، إلى حدّ كبير، من المسؤول الأوّل والذين يوجّههم.

وأخيرًا يذكّره بهذا: «استمِرّ أنت على ما تعلّمتَ وأيقنتَ به ممّن تعلّمت». ولا بدّ من أنّ بولس يشير إلى أنّه معلّم. ويقودني هذا إلى القول إنّك إذا جاءك كاهن أو أسقف، لا تكتفِ بأن تقدّم له القهوة ولكن اطلب إليه التعليم أو اطرح عليه سؤالًا. مهمّته أن يعلّم ولا يكتفي بافتقادك وافتقاد أولادك. التعليم كبير ودقيق ولا تظنّ نفسك عالِمًا. ليس من أحد منّا يعرف كلّ شيء. والكاهن الجيّد هو من درس كلّ يوم لتزيد قوّته في التعليم.

 

التواضع

للقدّيس سلوان الآثوسيّ

إنّ روح الإنسان المتواضع كالبحر، فإذا رمينا حجرًا في البحر، يتحرّك وجه الماء للحظة وبعدها يغرق الحجر في الأعماق. هكذا تُبتلع الآلام والأحزان في قلب الإنسان المتواضع وتُنسى، لأنّ قوّة العليّ معه.

إنّ السيّد لا يكشف نفسه للنفس المتكبّرة، فالمتكبّر حتى ولو قرأ الكتب كلّها، فلن يعرف أبدًا السيّد لأن كبرياءه لا يترك مكانًا لحلول نعمة الروح القدس فيه، والله لا يعرف إلاّ بالروح القدس.

 

رسامة الشمّاس يونان زغيب كاهنًا

يوم السبت الواقع فيه ١٣ شباط ٢٠٢١، ترأس راعي الأبرشيّة القدّاس الإلهيّ في كنيسة النبيّ إلياس- الحدث، وفيه وضع يده على الشمّاس يونان لينال نعمة الكهنوت المقدّس وأعطاه اسم باسيليوس. في كلمة سيادته إلى الكاهن الجديد، قدّم له باقة من التوجيهات سطّرها بعبارات أربع واردة في إنجيل اليوم: «أنظروا»: أي مطالعة الكتاب المقدّس والعمل به؛ «لا تخافوا»: أي الصلاة التي في المخدع وتلك التي مع الجماعة؛ «المحبّة التي لا تبرد»: أي الخدمة بحسب الوعد الذي قطعناه للمسيح بأن نخدمه ونخدم أخوته؛ «الذي يصبر يخلص»: احتمال معوقات الخدمة وضعف البشر والضعف الشخصيّ من أجل المسيح.

الكاهن الجديد من أبناء رعيّة بطشيه، وهو من عين حرشا البقاعيّة، من مواليد العام ١٩٧٦، متزوّج وله ثلاثة أولاد. كان مؤهّلًا في الجيش اللبنانيّ وأمينًا للسرّ في كلّيّة فؤاد شهاب للقيادة والأركان. درس في المعهد الوطنيّ للموسيقى عددًا من الاختصاصات. تابع الدراسة ونال شهادة من برنامج كلمة للتنشئة اللاهوتيّة عن بعد في معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ في البلمند.

Last Updated on Friday, 19 February 2021 15:26