ocaml1.gif
رعيتي العدد ١: نموّنا في المسيح من المهد إلى اللحد Print
Written by Administrator   
Sunday, 01 January 2023 00:00
Share

رعيتي العدد ١: نموّنا في المسيح من المهد إلى اللحد
الأحد ١ كانون الثاني ٢٠٢٣ العدد ١ 

ختانة السيّد

القدّيس باسيليوس الكبير

 

كلمة الراعي

نموّنا في المسيح
من المهد إلى اللحد

رعيتي العدد ١: نموّنا في المسيح من المهد إلى اللحد في إنجيل اليوم نرافق يسوع في اليوم الثامن لولادته حينما جرت ختانته وأُعطي اسمه كما تسمّى من الملاك، كما نرافقه في سنّ الثانية عشرة حينما صعد إلى أورشليم مع أبوَيه في عيد الفصح. في كلتا المناسبتَين، يزيّل الإنجيليّ الحادثة بعبارة لافتة تناول فيها نموّه: «كان الصبيّ ينمو ويتقوّى بالروح ممتلئًا حكمة وكانت نعمة الله عليه»، «أمّا يسوع فكان يتقدّم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لوقا ٢: ٤٠ و٥٢).

في الواقعة الأولى، يُـتِمّ يسوعُ الناموسَ لجهة ضرورة أن يختتن ليصير عضوًا في شعب الله. المفارقة أنّه هو واضع هذا الناموس، وأنّه أيضًا مخلِّص هذا الشعب. أتمّ الناموس الذي وضعه، ولم ينتهكه بشيء. فعل ذلك عوضًا مـمّن كان عليهم أن يتمّوه ولم يفعلوا. وافتتح بذلك الطريق الذي به يخلّص شعبه من خطاياه، كما يعني اسمه. وهو، بهذا الفعل، اتّضع ليصير واحدًا مثلنا، من دون أن يختلف عنّا بشيء سوى أنّه لم يخطئ.

أمّا في الواقعة الثانية فيختم فيها يسوع المرحلة العمريّة التي تجعله ملزَمًا، من الآن وصاعدًا، بأن يطيع الناموس ويكون مسؤولًا تجاهه، هذا لأنّ عمر الثانية عشرة كان الحدّ العمريّ الفاصل بالنسبة إلى اليهود. في نهاية هذه الواقعة، يلفتنا أنّ يسوع، لـمّا وجده أبواه في الهيكل بعد ثلاثة أيّام، «نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعًا لهما» (لوقا ٢: ٥١).

قراءة متأنّية لهذَين الحدثَين تقودنا إلى تسطير وجهَين أساسيَين في حياة يسوع وخلاصة ملازمة لهما تخصّ مسار تلمذتنا له:

أوّلًا، طاعته للناموس. فهو أتى لا لينقض الناموس بل ليتمّه ويكمله (متّى ٥: ١٧). فطاعته للناموس إنّما يقدّمها لواضعه، لأبيه السماويّ، في معرض تحقيق إرادته من أجل خلاصنا. وطاعته لأبوَيه تندرج في هذا الخطّ عينه، لكونه يحقّق الوصيّة القائلة بأن يكرّم والدَيه. هذا كلّه، أوضحه يسوع عندما توجّه بجوابه لأبوَيه في الهيكل حيث طلباه متوجّعَين: «أَلَم تعلما أنّه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟» (لوقا ٢: ٤٩). بالطبع، قصد بكلامه أباه السماويّ وتحقيق إرادته، الأمر الذي لم يدركاه في تلك الساعة، وإنّما سينكشف لاحقًا في المكان عينه حينما يموت في أورشليم طوعًا من أجلنا ويكون هو نفسه فصحنا.

ثانيًا، تواضعه. أظهر يسوع في هاتَين الواقعتَين اتّضاعًا مذهلًا، إذا ما أخذنا بالاعتبار كونه ابن الآب المساويّ، سواء كان «طفلًا» ذا ثمانية أيّام أو «صبيًّا» ذا اثنتَي عشرة سنة. يعيش يسوعُ مراحلَ حياتنا العمريّة كلّها ابتداء من الطفولة ومرورًا بالمراهقة فالرجولة والرشد. وهذا أمر على جانب كبير جدًّا من الأهمّيّة، إذ يُبرز حقيقة تجسدّه بيننا، وكونه معنا في أدقّ الأمور والمراحل وأبسطها، لا سيّما تلك التي تمتّ إلى حياتنا ذاتها. هذا جانب من جوانب إنسانيّته التي كان الجوع والعطش والتعب والبكاء والفرح إحدى معالمها والتي نقلها إلينا الإنجيل.

على ضوء هاتَين الصفتَين الملازمتَين لحياة يسوع- من دون أن تحجبا سواهما على الإطلاق-، تستوقفنا ملاحظة الإنجيليّ المزدوجة بشأن «نموّ» يسوع، وكيف يجسّد عبرها هاتَين الصفتَين ويعطيهما بُعدهما العمليّ والمنطقيّ والطبيعيّ في مسار اتّباعنا للمسيح وتلمذتنا له. ربّ قائل إنّ ما يسطّره الإنجيليّ هنا إنّما يفسّر ما قصده يسوع بقوله لاحقًا: «أنا هو الطريق والحقّ والحياة» (يوحنّا ١٤: ٦). باختصار، يسوع نموذج لنا في كلّ مرحلة عمريّة مهما كانت طبيعتها. هو ينمو في كلّ مرحلة عمريّة بالكمال المرتبط بكلّ منها، بحيث هو دومًا الإنسان التامّ والإله التامّ للطفل كما للفتى أو المراهق أو الشباب أو الرجل أو الشيخ، بمعزل عن جنسه أو ثقافته أو تربيته أو أيّ عامل آخر.

بالحقيقة، هذا المعطى في حياة يسوع يضيء على حياة أعضاء جسده ويشكّل منارة لهم في سعيهم إلى تحقيق دعوة يسوع إلى الكمال لكلّ مَن يتبعه: «كونوا كاملين كما أنّ أباكم الذي في السماوات هو كامل» (متّى ٥: ٤٨). وهو لم يخصّص هذا الكلام لفترة عمريّة معيّنة، بل هي صالحة، بحسب ما يرد في هذا الإنجيل، لنا جميعًا، منذ نعومة أظفارنا وحتّى الرمق الأخير من حياتنا الأرضيّة.

على هذا الأساس تُبنى وتقوم في الكنيسة كلّ تربية وتنشئة وتعليم، كما كلّ مسؤوليّة وخدمة وتكريس الذات لله. وبهذا، يصير يسوع «ملء الذي يملأ الكلّ في الكلّ» (أفسس ١: ٢٣)، أي كلّ واحد بحسب عمره وموهبته ووزناته وطاعته وعطيّة حياته لله. أَوَليس هذا مدعاة للفرح والرجاء العظيمَين؟ أَوَليس في هذا سبيلنا إلى الاتّضاع والطاعة، على غرار يسوع، في طريق أن ننمو بدورنا في «الحكمة» (الإنجيليّة) و»القامة» (الروحيّة والجسديّة) و»النعمة» (عطيّة الروح القدس) التي يشكّل يسوع مثالها أمامنا ناظرَينا؟ إذا التفتْنا إلى أعضاء الكنيسة الظافرة، نجدهم قد جسّدوا هذه الحقيقة أمام أعضاء الكنيسة المجاهدة وشكّلوا، بالنسبة إليهم، النور والإلهام والمثال حتّى لا يتوانوا في مسيرتهم وجهادهم، بل ينطلقون و»يذهبون من قوّة إلى قوّة» (مزمور ٨٤: ٧)، أي مـمّا أُعطي لهم من «حكمة وقامة ونعمة» في المرحلة العمريّة السابقة ليبنوا عليها، بالروح عينه، مداميك المرحلة العمريّة اللاحقة. ألا باركْ يا ربّ آباءنا ومعلّمينا وكلّ روح صدّيق وضعنا على هذا الطريق، بتفانٍ وفهمٍ وإيمان، لننمو فيه بحسب إنجيلك!

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: كولوسي ٢: ٨-١٢

يا إخوة، انظروا أن لا يسلبكم أحدٌ بالفلسفة والغرور الباطل حسب تقليد الناس على مقتضى أركان العالم لا على مقتضى المسيح، فإنّه فيه يحلّ كلّ ملء اللاهوت جسديًّا وأنتم مملؤون فيه وهو رأس كلّ رئاسة وسلطان، وفيه خُتنتُم ختانًا ليس من عمل الأيدي بل بخلع جسم خطايا البشريّة عنكم بختان المسيح، مدفونين معه في المعموديّة التي فيها أيضًا أُقِمتم معه بإيمانكم بعمل الله الذي أقامه من بين الأموات.

 

الإنجيل: لوقا ٢: ٢٠-٢١، ٤٠-٥٢

في ذلك الزمان رجع الرعاة وهم يمجّدون الله ويسبّحونه على كلّ ما سمعوا وعاينوا كما قيل لهم. ولـمّا تمّت ثمانية أيّام ليُختَن الصبيّ سُمّي يسوع كما سمّاه الملاك قبل أن يُحبَل به في البطن. وكان الصبيّ ينمو ويتقوّى بالروح ممتلئًا حكمة، وكانت نعمةُ الله عليه. وكان أبواه يذهبان إلى أورشليم كلّ سنة في عيد الفصح. فلما بلغ اثنتي عشرة سنة صعدا إلى أورشليم كعادة العيد. ولـمّا أتمّا الأيّام بقي عند رجوعهما الصبيّ يسوع في أورشليم ويوسف وأُمّه لا يعلمان. وإذ كانا يظنّان أنّه مع الرفقة سافرا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقارب والمعارف. وإذ لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة أيّام وجداه في الهيكل جالسًا في ما بين المعلّمين يسمعهم ويسألهم. وكان جميع الذين يسمعونه مندهشين من فهمه وأجوبته. فلمّا نظراه بُهتا. فقالت له أُمّه: يا ابني لمَ صنعتَ بنا هكذا؟ ها إنّنا أنا وأباك كنّا نطلبك متوجّعين. فقال لهما: لماذا تطلبانني؟ ألم تعلما أنّه ينبغي لي أن أكون في ما هو لأبي. فلم يفهما هما هذا الكلام الذي قاله لهما. ثمّ نزل معهما وأتى الناصرة وكان خاضعًا لهما. وكانت أُمّه تحفظ ذلك الكلام كلّه في قلبها. وأمّا يسوع فكان يتقدّم في الحكمة والسنّ والنعمة عند الله والناس.

 

أتى الحنان

إله المطران جورج خضر يأتي إلينا دائمًا بدافعٍ من حنانه. الله، الذي نراه يعبده بروحه، هو الحنانُ شخصًا، ومنه يأتي الحنانُ إلينا دائمًا. في كلّ ما قاله أو كتبه عبر سنيه، يبدو الله عنده لا يظهر إلاّ لينعطف على الدنيا وأهلها، يتحنّن ويخلّص. ليس هناك في الكون كلّه ما يثير الاندهاش فعلًا مثل إله لا يشبع من هذا التنازل المخلّص، الحنون على الناس جميعًا في عرائهم، في انكسارهم من الجوع والبرد والخوف والتشرّد وظلم الأقوياء والمتجبّرين في الأرض، (الحنون) على المستحقّين وغير المستحقّين. «يسوع مع الضعفاء، الأغنياء منهم والفقراء… مع المرضى والمكسورين في عقولهم أو همّتهم والذين يهملهم ذووهم وأصدقاؤهم ومع الذين يضطهدهم ذووهم وغير ذويهم أو مع الذين لا يحبّهم أحد ولو أحبّوا… هو مع الذين لا يحسّ بهم أحد، مع المطرودين إلى الصحارى، مع الذين أبعدنا عنهم قلوبنا، فألقيناهم في العدم».

هذا ارتقاء العالم في المجد أن يدرك الإنسان، كلّ إنسان، في سرّ قلبه، أنّ الله، الذي قيل في العالم القديم إنّه فوق، بات هو نفسه هنا تحت، بيننا، معنا، فينا. «إذا سألتَ الطفل المسيحيّ: هل الله فوق؟، يجيبك: لا أعرف. أنا أعرف أنّه في قلبي». «هذه هي حلاوة الحياة في المسيح أنّنا نعرف أنّه واحد مع الله وواحد معنا»، أي هو فوق وتحت في الآن عينه. «ليس أحد صعد إلى السماء إلّا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنّا ٣: ١٣). قال المطران جورج أيضًا: «عليك دائمًا ألّا تنسى أنّ المسيح فوق، لكي تعرفه إلهًا وأن تدرك أيضًا أنّه معك لعلمك أنّه يحبّك. هو ما صار إنسانًا إلاّ ليقول لك ذلك. طبعًا قال هذا بموته وقيامته».

لا يدنو سوى الحنّان. عندما تتكلّم المسيحيّة على الإله المتنازل إلى العالم، لا تقصد أن تتكلّم على تغيير في الأمكنة، أي أن تقول: كان الله فوق وصار تحت. ثمّ لا تقول إنّه نزل إلينا كما لو أنّه يقوم بـ»نزهة مبرمجة»، ليعود، بعد أن ينهيها، إلى موقعه. هذا تنازل أبديّ، من أجل انكشاف المحبّة الأبديّة، من أجل تثبيت الشركة الأبديّة، من أجل أن يجعل الكون واحدًا، سماءً وأرضًا، من أجل أن يقيمنا معه في مجده. شاركنا يسوع في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. اتّخذنا كلّنا. التحم فينا. عاش مثلنا، وتألّم مثلنا. مات وقام. هذا إيماننا. التزامًا باستقامة الرأي، يحضّنا المطران جورج على أن تكون حياتنا صورةً عن إيماننا. «إذا جاءكم الابنُ في التواضع، فستفهمون أنّه لا بدّ لكم من أن تولدوا أنتم أيضًا من التواضع، لأنّ الكبرياء لا تلد إلّا التفاهة. ومَن كان منكم قائمًا في مجد هذا العالم، فسيدرك، أمام فقر ابن الإنسان، أنّ كلّ مجد عالميّ باطل». الخلاص ليس استعراضًا. هو خلاص كلّيّ للمستحقّ، قلنا، ولغير المستحقّ. مَن المجنون الذي يدّعي أنّه مستحقّ؟ إله يتألّم لا يمكن أن يكون سوى مجّانيّ. «هذا الألم ترجمَهُ حنانًا ورأفةً بالعصاة. «مَن منكم بلا خطيئة، فليرجمها بحجر»، حتّى قال الشاعر؛ «ولد الرفق يوم مولد عيسى» (أحمد شوقي). كلّ هذا، بصورة أو بأخرى، نقوله في هذا المولد الذي يفتح مسيرة محبّة لا تنتهي».

كيف يفهم الناس البعيدون هذا الحنان المعطى في طراوة عجيبة؟ كيف يفهم الناس هذا الإله المولود في مذود أو «المولود في كلّ أبعاده على الصليب»؟ المطران جورج يجيبنا بكلمة: بالتوبة إلى الله الآب «في الحبّ والطهارة». «في أكثر الناس سيّئةٌ أو سيّئاتٌ يألفونها كما يألف الإنسان غرفته». كلّ يوم مناسب للتوبة. «إذا رعيتَ خطاياك، اذهب بها إلى قدمي السيّد (اليوم)، وارمها هناك، لتتمكّن من رؤية مجد الله ساطعًا لا في السماء، بل فيك، لتتقبّل في نفسك سلامًا».

هذا هو الحنان المعطى في المسيح. قوموا نفرح. كلّ شيء بات ممكنًا للذين تعبوا من الخطيئة والسياسة واللهو… هذا زمان مقبول. لا بالعصا أو الحديد والنار، بل بالابن، الذي كلّه حنان، يريد الله اليوم، أي في كلّ يوم، أن يردّ العالم إلى صدره.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: ختانة المسيح بالجسد

التلميذ: أين يرد موضوع الختانة في الكتاب المقدّس؟

المرشد: بعد مرور ثمانية أيّام على ولادة الطفل يسوع، ختنه والداه (لوقا ٢: ٢١) على حسب الأمر الإلهيّ إلى إبراهيم لـمّا أقام الله عهدًا أبديًّا معه ومع نسله: «هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك. يُختن منكم كلّ ذكر فتُختنون في غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية أيّام يُختن منكم كلّ ذكر في أجيالكم» (تكوين ١٧: ١٠-١٢).

التلميذ: هل اعتمدت الكنيسة الختان الجسديّ لأبنائها؟

المرشد: كلا لم تعتمد الكنيسة الختان الجسديّ لأبنائها، على جري ما كان معتمدًا بين اليهود وأتمّه أيضًا المخلّص في اليوم الثامن من ولادته. وهذا ثبّته المجمع الرسوليّ المنعقد في أورشليم السنة ٤٩ م. عندما تدارس الرسل في أمر إلزامية ختانة الأمم أم لا. وقد أوضح الرسول بولس في رسائله، وبخاصّة في رسالته إلى أهل رومية (الإصحاحات ٢ -٤)، بطلان هذا الأمر، إذ إنّ ذبيحة المسيح على الصليب كافية لخلاص المؤمنين بيسوع المسيح.

التلميذ: واليوم بأيّة علامة نتميّز كشعب الله؟

المرشد: ما عاد علامةَ شعب الله الجديد الختان الجسديّ بل الصليب الذي يدهنه الكاهن بالميرون المقدّس على جبهة المعتمد وأعضائه، فور خروجه من جرن المعموديّة. ولهذا لا نقع على أيقونة تصوّر ختان السيّد، كما هي الحال في بقيّة الأعياد السيّديّة.

التلميذ: سمعت في إنجيل اليوم أنّ يسوع تمّت تسميته بعد ثمانية أيّام.

المرشد: حسب العُرف، أُعطي ليسوع يوم ختانه اسمَه، كما أشار الملاك إلى يوسف بذلك (متّى ١: ٢١؛ لوقا ١: ٣١) ومعناه المخلّص. بالاسم انكشفت مهمّته على الأرض وغاية تجسّده. فهذا الاسم يلخّص كلّ التدبير الخلاصيّ، وشخص المخلّص نفسه حاضر فيه سرّيًّا، إذ للأسماء مدلول خاصّ بلغة الكتاب المقدّس. عبّر بولس الرسول عن هذه الحقيقة: «لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كلّ اسم، لكي تجثو باسم يسوع كلّ ركبة ممّن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كلّ لسان بأنّ يسوع المسيح هو ربّ لمجد الله الآب» (فيليبّي ٢: ٩-١١).

 

الله الخالق

للقدّيس باسيليوس الكبير

إذا رغبت في أن تقول شيئًا أو أن تسمع شيئًا عن الله، فاتركْ جسدك، اتركْ حواسّك البشريّة، اتركْ الأرض والبحر، وسرْ فوق الريح، متجاوزًا الأزمان والأوقات والهندسة الكونيّة...، وحلّقْ فوق الأثير، واخترقْ النجوم...

فإذا اجتزتَ بعقلك كلّ هذه المسافات،... وصرتَ فوق السماء،... مرتفعًا فوق الطبيعة،... ورافعًا فوقها عقلك، تفهَم أنّ الطبيعة الإلهيّة طبيعة ثابتة، غير متغيّرة، لا تتأثّر بشيء، غير مركّبة، غير منقسمة، نور لا يُدنى منه، قوّة لا يُعبَّر عنها، سعة غير محدودة، مجد باهر يسبي البصائر، صلاح مشتهى، وحسن... يعجز البيان عن وصفه.

Last Updated on Friday, 30 December 2022 18:21