للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع: |
رعيتي العدد ٤٧: المفارقة بين ابتغاء الصلاح وابتغاء الصالح |
Written by Administrator |
Sunday, 24 November 2024 00:00 |
الأحد ٢٢ بعد العنصرة الأحد ١٣ من لوقا اللحن ٥ - الإيوثينا ١١ الشهيدان كليمنضوس بابا رومية وبطرس بطريرك الإسكندريّة
كلمة الراعي المفارقة بين ابتغاء الصلاح الإنسان مفطور على الكمال. فإن نَشد الصلاح لنفسه، اعتمد درب الفضيلة إليه. لكنّ دون مبتغاه صعابًا كثيرة. بعضهم يبتغي الصلاح ليكبر شأنُه في عين الناس فيعظّموه ويمجّدوه. هذا نفسه مريضة بحبّ الذات، فريسة للكبرياء. يتّخذ من حُسن السِّيرة والطويّة والأفعال مناسبةً لتأكيد الذات والحصول على المجد والرفعة في عين الناس. بعضهم الآخر يَنشد الصلاح بالظاهر لأنّه يتّخذه واجهة يتستّر خلفها من أجل غايات رديئة. هذا مريض بالرياء، وهو يسخّر كلّ شيء لمآربه ويُطوّع الحقّ والباطل في سبيل تحقيق مقاصده. فالغاية بالنسبة إليه تبرّر الوسيلة، مهما كانت نبيلة أو شريرة. بعضهم الآخر يروم الصلاح بفعل التربية التي تلقّاها وما تقتضيه منه من حفاظ على أخلاق رفيعة. الصلاح عنده مرتبط بمستوى حُسن العلاقة والجيرة والتعامل، فيكتفي بها إن حصل عليها، دون أن يطالب نفسه بما هو أكثر منها. وهناك مَن عرف الإيمان بالله، فوجد فيه نبع الصلاح؛ ومَن اختبر وصاياه انكشفت له الطريق ليبلغه بتحقيقها. هذا تغلّب بها على كبرياء الأوّل ورياء الثاني واكتفائيّة الثالث، فوجد نفسه فقيرًا يطلب النعمة، وخاطئًا يطلب الغفران، ومريضًا يطلب الطبيب، وعطشان يطلب الماء الذي يروي على الدوام، وجائعًا يطلب البرّ الذي لا ينزعه منه أحد، ومرشدًا يرعاه في درب الصلاح، ومثالًا يتبعه في الاحتذاء به. هيّأ اللهُ الدرب للإنسان إن شاء أن يتبنّاه، أوّلًا بالضمير الحيّ، ثمّ بكلمته إلى الأجداد والآباء والأنبياء، وأخيرًا بابنه الوحيد يسوع المسيح. مَن طالع الكتاب، وجد فيه الحكمة التي تقوده في درب ما سبق بيانه. إلّا أنّ هذه الحقيقة لم يؤمن بها معاصرو يسوع ولا كانوا يفقهونها، كما حدث مع الرئيس الذي أتاه، بصفته معلّمًا صالحًا، سائلًا إيّاه بشأن ميراث الحياة الأبديّة (لوقا ١٨: ١٨). ما حدث معه نموذج عن واقعنا، يتكرّر جيلًا بعيد جيل، يحتاج فيه مريد الصلاح إلى أن ينسلخ عن درجات الصلاح الواهية التي تبقيه أسير هذا العالم، ليلتصق بنبع الصلاح. من الأهميّة بمكان الانتباه كيف أنّ يسوع كشف لسائله عن هذا المسار الجديد، مسارٍ يدعوه فيه إلى أن يتخلّى فيه عن الصلاح الكاذب المرافق للكبرياء، أو الصلاح المخادِع الكامن في الرياء، أو الصلاح البشريّ المكتفي بذاته، بقوله له: «واحدةٌ تُعوزك بعد. بعْ كلّ ما لك ووزّعْه على المساكين، فيكون لك كنز في السماء، وتعالَ اتبعْني» (لوقا ١٨: ٢٢). باختصار، يدعوه يسوع إلى التخلّي عن ابتغاء كلّ صلاح للصلاح فحسب، وذلك من أجل ابتغاء الصالح بامتياز. هذا يعني، من جملة ما يعني، أن «يتصوّر» المرء نفسه على شاكلة يسوع الصالح. بالطبع، بإمكان المرء أن يعاين صلاح الله في الخليقة، وعنايته بها، وسيره بها نحو الكمال. ويمكنه أن يتأمّل في صلاح الله كما هو بيّنٌ في الإنسان المخلوق على صورته ويقابله على ما انكشف له في يسوع المسيح. فبيسوع انكشفت الجِدّة الحقيقيّة في التاريخ البشريّ، وهو الصالح الوحيد الذي بإمكانه أن يحقّق الملء، الصلاح، الذي فُطر عليه الإنسان. وهذا ما تأكّد لنا في كلّ الذين سمعوا كلمته فباعوا كلّ شيء ووزّعوه على الفقراء وتبعوه حتّى النهاية. باتوا وهجًا من الوهج الأبديّ الذي أشرق بنوره عليهم. وهذا اقتضى منهم أن ينكروا ذواتهم، ويحملوا صليب العمل بوصاياه، ويتبعوه في طريق اعتلان مشيئته وتحقيقها في حياتهم. قد يبدو هذا الأمر صعب المنال على عامّة المؤمنين لغير سبب، ولكن الذي اتّضع تبرّر بيسوع، لكون برّ يسوع هو الرافعة التي تقيمه مكرِّمًا في الصلاح الذي لا يعروه مساء. أمّا أنواع البرّ الإنسانيّ، مهما سمت، فتُبقي صاحبها على سطح الأرض أو تحت ترابه، ولا ترفعه إلى العلى ولا تمنحه الحياة الأبديّة. فهل من مستزيد مثابر، ومتواضع تائب، وتلميذ طائع، ليتبع يسوع ويظفر بملكوته؟ ما أبهى ما كشفتَ لنا يا ربّ، في طريق اتّضاعك حتّى الموت، من سبيل تجعلنا به ورثة لك. فالصالح من الصالح يأتي، ونحن أتينا منك، وإليك نأتي، فاجعلْ سبُلنا قويمة حتّى ندرك قعر صلاحك وقمّته بآن، فتكون أنت الكلّ في الكلّ. + سلوان
الرسالة: غلاطية ٦: ١١-١٨ يا إخوة، انظروا ما أعظم الكتابات التي كتبتُها إليكم بيدي. إنّ كلّ الذين يريدون أن يُرضُوا بحسب الجسد يُلزمونكم أن تَختتنوا، وإنّما ذلك لئلّا يُضطهَدوا من أجل صليب المسيح، لأنّ الذين يختتنون هم أنفسهم لا يحفظون الناموس، بل إنّما يريدون أن تختتنوا ليفتخروا بأجسادكم. أمّا أنا فحاشى لي أن أفتخر إلّا بصليب ربّنا يسوع المسيح الذي به صُلِب العالم لي وأنا صُلبت للعالم؛ لأنّه في المسيح يسوع ليس الختان بشيء ولا القلف بل الخليقة الجديدة. وكلّ الذين يسلكون بحسب هذا القانون فعليهم سلام ورحمة، وعلى إسرائيلِ اللهِ. فلا يجلبْ عليَّ أحدٌ أتعابًا في ما بعد فإنّي حامل في جسدي سِماتِ الربّ يسوع. نعمة ربّنا يسوع المسيح مع روحكم أيّها الإخوة، آمين.
الإنجيل: لوقا ١٨: ١٨-٢٧ في ذلك الزمان دنا إلى يسوع إنسان مجرّبًا له وقائلًا: أيها المعلّم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحًا، وما صالحٌ الا واحدٌ وهو الله. انك تعرف الوصايا: لا تزنِ، لا تقتلْ، لا تسرقْ، لا تشهد بالزور، أكرمْ أباك وأمك. فقال: كلّ هذا حفظته منذ صبائي. فلما سمع يسوع ذلك قال له: واحدة تعوزك بعد: بعْ كلّ شيء لك ووزّعه على المساكين، فيكون لك كنزٌ في السماء وتعال اتبعني. فلمّا سمع ذلك حزنَ لأنه كان غنيًا جدًا. فلمّا رآه يسوع قد حزن قال: ما أعسر على ذوي الأموال أن يدخلوا ملكوت الله. انه لأسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يدخل غنيٌّ ملكوت الله. فقال السامعون: فمن يستطيع اذن أن يخلُص؟ فقال: ما لا يُستطاع عند الناس مستطاع عند الله.
اللاهوت في الكنيسة الأرثوذكسيَّة في الرابع عشر من تشرين الثاني تقيم كنيستنا المقدّسة تذكار القدّيس غريغوريوس بالاماس. برز قدّيسنا في حقبة صعبة في تاريخ الكنيسة حيث كانت تواجِه التيّاراتِ العقلانيَّة والحركاتِ الإنسانويَّة التي سعت لتأليه الإنسان بعيدًا عن الله. في القرن الرابع عشر ظهر فيلسوف اسمه برلعام، إنسانويّ النزعة، وأصرَّ على أنَّ اكتساب معرفة الله هو نتاج العمليَّات العقليَّة. وبالتالي كان لاهوته ذهنيًّا وعقليًّا ومجرَّدًا. أتى الردّ على هذا التعليم المنحرف من قبل القدّيس غريغوريوس بالاماس الذي شرح معنى اللاهوت الحقيقيّ الذي ينبع من معاينة الله. يرتكز الفكر البرلعاميّ على المعرفة الخارجيَّة والمنطق الفلسفيّ والتحليليّ في تفسير الكتاب المقدس والأمور الإيمانيَّة وليس على الخبرة الهدوئيَّة الحيَّة. هكذا يصل الأمر بأتباع هذا الفكر إلى شرح الأمور الإيمانيَّة حسب أهوائهم بما أنَّ اللاهوت هو نتاج لعمليّات الفكر والتحليل المنطقيّ. يجيب القدّيس غريغوريوس بأنَّ المعرفة هي «عطيَّة طبيعيَّة وليست عطيَّة من النعمة»، يستطيع المرء أن يكتسبها بمجرّد الدراسة والقراءة. ولكن الحكمة الإلهيَّة ليست عطيَّة طبيعيَّة، ولكنّها عطيَّة يمنحها الله للذين طهَّروا قلوبهم. إذًا اللاهوتيُّون الذين يشرحون الأمور الإلهيَّة هم رجال صلاة بالدرجة الأولى فأصبحوا أهلًا للمعاينة الإلهيَّة واكتسبوا الحكمة الإلهيَّة التي هي ثمرة صلاتهم القلبيَّة. في المسيحيَّة، اللاهوت هو غير نظريّ، أي غير قائم على ما وصل إليه العقل لأنَّ العقل لم يصل إلى عقيدة الثالوث. ولذلك ليس في اللاهوت المسيحيّ بحثٌ عقليٌّ طبيعيٌّ كما جاء عند الفلاسفة بل هو علاقة شخصيَّة مع الله. الله هو إله شخصيّ يقيم علاقة شخصيَّة مع الإنسان، وليس مجرَّد قوَّة روحيَّة تتحكَّم بالكون. اللاهوت هو معرفة الله، ليس معرفة تأمُّليَّة عقلانيَّة بل روحيَّة. بل أكثر من هذا. اللاهوت الأرثوذكسيّ هو معاينة الله. يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ إنَّ التحدُّث عن الله لا يُعطى للجميع بل لأولئك الذين امتُحنوا والذين هم خبراء سابقون في معاينة الله والأهمّ من ذلك أنَّهم قد حصلوا بالفعل على تطهير النفس والجسد أو ما زالوا على الأقل في طريقهم إليه. إذًا كما قلنا يختلف علم اللاهوت الفكريّ عن معاينة الله «حيث أنَّ معرفة الشيء تختلف عن امتلاكه»، كما يقول القدّيس غريغوريوس بالاماس. يختلف الكلام على الله تمامًا عن الالتقاء به والشركة معه. فالأوّل متاح لأي أحد يمتلك عقلًا ومهارةً ويعرف آليّات الجدل المنطقيّ، حتى لو كانت حياته ونفسه غير متطهِّرة. اللاهوتيّ هو مَن يقيم علاقة مع الله، مَن يعاينه ويمتلكه. كيف ذلك؟ عبر الجهاد الروحيّ والارتقاء في الدرجات الروحيَّة الثلاث: التطهُّر والاستنارة والتألُّه أو المعاينة الإلهيَّة. إذًا الصلاة هي أولى أعمال اللاهوتيّ. فاللاهوتيّ هو مَن يصلِّي، ومَن يصلِّي هو اللاهوتيّ (القديس نيلُّس السينائي). في هذه المدرسة يترقَّى الإنسان عبر الدرجات الثلاث ليصل إلى التألُّه. عندما يتحدَّث أحدهم عن الله، فهذا يكون على أساس التجارب الداخليَّة التي راكمها. عندما يختبر شخصٌ ما التألُّه فلن يكون مؤهَّلًا لتفسير كتابات الآباء وحسب، بل أيضًا للاهوت بشكل صحيح وهكذا يصير هو أيضًا لاهوتيًّا في الكنيسة (الأب يوحنّا رومانيذس). في اللاهوت يجب أن يمتلك الشخص القدرة النسكيَّة على التمييز ومعرفة الفرق بين القوى الشيطانيَّة وقوة النعمة الإلهيَّة وامتحان الأرواح. لذلك الأب الروحيّ هو لاهوتيٌّ قادرٌ على تمييز الأمراض الروحيَّة لأولاده الروحيّين وعلى شفائهم من خلال إرشاده الحكيم المختبر، مع بقاء المسيحيّ بالطبع داخل حياة الكنيسة الأسراريَّة والنسكيَّة. هذه المعادلة الثلاثيَّة: الصلاة وتمييز الأرواح وشفاء الإنسان، هي ما تميِّز لاهوتنا الأرثوذكسيّ وتجعله لاهوتًا حيًّا مُعاشًا. مَن اختبر المراحل الروحيَّة الثلاث «التطهُّر والاستنارة والتألُّه» أي اختبر اللاهوت الحقيقيّ هو مَن يحقُّ له التكلُّم بالعقائد والإلهيَّات بما أنَّ الحياة الروحيَّة والوعي العقائديّ لا ينفصلان واحدهما عن الآخَر.
من تعليمنا الأرثوذكسيّ: شخصيّات من الكتاب المقدّس (النبي ناحوم) التلميذ: مَن هو ناحوم النبي؟ المرشد: ناحوم اسم عبري معناه «المعزّي». هو صاحب النبوءة السابعة، في سلسلة نبوءات العهد القديم الاثني عشر الصغيرة. كان من قرية اسمها «القوش» ترتبط إداريًّا بمحافظة نينوى، التي مركزها مدينة الموصل العراقيّة. كان انتماؤه إلى سبط شمعون، من أسباط اسرائيل الإثني عشر. التلميذ: ماذا تخبرنا عن سِفْره ؟ المرشد: يتألّف من ثلاثة اصحاحات. من المرجّح أنّ تاريخ كتابة هذا السفر يقع بين العامين ٦٦٣ و٦١٢ ق.م.، بعد أن أخذ الأشوريّون مدينة نو آمون (أي الطيبة في عهد اليونان والأقصر حاليًّا، وكانت عاصمة مصر القديمة). تنبّأ ناحوم على نينوى فأنذر بخرابها. قال في الآية السابعة من الإصحاح الثالث: «ويكون كلّ مَن يراكِ يهرب منكِ ويقول خربَتْ نينوى، مَن يرثي لها». فإذا ما علمنا أنّ خراب نينوى حصل في العام ٦١٢ ق.م. على يد الماديّين والكلدانيّين، يكون ناحوم قد صدح بنبوءته قبل ذلك بزمن. هذا وناحوم شاعر أصيل، أسلوبه صافٍ لا تعقيد فيه، يمتاز بالإيجاز البليغ وقوّة الأوصاف وكثرة الاستعارات وعذوبة الإيقاع. كما أنّ نبوءة ناحوم هي من أجود الأدب العبرانيّ. التلميذ: كيف خربت نينوى وقد تابت في سفر يونان؟ المرشد: نينوى هي إيّاها المدينة التي أَرسل الربّ إليها يونان منذِرًا، داعيًا إلى التوبة. يومها استجاب أهل نينوى حسنًا فنادوا بصوم ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم (يونان ٣). أمّا اليوم فالحال اختلفت لأنّ شرور نينوى استشرتْ وعَظُم استكبارها وأبتْ أن ترعوي. ويأتي الانذار بخراب نينوى بعدما كان سرجون الأشوريّ قد أخذ السامرة، عاصمة مملكة إسرائيل، وسبى مَن سبى من شعبها إلى نينوى حوالى العام ٧٢٠ ق.م.
مكتبة رعيتي صدر عن تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع كتاب جديد للأستاذ شفيق حيدر، بعنوان: «أنطاكية: بين أزماتها وشعبها الحيّ، ١٩٥٨-٢٠١٢»، يروي فيه الأحداث الأنطاكيّة في عهود أصحاب الغبطة البطاركة الثلاثة ثيوذوسيوس (أبو رجيلي) والياس (معوض) وإغناطيوس (هزيم)، وأنّ الأزمات التي عرفتها أنطاكية تعود بمجملها إلى إهمال تطبيق القوانين الموضوعة التي تنظّم العلاقات بين المؤمنين، إكليروسًا وعوامّ. الغاية من الكتاب إيقاظ همّ تطبيق القانون بدقّة ودراية بغية بهاء يعمّ الكرسيّ الأنطاكيّ المقدّس ورجاء وحدة متينة تجمع الكلّ إلى واحد. يُطلب هذا الكتاب من مكتبة سيّدة الينبوع أو من المكتبات الكنسيّة. |
Last Updated on Saturday, 23 November 2024 08:50 |
|