ocaml1.gif
رعيتي العدد ٣٠: لُطْف يسوع وبناء العمارة الروحيّة Print
Written by Administrator   
Sunday, 27 July 2025 00:00
Share

رعيتي العدد ٣٠: لُطْف يسوع وبناء العمارة الروحيّة
 الأحد ٢٧ تموز ٢٠٢٥ العدد ٣٠ 

الأحد السابع بعد العنصرة

والأحد السابع من متّى

الشهيد والطبيب الشافي بندلايمُن

اللحن ٦، الإيوثينا ٧

 

كلمة الراعي

لُطْف يسوع وبناء العمارة الروحيّة

رعيتي العدد ٣٠: لُطْف يسوع وبناء العمارة الروحيّة لُطْف يسوع بالإنسان لا حدود له سوى موقفنا المجافي له أو غير المؤمن به أو المتعالي عليه أو المعادي له. في هذه الحالة، يزيد يسوع من لطفه بالإنسان، لأنّه يظلم نفسه بنفسه، ويظلم الآخرين معه بموقفه، إذ به يحجب عنهم لُطْف الله. يلطف الله بالإنسان دون أن يجبره على الإيمان به. لُطْفه معلَن للإنسان بتجسّد ابنه الوحيد. هذا نلمسه في حادثة شفاء مزدوجة، شفاء الأعميَين والأخرس، وكلّ ما تلاه، الأمر الذي يمكننا تفصيل أوجهه:

أوّلًا، لُطْف يسوع بمعاناة الإنسان. أعطى يسوع البصر للأعميَين والنطق للأخرس بعد أن حرّره من الشيطان. يشاركنا يسوعُ هذا اللطف عن قرب، وهو على متناول يدنا. لُطْفه لا يقتصر على المعاناة الجسديّة فيداويها، بل ينفذ إلى المعاناة الروحيّة فيعتق الإنسان من استعباد الشيطان له. لُطْف يسوع بنا يحرّرنا من عطبنا أيًّا كان مصدره. بهذا نتأمّل بنعمة محبّة الله وصلاحه وخيريّته التي تعيد الإنسان إلى كرامته التي من الله.

ثانيًا، لُطْف يسوع بجهل الإنسان. تزداد فداحة هذه المعاناة بغياب الإيمان وانعدامه عند الإنسان. فهذه هي الطامة الكبرى. لُطْف يسوع انكشف بالأكثر لنا بعطيّة الإيمان به. بهذا الإيمان نبصر الربّ ولو كنّا عميانًا، ونناديه ولو كنّا خرسًا، ونقدّم له ذواتنا ولو استبدّ بنا أو بسوانا روح شيطانيّ. فبعطيّة الإيمان الحيّ به نواجه واقعنا مهما كانت فداحته، ونواجه الشيطان مهما احتال علينا، ونتعلّم أن نسعى في الطريق، ونبحث عن الحقّ، ونطلب الحياة، فنجدها كلّها في يسوع. بهذا نتأمّل بنعمة الانطلاق الدائم والمستمرّ نحوه، دون أن نتمسّك بشيء أو أن تعوقنا إعاقة.

ثالثًا، لُطْف يسوع بفقر الإنسان. ونقصد بالفقر ذاك الذي يكون فيه الإنسان مكتفٍ بنفسه وبواقعه. وتزداد فداحة هذا الفقر عندما يغالي صاحبه اعتدادًا بنفسه، فبينما هو بالحقيقة أعمى روحيًّا يقود عميانًا فيقعون سويّة في الحفرة. إنّه فقر مَن ينصّب نفسه مرجعًا روحيًّا وهو مقيم في حالة روحيّة مهترئة، فيقود نفسه وسواه إلى الهلاك. هذا ما لمسناه في اتّهام الفريسيّين ليسوع في أعقاب حادثة الشفاء المزدوجة: «برئيس الشياطين يُـخرج الشياطين» (متّى ٩: ٣٤). إنّه فقر ما بعده فقر، واهتراء ما بعده اهتراء، ولو بدا كلامه صادرًا عن مرجع معتبَر بالنسبة للبعض. بهذا نتأمّل بنعمة طول الأناة الإلهيّة التي لا تريد أن يهلك أحد بل أن يُقبِل إلى معرفة الحقّ.

كيف يسكب يسوع هذا اللطف علينا؟

أوّلًا، بأن يزكّي أمامنا الإيمانَ به. إنّه الوجه الذي يقيمنا من «حالة روحيّة ما» ويجعلنا في «حركة روحيّة إليه». هذا نلمسه في حوار يسوع والأعميَين: «هل تؤمنان أنّـي أقدر أن أفعل ذلك؟ ... كإيمانكما ليكنْ لكما» (متّى ٩: ٢٨ و٢٩). 

ثانيًا، بأن يزكّي أمامنا الطاعة لكلمته. إنّه الوجه المرافق للإيمان به والملازم له. بالطاعة تكريس لمرجعيّة يسوع وكلمته في انطلاقنا إليه ومجيئه إلينا. هذا نلمسه بما أمر به الأعميَين: «انظُرا لا يعلم أحد» (متّى ٩: ٣٠).

ثالثًا، بأن يزكّي أمامنا البشارة بملكوت الله وشفاء ذوي العاهات والضعف، بخروج مستمرّ إلى المدن والقرى ليزرع كلمة الله في النفوس ويقودهم إلى الإيمان، رغم ما يعترضه من صدّ لشخصه وتزوير لرسالته واتّهام مخالف للحقيقة.

لعلّنا بهذا يمكننا أن نفرح، فنلطف بأنفسنا وبأترابنا ونصير تلاميذ ليسوع في درب حمل هذا اللطف سواء إلى الداخل، حيث مرض الادّعاء الذي يصيب البعض في خدمتهم، أو إلى الخارج، حيث تتراكم المعاناة والجهل، فنضع لبنة فوق لبنة في العمارة الروحيّة التي يسعى يسوع أن يبنيها في عالمنا والتي يدعوها ملكوت الله. 

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: ٢تيموثاوس ٢: ١-١٠

يا ولدي تـيموثاوس تـقوَّ في النـعمة التي في المسيح يـسوع. وما سمـعتَه مني لدى شهود كثيرين استودِعـْه أنـاسًا أمنـاء كفـؤًا لأن يـُعلّموا آخـرين أيضًا. احتـمِلِ المشقّـات كجنديّ صالح ليسوع المسيح. ليس أحد يتجنّد فيرتبك بهموم الحياة، وذلك ليرضي الذي جنّده. وأيضًا ان كان أحد يُجاهد فلا ينال الإكليل ما لم يُجاهد جهادًا شرعيًا. ويجب أن الحارث الذي يتعب أن يشترك في الإثمار اولا. افهمْ ما أقول. فليُؤتِكَ الرب فهمًا في كل شيء. اذكرْ أن يسوع المسيح الذي من نسل داود قام من بين الأموات على حسب إنجيلي الذي أَحتملُ فيه المشقّات حتى القيود كمُجرم، الا أن كلمة الله لا تُقيَّد. فلذلك أنا أصبر على كل شيء من اجل المختارين لكي يحصلوا هم ايضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الأبدي.

 

الإنجيل: متى ٩: ٢٧-٣٥

في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتاز، تبعه أعميان يصيحان ويقولان: ارحمنا يا ابن داود. فلمّا دخل البيت، دنا اليه الأعميان، فقال لهما يسوع: هل تؤمنان أني أقدر أن أفعل ذلك؟ فقالا له: نعم يا رب. حينئذ لمس أعينهما. فانتهرهما يسوع قائلا: انظرا، لا يعلم أحد. فلمّا خرجا شهراه في تلك الأرض كلّها. وبعد خروجهما قدّموا اليه أخرس به شيطان. فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس. فتعجّب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في اسرائيل. اما الفريسيون فقالوا: انه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. وكان يسوع يطوف المدن كلّها والقرى، يعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.

 

ماذا يريد الله منّي؟

سؤال يسوده توسلٌ لمعرفة مشيئة الله في عالم من القلق وعدم اليقين. سؤال ربّما يطرحه كثيرٌ من المؤمنين وأنا منهم. سؤال يطرحه الإنسان حيثما وُجد وفي أيّ ظرف يحوط به، وينتظر جوابًا لا كتكليف قانونيّ بل كدعوة حيّة لعملٍ ما.

فيما يلي بعض مـمّا ورد في الكتاب المقدّس عن ماهيّة هذه الدعوة: «يا بنيَّ أَعطِني قلبك» (أمثال ٢٣: ٢٦).

يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ: «إنّ الله لا يريد أوانٍ من ذهب، بل قلوبًا ذهبيّة». والقلوب الذهبيّة تأتي من نقاوةٍ ممحَّصةٍ بنار التوبة ومحبّة الله والقريب. لا عجب أنّ الوصيّة العظمى هي: «أَحبِب الربّ إلهك من كلّ قلبك، ومن كلّ نفسك، ومن كلّ قدرتك، ومن كلّ فكرك» (لوقا ١٠: ٢٧).

هي وصيّة، نعم، ولكنّها ليست أمرًا قسريًّا. هي دعوةٌ إلى الحبّ الكامل، إلى التعلّق بالينبوع، إلى الانجذاب إلى مَن هو الأصل، والغاية، والمصير.

أن تحبّ الله بكلّ كيانك يعني أن تجعله الأوّل، والوحيد، والكلّ في كلّ شيء.

أن تفتح له قلبك حتّى الأعماق، بلا أقفال، ولا شروط، ولا مساومات.

أن تسلّم له كلّ ما فيك: فرحك، ألمك، ضعفك، عطشك، شوقك، صراخك، وحتّى صمتك. فالقلب يحدّد التوجّه الحقيقيّ للإنسان إذ «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك» (متى ٦: ٢١). فمَن يؤمن بأنّ الله هو كنزه الوحيد يسعى إليه بكلّ كيانه ولا يتوقّف عند المغريات التي تدغدغ حواسه وكبرياءه، وإذا سقط في تجربة فإنّه ينهض بتوبة تُعيد تصويب الوجهة إلى مسارها الصحيح. أمّا مَن لم يجعل الله مشتهى قلبه، فيتوه في ظلمة العالم، محاولًا أن يُشبع التوقَ المقدّس المغروس فيه بما هو فانٍ وزائل، فيصير كالجائع الذي يأكل ولا يشبع ولا يتغذّى، والعطشان الذي يشرب ما يظنّه ماءً ولا يرتوي، لأنّ جوعنا وعطشنا هما ليسوع المسيح فقط، هو الذي بذل جسده ودمه لننال به الغذاء الحقّ لحياةٍ أبديّة.

«الكلمة قريبة منك جدًّا، في فمك وفي قلبك لتعمل بها» (تثنية ١٤: ٣٠).

كيف يمكننا أن نسلك بحسب مشيئة االله إن لم نعرف كلمته، وكيف نعرف كلمته إن لم ينطق بها؟ لهذا أرسل الله ابنه الوحيد كلمةً لكي يخترق قلوب وعقول ونفوس من يقرأ، يسمع، ويفهم هذه الكلمة النازلة من فوق، لاغيًا عذر الزمان والمكان للقائل لو كنتُ في زمن المسيح وسمعتُه بأذنَـي ورأته عيناي لكنتُ آمنتُ به. فعندما نقرأ أو نسمع كلمة الله نكون في الحضرة الإلهيّة، والله يريدنا أن نقبل هذه الكلمة، أن نحفظها، وأن نعمل بها لأنّـها قادرة على تحويلنا إلى أيقونات تعكس وجه الله. الله لا يريدنا أن نسمع ونطيع طاعة جافّة، بل طاعة تتنفّس حبًّا.

فمع المسيح انتهى زمن القانون ودخلنا زمن المحبّة التي علينا أن نعيشها كلّ يوم في مختلف أوجه حياتنا من العائلة إلى المدرسة أو الجامعة، إلى العمل، إلى الصداقات، إلى الحيّ، إلى الوطن إلى الطبيعة، إلى الهوايات وأوقات الراحة. المحبّة كلمة نتغنّى بها ولكن لا يقدر عليها إلّا قلّة. المحبّة سهلة على الشفاه وصعبة في التطبيق. المحبّة تعني انسحاقك وتلاشيك ليزهر الله فيك. فحين تعفو عمّن أساء إليك، أو حين تتأنّى وتصبر على شدّة أتتك من قريب أو من غريب، حين تساعد محتاجًا، أو تصفح عن عدوّ، حين تقابل الشرّ بالخير أو حين تبحث عن وجه يسوع في كلّ انسان، حين تصلّي للبشريّة جمعاء، وحين تنظر إلى كلّ شيء بعينَي الربّ وتضع كلمة الله أوّلًا، على حساب راحتك، ومالك، ونجاحك، وحياتك، عندها تبدأ مسيرة الاقتراب من مشيئة الله.

الله يريدنا أحبّاء له، أن نُقبل إليه بقلوبنا وعقولنا وبكلّ طاقتنا غارفين من المحبّة المنبثقة من الصليب ومشاركين فرح القيامة مع كلّ إنسان نلتقيه في هذه الحياة. مجّانًا أخذنا، ومجّانًا نعطي كلامًا وأعمالًا لمجد الله ونحن متضرّعون إليه أن لا ينظر إلى خطايانا بل أن يشملنا برحمته الغزيرة دائمًا نحن غير المستحقّين.

ما يريده الله منّي هو تحوُّل مستمرّ. أن أصير حيًّا، محبوبًا، محبًّا، حرًّا، وشاهدًا. لا يريد إنجازاتي، بل كياني. في قلب كلّ صلاة، في تعب كلّ يوم، الله يهمس: «أريدك أنت».

 

من تعليمنا الأرثوذكسي: الترتيل والمرتّلون

التلميذ: ماذا تعني هذه المقولة: «اتلُوا معًا مزامير وتسابيح وأناشيد روحيّة» (أفسس ٥: ١٩)؟

المرشد: هذه القولة لبولس الرسول تعود حرفيًّا في رسالته إلى أهل كولوسي ٣: ١٦ مـمّا يدلّ على أنّ كنيسة الرسل أخذت بالموسيقى. ويشهد العهد القديم أنّ الموسيقى عُرفت منذ بدايات الإنسانيّة ثم عزف العبرانيّون بالآلات. «سبّحوه بلحن البوق / سبّحوه بالمزمار والقيثارة. سبّحوه بنغمات الصنوج» (مزمور ١٥٠: ٣-٥). ولكن الآلات لم يبقَ منها في مجامع اليهود أو كنائسهم إلّا البوق. وبانهيار هيكل أورشليم لم يحافظ العبرانيون على آلة. ويبدو أنّ سقوط الآلات في المجامع يعود إلى إرادة القيادة الروحيّة عند اليهود ألّا تلهي المؤمنين عن النصّ الدينيّ. ولم تأخذ الكنيسة الآلات من الهياكل الوثنّية لأنّـها كانت تكرهها ولذلك بقيت الكنيسة في الشرق والغرب لا تعرف الآلة. ودخلت هذه كنائس الغرب بعد الانشقاق.

 

التلميذ: كيف تطوّرت الموسيقى البيزنطيّة؟

المرشد: بظهور الحركة الرهبانيّة ونموّ الذوق النسكيّ صارت بعض الكنائس تقلع عن الترتيل نفسه خوفًا من الطرب. إلّا أنّنا لاحظنا دخول الموسيقى مع القدّيس رومانوس المرنّم الحمصيّ المولود والنشأة والذي خدم في كنيسة بيروت وتوفّـي في القسطنطينية في منتصف القرن السادس. وتعاظم الترتيل مع القدّيس يوحنّا الدمشقيّ ووضْعه أو تثبيته للألحان الثمانية. وعشنا على تراثه حتّى يومنا هذا حتّى نهضت الموسيقى البيزنطيّة نهضة كبيرة في أوائل القرن الماضي وتكيّفت بعبقريّة الشعوب الأرثوذكسيّة وأحسَسنا أنّ الصوت البشريّ يكفي للتسبيح. وقد ساعد التلحين ألَا يملَّ الشعب الأرثوذكسيّ النصوص المتلوّة وساعد على حفظها وتناولها واحتضن هذا المناخ الجماليّ تقوانا كما تعهّدت العمارة والأيقونة تقوانا. غير أنّنا بتنا نخضع اللّحن لوضوح الكلمة. إنّه خادمها ولا يجوز أن تنساها الأذن متلهّية بالنَغم. من هنا إصرارنا على أنّ التأليف الموسيقيّ لا يُعهَد إلّا لـمَن يعرف معاني الخدم الإلهيّة ولا يقوم به إلّا مؤلِّفون أتقياء يحافظون على الضوابط التي وضعتها الكنيسة كما وضعت ضوابط لرسم الأيقونة التي يجب أن تخضع لقوانين في الرسم فلا ندخل إلى كنائسنا لوحات من الفنّ الإيطاليّ يسودها الجمال البشريّ. الخشوع، ترتيلًا ورسمًا وبناءً، يسود حياتنا الطقوسيّة.

 

التلميذ: هل للمرتِّل رتبة كنسيّة؟

المرشد: إنّنا في الأصل نجعل للمرتِّل رسامة كما نجعل للقارئ رسامة إذ نتحقّق أنّه يعرف القراءة فإذا أعجب الأسقف يقرأ ويرتِّل. ومن هنا إنّ عندنا في الكاتدرائيّات «بروتوبسالتي» أي أوَّل المنشِدين. وعندنا المرتِّل الثاني الذي يقف إلى الشمال أو عندنا منذ القرن الرابع جوقة إلى اليمين وجوقة إلى اليسار تتناوبان بخضوع الكلّ إلى أوّل المنشِدين. لذلك نسعى ألّا يأتي الإنشاد سماعيًّا بل مضبوط بالنوطة فلا يأتي الإنشاد عن هوى ولكنّه يأتي من التراث. هذا ترتيل الكنيسة الحافظة لإنشاد تقلَّدناه عن السلف. والذين يعتبرون أنفسهم مبدِعين ينبغي أن يكونوا محافظين على روح الكنيسة. أنت تبدع ضمن التقليد الأرثوذكسيّ كما تبدع رسامًا في إطار الأيقونة التراثيّة. ولهذا تخضع الكتب الموسيقيّة لإذن صريح من المجمع المقدّس فلا إطالة في غير محلّها ولا طرب يسوقك إلى الألحان الدنيويّة. ذلك أنّ الشعب يسمّي المرتِّل عندنا المصلّي أي إنسانًا ينحصر في التقوى ويخضع في الأداء للكاهن. فالكاهن يسهر على حسن الأداء ويأمر بالمطوّل أو غير المطوّل حسبما يراه نافعًا للمؤمنين. نحن لسنا فئة مستقلّة في الهيكل وفئة أخرى مستقلّة على «القراية». نحن كتلة واحدة تصلّي رئيسها الكاهن إِمام الصلاة.

 

التلميذ: هل من ضوابط للترتيل والمرتِّلين؟

المرشد: نصَّت المجامع على روحانيّة المرتِّل فجاء في المجمع الرابع المسكونيّ أنّه يجب أن يكون متزوّجًا من امرأة أرثوذكسيّة (قانون ١٤). أمّا في مجال الأداء فقد جاء في القانون ٧٥ لمجمع ترولّلو: «إنّ المرتِّلين في الكنائس يجب ألّا يستعملوا أصواتًا خارجة عن النظام أو يقسروا الطبيعة بالصراخ أو يخرجوا أنغامًا لا يليق سماعها في الكنيسة. بل يجب أن يقوموا بالتسابيح لله بانتباه وخشوع تامَّين وهو المطَّلع على سرائر القلوب...». وقد سرّنا انتشار الجوقات في كنائس هذه الأبرشيّة انتشارًا عظيمًا وإقبال الشباب على الترتيل. ولكنّا ننبِّه إلى أنّ بعضًا من المنشِدين في الجوقات يحاولون أن ينفردوا لتُسمع أصواتهم. فالتواضع هو المطلوب وكذلك الانسجام حتّى لا يطلب أحد مجدًا لنفسه. والتواضع يفرض على أنّ الأولويّة في الكنيسة نعترف بها للذين يُتقنون الموسيقى لا للذين بقوا على السماعي. الإنشاد صلاة وفضيلة لكي يبقى الله هو الـمُسبَّح.

Last Updated on Thursday, 24 July 2025 17:49