ocaml1.gif
العدد 14: شفاعة القديسين Print
Sunday, 06 April 2014 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد ٦ نيسان ٢٠١٤   العدد ١٤   

أحد مريم المصريّة / الأحد الخامس من الصوم

logo raiat web



كلمة الراعي

شفاعة القديسين

في الأحد الخامس من الصوم تقيم الكنيسة تذكار القديسة مريم المصرية. كل ما نعرفه عنها تاريخيا أن السياح القادمين إلى دير سوكا في مصر في القرن السادس للميلاد كانوا يكرمون قبر امرأة قديسة تُدعى مريم عاشت في البرية حياة صلاة وتوبة. في القرن السابع كتب صفرونيوس بطريرك اورشليم "حياة القديسة مريم المصرية" وصلتنا في مخطوطة للتقليد الكنسي الشائع حول مريم. تذكر المخطوطة أن مريم اهتدت بعد سنوات قضتها في الخطيئة واعتزلت سبع وأربعين سنة في البرية في الصلاة والصوم. أرادت الكنيسة ان تقيم من مريم المصرية "نموذجا للتوبة" كما نرتل في صلاة السَحر.

في هذا الأحد الأخير من الصوم دعوة لنا إلى التوبة إذ نحن "صاعدون إلى اورشليم" في خطى السيد. ولا بد لنا ونحن ندخل في سرّ القيامة من أن نتوقف قليلا عند مثال مريم المصرية. نقول في الطروبارية التي نرتّلها للقديسة: "انك حملت الصليب فتبعت المسيح، وعملت وعلّمت أن يُتغاضى عن الجسد لأنه يزول، ويُهتمّ بأمور النفس غير المائتة...". تطرح علينا هذه الطروبارية سؤالا طالما نردده: كيف نخاطب اولئك الذين ندعوهم قديسين في الصلاة؟

نجد بداية الجواب في الإنجيل نفسه: في رسائله المختلفة إلى الكنائس، يطلب بولس الرسول باستمرار من المؤمنين أن يصلّوا من أجله. أكّد له مفهومه لشركة الكنيسة أننا نحتاج بعضنا إلى البعض إذ اننا إخوة في عائلة الله. نقف جميعا صفًّا واحدًا أمام الآب، والأخ يساعد أخاه في جهاده. لكن يقول البعض: كيف نخاطب أخًا انتقل إلى السماء؟ سؤال اذا طرحناه بشكل آخر يعطينا جوابًا في صيغة طرحه: هل من فرق في المسيح بين الحيّ والميت؟ الإنجيل واضح تماما هنا إذ يؤكد أن السيد عندما قام من بين الأموات بثَّ قوّته في كل انسان. قوّة القيامة والحياة التي فيه دخلت في كل الذين يتناولون جسده ودمه الكريمين اي كل المؤمنين المعمّدين. ألم يقل لتلاميذه عشية الصلب: "سوف تأتي ساعة وهي الآن حاضرة حيث يسمع جميع من في القبور صوت ابن الله والذين يسمعون يحيون"؟ هذا يعني ان الموت لا يتحكم بالمؤمن ولا يطغى عليه. اي ان الذات البشرية التي اتصلت بالمسيح واستنارت بنور الرب تحيا إلى الأبد مكتنفة بهذا النور الأزلي. يؤكد الرسول بولس ذلك بقوله: "اني أشتهي ان أنطلق وأكون مع المسيح". فحيث ان المسيح حي فالكائن عند المسيح حي ايضا به ومعه. نقول في الكنيسة ان أحباءنا يرقدون في الرب، وهذا لا يعني انهم نيام بل يعني أنهم في سلام الرب. الانسان الذي كنا نعرفه ونحبه ومات إنسان باق ويقظ في المسيح يسوع. انه في حديث مستمر مع المسيح، وبواسطة المسيح له معرفة الأشياء القائمة هنا لأن كل الأشياء كائنة في المسيح كما يؤكد لنا يوحنا في بداية إنجيله.

اذن في الكنيسة الجميع أحياء في المسيح يسوع. وكما نطلب من أصدقائنا أن يذكرونا في الصلاة، كذلك نستطيع ان نطلب ممن رقدوا بالرب إذ انهم أحياء، لا سيما اذا كانوا ممن شُهد لهم بقداسة السيرة حسب قول الرسول يعقوب ان "صلاة البارّ تقتدر كثيرا في فعلها". هذا يعني ان الانسان الذي يتطهر ويتقدس بالتوبة، يجعله الله ذو دالّة عليه لأنه حبيب الله. هذا هو معنى شفاعة القديسين عندنا: الكنيسة بأجمعها عندما تجتمع للصلاة تطلب من فئة معيّنة من أبنائها الذين غبطتهم وأعلنت رسميا بواسطة المجامع انهم الممتازون فيها. درست حياتهم فرأت أنهم أبرار وأن صلاتهم تقتدر كثيرا في فعلها. 

شفاعة القديسين لا تعني أنهم جسر بيننا وبين الرب لأن الرب يسوع قريب إلينا وأقرب إلينا من قلبنا. نحن نذهب إلى المسيح ونتحدث اليه وجها لوجه في الكنيسة. صلاتنا للقديسين لا تعني أنهم وسطاء بيننا وبين المسيح، بل تعني أنهم معنا يصلّون. تضع الكنيسة أيقوناتهم أمامنا لأن المسيح ظهر في حياتهم، والأيقونات دعوةٌ لنا لنتشبّه بهم، لنصبح نحن أيضًـا شفّافين للسيد في حياة تتقدّس بالتوبة. هكذا نعلن سرّ القيامة لمن هم حولنا إن اعترفنا ان أرضنا سماء وسماءنا أرض جديدة حيث الرب وحده هو السيد وهو القدوس الذي يستريح ويستقرّ في القديسين.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: عبرانيين ٩: ١١-١٤

يا إخوة، ان المسيح إذ قد جاء رئيس كهنة للخيرات المستقبلية فبمَسكن أعظم وأكمل غير مصنوع بأيدٍ ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل الأقداس مرة واحدة فوجد فداء أبديا، لأنه إن كان دمُ ثيران وتيوس ورماد عِجلةٍ يُرشُّ على المنَجّسين فيُقدّسهم لتطهير الجسد، فكم بالأحرى دمُ المسيح الذي بالروح الأزليّ قرَّب نفسَه لله بلا عيبٍ يُطهّرُ ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحيّ.

الإنجيل: مرقس ٣٢:١٠-٤٥

في ذلك الـزمان أخذ يسوع تـلاميذه الاثني عشر وابتدأ يقول لهم ما سيعرض له: هوذا نحن صاعدون إلى أورشليم، وابنُ البشر سيُسلَم إلى رؤسـاء الكهنـة والكـتبـة، فيحكمون عليه بالموت ويُسلـمـونـه إلى الأُمم فيهـزأون به ويبصقون عليه ويجـلـدونه ويقـتـلـونه، وفي اليوم الثـالـث يقـوم. فدنا اليه يعقوب ويوحنا ابنا زبـدى قائـلَين: يا معلّم، نريد أن تصنـع لنا مهما طلبنا. فقال لهما: ماذا تريـدان أن أصنع لكما؟ قالا له: أَعطنا أن يجلس أحدنـا عن يمينـك والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: إنكما لا تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أَشربها انا، وأن تصطبغا بالصبغة التـي أَصطبـغ بها أنا؟ فقالا له: نستـطيع. فقال لهما يسوع: أما الكأس التي أَشـربها فتشربانها وبالصبغة التي أَصطبغ بهـا فتصطبغان، وأما جلوسُكما عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيَه الا للـذين أُعدَّ لهم. فلما سمع العشرة ابتدأوا يغضبون على يعـقـوب ويوحنا. فدعاهم يسوع وقال لهم: قـد علِمتُم أن الـذين يُحسَبون رؤساء الأُمـم يسودونهم، وعظماءهـم يتسلّطـون عليهم. وأما انتـم فلا يكون فيكم هكذا. ولكن من أراد أن يكون فيكم كبيرا فليكن لكم خادما، ومن أراد أن يكون فيكم أوّل فليكـن للجميع عبـدا. فإن ابـن البشـر لـم يـأت ليُخـدَم بل ليَخـدم وليبـذُل نفسه فِـداءً عـن كثيـرين.

 

الدجّال

يقول القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو (+٣٩٧): "كما يحدث في خسوف القمر، بسبب وجود الأرض بينه وبين الشمس، فيختفي منظره، كذلك يكون الأمر بالنسبة إلى الكنيسة المقدّسة، عندما تقف أهواء الجسد في طريق النور السماويّ، فلا يستمدّ ضياء نوره الإلهيّ من شمس المسيح... هكذا يحدث للنجوم، أي للقادة الروحيّين المحاطين بمديح إخوتهم المسيحيّين، فإنّهم سيسقطون، كلّما تزايدت مرارة الاضطهاد". هذا القول أتى في سياق التعليق على الفصل 13 من إنجيل القدّيس مرقس الذي يتضمّن حديث الربّ يسوع عن علامات مجيئه الثاني المجيد.

يرينا تاريخ الكنيسة، بأمثلة وعِبر كثيرة، صحّة كلام أمبروسيوس. فكم من النجوم التي سطعت في سماء الكنيسة، ثمّ ما لبثت أن سقطت وانطفأ نورها، وكم من الأقمار ابتلعتها الثقوب السوداء. باباوات وبطاركة وأساقفة ورؤساء أديار وكهنة وشمامسة ورهبان سقطوا بسبب انحرافاتهم التعليميّة والأخلاقيّة، وكانوا السبب في الانشقاقات التي ضربت الكنيسة منذ نشأتها إلى يومنا الحاضر، وجرّوا معهم جموعًا من المسيحيّين الذين وثقوا بهم وتأثّروا بأقوالهم وبسحر أشخاصهم. ومنهم مَن سقط في أزمنة الاضطهاد، ومنهم مَن سقط في أزمنة السلام والأمان.

يؤكّد أوريجنّس (+٢٣٥) أنّ "المسيح الدجّال" يتّخذ مكانًا مقدّسًا منبرًا لتعليمه الضالّ، فيقول: "في هذا المكان المقدّس كثيرًا ما يقف المسيح الدجّال، الكلمة الكاذبة، وكأنّه الله، أو كأنّه كلمة الله. هذا هو نجاسة الخراب". المكان المقدّس لا يقدّس الجالسين فيه بصورة آليّة أو سحريّة، هو يقدّس مَن يخضعون لكلمة الله، للتائبين الخاشعين المتواضعين. ولا يسكن الروح القدس في إنسان فيقدّسه، إذا لم يكن ثمّة تناغم ما بين مشيئة هذا الإنسان ومشيئة الله. الروح القدس يحترم حرّيّة مَن لا يريد أن يقتنيه، فيهجره منتظرًا توبته ليعود إليه ويسكن فيه ويقدّسه.

يعتبر أوريجنّس أنّ "المسيح الدجّال" هو واحد في جنسه، لكن ثمّة أنواع عديدة منه، "كما أنّ المرء يقول إنّ الكذب واحد في جنسه، لكن هناك العديد من أنواع الكذب". لذلك يقول: "فكلّ كلمة تدّعي أنّها حقّ وهي ليست كذلك، هي، بمعنى من المعاني، المسيح الدجّال، الساعي إلى أن يضلّل الناس عن الحقّ وأن يفصلهم عمّن قال: "أنا هو الحقّ" (يوحنّا ١٤: ٦)، أيّ الربّ يسوع المسيح". أمّا الطامّة الكبرى فتكمن، وفق أوريجنّس، في أنّ "وعظ أهل الضلالة يكون غالبًا مقنعًا جدًّا وله قدرة على أن يحرّك الذين يستمعون إليهم". خطورتهم تكمن في جاذبيّتهم الشديدة وفي قدرتهم الفائقة على الغواية. ثمّ يعقد أوريجنّس مقارنة ما بين المسيح الربّ الحقيقيّ والمسيح الدجال، فيقول: "المسيح هو الحقّ. أمّا المسيح الدجال فيزيّف الحقّ. المسيح هو الحكمة. أمّا المسيح الدجّال فيتظاهر عن مهارة بالحكمة... كلّ الصلاح الأصيل يتطابق مع المسيح. أمّا الفضائل المزعومة كلّها فتتطابق مع المسيح الدجّال. فكلّ غنى الصلاح المتجسّد في المسيح يبني المؤمن، أمّا الشياطين فتجد طرقًا لتقليده ظاهريًّا لخداع المؤمن".

ينبئنا الربّ يسوع بضرورة الاحتراس: "فكونوا أنتم على حذر. ها أنا أنبأتكم بكلّ شيء". تعليقًا على هذه الآية يقول القدّيس كبريانوس القرطاجيّ (+٢٥٨): "كلّما اهتاج الخصم كثرت أخطاؤه وارتفعت حماقته واضطرم صدره حسدًا، وصيّره الطمع أعمى، وأفسده الإثم، وزهاه الكبر، وأذهبَ الغضبُ عقله... فليحترس الإخوة من هذه الأمور". كيف يتصرّف المؤمن تجاه هذا الصنف من الخصوم؟ ينصحه كبريانوس بالقول: "تجنّبْ مثل هؤلاء الناس. أبعدْهم عن جنبك وأذنيك، وكأنّ حديثهم الضارّ يحمل عدوى الموت... إنّه عدوّ المذبح، ومتمرّد على ذبيحة المسيح. فهو للإيمان كفر، وللدين تدنيس. إنّه خادم متمرّد، وابن إثم، وأخ معادٍ، ومزدرٍ بالأساقفة، ومتخلٍّ عن الشيوخ، ومتجاسر على إنشاء مذبح آخر ليقيم صلاة أخرى بكلام محرّم، ومدنّس للتقدمة بذبائح نجسة".

يدعو القدّيس غريغوريوس الكبير (+٦٠٤)، أسقف رومية، المؤمنين إلى التنبّه الدائم واليقظة، وذلك عبر سلوك سبيل التوبة، فيقول: "أصلحوا الخلل أو العيب في حياتكم الحاضرة. غيّروا عاداتكم. تغلّبوا على التجارب الشرّيرة بوقوفكم ثابتين ضدّها. توبوا بالبكاء على الخطايا التي ارتكبتموها". وفي السياق ذاته يذكّرنا القدّيس أثناسيوس الكبير (+٣٧٣)، أسقف الإسكندريّة، بضرورة التوبة اليوميّة لأجل الخلاص، فيقول: "إنّ نهاية كلّ منّا قد حجبها الكلمة عنّا. ففي نهاية كلّ شيء تكون نهاية كلٍّ منّا، وفي نهاية كلٍّ منّا تكون نهاية كلّ شيء. يكون ذلك الوقت مجهولاً، لكنّه مرتقب دائمًا، فنرتقي يومًا فيومًا وكأنّنا دعينا إلى ذلك، فنجاهد إلى الأمام وننسى ما وراءنا".

الدجّال حاضر، هنا وثمّة، يسعى إلى تضليل المؤمنين وجذبهم إلى الهلاك. هو يتّخذ صورًا بهيّة كملاك من النور، لكنّ داخله مملوء نجاسة وقذارة. وأشدّ الدجّالين خطرًا على المؤمنين هم الذين لهم مكانة هامّة في الكنيسة. غير أنّنا متيقّنون من أنّ الربّ لن يدع كنيسته لقمة سائغة في أشداق الوحوش، طالما هناك مؤمنون يتجنّدون للحفاظ على نقاء الإيمان المستقيم والحياة المستقيمة في الربّ.

شرين

أقام سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس القداس الإلهي من اجل راحة نفس المثلث الرحمات المتروبوليت فيلبس (صليبا) في كنيسة القديس نيقولاوس في شرين يوم الأحد الثالث من الصوم في ٢٣ آذار الماضي بحضور المطرانين الياس (كفوري) وأثناسيوس (صليبا) والعائلة وأهالي شرين والجوار. ألقى سيادته عظة تأبينية قال فيها: فيما نقيم الذكرى لرئيس الكهنة هذا الكبير فيلبس ابن هذه القرية من أمه، وابن كنيسة أنطاكية من الروح القدس، نشكر لله كل ما وهبه إياه في حقيقة خُلقه، وفي حقيقة كهنوته فإنه أعطانا وأعطى المهجر الكثير.

نحن أعطينا ابناءنا هناك، كما أعطيناهم هنا المسيحَ نفسه. هذا الاخُ الطيّب الكريم كان يعرف هذا، وتعلّم هذا كله من الإنجيل. الأسقف لا يحق له إلا ان يعطي الإنجيل. ليس عنده ثروة من ذاته. هو ابن رجل وامرأة، من هذه الدنيا، في المولد؛ لكنه عظيمٌ في ملكوت الله، إذا أحسنَ الخدمة، وفيليبس أحسنَ الخدمة.

نحن في المهاجر الاميركية، نحن أبناءَ أنطاكية كنا السبّاقين في الشعوب الارثوذكسية في حِفظ الانجيل عند أبنائنا، عند كل أبناء الكنيسة الارثوذكسية من عربٍ وغير عرب. ظننّا أننا ذهبنا إلى هناك للتجارة، وإذ بنا نرى أنفسنا خدامًا للإنجيل.

هذا الأخ الكريم الراحل عرفتُه كثيرا، وفهمتُ أنه كان يحب ربنَا يسوع المسيح. كان يحب اشياءَ كثيرة من هذا البلد. لكنه أدرك أن الأعظم أن يحبَّ يسوع. وبقي على هذا. ومات على هذا.

أيها الاخوة، نحن ابناءَ أنطاكية نذكر ما جاء في الكتاب العزيز ان التلاميذ دُعوا مسيحيين في أنطاكية أولا. وعبرت علينا حوالى ألفي سنة. وصرنا قومًا قليلا. ولكننا فهمنا أن انطاكية هي التي أعطتِ المسيحَ للعالم خارج فلسطين. هي التي أعطتِ اعظمَ القديسين واكبرَ المفكرين في كنيسة يسوع هنا. المسيحية في الألف الاول كانت هنا. ونحن بقينا لها. بقينا موالين ليسوع على رغم تطورات الأزمنة. لم تُغيّرنا الأزمنة لأننا أخلَصنا ليسوع الأبدي. نحن في الأبد. لسنا من هذا الزمان. لذلك سنبقى أيًا كان عددنا. العدد من البشر. نحن ما أتينا من البشر. نحن نزلنا من فوق. نحن جئنا من السماء. وأنزَلَنا الله على هذه الارض. جئنا من نساء. لكن الخالق الحقيقي لنا هو الرب يسوع.

فيلبس (صليبا) ابن هذه القرية أدرك منذ نُعومة أظفاره، منذ أن تربى على الإكليريكية في هذه الكنيسة، أدرك أنه حاملٌ رسالةً عظيمة، وحققها، وأبرزَها. وأخذنا عنه الشيء الكثير. فتحَ أميركا الشمالية. نحن كنا قبضةً قليلة من البشر هناك. لكننا كنا الفاتحين في الأقوام الارثوذكسية، وبقينا هناك، وسنبقى. العدد ليس بشيء. سيُبقينا الله على حُبّه وعلى معرفته. سنحمل الإنجيلَ للعالم العربي. ليس لنا قيمة إلا بكوننا حمَلة الانجيل. اللحم والدم ليسا بشيء. يزولان. أمّا الانجيل فلا يزول.

يا إخوة، سوف نحمل الرسالةَ كما سُلّمت الينا. وسنذكر فيلبس (صليبا) كثيرا، لانه اقتحم اميركا هو ومن سبقه. ويقتحمها أبناؤنا الآن في الحُب، في الفهم، في العطاء...

عيد البشارة

رئس سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس صلاة غروب عيد بشارة والدة الاله في كنيسة البشارة في برج حمود مساء الإثنين في ٢٤ آذار بحضور أبناء الرعية. أكّد سيادته في العظة على تفاعلنا مع عيد البشارة لأننا اذا تقبّلناه نعد الرب بأننا سائرون معه إلى القيامة. وشدد على أهمية القيامة في حياتنا.

وصباح الثلاثاء في ٢٥ آذار رئس سيادته قداس العيد في كنيسة سيدة البشارة في بطشيه يحيط به أبناء الرعية والجوار. قال في العظة: "كيف تعاطى الله مع الأمم جميعًا؟ تعاطى معهم بأمور الحياة، بالطبيعة. وتعاطى مع العبرانيين بالأنبياء. اتخذ وسطاء له ليكلّمهم. ورأى الله أن هذا لا يكفي، وانه يجب ان يأتي شخصيا إلى الناس، فأرسل ابنه إلى العالم. ففهم البشر للمرة الأولى في التاريخ انه لا يكلمهم فقط بالوسطاء، ولكنه يكلّمهم بذاته. جاء وحلّ فيهم. جاء في إنجيل يوحنا: "والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا" (١: ١٤). الكلمة اليونانية تعني حرفيا "سكن في حيّنا" اي عاشرَنا. الله عاشرنا. الله ليس فوق. الله هنا معنا في القلب البشري. الله ليس عنده مسكن الا القلب. نحن بنينا هياكل فقط لكي نجتمع ونصلي. الله ليس في المعابد، الله في القلب البشري. المسيحية عندها الله هنا. نزل الينا لأنه يحبنا ويريدنا أن نحبه. لم يقل أحدٌ قبل المسيحية "أَحِبّوا الله". كانوا يقولون "اعبُدوا الله". المسيحية أدخلت هذا الشيء الجديد بأن "أَحبب الرب من قلبك" داخليا وليس فقط في رأسك وعقلك. نحن نقول ان "الله معنا، فاعلموا ايها الأمم وانهزموا لأن الله معنا". نحن أُمّة الله. نحن شعب الله. لذلك نسير في هذا الصيام حتى نرى الله في القيامة. نراه مصلوبًا ونحبّه معلقًا على الخشبة لنسير معه إلى قيامته. طوبى للإنسان الذي يرى الله قائمًا في قلبه. الله في قلوب الناس. هو حياتنا. هو حياتنا ويحيينا. لذلك أرادنا معه وله، أرادنا في ذاته لنحيا به وبضيائه إلى الأبد".

Last Updated on Wednesday, 02 April 2014 04:48