ocaml1.gif
العدد 30: في أدب الإكليل Print
Sunday, 27 July 2014 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد 27 تموز 2014 العدد 30  

الأحد السابع بعد العنصرة

القديس العظيم في الشهداء بندليمون الشافي

logo raiat web



كلمة الراعي

في أدب الإكليل

إلى أربعة قرون مضت كان الإكليل يتمّ في القداس الإلهي ككل أسرار الكنيسة. كان شيئًا يخص الجماعة كلها وما كان حصرًا ذلك الشيء العاطفي المحصور في العائلة والأصدقاء. والعروسان يتناولان جسد الرب ودمه، والرب المُعطى في القرابين الى الرجل والمرأة هو الذي يوحدهما وينشئ الزواج.

 بالرغم من انعزال الإكليل عن القداس في الثلاثينات من القرن العشرين يقام يوم الأحد كأثر من آثار القداس وامتدادًا له. وقد منعت الكنيسة أن يُقام في السبوت عشية الآحاد لأن إقامة العلاقة الزوجية عشية المناولة ممنوعة على الناس جميعا ومن باب أولى لا يُقام العرس. مع ذلك دخلت عادات غريبة علينا وتحولت الأعراس كثيرًا إلى السبوت.

وطغى الطابع الدنيوي على الأعراس طغيانًا كبيرًا وأخذت المسرات بالسهر والإسراف في الشرب تحيط بالإكليل وكذلك الاستقبالات الفخمة التي هي معثرة للفقراء وتُبذل فيها مبالغ طائلة من المال ولا أحد يحس بحاجة الجائعين إلى هذا المال المهدور كأن هذا الرباط المقدس المرتبط بالعفة والخشوع يجب أن يكون مناسبة للتفلت. هناك حفلات وموائد فيها الكثير من الوقاحة وما يُعطى للكنيسة في كثرة من الأحيان نزر قليل يحس المسؤولون عن الكنيسة على انه من باب "رفع العتب".

وقد طغت أيضًا عادة تزيين الكنائس في هذه المناسبات وهي بدعة لأن الكنيسة هي التي تزيننا بأيقوناتها وترتيلها. كل شيء باطل ما عدا زينة المسيح للنفس. ويتبع ذلك طغيان آلات التصوير طغيانًا مزعجًا مقلقًا للصلاة وهدوئها كأن المهم لا ان تجري الصلاة في حضرة الله بل أن تسجّل للذكرى، كأن تسجيل الاحتفال أهم من الاحتفال وعمقه. هنا لا أود أن أناقش الطابع الوثني الذي يحمله هذا التصوير الآلي أعني تثبيت اللحظة العابرة الماضوية اي التركيز المرضي على الماضي ونضارة الماضي وما كان يحمل من فتوة شيء يبدو منافيًا لقدسية كل زمان نحن نحياه.

المسيحية لا تقوم على التذكر بل على طاعتنا لله في الوقت الذي نحن فيه. نحن لتذكرنا العهد الزوجي وطهارته وإخلاصه نرعى المحبة بما تتطلبه من شظف عيش ومواجهة صعاب. ليس الإكليل لنرعاه حنينًا بالصوَر.

غير ان أفتك ما في الأعراس انتهاك الحشمة. غلاء الثياب وجدتها عند النساء وفحشها في كثير من الأحيان ظاهرة وكأن الأعراس هي المكان الأمثل لهتك طهارة العيون. ان الكتاب المقدس يحرّض النساء على الاحتشام الدائم وليس فقط في المناسبات بقوله: "فأريد ان يصلّي الرجال ... وكذلك ان النساء يزينَّ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر او ذهب او لآلئ او ملابس كثيرة الثمن" (١تيموثاوس ٢: ٩). عندما تكون نفسها معرضًا للأزياء فكيف يصح أن يقول المرء: "عهدًا قطعت لعيني فكيف اتطلع في عذراء"؟ (أيوب ٣١: ١). ما عدا ذلك الجسد مشاع لكل عين نهمة.

ان من أدرك بهاء السرّ لا يستطيع ان يدنسه بما هو من روح العالم. الصحو والورع والهدوء هي جمالات الإكليل وبها نشارك الفرح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: ٢ تيموثاوس ٢: ٢٧-٣٥

يا ولدي تيموثاوس تقوَّ في النعمة التي في المسيح يسوع. وما سمعتَه منّي لدى شهود كثيرين استَودعْه أُناسًا أمناء كُفوءًا لأن يُعلّموا آخرين أيضًا. احتمل المشقَّات كجنديّ صالحٍ ليسوع المسيح. ليس أحد يتجنّد فيرتبك بهموم الحياة، وذلك ليُرضي الذي جنّده. وأيضًا إن كان أحد يُجاهد فلا ينال الإكليل ما لم يجاهد جهادًا شرعيًّا. ويجب ان الحارث الذي يتعب ان يشترك في الأثمار أولا. إفهم ما أقول. فليُؤتِك الربّ فهمًا في كلّ شيء. أُذكر انّ يسوع المسيح الذي من نسل داود قد قام من بين الأموات على حسب إنجيلي الذي احتمل فيه المشقات حتّى القيود كمجرمٍ الا أَنّ كلمة الله لا تقيّد. فلذلك انا أصبر على كلّ شيء من أجل المختارين لكي يحصُلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الأبدي.

الإنجيل: متى ٩: ٢٧-٣٥

في ذلك الزمان فيما يسوع مجتاز تبعه أعميان يصيحان ويقولان: ارحمنا يا ابن داوُد. فلما دخل البيت دنا اليه الأعميان، فقال لهما يسوع: هل تؤمنان أنّي أقدر أن أفعل ذلك؟ فقالا له: نعم يا رب. حينئذ لمَس أعينهما قائلا: كإيمانكما فليكُن لكما. فانفتحت أعينهما. فانتهرهما يسوع قائلا: انظرا، لا يعلم أحد. فلما خرجا شهَراه في تلك الأرض كلّها. وبعد خروجهما قدّموا إليه أَخرس به شيطان. فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس. فتعجّب الجموع قائلين: لم يظهر قطّ مثل هذا في إسرائيل. أمّا الفريسيون فقالوا: إنّه برئيس الشياطين يُخرِج الشياطين. وكان يسوع يطوف المدنَ كلّها والقرى ويُعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.

الساعون إلى السلام

"طوبى للساعين إلى السلام لأنّهم أبناء الله يُدعون" (متّى 5، 9).

في ظلّ ما يجري في بلادنا من حروب ونزاعات ومجازر حصدت مئات الآلاف من البشر، وشرّدت الملايين عن منازلهم وقراهم، لا بدّ من السعي إلى السلام. المسيحيّون مدعوون إلى الاقتداء بسيّدهم وفاديهم الربّ يسوع المسيح. فلا يجوز لأيّ ظرف أو حدث أن يمنعهم من إعادة التفكّر بالأصول الإنجيليّة الجليّة البيان، من حيث إنّ العمل في سبيل السلام هو في صلب الرسالة المسيحيّة، وإنّ كلّ انخراط مباشر في الحرب الطائفيّة أو المذهبيّة الدائرة إنّما هو خيانة فاضحة ليسوع المسيح وللإنجيل والكنيسة. كما أنّه لا يجوز للكنيسة أن تفقد صوتها النبويّ الصارخ بالحقّ من دون خوف من أحد.

السلام، وفق الكتاب المقدّس، ليس هو مجرّد انعدام الحرب أو انعدام العنف، بل هو متّصل اتّصالاً وثيقًا بالعدالة الاجتماعيّة. فالعنف لا يقتصر على العمليات الحربيّة والقتل والتفجير وحسب، بل هو أيضًا عدم ممارسة شريعة المحبّة تجاه الإخوة المحتاجين إلى معونتنا. فبقاء الجائع جائعًا، مثلاً، هو نوع من أنواع العنف. ليس ثمّة سلامٌ، إذًا، من دون الاهتمام بالفقير والمسكين والأرملة واليتيم والجائع والأسير والنازح والمشرّد والمظلوم... وكلّ مستضعَف ومعذَّب في الأرض. لذلك لا بدّ للساعي إلى السلام من العمل الدؤوب والمستمرّ في سبيل إغاثة المحتاجين، ولا يكتمل برّ أحد من دون هذا الالتزام المباشر بتحقيق العدالة الاجتماعيّة في مجتمعاتنا: "تعلّموا الإحسان واطلبوا العدل. أغيثوا المظلوم وأنصفوا اليتيم وحاموا عن الأرملة" (إشعيا 1، 17).

السلام يعني في الكتاب المقدّس انتفاء الحرب، وحلول الأمان، والازدهار الاقتصاديّ، وتوافر ضروريّات العيش الكريم مثل المأكل والمشرب والأمن والحماية والحرّيّة والعدالة والمساواة، ممّا يجلب للإنسان الطمأنينة وراحة البال. وما الحرب سوى نتيجة جشع الإنسان وكبريائه وطمعه وأنانيّته وشهوته المنحرفة: "من أين القتال والخصام بينكم؟ أما هي من أهوائكم المتصارعة في أجسادكم؟ تشتهون ولا تمتلكون فتقتلون. تحسدون وتعجزون أن تنالوا فتخاصمون وتقاتلون. أنتم محرومون لأنّكم لا تطلبون. وإن طلبتم فلا تنالون لأنّكم تسيئون الطلب لرغبتكم في الإنفاق على أهوائكم" (يعقوب 4، 1-3).

ينبذ العهد الجديد كلّ شكل من أشكال الحروب والعنف والانتقام. فالمسيح لم يدعُ إلى تأسيس كيان سياسيّ يعتمد على مبدأ العقاب لتحقيق العدالة والأمن، بل إلى تأسيس جماعة تصبو إلى المحبّة والسلام. فمبدأ المحبّة أقوى وأكثر فاعليّة من مبدأ السيف، لذلك قال يسوع لبطرس ليلة القبض عليه: "ردَّ سيفك إلى غمده، فمَن يأخذ بالسيف، بالسيف يهلك" (متّى 26، 52). وفي هذا السياق يسعنا الاستشهاد بما كتبه القدّيس بولس الرسول إلى أهل رومية: "لا تجازوا أحدًا شرًّا بشرّ. واجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس. سالموا جميع الناس إنْ أمكن، على قدر طاقتكم. لا تنتقموا لأنفسكم أيّها الأحبّاء، بل دعوا هذا لغضب الله... لا تدع الشرّ يغلبك، بل اغلب الشرّ بالخير"(12، 17-21).

لا ريب في أنّ العدالة ليست هي الهدف الأسمى في تعليم الربّ يسوع، بل هي مرحلة أولى في سبيل الوصول إلى الكمال الذي هو المحبّة. فالعدالة هي الحدّ الأدنى الذي ينبغي تجاوزه للوصول إلى لبّ تعليم يسوع، وهو المحبّة التي لا تطلب لنفسها شيئًا. وهو القائل في الموعظة على الجبل: "سمعتم أنّه قيل: عين بعين وسنّ بسنّ. أمّا أنا فأقول: لا تقاوموا مَن يسيء إليكم. مَن لطمك على خدّك الأيمن، فحوّل له الآخر. ومَن أراد أن يخاصمك ليأخذ ثوبك، فاترك له رداءك أيضًا. ومَن سخّرك ميلاً واحدًا، فامشِ معه ميلين. مَن طلب منك شيئًا فأعطِه، ومَن أراد أن يستعير منك شيئًا فلا تردّه خائبًا. سمعتم أنّه قيل: أحبّ قريبك وأبغض عدوّك. أمّا أنا فأقول: أحبّوا أعداءكم، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم" (متّى 5، 38-44). والمسيح نفسه علّمنا أن نغفر لـمَن أساء إلينا، كما غفر وهو مصلوب، إذ قال: "اغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يعرفون ما يعملون" (لوقا 23، 34). وامتثالاً بالسيّد المسيح يقول بولس ارسول: "نردّ الشتيمة بالبركة، والاضطهاد بالصبر" (كورنثس الأولى 4، 12).

السلام موقف داخليّ ينبع من قناعة راسخة بالإيمان بالربّ يسوع المخلّص الوحيد. فأوقات الشدّة والاضطهاد والحروب لا يمكنها أن تُفقد المؤمنين سلامهم الروحيّ والتزامهم بتعاليم الربّ. فلسان حالنا ما يقوله القدّيس بولس الرسول: "فمَن يفصلنا عن محبّة المسيح؟ أتفصلنا الشدّة أم الضيق أم الاضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟ فالكتاب يقول: من أجلك نحن نعاني الموت طوال النهار، ونُحسب كغنم للذبح. ولكنّنا في هذه الشدائد ننتصر كلّ الانتصار بالذي أحبّنا. وأنا على يقين أنّ لا الموت ولا الحياة، ولا الملائكة ولا رؤساء الملائكة، ولا الحاضر ولا المستقبل، ولا قوى السماء، ولا شيء في الخليقة كلّها يقدر أن يفصلنا عن محبّة الله في يسوع المسيح ربّنا" (رومية 8، 35-39).

رسامة الشماس اسحق

رئس سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس القداس الإلهي في كنيسة ميلاد السيدة في المنصورية (المتن) وتمّت خلال القداس رسامة اسحق وهبه شماسا إنجيليا. الشماس الجديد متزوج. ولد سنة ١٩٨٧، حاصل على إجازة في الأدب العربي ثم تخرّج من معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند بإجازة في اللاهوت وهو ينهي هذه السنة دراسة الماستر. قال سيادته في العظة:

أخي الشّماس اسحق يا اخوة، هذه الخدمة كانت تأكيدًا على أنّك خادم. ليس في الكنيسة الا خداما فقط، المطران خادم، البطريرك خادم لأن الذي غسل أرجل التلاميذ علّمنا جميعًا انّنا غَسَلَةُ أرجلٍ ليس أكثر. نحن نعلّي كلّ إنسان فوق رؤوسنا. الخدمة في المسيحية يا إخوة أنّ نحبّ بعضنا بعضـًا.

دَعونا هذا الشاب إلى الشموسيّة، التي تعني في اللغة اليونانية الخادم، ليكون خادمًا حسب قول السيد: "ما جئت لأُخدَم بل لأخدم وابذل نفسي فديةً عن كثيرين". ما صنعه الرب يسوع انه تواضع حتى الموت ليرفعنا جميعا إلى الحياة الأبدية. ونحن جئنا لنموت من أجل الإخوة في الخدمة، في العطاء، في المحبة، في الإخلاص. أنت لو بقيت شماسًا أو صرت كاهنًا إفهم مرةً واحدة أنك لست بشيء كما أنا لست بشيء، الله يجعلك شيئًا إن صارت لك أعمال صالحة، بلا أعمال صالحة أنت من لحم ودم كما ولدتك أمّك. بالمحبة، بالإيمان بالإخلاص، بالطهارة تصير شيئًا. النعمة تصيّرك شيئا، أنت ثمرة النعمة أيّ عطاء الله، أنت لست عطاء أمّك وابيك، معنى ذلك أن عليك ان تدرس كلمة الله، ليس بالكلام أو بالترتيل في الكنيسة بل إن تناولت الله، إن أخذت جسد المسيح وشربت دمه وعندما تأكل المسيح، إذا كنت مؤمنًا، يصبح المسيح أنت بنعمته ورحمته يأخذك ويضمك فتصبح أنت مسيحًا لأنك تصبح مندمجًا معه. هذا الأمر يصير في العمق في القلب في داخل نفسك ليس في الخدمة والترتيل ولبس الحلل الكهنوتية. عندما تظنّ نفسك أنّك تأكل المسيح يكون هو من يأكلك لأنّك لست بشيء، يضمّك إليه فتصبح مؤهّلا أنّ تكون إلهًا هكذا قال الله "أنتم آلهة". لكنّ هذا الأمر يتطلب جهدا وعملا وطهارة  كبيرة وإخلاصا. لا صلواتك ولا ترتيلك ولا خدمتك تجعلك مسيحيًا، بل قلبك إذا أعطيته للمسيح يجعلك مسيحيًا إذا قلت للسيد تعال وخذ قلبي واجعله لك مسكنًا فأنا لا أبتغي شيئًا لا عواطف لا مصالح لا أريد شيئًا من هذه الدنيا.

وفاة الأب مطانيوس (عطية)

رقد على رجاء القيامة الأب مطانيوس (عطية) كاهن رعية مار الياس - سن الفيل منذ ٤٣ سنة. وُلد الاب مطانيوس في قطينة/حمص سنة ١٩٣٤ وهو متزوج وأب لستة أبناء وبنات. سيم شماسًا ثم كاهنًا سنة ١٩٦٠ في حمص بوضع يد المثلث الرحمة المطران الكسندروس (جحا). أقيمت خدمة جناز الكهنة يوم الاربعاء في ١٦ تموز ظهرًا ثم الجناز برئاسة سيادة راعي الابرشية المطران جاورجيوس في الرابعة والنصف بعد الظهر بحضور العديد من الكهنة وحشد من المؤمنين. وري الثرى في مدافن الكنيسة.

ألقى سيادته العظة التالية: كاهنًا عظيما يكون من ولد كهنة آخرين ويعني ذلك انه يحب الخدمة ولا يحب نفسه فقط. هذا الأخ الطيب الممنوح نعمة الروح القدس كان بينكم محبا ليسوع وأخذ الكثير من أبنائنا عنه واقتربوا من يسوع بسبب من هديه.

من هو الكاهن الكبير؟ هو الذي ينسى نفسه ورغباته كلها ويأتي بأبنائه الروحيين الى المخلّص لكي يعرفوا المخلّص لا لكي يعرفوا الكاهن. الكاهن خادم على غرار معلمه "ما جئت لأُخدَم بل لأخْدُم وأبذل نفسي فدية عن كثيرين". ان تخدم هو ان تموت، أن تفني مصالحك وملذاتك ومجدك الباطل، والكاهن مغرى بالمجد، لذلك كان عليه ان يدوسه لكي يُمَجّد الله وحده بيننا. الخوري انطونيوس كان خادما مبذولا منسحقا لكنيسة الله في هذه المنطقة، اي أراد أبناء هذه الرعية ان يكونوا للمسيح. ما أرادهم ان يكونوا له، هو لم يكن بشيء، لم يعرف نفسه شيئًا. واذا ظن الكاهن انه شيء لا يتجلى المسيح عنده. على الكاهن ان يختفي، على كل منا ان يختفي بالتواضع لكي يظهر المسيح. ولد اولادا لله عرفنا تقواهم وعرفنا غيرتهم وشعروا ان هذا ما أتى به من بيت أبيه، هذا نزل عليه من فوق. هو بذل ما استلم ولذلك نرجو ان يقول له المخلص اليوم: يا انطونيوس كنت أمينا على القليل فسأجعلك أمينا على الكثير، ادخل الى فرح ربك. سلّم نفسه للرب بتواضع، بمعرفته الصلاة، بتضحياته في سبيل خراف المسيح. كان يعرف انها خراف المسيح وليست خرافه هو، ولذلك دعي اليوم الى ان يكون من هذه الخراف في السماء.

يا إخوة، قلّما ينتبه المؤمنون الى كاهنهم ليحبّوه، هم يطلبون خدمته الروحية وهذا حسن. ولكن هل عرفوا ما وراء هذه الخدمة من عطاء، من تضحيات، من بذل النفس للمسيح؟ يخيّل الي ان الكاهن لا يأخذ اجرته، بالمعنى الروحي، كما يليق به. ينساه الكثيرون ولا يقدره الأكثرون. ولكنه يعرف ان معلمه هو يسوع. وهو ليس مدينا لأحد وليس عبدا لأحد. هو مستقر في الرب يسوع، عائش به ومنه. ينمو بنعمته، يتكل في أوجاعه عليه، يعود اليه في البكاء مرات كثيرة، وفي الرجاء دائما. ويعرف بأنه مكلّف بخدمة الرعية وقد لا تعرفه كثيرا. مكلّف بخدمة، يحسب نفسه كلا شيء، يعرف انه تحت الأمر، تحت أمر المخلّص. لذلك يبقى ويستمر لأنه يعرف ان موضعه هو المسيح، وليس أنتم، وانتم لستم بشيء، مرجعه هو المسيح وهذا يكفيه تعزية. من كان عنده المسيح لا يحتاج إلى إنسان آخر. هو متمكن لأنه قائم على صخر "أنت صخرة وعلى هذه الصخرة ابني بيعتي".

أنت يا أخي الخوري انطونيوس، استقللت عن هذه الدنيا وذهبت الى الحبيب الذي أرادك خادما له في كنيسة الأرض ويجعلك الآن مرتلا في كنيسة السماء. اذهب وسلّم على من نحب ويحبوننا في السماء بيسوع المسيح. ألا كان الله معك في هذه الرحلة المطيبة بالروح القدس وعزانا بما ورثنا عنك من قدوة طيبة، وأقامك بين الأبرار الى الأبد. ألا كان الله معك. آمين.

Last Updated on Friday, 18 July 2014 16:39