ocaml1.gif
العدد 36: عرس الحَمَل Print
Sunday, 06 September 2015 00:00
Share

تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد 6 أيلول 2015  العدد 36

الأحد الرابع عشر بعد العنصرة

أعجوبة رئيس الملائكة ميخائيل في كولوسي

logo raiat web



كلمة الراعي

عرس الحَمَل

فيما كان السيّد قريبًا من آلامه، قال هذا المثَل المأساة. تحدّث عن ملك يقيم عرسًا لابنه. الملك هو الله الآب، وابنه هو يسوع المسيح، والعرس هو موت المسيح. هذا تمّ على تلّة الجلجلة واكتمل الخلاص وبدأ فرح الانسان برّبه، وفرح الانسان بإمكان تطهّره من الخطيئة وبإمكان صعوده إلى الله.

 هذا هو العرس، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في سفر الرؤيا: "طوبى للمدعوّين إلى عشاء عُرس الحمَل" (١٩: ٩). الحمَل هو المسيح المذبوح، والعشاء هو العشاء السرّي، القداس الإلهي. عُرس المسيح معنا يتجدد بدمه الذي نشربه من الكأس المقدسة.

لماذا قال يسوع هذا المثل؟ ليقول لنا ان أول المدعوّين الذين كان من المفروض ان يكونوا حاضرين رفضوا الدعوة، وأَعني بهم أُمّة اليهود التي لم يتحدّث الله الا اليها في القديم. وكان كلام الله دعوة لتتوب. أَرسل إليهم نبيّا وراء نبيّ، وجاء بكتاب من بعد كتاب، ولكنهم فضّلوا أنفسهم على الله. فإنهم كما قال الرسول بولس: "لم يخضعوا لبرّ الله، ولكنهم يطلبون أن يُقيموا برّ أنفسهم" (روميه 10: 3)، أي انهم ادّعوا أن رسالة الله إنما هي ملكٌ لهم يستأثرون به.

الأُمّة العبرانية كانت أول أُمّة تُدعى لكونها مؤمنة بالله الواحد، ولكنها رفضت الله إذ رفضت مسيحه. عندئذ ذهبت الكلمة إلى الأمم، إلى الوثنيين، بالبشارة. لذلك قال الملك لعبيده: "اذهبوا إلى مفارق الطرق وكل من وجدتموه فادْعوه إلى العرس".

القضية ليست فقط قضية مدعوّين رفضوا وآخرين قبلوا الدعوة، ولكنها قضية كل انسان. المسيحي أيضًـا يعتذر عن الحضور لأنه يتعاطى تجارة أو اشترى أرضًـا أو لكونه قد تزوج كما جاء في الإنجيل في موضع آخر.

هذا المثل موجّه إلى كل منا. كل واحد سمّى نفسه مسيحيا هو مدعوّ دائما إلى عرس المسيح، كل نفس معمَّدة هي عروس ليسوع. القضية ان نترك كل شيء وأن ندخل إلى غرفة العرس مع المسيح.

"كيف دخلت إلى ههنا وليس عليك لباس العرس؟". كل نفس عروس المسيح لأنه يدعوها. كيف تستقبله ولا تتهيأ؟ هل لها ان تنسى أنها عروس؟ أليس هذا امتهانا أو ازدراء بمن دعا؟ بلا هذا العريس ماذا لها؟ هل هي مهيّأة بالحب أو بالشوق؟ أما كانت تعرف ان كل مصيرها يبدأ بهذا العرس؟

هل نحن مُدركون أن علاقتنا بالمسيح تبدأ بعرس أي بقبول الزواج به، وأن ليس لنا زوج آخر؟ كل علاقة دون الزواج أي الالتصاق الكامل بالآخر هي حُلم. واذا كان الرب يسوع تزوّج النفس، فليس لها زوج آخر. والمعنى انه الزوج الذي يكفيك وليس عليه مزيد.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)


الرسالة: 2 كورنثوس 1: 21- 2: 4

يا إخوة، ان الذي يثبّتنا معكم في المسيح وقد مَسحَنا هو الله، الذي ختمَنا أيضا وأعطى عربون الروح في قلوبنا. واني أَستشهد الله على نفسي اني لإشفاقي عليكم لم آتِ أيضا إلى كورنثوس، لا لأنّا نسود على إيمانكم بل نحن أعوان سروركم لأنكم ثابتون على الإيمان. وقد جزمتُ بهذا في نفسي أَن لا آتيكم أيضا في غمٍّ، لأني إن كنتُ أُغـمّكم فمَن الذي يسرّني غير من أُسبب له الغم؟ وانما كتبتُ لكم هذا بعينه لئلا ينالني عند قدومي غمٌّ ممّن كان ينبغي أن افرح بهم. واني لواثق بجميعكم أن فرحي هو فرح جميعكم. فانّي من شدّة كآبة وكربِ قلبٍ كتبتُ اليكم بدموع كثيرة لا لتغتمّوا بل لتعرفوا ما عندي من المحبة بالأكثر لكم.

الإنجيل: متى 22: 1-14

قال الرب هذا المثل: يُشبه ملكوت السماوات إنسانا ملكا صنع عرسا لابنه. فأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس، فلم يُريدوا أن يأتوا. فأرسل أيضا عبيدًا آخرين وقال: قولوا للمدعوّين هوذا غدائي قد أعددتُه، ثيراني ومسمّناتي قد ذُبحتْ، وكل شيء مُهيّأ، فهلمّوا إلى العرس. ولكنهم تهاونوا، فذهب بعضهم إلى حقله وبعضهم إلى تجارته، والباقون قبضوا على عبيده وشتموهم وقتلوهم. فلما سمع الملك غضب وأَرسل جنوده فأهلك أولئك القتلة وأَحرق مدينتهم. حينئذ قال لعبيده: اما العرس فمُعدّ واما المدعوون فلم يكونوا مستحقّين. فاذهبوا إلى مفارق الطرق وكل من وجدتموه فادعوه إلى العرس. فخرج أولئك العبيد إلى الطرق فجمعوا كل مَن وجدوا من أشرار وصالحين، فحفل العرس بالمتّكئين. فلما دخل الملك لينظر المتّكئين، رأى هناك إنسانًا لم يكن لابسًا لباس العرس. فقال له: يا صاح كيف دخلتَ إلى ههنا وليس عليك لباس العرس. فصمت. حينئذ قال الملك للخُدام: أوثِقوا يديه ورجليه وخذوه واطرحوه في الظلمة البرانية، هناك يكون البكاء وصريف الأسنان، لأن المدعوّين كثيرون والمختارين قليلون.

الإيمان هو الثقة بما يُرجى...

"وأمّا الإيمان فهو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عبرانيّين 11: 1). يكرّس كاتب الرسالة إلى العبرانيّين الفصل الحادي عشر من رسالته للحديث عن إيمان الآباء في العهد القديم، الذين آمنوا بالله قبل مجيء ربّنا يسوع المسيح، فعُدّ لهم هذا الإيمان "شهادة لهم" (عبرانيّين 11: 2). ولكنّ الرسول بولس يستدرك في ختام هذا الفصل مؤكّدًا أنّ كلّ الأبرار والصدّيقين الذين شُهد لهم بالإيمان في العهد القديم "لم ينالوا الموعد، إذ سبق الله فنظر لنا شيئًا أفضل، لكي لا يَكمُلوا بدوننا" (عبرانيّين 11: 39-40). قدّيسو العهد القديم انتظروا مجيء الكامل، الربّ يسوع المسيح، كي يصبحوا مكمَّلين عبر الخلاص الذي أَتمّه الربّ على الصليب وبقيامته المجيدة من بين الأموات.

يظهر لنا عبر قراءتنا للأسماء والوقائع الوارد ذكرُها في الفصل موضوع تأمّلنا اليوم أنّ الذين كانوا قبل الشريعة، نوح وإبراهيم وسواهما، وتحت الشريعة، معظم الأنبياء والأبرار، قد صاروا بالإيمان أحبّاء الله. هم جميعهم يعلنون قوّة الإيمان، الإيمان الذي حقّق ما عجزت عن تحقيقه الشريعة. لقد أراد كاتب الرسالة أن يُظهر لليهود الذين يجادلونه في مسألة المفاضلة ما بين الشريعة والإيمان، إذ كان اليهود يَرون أنّ التبرير لا يتمّ إلاّ بالشريعة وبالعمل بمقتضياتها، أمّا الرسول بولس، ومن بعده المسيحيّون، فلا يرون التبرير إلاّ بالإيمان بالربّ يسوع المسيح الفادي.

في هذا السياق، يقول القدّيس لاون الكبير أسقف رومية (+461) مؤكّدًا انتهاء زمن الشريعة وبدء عهد جديد، عهد الإيمان بالربّ يسوع: "إفرحوا لأنّ ظلال العهد القديم التي كانت تحجُب شهادات الأنبياء برزت للملأ في سرّ آلام الربّ. وبالنتيجة، فأنواع الذبائح المختلفة قد انتهت. فالختانة وتصنيف الأطعمة بين دنسة وطاهرة، والراحة في السبوت، وذبح الحَمَل الفصحيّ، قد بطلت، لأنّ الشريعة أُعطيت على يد موسى أمّا النعمة والحقّ فبيسوع المسيح كانا (يوحنّا 1: 17)". ويتابع لاون الكبير كلامه قائلاً: "جاءت الرموز أوّلاً، ومن ثمّ تمّ تحقيقها. وعندما أتى الحقّ المعلن، ما عادت هناك حاجة للنُذر والبشراء (قصده الأنبياء). إنّ مصالحة النسل البشريّ تمّت، بحيث إنّ خلاص المسيح صار متاحًا لكلّ الأجيال تحت التبرير عينه".

ينبغي ألاّ ننسى ارتباط الإيمان بالرجاء، فـ"الإيمان هو الثقة بما يُرجى" كما يقول الرسول بولس. فبدون الرجاء يستحيل الإيمان، وهذا ما أكّد عليه آباء الكنيسة كافّة. فأُغسطينُس المغبوط أُسقف هيبون (+430) يقول في هذا الصدد: "الإيمان يثبت في النهاية، إلاّ أنّ إيماننا رمز للمرتجى. الإيمان لا يخزى، لأنّه قائم على الرجاء. أَبْعِدِ الرجاء، يتعثّر الإيمان. أمّا إذا أبعدتَ المحبّة عن الرجاء والإيمان، فما هي جدوى الإيمان، وما هي جدوى الرجاء؟ لا يمكنك أن ترجو شيئًا إن كنتَ لا تحبّ. المحبّة تضيء الرجاء، والرجاء يسطع بالمحبّة". كلام أُغسطينُس يذكّرنا بقول الرسول بولس في نشيده عن المحبّة: "أمّا الآن فيثبت: الإيمان والرجاء والمحبّة، هذه الثلاثة، ولكنّ أعظمهنّ المحبّة" (كورنثوس الأولى 13: 13).

تعقيبًا على قول بولس الرسول: "وأمّا الإيمان فهو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى"، يعتبر القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (+407) أنّ "البرهان إنّما هو البيّنة الواضحة (الدليل الواضح). أمّا الإيمان فهو رؤية ما ليس جليًّا، يجعل ما لا نراه ماثلاً أمام العينين. فمن المستحيل أن لا نؤمن بما يُرى، ولا يكون إيمان إلاّ إذا وثق المرء بما لا يُرى أكثر ممّا يُرى. ولـمّا كانت مواضيع الرجاء لا قوام لها، فإنّ الإيمان يأتي ليعطيها قوامًا". كما يعتبر القدّيس الذهبيّ الفم أنّ "الإيمان يحتاج إلى نفسٍ شُجاعة، قويّة، مقدامة، ترتفع فوق المحسوسات وتتجاوز ضعف التفكير البشريّ. لا يمكن أن تكون مؤمنًا إلاّ إذا ارتفعت نفسُك فوق العادات السائدة (...) فالذي لا يؤمن لا يمكنه أن يملك شجاعة في نفسه".

يتساءل المؤرّخ والمفكّر الأرثوذكسيّ روفينوس الأكويليانيّ (+411): "فهل من العجب عندما نأتي إلى الله أن نتسلّح أوّلاً بالإيمان به؟". وهو نفسه يجيب على هذا السؤال مؤكّدًا أنّه لا يمكن القيام بأيّ شيء ما لم يسبقه الإيمان، ويعطي أمثلة على ذلك فيقول: "ما من أحد يغطس في البحر دون خشية المياه العميقة إلاّ إذا آمن أوّلاً بأنّه سينعم برحلة آمنة. المزارع لا يبذر بذره في الأثلام إلاّ إذا آمن بأنّ المطر ودفء الشمس والرياح الموأتية تُخصب الأرض وتُنضج الثمار. فما من شيء في الحياة يسري بدون إيمان".

يرى الآباء القدّيسون أنّ الكنيسة هي الحصن القويّ الذي يحفظ الإيمان الحقيقيّ، والذي يؤدّي إلى الحياة الأبديّة. يقول القدّيس لاون الكبير: "إنّ الإيمان القويّ والحقيقيّ هو حصن منيع. لا يضاف إليه شيء، ولا يؤخذ منه. ولا يكون إيمانًا حقيقيًّا إلاّ إذا كان واحدًا، كما يقول الرسول: ربّ واحد وإيمان واحد ومعموديّة واحدة، وإله واحد أبٌ للجميع وفوقهم، يعمل فيهم جميعًا وهو فيهم جميعًا (أفسس 4: 5-6). تمسّكوا بهذه الوحدة، أيّها الأحبّة، وعقولكم ثابتة، وجدّوا في إثرها بقداسة وإيمان. اعملوا بوصايا الربّ بإيمان يرضي الله".

رقاد الأمّ سلام الرئيسة السابقة لدير مار يعقوب-ددّة

رقدت بالرب على رجاء القيامة الأُمّ سلام (قدسية)، الرئيسة السابقة والمؤسسة في أوائل الخمسينات من القرن العشرين للرهبنة الحالية في دير مار يعقوب الفارسي المقطّع في دده، الكورة.

أقيمت صلاة الجناز في الدير يوم الثلاثاء في ١٨ آب ٢٠١٥ بحضور ممثل صاحب الغبطة الأسقف غريغوريوس والسادة المطارنة جورج راعي هذه الأبرشية، الياس راعي أبرشية بيروت، وأفرام راعي أبرشية طرابلس، والعديد من الكهنة، إلى حشد من المؤمنين. ألقى المطران جورج العظة التالية:

                "سلامًا لكم، سلامي أعطيكم" (يوحنا 14: 27)،

                الإخوة أصحاب السيادة، يا أحبّة،

هذه الطيّبة التي نودّع الآن أرادت أن تحقّق سلامًا بينها وبين الله، ونرجو أن تكون قد صنعتْ ذلك صُنعًا طيّبًا.

هذه الرهبانيّة التي نحن في كنفها الآن سطعت في محبّة المسيح وفي المعرفة. أُعطيت هذا. كلّ نعمة هي من الآب تنزل على البشر لأنّه يُحبهم. ليس لأنّهم شيء. هذه المرأة أَحبّت الربّ يسوع حبًّا كبيرًا.

ما الرهبانيّة؟ إذا أردتم حقيقتها لا شكلها. صورتها معروفة لديكم. لكن في حقيقتها هي فقط وحتمًا محبّةٌ ليسوع المسيح. الراهب ليس من حيث هو أفضل من الناس. التقوى موزّعة هنا وهناك، ولا تحتاج إلى شكل من أشكال الوجود الكنسيّ. القداسة ليس فيها انتظام. هي تنزل من فوق فقط. لكن على المرء أن يسعى.

هذه التي نودّعها سعت إلى أن تكون قريبة من المخلّص، بقدر ما سمحتْ لها خطاياها، وبقدر ما أُعطيت من زهود من فوق. مشكلتنا أنّنا غرقى في الخطايا. وحلاوتنا أنّنا نسعى إلى تجاوُزها. هذه إذًا كانت بين الخطيئة والمسعى. ونرجو الربّ يسوع أن يغضّ النظر عن أخطائها، وأن يرى فقط إلى مساعيها، أي إلى محبّتها إيّاه.

الانسان يحيا فقط بمحبّة المسيح إيّاه، اذ ليس عندنا شيء. نحن تراب، ويجب أن نتذكّر ذلك دائمًا في كلّ حين، وإذا ارتفعنا روحيًّا، ألاّ ننسى أنّنا تراب. تذهب إلى التراب. ولكنّ الربّ يرفعها إلى فوق التراب، إلى رؤيته. هو يراها مجمّلة بالروح القدس، ويغضّ النظر عن خطاياها. لذلك نحن مشدودون إليها بسبب من النعمة التي انسكبت في قلبها. نحن مشدودون إلى من أحبّ يسوع. نحن له. وله فقط.

هذه الحفنة من الراهبات اللواتي هنّ في هذا المكان، ما هي؟ ما جوهرها؟ واقعها الأرضيّ تعبٌ ككلّ واقع في الأرض. الناس تراب. الراهبات تراب. لكن ماذا يرى الله هذا هو الموضوع. هذا هو كلّ شيء.

ما الراهب؟ في التحديد الكنسيّ الدقيق، ما هو؟ هو إنسان قال مرّة في أيّام صباه، على ما أرجو، قال في ذاته أنا أترك كلّ جمالات العالم. والعالم جميل جدًّا، وجذّاب جدًّا. أنا أترك كلّ إغراء العالم فقيرًا، وليس عندي جسد في الحقيقة، أو ما استفدتُ من هذا الجسد. أترك كلّ شيء لأُحبّ يسوع. مرّة قلت لبعض العلماء الذين كانوا يناقشونني، وهم من غير ديانتنا، قلت لهم: الديانات تنظيم وقواعد وقوانين ورئاسات. نحن في المسيحيّة لسنا بتنظيم. قالوا: ماذا إذًا؟ من أنتم؟ قلت لهم: نحن لسنا ديانة. نحن حُبٌّ فقط. إذا استطعتم أن تفهموا هذا، تكونون قد بلغتم الأقصى في جهادكم في هذه الدنيا.

رجاؤنا أنَّ هذه الأخت التي جعلناها الآن في حضرة الربّ، رجاؤنا أنّها وصلت. هذا المهمّ. هذا دعاؤنا. وإن لم تصل كلّيًّا، فنستمرّ في الدعاء، لكي يتقبلّها الله في رحمته الواسعة، ويقول لها: لقد كنتِ ناقصة في الحياة الرهبانيّة -كلّ راهب ناقص مثل كلّ البشر- لكنّي أقول اُدخلي الآن إلى فرح ربّك. أنتِ لا تدخلين بجهودك. ما من جهد في الدنيا يُدخل الإنسان الملكوت. يُقربّه من الملكوت. لكنّه يدخل فقط بالحنان الإلهيّ. الله يحبّ الإنسان، وبعثَ بابنه من أجل الإنسان. ما هذه الديانة التي تقول إنَّ الله جعل ابنه إنسانًا لكي يموت! بالفهم الفلسفيّ عندنا، الله مات بالجسد، وانبعث بالجسد، لكي يبعثنا نحن معه.

أقول للراهبات هنا: خُذن من أختكنّ هذه أجمل ما عندها. ينبغي أن ننسى جميعًا المآخذ التي ربّما كانت عليها، وأن ننظر فقط إلى البهاء الروحيّ الذي كان يجلّلها. إنسين ضعفاتها. وتمسّكن بالنور الذي كان يضيئها. هذا نور الله.

وإذا دُفنتْ في التراب تفهمن أنَّ البهاء الذي كان ساطعًا فيها ورثناه نحن الذين عرفناها. وأرجو الله ألاّ يجعلنا ذاكرين إلاّ فضائل أَحبّته. هم وجهُه. الله ليس عنده وجهٌ بشري. ليس عنده لحم ودم. يُطلّ اللهُ بوجوه أحبّائه. ليس لديه إطلاله أخرى. يطلّ الآن بعد أن صعد الربّ إلى السماء بوجوه أحبّائه. إنّهم نوره. إنّهم الضياء.

سلامٌ عليك، فيما أنتِ ذاهبةٌ إلى ملكوت ربّك. اذكُرينا نحن لأنّنا لا نزال على ضعفنا. سنصلّي من أجلك. مع ذلك صلّي أنت أيضًا من أجلنا، لكي نبقى واحدًا معك وأنت في الملكوت، ونحن تحت الرحمة".

من أراد معلومات عن الدير وتاريخه ونشوء الرهبنة الحالية وعملها ونشاطها، يجدها في موقع أبرشية طرابلس والكورة www.archtripoli.com

Last Updated on Tuesday, 01 September 2015 16:18