ocaml1.gif
العدد ١١: صحة النفس والجسد Print
Sunday, 12 March 2017 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ١٢ آذار ٢٠١٧ العدد ١١ 

الأحد الثاني من الصوم

القديس غريغوريوس بالاماس

logo raiat web

كلمة الراعي

صحة النفس والجسد

بعد ان كان السيّد يتجوّل في الجليل عاد إلى كفرناحوم عند بحيرة طبريَّا - وهي المدينة التي سكنها بعد الناصرة - وكان يعظ النَّاس بكلمة الله. يعرف انهم جائعون، ليس فقط إلى الخبز، بل بالدّرجة الأولى إلى هذا الكلام الذي ينقذهم من خطاياهم.

ومع ان شغله الشّاغل كان الكلمة، كان يتحنّن على الفقراء والمرضى لأن الشّفاء كان يكشف لهم ان ملكوت الله قد دنا. أتوا اليه بمخلّع ودلّوه من السقف بسبب الازدحام. لمّا رأى يسوع إيمان الّذين كانوا يحملون المريض شفاه في الحال قائلًا: «يا بنيّ مغفورةٌ لك خطاياك».

جاء المخلّع يطلب صحّة وما أعطاه يسوع صحّة في البدء، لكنّه أعطاه ما هو فوق ذلك وأهم. كشف له ان الله غفور وان المهمّ هو أن يحصل على رضى الله. تذمّر اليهود لأنهم ظنّوا ان يسوع يجدّف لأنه نسب لنفسه ما هو لله. «من يقدر أن يغفر الخطايا الا الله وحده؟» ولكن إثباتًا لهم انه الله وانه يستطيع كلّ شيء قال للمريض: «قُم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك».

في مكان آخر قال يسوع للمخلّع الذي شفاه: «شفيتَ الآن فلا تخطئ لئلّا يكون لك أشرّ» (يوحنا ٥: ١٤). هل يعني هذا ان الخطيئة تسبّب المرض؟ تذكرون عجيبة من وُلد أعمى في إنجيل يوحنا. عندما سُئل السيّد عنه: أهذا أخطأ أم أبواه؟ قال لهم: لا هذا أخطأ ولا أبواه ولكن لتظهر أعمال الله فيه» (يوحنا ٩: ٣). أي ليس كلّ مريض أصابه المرض بسبب الخطيئة. لذلك القول الشعبي: فلان لا يستحقّ، غير مبرّر إنجيليًا. المرض ليس قصاصًا. يأتي المرض لأسباب طبيعية «لا هذا أخطأ ولا أبواه».

تعليمنا ان كلّ تأخّر وكلّ سقوط في الحياة الطبيعية ناتج عن الخطيئة العامّة الموجودة في الكون. كلّ انحدار في الجسد، كلّ موت مرتبط بالخطيئة ولكن هذا لا يعني ان هذا الإنسان الذي مرِض ارتكب خطيئة عاقبه الله عليها فمرض. هذا ليس تعليم الكنيسة. كم من الخطأة يسرحون ويمرحون وصحّتهم ممتازة وكم من الأبرار مرضى. ليس من تلازم بين الخطيئة والمرض ولكن مَن مرضَ يجب ان يتذكّر الله. 

المرض يمكن ان يكون نوع من الدقّ على باب الإنسان. الله يقرع عليه الباب لكي يذكّره بضرورة التوبة. نوع من التنبيه أو من الافتقاد. المرض افتقاد إلهيّ وليس بعقاب بالرّغم من انّه متّصل بالخطيئة الكونيّة، بالشرّ المتفشّي في العالم. ان الله يعطي عافية بعد المرض. ليس فقط عافية جسديّة، بل عافية روحيّة تشمل كلّ وجودنا. من هنا ان المريض المسيحيّ لا يتذمّر بل يزداد اقترابًا من الربّ.

من هنا أيضًا نقول في الكنيسة عند المناولة: «يُناول عبد الله فلان جسد ودم ربنا ومخلّصنا يسوع المسيح لشفاء النفس والجسد». العافية الكاملة للنفس والجسد. لذلك نقول بالعاميّة: «صحتين» نتمنى عافية جسديّة وعافية روحيّة أي ان يكون الإنسان معافى بالجسد وبالرّوح أي معافى من الخطيئة، معافى من السقوط. هذا ما نطلبه نحن المؤمنين.

لا بدّ ان يقوى إيماننا بالصلاة، وإذا قوي إيماننا بالمسيح نتغلّب على السقوط الذي يصيب الإنسان من جرّاء المرض، ونتغلّب على اليأس الذي يصيب الإنسان من جرّاء الخطيئة حتى نكون ناهضين منها كما نهض المسيح من بين الأموات.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

 

الرسالة: عبرانيين ١: ١٠-١٤، ٢: ١-٣

أنت يا رب في البدء أسستَ الأرض، والسماواتُ هي صُنْعُ يديك، وهي تزول وأنت تبقى، وكلها تبلى كالثوب وتطويها كالرداء فتتغير، وأنت أنت وسِنوك لن تفنى. ولمن من الملائكة قال قط: اجلسْ عن يميني حتى أَجعل أعداءك موطئا لقدميك؟ أليسوا جميعُهم أرواحا خادمة تُرسَل للخدمة من أجل الذين سيرثون الخلاص؟ فلذلك يجب علينا أن نُصغي إلى ما سمعناه إصغاءً أشدّ لئلا يسرب من أَذهاننا. فإنها إن كانت الكلمة التي نُطق بها على ألسنة ملائكة قد ثَبَتَت، وكلّ تعدّ ومعصية نال جزاء عدلاً، فكيف نُفلتُ نحن إن أهملنا خلاصا عظيما كهذا قد ابتدأ النُطقُ به على لسان الرب ثم ثبّتَهُ لنا الذين سمعوه؟

 

الإنجيل: مرقس ٢: ١-١٢

في ذلك الزمان دخل يسوع كفرناحوم وسُمع أنه في بيت. فللوقت اجتمع كثيرون حتى انه لم يعد موضع ولا ما حول الباب يسع، وكان يخاطبهم بالكلمة. فأَتوا اليه بمخلّع يحملهُ أربعة، واذ لم يقدروا أن يقتربوا اليه لسبب الجمع، كشفوا السقف حيث كان، وبعدما نقبوه دلّوا السرير الذي كان المخلّع مضطجعا عليه. فلما رأى يسوع إيمانهم، قال للمخلع: يا بنيّ، مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة جالسين هناك يُفكّرون في قلوبهم: ما بال هذا يتكلم هكذا بالتجديف؟ من يقدر أن يغفر الخطايا الا الله وحده؟ فللوقت علم يسوع بروحه أنهم يفكّرون هكذا في أنفسهم فقال لهم: لماذا تفكّرون بهذا في قلوبكم؟ ما الأيسر، أأن يُقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يُقال قم واحمل سريرك وامش؟ ولكن لكي تعلموا أن ابن البشر له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا، قال للمخلع: لك أقول قُم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل سريره وخرج أمام الجميع حتى دهش كلهم ومجَّدوا الله قائلين: ما رأينا مثل هذا قط.

 

نشيد عمانوئيل «معنا هو الله»

تحوي صلاة النوم الكبرى التي ترافق أيام الصوم الكبير الكثير من التراتيل المحبوبة والمعروفة من معظم المؤمنين الذين يأتون يوميًا إلى الكنيسة لتسبيح الله وللاغتذاء من الصلاة بدلاً من الطعام، تحقيقًا لما قاله الربّ لمجرّبه «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله» (متى ٤: ٤). من هذه التراتيل عندنا نشيد عمانوئيل، معنا هو الله، الذي تردده الجوقة على شكل آيات مأخوذة من الكتاب المقدس، وتنهي كل آية باللازمة: لأنّ الله معنا.

اختيرت آيات هذا النشيد من الاصحاحين الثامن والتاسع من سفر أشعياء النبي. نجد في هذين الاصحاحين مقارنة بين قسمين من شعب الله. ففي تلك الفترة، القرن الثامن قبل المسيح، كان الوضع السياسي معقّد جدًّا وكان اليهود منقسمين إلى مملكتين، مملكة الشمال ومملكة الجنوب، وكانت أجواء الحرب تحيط بهم من الأشوريين شمالاً ومن المصريين جنوبًا، وكان وضع الملوك دينيًا سيئًا جدًّا إذ قاموا بالمزج بين عبادة الله وعبادة الأوثان.

في هذا الجو، كان الشعب خائفًا على مصيره ويبحث عن ملجئ يحتمي به وقوة تعينه فدخل الشك وضعف الإيمان إلى كثيرين وضَعُفَ الاتكال على الله وشريعته وتعاليمه. ما عاد الله مصدر القوة والثقة والثبات، اصبح الايمان أمرًا مؤجّلاً، ثانويًّا، وأصبح التحالف السياسي والعسكري، وإن كان على حساب الايمان والعبادة المستقيمة، هو الغاية المنشودة.

في هذه الأوضاع أتى اشعياء، حاملاً كلمة الله وتعاليمه وشريعته، يواجه الملوك وانحرافات الشعب ويوبّخهم ويحاول أن يعيدهم عن ضلالهم. يوبّخ الشعب الذي «رذل مياه سلوام الجاريّة» (إشعياء ٨: ٦)، حسب تعبيره، أي الذي ابتعد عن كلمة الله المحييّة، الشعب الذي لجأ إلى العرّافين والمشعوذين، ويقول فيهم: «ألا يسأل شعب إلهه؟ أيسأل الموتى لأجل الأحياء؟» (إشعياء ٨: ١٩). ويحذّرهم أشعياء ليعودوا إلى الشريعة وإلى الشهادة الحق، وإن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر، فيعبرون مضايَقين وجائعين، ويكون حينما يجوعون (أي يكونون في ضيق) أنّهم يحنقون ويسبّون ملكهم وإلههم، ويلتفتون إلى فوق (أي يتطلّعون إلى الله بتحدّ وكفر)، وينظرون إلى الأرض وإذا شدّة وظلمة قتام الضيق» (إشعياء ٨: ٢٠-٢٢). هذا ما يبقى لهم لأنّهم تركوا معينهم الوحيد.

وأمّا القسم الثاني من الشعب فقلّة عزيزة بقيت أمينة للرب، فيشدّدها الله على لسان أشعياء ويطمئنها، مهما يحصل ومهما اشتدت الأمور وصعبت، فالرب آت ليخلّصهم من الأعداء المنظورين وغير المنظورين، فاسمعوا ايها الأمم وانهزموا لأنّ الله معنا ومهما قويتم وتجبرتم فستنغلبون، لأنّ الله آت ويولد صبي رئيس آب الدهر الآتي، مخلصنا الرب يسوع المسيح.

نشيد عمانوئيل نشيد فرح، نشيد تعزية، نشيد يحلّ سلام الله في قلب المؤمن المتكّل على الرب، المتمسّك بكلمته، والمؤمن الثابت في ثقته بوعود الله، الذي يحيا من كلمة الله ووصاياه، اي الذي يحارب كل هجمة عليه بكلمة الله وطاعتها. كلّ هجمة. هجمة أعداء منظورين يأتون لقتل الجسد أو لاستعباده وإخضاعه وإذلاله، أو أعداء غير منظورين يأتون لمحاربة الإنسان من الداخل.

الله معنا، لا تعني أنّه ضدّكم، الله معنا لأنّه قد ولد لنا صبيّ وابنًا أعطينا وهو الذي رئاسته على عاتقه، وسلامه ليس له حد، معين عجيب، هو حاضر معنا وآت من أجل الكلّ ونحن نحيا بنور كلمته وفرح محبته ورعايته بنا، أمّا الظلمة والخوف والآلام والضيق فتغيب من قلوب الذي يتمسكون به.

 

إرشادات للحياة الروحية

هذه بعض أقوال القديس باسيليوس الكبير. كلها مفيدة للتأمل بها والعمل بموجبها بالأخص في فترة الصوم:

- ما لا ينبغي أن تعمله فلا تفكر فيه ولا تذكره.

- عاتب نفسك أفضل من أن تعاتب غيرك.

- عوّد جسدك طاعة نفسِك ونفسَك طاعة إلهك.

- إن أردتَ أن تكون معروفًا عند الله فاجتهد ألا تكون معروفًا لدى الناس.

- علامة التكبّر هي اقتناع الإنسان برأي نفسه.

- علامة مَن غلبَ الشرّ هي أن يتحمّل عيوب أخيه ولا يدينه.

 

من تعليمنا الأرثوذكسي: الصوم تدريب

التلميذ: قررنا مع الرفاق ان نصوم أكل الشوكولا لأننا نحبها كثيرًا لذلك نحرم أنفسنا من أكلها في الصوم.

المرشد: هل تطلب رأيي؟ أنت ورفاقك مخطئين. ليست غاية الصوم أبدًا ان نحرم أنفسنا من شيء نحبه. غاية الصوم ان نتقدس ونقترب من الله ونستعد للقاء الرب يسوع المسيح القائم من بين الأموات. نعبر فترة الاستعداد هذه بالصلاة والصوم معا.

 

التلميذ: لماذا نمتنع اذن عن بعض المأكولات؟

المرشد: وضعت لنا الكنيسة نظاما يساعدنا على ضبط نفوسنا وتدريبها. نتوقف عن أكل اللحم والجبن لنتدرّب على التوقف عن كل شيء سيء فينا، في تصرفاتنا، في علاقتنا مع الرب ومع الآخرين.

 

التلميذ: هل تعطيني أمثلة؟

المرشد: طبعًا. توقف مع رفاقك عن التلفظ بكلام بذيء وعن الكلام السيء بحق الآخرين وعن نقل الحكي والإكثار منه. مثل آخر وأظنه شائع بينكم: حاولوا التوقف عن الكذب ليس فقط لتهربوا من القصاص بل ايضا توقفوا عن اختراع القصص. اقترح ان تتعمقوا أكثر وتبحثوا عن الأخطاء التي فيكم لتحاربوها: من يشوف حاله على الآخرين بسبب نجاحه او اي شيء آخر فليحاول الاتضاع قليلا. من يحتقر الضعيف ولا يتقبّل الغريب، من يكره بعض الناس، الأمثلة لا نهاية لها.

 

التلميذ: كل هذا كثير.

المرشد: ابتدئ في فترة الصوم والصلاة تساعدك. والغاية ان تكثف التدريب في الصوم لتستمر النتيجة ما بعد الصوم على طول.

 

القديس سمعان اللاهوتي الجديد + ١٠٣٣

ثلاثة قديسين لُقبوا باللاهوتي: الأول القديس الرسول يوحنا الإنجيلي، التلميذ الذي كان يسوع يحبه والذي اتكأ على صدره في العشاء وهو كاتب الإنجيل الرابع وثلاث رسائل وسفر الرؤيا. والثاني القديس غريغوريوس النزينزي الذي عاش في القرن الرابع وهو أحد الأقمار الثلاثة الذين نعيّد لهم في ٣٠ كانون الثاني. والثالث هو القديس سمعان اللاهوتي الجديد الذي عاش في بيزنطية في القرن العاشر/ الحادي عشر. تعيّد له الكنيسة اليوم في الثاني عشر من آذار. تُقرأ سيرته في كتاب السنكسار.

 

مكتبة رعيتي

خبر إلى متابعي سلسلة «تأمل وصلّ مع» التي يعدها ريمون رزق تباعًا فقد صدرت عن تعاونية النور الأرثوذكسية للنشر والتوزيع أربعة كتب جديدة من السلسلة:

- «تأمل وصلّ مع مسيحيّي القرن الرابع عشر» (الجزء الثاني)، رقم ٢١، عدد صفحاته ٢٥٥ ثمن النسخة ٧٠٠٠ ليرة لبنانية٠

- «تأمل وصلّ مع مسيحيّي القرن الخامس عشر» (الجزء الأول)، رقم ٢٢، عدد صفحاته ٢٥٦ ثمن النسخة ٧٠٠٠ ليرة لبنانية.

- «تأمل وصلّ مع مسيحيّي القرن الخامس عشرّ (الجزء الثاني)، رقم ٢٣، عدد صفحاته ٢٥٣ ثمن النسخة ٧٠٠٠ ليرة لبنانية.

- «تأمل وصلّ مع مسيحيّي القرن السادس عشر» رقم ٢٤، عدد صفحاته ٤٣٢ ثمن النسخة ٩٠٠٠ ليرة لبنانية.

تُطلب الكتب من مكتبة الينبوع ومن المكتبات الكنسية.

 

رسامة شماسة أرثوذكسية في افريقيا

في أثناء زيارته الرعائية إلى الكونغو احتفل بطريرك الاسكندرية في ١٧ شباط بعيد شفيعه القديس ثيوذوروس التيروني ورئس القداس الإلهي في كنيسة القديس نيقولاوس في المركز البشاري في كولويزي. عاونه متروبوليت كنشاسا نيقوفوروس ومتروبوليت بوروندي ورواندا اينوكنديوس ومتروبوليت كاتنجا ملاتيوس راعي الأبرشية المحلية.

في نهاية القداس كرّس ثيانو، إحدى أولى العاملات في البشارة في كولويزي، شمّاسة الإرساليات في أبرشية كاتنجا. كما قرأ صلاة على ثلاث راهبات ومعلمتين للتعليم المسيحي كمساعدات في العمل البشاري الذي تقوم به الأبرشية، بالأخص في تعميد البالغين وإقامة سرّ الزواج والتعليم المسيحي.

وكان المجمع المقدس لبطريركية الاسكندرية، قد قرر في تشرين الثاني ٢٠١٦ إعادة إحياء رتبة الشماسات، وعيّن لجنة للتعمق في دور الشماسات في النشاطات الرعائية ضمن العمل البشاري الرسالي في افريقيا.

www.ortmtlb.org.lb

www.georgeskhodr.org

This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it

Last Updated on Tuesday, 07 March 2017 21:43