ocaml1.gif
العدد ١٦: المسيح قام Print
Sunday, 16 April 2017 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ١٦ نيسان ٢٠١٧ العدد ١٦ 

أحد الفصح

logo raiat web

كلمة الراعي

المسيح قام!

اليوم يستقبل المسيح المخلّص القائم من بين الأموات على صدره الذين اجتازوا الصيام بفرح وخشوع، وكانت أبصارهم إلى آلام السيّد وقيامته. امتُحنوا وصبروا وتطهّروا. فمن توانى له اليوم بهجة ليس مثلها بهجة، ذلك بأنّ الذي وصل متأخّرًا إلى مائدة الخلاص قد يجد كثافة فرح لم يكن ليتوقّعها. فالمائدة نزلت علينا ونحن نُقبل اليوم عليها بسبب من جوعنا إلى المسيح، الذي إذا أكلنا جسده وشربنا دمه يجعلنا نثبت فيه، ويقيم معنا ويدخلنا إلى عمق النجوى القائمة بينه وبين الآب في الروح القدس.

يكون لنا عيد إن نحن قدرنا على أن نرى الابن في انتصاره على الخطيئة المنثنية فينا والموت الذي يتأكّلنا. تذكرون قول السيّد لأخت لعازر: «أنا هو القيامة والحياة». هو قيامتي وقيامتك اليوم وليس غدًا. هي قيامة في طهارة كلّ قلب. هي قناعة النصر والحرّيّة بالمسيح. هي الاطمئنان إلى أنّ الحزن لن يستحوذ علينا في ما بعد وأنّ الموت لا سلطة له علينا. الفصح هو العبور الدائم، المحيي من السقطات إلى وجه الله المبارك. لقد بتنا خلائق جديدة منعتقة من الفساد الداخليّ. وقوّة القيامة تمكّننا من أن نقول: «من يفصلنا عن محبّة المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟» (رومية ٨: ٣٥). لا شيء يستطيع أن يعزلنا عن المسيح.

لقد نبّهنا السيّد إلى أنّه ستكون لنا ضيقات في العالم، وأنّ الدنيا قاسية على الذين يعيشون بالتقوى، وهم الذين ارتضوا أن يكون المسيح كلّ شيء في حياتهم، ويعتبرون أنّ كلّ ما عداه خسارة. لقد حلّ الفقر في الأكثرين ونجاحنا في دنيانا غير مؤكّد. ويعترينا المرض اليوم أو غدًا. وقد تتزعزع أسس عائلاتنا بسبب من انفلات عميم وقد لا يتمكّن أولادنا من الدراسة، وسوف تفتر المحبّة عند الكثيرين، وقد لا نستطيع أن نكافح الجهل الدينيّ في أوساطنا كما ينبغي أن نحاربه لكون العَمَلة قليلين. ومع ذلك لن نرزح تحت الكآبة أو تحت أيّ ضغط آخر يأتينا من الناس أو من خطايانا لأنّنا علمنا، بصورة نهائيّة وأكيدة، أنّ المسيح إذا كان فينا يكفينا كلّ شيء.

إنّ إيماننا بالقيامة يلقي علينا مسؤوليّات جسامًا إذ لا نستطيع بعد اليوم أن نعيش وكأنّ معموديّتنا غير فاعلة فينا. نحن قمنا مع المسيح وسنحيا كأناس قياميّين. فمن رأى في نفسه اعوجاجًا فليقوّمه. ومَن عرف نفسه مهملاً فليصلِّ حتّى تلهبه النعمة وتهبه حماسة. ومَن لم يمارس حتّى اليوم مسيحيّته بصورة لائقة فليباشر لأنّ مشهد الموت الروحيّ يؤذي. الذين يراقبوننا يجب أن يشاهدونا خلائق تتجدّد كلّ يوم بالروح القدس.

فليكن كلّ منّا منارة، والعائلة فلتلتحم أواصر مودّتها، ولتتعاون الرعايا لكوننا جميعًا أعضاء في جسد واحد، ولنشارك بعضنا بعضًا في خيرات الأرض، وليعتبر كلّ منّا الآخر أفضل منه وأعلى حتّى نبيد الغيرة والحسد، ولنسلك لا في شهوات الجسد ولكن حسب المسيح.

إنّ القيامة إن لم نجعلها دائمة الفعل فينا ودائمة الإضاءة تكون لنا مجرّد عيد يعبر. وأمّا إذا حوّلتنا إلى وجه يسوع تكون عيدًا مقيمًا. فلنقترب من المخلّص ولنقطع على أنفسنا بقوّة وعد الإخلاص للذي نهض من بين الأموات، لأنّنا إن لم نكن جديرين بهذا الذي أحيانا من الظلمة لا نكون قد ورثنا شيئًا من محبّته. «المسيح قام. حقًّا قام» لن تبقى مجرّد تحية. إنّها قد صارت بالرجاء حقيقة منقذة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ١: ١-٨

إنّي قد أنشأتُ الكلام الأوّل يا ثاوفيلس في جميع الأمور التي ابتدأ يسوع يعملها ويُعلّم بها، إلى اليوم الذي صعد فيه من بعد أن أوصى بالروح القدس الرسلَ الذين اصطفاهم، الذين أراهم أيضًا نفسَه حيًّا بعد تألّمه ببراهين كثيرة، وهو يتراءى لهم مدّة أربعين يومًا ويُكلّمهم بما يختصّ بملكوت الله. وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم بألاّ تبرحوا من أورشليم بل انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منّي، فإنّ يوحنّا عمّد بالماء وأمّا أنتم فستعمَّدون بالروح القدس لا بعد هذه الأيّام بكثير. فسأله المجتمعون قائلين: يا ربّ أفي هذا الزمان تردّ الـمُلْك إلى إسرائيل؟ فقال لهم: ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة أو الأوقات التي جعلها الآب في سلطانه، لكنّكم ستنالون قوّة بحلول الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي جميع اليهوديّة والسامرة وإلى أقصى الأرض.

 

الإنجيل: يوحنّا ١: ١-١٧

في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وإلهًا كان الكلمة، هذا كان في البدء عند الله. كلٌّ به كان، وبغيره لم يكن شيءٌ ممّا كوِّن. به كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، والنورُ في الظلمة يضيء والظلمة لم تُدركه. كان إنسان مرسَل من الله اسمه يوحنّا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور، لكي يؤمنَ الكلُّ بواسطته. لم يكن هو النور بل كان ليشهد للنور. كان النورُ الحقيقيّ الذي ينير كلّ إنسان آتٍ إلى العالم. في العالم كان، والعالم به كُوِّن، والعالم لم يعرفه. إلى خاصّته أتى وخاصّته لم تقبله، فأمّا كلّ الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يكونوا أولادًا لله الذين يؤمنون باسمه، الذين لا من دمٍ ولا من مشيئة لحمٍ ولا من مشيئة رجلٍ لكن من الله وُلِدوا. والكلمة صار جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبصرْنا مجده مجدَ وحيد من الآب) مملوءًا نعمة وحقًّا. ويوحنّا شهد له وصرخ قائلاً: هذا هو الذي قلتُ عنه إنّ الذي يأتي بعدي صار قبْلي لأنّه مُتقدِّمي، ومن مِلئه نحن كُلنا أخذنا، ونعمةً عوض نعمة، لأنّ الناموس بموسى أُعطي، وأمّا النعمة والحقّ فبيسوع المسيح حصلا.

قيامة الربّ وقيامتنا نحن

الإنجيل، موجزًا، هو الإيمان بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات في اليوم الثالث من صلبه ودفنه. ويسعنا القول إنّ القدّيس بولس الرسول هو أوّل مَن أورد هذه الخلاصة التي يمكن اعتبارها أوّل إعلان عقائديّ عن قيامة المسيح. فالقدّيس بولس يقول: «أذكّركم أيّها الإخوة بالإنجيل الذي بشّرتكم به وقبلتموه وفيه أنتم ثابتون، وبه أنتم مخلَّصون إذا حفظتموه كما بشّرتكم به، وإلاّ فقد آمنتم باطلاً» (١كورنثوس ١٥: ١-٢). واضح أنّ الرسول يقيم حدًّا فاصلاً ما بين الإيمان الحقيقيّ والإيمان الباطل، وهذا الحدّ ليس سوى الإيمان بحقيقة قيامة الربّ من بين الأموات.

بماذا يذكّر القدّيس بولس قارئي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس؟ يذكّرهم بما يلي: «سلّمتُ إليكم قبل كلّ شيء ما تسلّمته أنا أيضًا، وهو أنّ المسيح مات من أجل خطايانا كما ورد في الكتب، وأنّه قُبر وقام في اليوم الثالث كما ورد في الكتب» (١٥: ٣-٤). حين أراد بولس الرسول أن يذكّر الكورنثيّين بقاعدة الإيمان الأساسيّة ذكّرهم بالقيامة التي مَن لا يؤمن بحصولها يخرج عن الإيمان المستقيم. في هذا السياق يقول أحد الآباء المجهولين من القرن الرابع: «يبيّن بولس للكورنثيّين أنّهم، إنْ ضلّوا عن تعليمه المبنيّ على الإيمان بقيامة الأموات، سيخسرون كلّ ما آمنوا به». بهذا المعنى، تتمحور بشارة الإنجيل بمجملها حول قيامة الأموات بالجسد على مثال قيامة الربّ يسوع.

يميّز الآباء بين موت المسيح على الصليب وموتنا نحن البشر. فالمسيح لم يمت موت الخطيئة لأنّه كان بلا خطيئة، بل مات موت الجسد، بينما البشر يموتون موت الخطيئة والجسد معًا، لأنّهم جميعهم خطئوا. وفي هذا الصدد يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم (+ ٤٠٧) للذين يخالفونه هذا الرأي: «مَن مات من أجل الخطأة كان بلا خطيئة، فلو كان هو نفسه أيضًا خطيئة، فكيف يموت من أجل خطايا آخرين؟ لكن، إذا مات المسيح من أجل خطايا الآخرين، فقد مات لكونه بلا خطيئة: وإذا مات المنزّه عن الخطيئة، فإنّه لم يمت موت الخطيئة - إذ كيف يموت موت الخطيئة وهو بلا خطيئة - لكنّ موت الجسد... إنّه موت الجسد الذي تعلنه الكتب المقدّسة في كلّ مكان».

ثمّ يذكر القدّيس بولس الرسول عددًا من شهود القيامة الذين رأوا الربّ القائم من بين الأموات، فيقول: «إنّ المسيح تراءى لصخر ثمّ للاثني عشر، ثمّ تراءى لأكثر من خمسمائة أخ معًا ما يزال معظمهم حيًّا وبعضهم رقد رقدة الموت، ثمّ تراءى ليعقوب، ثمّ لجميع الرسل، وآخر الأمر تراءى لي أيضًا أنا السِّقط» (١كورنثوس ١٥: ٥-٨). يلاحظ الذهبيّ الفم أنّ الإنجيل يقول، بالمقابل، إنّ المسيح تراءى أوّلاً لمريم المجدليّة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ الأناجيل لم تتحدّث عن الخمسمائة أخ الذين تراءى لهم المسيح. غير أنّ بولس الرسول، في إشارته إلى الخمسمائة أخ، يريد التذكير بأنّ شهود القيامة كثيرون، ولا يقتصر عددهم على التلاميذ الاثني عشر.

يرى الرسول بولس أنّ ثمّة رباطًا وثيقًا يجمع ما بين قيامة الربّ يسوع وقيامتنا نحن البشر، إذ يقول: «فإذا أُعلن أنّ المسيح قام من بين الأموات، فكيف يقول بعضكم إنّه لا قيامة للأموات؟ فإنْ لم يكن للأموات من قيامة، فالمسيح لم يقم أيضًا. وإنْ كان المسيح لم يقم، فباطل تبشيرنا وباطل إيمانكم» (١كورنثوس ١٥: ١٢-١٤). يقول القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو (+٣٩٧): «إنكار قيامة الأموات خطيئة مميتة. إنْ كنا لا نقوم فالمسيح مات باطلاً ولم يقم. فإنْ لم يقم من أجلنا، فإنّه لم يقم أبدًا، وما من سبب يدعوه إلى القيامة من أجل نفسه». إذًا، ليس ثمّة فصل ما بين قيامة المسيح وقيامتنا نحن. فإمَا أن نؤمن بالاثنتين، أو ننكرهما معًا. أمّا إذا أنكرنا أنّنا سنقوم، فذلك يعني أنّ المسيح مات وقام عبثًا.

يتابع الرسول بولس كلامه، فيقول: «وإذا لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم، وإنّكم بعد في خطاياكم» (١كورنثوس ١٥: ١٧). استنادًا إلى هذا الكلام يؤكّد القدّيس كيرلّس الأورشليميّ (+٣٨٦) حقيقة موت الربّ بالجسد وقيامته، وأهمّيّتهما من أجل خلاصنا، فيقول: «لو كان الصليب وهمًا، لكانت القيامة كذلك، وإنْ كان المسيح لم يقم، فإنّا بعد في خطايانا. لو كان الصليب وهمًا، لكان الصعود كذلك، ومجيئه الثاني كذلك، وفي النهاية كلّ شيء يصبح نافلاً». أمّا الذهبيّ الفم فيلاحظ قائلاً: «إذا لم يقم المسيح، فإنّه لم يُقتل، وإذا لم يُقتل، فخطايانا لم تُنقض. وإذا لم تُنقض، فإنّكم بعد في خطاياكم. فإذا كان ما بشّرنا به باطلاً، فباطلاً آمنتم».

«إنّ المسيح قد قام من بين الأموات وهو بكر الراقدين. فبإنسان أتى الموت، وبإنسان أيضًا تكون قيامة الأموات. وكما في آدم يموت جميع الناس، في المسيح سيحيون» (١كورنثوس ١٥: ٢٠-٢٢). يقول القدّيس أثناسيوس الكبير (+٣٧٩) في شرحه هذا القول البولسيّ: «إنّ المسيح بذبيحة جسده أنهى شريعة الموت فينا. وجدّد لنا بدء حياة بما أعطانا من رجاء القيامة. فإنْ كان بإنسان واحد ساد الموت على البشر، لذلك فبسبب تأنّس الكلمة أُبيد الموت وتمّت قيامة الحياة». نحن لا يقتصر رجاؤنا بالمسيح على هذه الحياة الدنيا، بل رجاؤنا يمتدّ به إلى ما بعد رقادنا، ليقيمنا معه إلى حياة أبديّة. المسيح قام.

 

مَن يدحرج لنا الحجر؟

تأمّل للأب ليف جيلله

إنّه فجر القيامة، والنسوة ذاهبات في طريقهنّ إلى القبر باكرًا جدًّا يحملن حنوطًا وكنّ يقلن في ما بينهنّ: «مَن يدحرج لنا الحجر؟» (مرقس ١٦: ٣)، لأنّ حجرًا كبيرًا وُضع على باب القبر، ويستحيل على النسوة أن يدحرجن الحجر بأنفسهنّ.

كثيرًا ما يبدو يسوع سجينًا في نفسي وكأنّه بلا حراك كما كان في القبر قبل القيامة. حجر خطاياي الكبير يجعله سجينًا. كم من مرّة اشتاقت نفسي إلى أن ترى يسوع قائمًا في نوره وقوّته. كم من مرّة حاولتُ أن أدحرج الحجر ولكن من دون جدوى. فثقل الخطيئة مع ثقل العادات المرتبطة بها كان أقوى بكثير. وكثيرًا ما قلت لنفسي بيأس: «مَن يدحرج الحجر؟».

النسوة ماضيات في طريقهنّ إلى القبر. اقترابهنّ من القبر عمل إيمانيّ. إيمانهنّ أو «جنونهنّ» نال مكافأة. وإن استمرّيت أنا أيضًا في هذا الرجاء المُلتهب سيُدَحرج الحجر.

لم تذهب النسوة إلى القبر بأيدٍ خاوية بل حملن طيوبًا ليدهنّ بها جسد المخلّص (مرقس ١٦: ١). وأنا عليّ أن أحضر شيئًا معي إن أردتُ أن يتدحرج الحجر عن باب قلبي. قد يكون ما أحضرتُه قليلاً جدًّا. لا بأس. المهمّ أن يكلّفني بعض التكلفة، لا بدّ من أن يكون فيه شيء من التضحية.

وجدت النسوة أنّ الحجر قد دُحرج بطريقة لم يتوقّعنها: «حدثت زلزلة لأنّ ملاك الربّ نزل من السماء ودحرج الحجر» (متّى ٢٨: ٢). لكي يتدحرج الحجر لا بدّ من معجزة، لا بدّ من زلزلة إذ إنّ دفعة بسيطة لا تكفي. هكذا أنا أيضًا فالحجر الذي يشلّ حركة يسوع في داخلي يحتاج إلى زلزلة، أي إلى انقلاب في نفسي عميق وإلى تحوّل جذريّ كامل. يحتاج الأمر إلى قذيفة من نور لتهزّني. هكذا يقوم المسيح فيّ إذ يزول إنساني العتيق ليُعطي مكانًا للإنسان الجديد. أمر مثل هذا يتعدّى الترتيب والتعديل. إنّه يستلزم موتًا ثمّ ولادة.

لقد أعلن الملاك للتلاميذ أنّ يسوع القائم من بين الأموات ينتظرهم في الجليل. يسوع نفسه حدّد الأمر لمّا قال للنسوة: «اذهبن وقلن لإخوتي أن ينطلقوا إلى الجليل وهناك يرونني» (متّى ٢٨: ١٠). لماذا هذه العودة إلى الجليل؟ هل قصد يسوع أن يحمي تلاميذه من عداوة اليهود؟ هل أراد أن يؤكّد لهم أنّ أيّام سلام وهدوء ستأتي عليهم؟ لعلّ هذا صحيح ولكن يبدو أنّ هناك سببًا أعمق.

قابل يسوع تلاميذه في الجليل وهناك سمعوا دعوته وانطلقوا وراءه. لا بدّ من أنّ ذكريات تلك الأيّام خلقت في نفوسهم شيئًا من النضارة والانتعاش، رعشة الحبّ الأوّل. ويسوع أراد أن يعيدهم إلى محبّتهم الأولى بعدما مرّوا في تجربة الشكّ والحزن واليأس.

هناك جليل في حياة كلّ منّا. جليلك هو حين أحسست بالربّ ينظر إليك ويدعوك باسمك. قد يكون هذا قد حصل منذ سنين طويلة قد تكون محمّلة بإهمال وفتور. يبدو الأمر كأنّك نسيت يسوع. لكن من التقى يسوع ولو مرّة واحدة، ولو لفترة خاطفة لا يستطيع أن ينساه أبدًا.

يسوع يدعوني كي أمضي إلى «جليل» حياتي وأحيا من جديد ذلك اللقاء الفرح المنعش. هناك سأراه من جديد. يا سيّد، سأعود إلى الجليل، ولكن هل سأقابلك هناك؟ كيف يشتعل قلبي وهو بارد مثلّج؟ كيف أستعيد فرح لقائي الأوّل بك؟

«هو يسبقكم إلى الجليل» (متّى ٢٨: ٧).

 

ملاحظة:

تصل «رعيّتي» إلى بيوتكم أحيانًا وهذه هي غايتها الأساسيّة. لكنّها توزّع أيضًا في الكنيسة فيتابع المؤمنون قراءة الرسالة والإنجيل. هذا جيّد لكن لا تتركوا «رعيّتي» في الكنيسة، إنّما احملوها إلى البيت ليصير بكلّ أفراده كنيسة صغيرة تبني عائلة الآب.

Last Updated on Tuesday, 11 April 2017 07:22