ocaml1.gif
العدد ١٩: نور المسيح Print
Sunday, 13 May 2018 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ١٣ أيّار ٢٠١٨ العدد ١٩ 

الأحد الخامس بعد الفصح

أحد الأعمى

logo raiat web

نور المسيح

منذ الفصح نقرأ إنجيل يوحنّا ونهتدي به إلى نور المخلّص وهو إنجيل مملوء بالحديث عن النور. هذا هو الأحد الأخير من الفترة الفصحيّة، وقد شاءت الكنيسة المقدّسة أن نختتم هذه المدّة الطيّبة بتلاوة عن أعمى يُشرق بنور يتدفّق عليه، وكأنّها تريد أن نلتفت إلى المسيح النور الذي هو ضياء نفوسنا لأنّنا في الخطايا عميان، ويجب أن نكفّ عن الخطيئة لنبصر نور المخلّص. نحن منذ قيامة المخلّص صرنا منتصرين به، فرحين بخلاصه.

قرأنا عن المولود أعمى حيث يتبيّن الصراع القائم بين السيّد والفرّيسيّين. إنسان شُفي من مرضه يوم سبت حيث كان العمل ممنوعًا واعتُبرت الأعجوبة عملاً ممنوعًا، واعتُبرت أيضًا مستحيلة لأنّه ما سُمع قطّ أنّ إنسانًا أعمى منذ مولده يُشفى. الواقع الملموس أنّه شُفي. لكنّ رؤساء اليهود لم يقتنعوا بالملموس لأنّ هذه الأعجوبة تلغي مواقفهم التي كانت مسبقًا لاغية ليسوع الناصريّ.

ما أراد اليهود أن يقرّوا بأنّ الشاب كان أعمى- كانوا هم عميانًا- أرادوا ألاّ يعترفوا بالواقع، مصيبتهم أنّهم استمرّوا ينكرون حتّى النهاية. المأساة في القلب البشريّ أنّ الإنسان حرّ، حرّ في أن يرتكب الخطأ وحرّ في أن يتوب، وقد يبقى الإنسان مصرًّا على الخطأ ولو رأى الخطيئة.

كان اليهود يخشون أن يصبح يسوع ملكًا على الإنسانيّة الجديدة التي تؤلّفها الكنيسة خارج إسرائيل فيزول نفوذهم. لذلك كان ينبغي أن يموت هذا النبيّ الجديد وأن تُلغى أعماله وألاّ يُعتَرف بها. كان هذا موقفًا اتّخذوه مسبقًا لعماهم هم. أبصر الأعمى وهم غير مبصرين، لكنّهم يحسبون أنفسهم مبصرين لذلك يجب أن يبقى المريض أعمى. هذا كان الموقف. أرادوا أن يلغوا جميع أعمال يسوع التي كانت سابقة لموته وقيامته. الاعتراف بشفاء الأعمى كان اعترافًا بأنّ يسوع الناصريّ قد أرسله الله لخلاص العالم.

شرط الخلاص أن يغتسل الإنسان بالكلام الذي أرسله الله، أن يغتسل بالنعمة التي يقذفها الله في قلبه. قال يسوع للأعمى: «اذهب واغتسل»، أي لا تبقى قذرًا، اذهب أيّها الإنسان، كلّ إنسان، واغتسل، لا تبقى ملتصقًا بأوساخك، مكبلاً بها، ولكن اتركها وارحض ذاتك بماء النعمة. وإذا ذهبت واغتسلت بكلام الله عندذاك تُبصر.

قد يكون الإنسان مسيحيًّا ومع ذلك يبقى أعمى، ليس لأنّ ديانته مظلمة ولكن لكونه هو لم يبقَ على ديانته. المؤمن بالربّ يسوع مبصر. فإذا أخطأ وأصرّ يجعل نفسه وكأنّه مولود أعمى. يُظلم من جديد من بعد نور لأنّ السلوك السيّئ بظلام يدخل إلينا من جديد من بعد النور ويجعلنا عميانًا. إذًا لا نفتخر بأنّنا مسيحيّون، هذا لا يكفي، بل نفتخر بأنّنا نطيع وصايا الله. القضيّة أن يستمرّ النور علينا، لا أن نأخذ النور منذ طفولتنا في المعموديّة وننسى، الأمر كلّه أن نبقى معمّدين أي أن نسلك سلوك المعمّدين، يُعطى لنا النور بالعمل الصالح. المعموديّة تُجدد بالعهد الذي نقطعه على أنفسنا في حضرة المسيح كلّ يوم.

المطران جاورجيوس

 

الرسالة: أعمال الرسل ١٦: ١٦-٣٤

في تلك الأيّام، فيما نحن الرسل منطلقون إلى الصلاة، استقبلتْنا جاريةٌ بها روح عرافة، وكانت تُكسِب مواليها كسبًا جزيلاً بعرافتها. فطفقت تمشي في إثر بولس وإثرنا وتصيح قائلة: هؤلاء الرجال هم عبيدُ الله العليّ وهم يُبشّرونكم بطريق الخلاص. وصنعتْ ذلك أيّامًا كثيرة، فتضجّر بولس والتفت إلى الروح وقال: إنّي آمرُكَ باسم يسوع المسيح أن تخرج منها، فخرج في تلك الساعة. فلمّا رأى مواليها أنّه قد خرج رجاء مكسبهم قبضوا على بولس وسيلا وجرّوهما إلى السوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الولاة قائلين: إنّ هذين الرجُلين يُبلبلان مدينتنا وهما يهوديّان، ويُناديان بعادات لا يجوز لنا قبولها ولا العمل بها إذ نحن رومانيّون. فقام عليهما الجمع معًا ومزّق الولاةُ ثيابهما وأمروا بأن يُضربا بالعصيّ. ولمّا أَثخنوهما بالجراح أَلقوهما في السجن وأَوصَوا السجّان بأن يحرسهما بضبط. وهو إذ أُوصي بمثل تلك الوصيّة ألقاهما في السجن الداخليّ وضبط رجليهما في المقطرة. وعند نصف الليل كان بولس وسيلا يُصلّيان ويسبّحان الله والمحبوسون يسمعونهما، فحدثت بغتة زلزلة عظيمة حتّى تزعزعت أُسس السجن، فانفتحت في الحال الأبواب كلّها وانفكَّت قيود الجميع. فلمّا استيقظ السجّان ورأى أبواب السجن أنّها مفتوحة استلّ السيف وهمَّ أن يقتل نفسه لظنّه أنّ المحبوسين قد هربوا. فناداه بولس بصوت عال قائلاً: لا تعمل بنفسك سوءًا فإنّا جميعنا ههنا. فطلب مصباحًا ووثب إلى داخل وخرَّ لبولس وسيلا وهو مرتعد. ثمّ خرج بهما وقال: يا سيديّ، ماذا ينبغي لي أن أَصنع لكي أَخْلُص؟ فقالا: آمنْ بالربّ يسوع المسيح فتخلُص أنت وأهل بيتك. وكلّماه هو وجميع من في بيته بكلمة الربّ. فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسل جراحهما واعتمد من وقته هو وذووه أجمعون. ثمّ أَصعدهما إلى بيته وقدّم لهما مائدة وابتهج مع جميع أهل بيته إذ كان قد آمن بالله.

 

الإنجيل: يوحنّا ٩: ١-٣٨

في ذلك الزمان فيما يسوع مجتاز رأى إنسانًا أعمى منذ مولده. فسأله تلاميذه قائلين: يا ربّ، من أخطأ أهذا أم أبواه حتّى وُلد أعمى؟ أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي لي أن أَعمل أعمال الذي أَرسلني ما دام نهارٌ، يأتي ليل حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم. قال هذا وتفل على الأرض وصنع مـن تفلته طينًا وطلى بالطين عينَي الأعمى وقال له: اذهبْ واغتسلْ في بركة سِلوام (الذي تفسيره المرسَل). فمضى واغتسل وعاد بصيرًا. فالجيران والذين كانوا يرونه من قبل أنّه كان أعمى قالوا: أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي؟ فقال بعضهم: هذا هو، وآخرون قالوا: إنّه يشبهه. وأمّا هو فكان يقول: إنّي أنا هو. فقالوا له: كيف انفتحتْ عيناك؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيّ، وقال لي اذهب إلى بركة سلوام واغتسل، فمضيتُ واغتسلتُ فأبصرتُ. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أَعلم. فأَتوا به، أي بالذي كان قبلاً أعمى، إلى الفرّيسيّين. وكان حين صنع يسوع الطين وفتح عينيه يوم سبت. فسأله الفرّيسيّون أيضًا كيف أبصر، فقال لهم: جعل على عينيّ طينًا ثمّ اغتسلتُ فأنا الآن أُبصر. فقال قوم من الفرّيسيّين: هذا الإنسان ليس من الله لأنّه لا يحفظ السبت. آخرون قالوا: كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثـل هذه الآيات؟ فوقع بينهم شقـاق. فقالوا أيضًا للأعمى: ماذا تقول أنت عنه مـن حيث إنّه فتح عينيـك؟ فقال: إنّه نبيّ. ولم يصدّق اليهود عنه أنّه كان أعمى فأَبصر حتّى دعَوا أبوَي الذي أَبصر وسألوهما قائلين: أهذا هو ابنُكما الذي تقولان إنّه وُلد أعمى، فكيف أبصر الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلم أنّ هذا ولدنا وأنّه وُلد أعمى، وأمّا كيف أَبصرَ الآن فلا نعلم، أو من فتح عينيه فنحن لا نعلم، هو كامل السنّ فاسألوه فهو يتكلّم على نفسه. قال أبواه هذا لأنّهما كانا يخافان من اليهود لأنّ اليهود كانوا قد تعاهدوا أنّه إن اعترف أحد بأنّه المسيح يُخرَج من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامل السنّ فاسألوه. فدَعَوا ثانيةً الإنسان الذي كان أعمى وقالوا له: أَعطِ مجدًا لله، فإنّا نَعلم أنّ هذا الإنسان خاطئ. فأجاب ذاك وقال: أخاطئ هو لا أعلم، إنّما أَعلم شيئًا واحدًا أنّي كنتُ أعمى والآن أنا أُبصر. فقالوا له أيضًا: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينيك؟ أجابهم قد أَخبرتكم فلم تسمعوا، فماذا تريدون أن تسمعوا أيضًا؟ ألعلّكم أنتم أيضًا تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ فشتموه وقالوا له: أنت تلميذُ ذاك. وأمّا نحن فإنّا تلاميذُ موسى ونحن نَعلم أنّ الله قد كلّم موسى. فأمّا هذا فلا نعلم من أين هو. أجاب الرجل وقال لهم: إنّ في هذا عَجَبًا أنّكم ما تعلمون من أين هو وقد فتح عينيّ، ونحن نعلم أنّ الله لا يَسمع للخطأة، ولكن إذا أحدٌ اتّقى الله وعمل مشيئته فله يستجيب. منذ الدهر لم يُسمع أنّ أحدًا فتح عيني مولودٍ أعمى. فلو لم يكن هذا من الله لم يقدر على أن يفعل شيئًا. أجابوه وقالوا له: إنّك في الخطايا قد وُلدتَ بجملتك. أفأنت تُعلّمنا؟ فأَخرجوه خارجًا. وسمع يسوع أنّهم أخرجوه خارجًا، فوجده وقال له: أتؤمن أنت بابن الله؟ فأجاب ذاك وقال: فمن هو يا سيّد لأؤمن به؟ فقال له يسوع: قد رأيتَه، والذي يتكلّم معك هو هو. فقال له: قد آمنتُ يا ربّ، وسجد له.

 

العبور

«اليومَ يومُ القيامةِ»، و«فصح الربّ». اليوم نقلنا المسيح القائم من بين الأموات «من الأرض إلى السماء»، و«من الموت إلى الحياة» إذا آمنّا بقيامته وأنشدنا مع الملائكة «نشيد النصر والظفر». هذا ما تقوله لنا أناشيد هذا العيد. لقد أطلق المسيحيّون على «عيد الأعياد وموسم المواسم» تسمية «الفصح» وهي كلمة عبريّة تعني «العبور».

وكان هذا العيد العبريّ يُقام تذكارًا للخروج من أرض مصر ولدخول أرض الميعاد. فكان «عبورًا» من العبوديّة إلى الحرّيّة. مع المسيح بقي الاسم ولكنّ المعنى تغيّر أو هو وصل إلى كماله مع المسيح. فهو جاء ليتمّم ويكمّل. فموت المسيح وقيامته حوّلا معنى العيد، الذي ما عاد مجرّد تذكار لعبور حدث قبل آلاف السنين. فمن يتتبّع أحداث الأيّام الأخيرة من حياة «كلمة الله المتجسّد» على الأرض، وبشكل خاصّ، إذا تتبّع السرد الذي تركه لنا الإنجيليّ يوحنّا سيلاحظ كيف أنّ السيّد بموته وقيامته قد أعطى لعيد الفصح معناه الأخير والمكتمل.

لكن قبل الدخول في تفاصيل السرد اليوحنّاويّ لا بدّ من المرور على بعض الملاحظات التي ستساعدنا على فهم المعاني بشكل أوضح. كان اليهود يحتفلون بعيدي الفصح والفطير معًا. ويدوم الاحتفال أسبوعًا كاملاً، يبدأ ليلة الفصح بتناول الحمل الفصحيّ، الذي كان يذبح صباحًا أو ظهرًا. وهو حمل حوليّ (لا يتعدّى عمره السنة) أي يقتصر طعامه على الحليب، وفي ذلك إشارة إلى طهارته. ولكونه تقدمة للربّ فيجب أن يكون كاملاً قدر المستطاع. صوفه يجب أن يكون أبيض تمامًا، وصحّته يجب أن تكون جيّدة، كما يجب أن تكون عظامه كلّها سليمة.

فأوّل ما يلفتنا هو توقيت الأحداث، كما ترد في الإنجيل الرابع. وهنا لا أعني صلب الربّ وقيامته في أسبوع الفصح العبريّ فقط، بل تفاصيل هذين الحدثين. ففي تلك السنة كان عيد الفصح يقع في يوم السبت، «لأنّ يوم ذلك السبت كان عظيمًا». ولهذا عندما ذهب رؤساء اليهود إلى بيلاطس ليصادق، مدنيًّا، على قرار محكمتهم الدينيّة، يوم الجمعة فجرًا، بعد أن استمرّت محاكمة يسوع، الدينيّة، أمام قيافا كلّ الليلة السابقة. فإنّهم رفضوا دخول «دار الولاية» حتّى لا يتنجسّوا بدخولهم بيت إنسان غير عبرانيّ. لأنّ اليهود كانوا يعتبرون باقي الناس نجسين. لم تطل مدّة المحاكمة هذه المرّة، واتّخذ القرار تحت ضغط الهاتفين «اصلبه اصلبه». فأرسل بيلاطسُ يسوعَ مقيّدًا إلى الجلجلة ليصلب ظهرًا. بعد ذلك سيطلب اليهود إنزال يسوع، ومن معه، عن الصليب قبل غروب يوم الجمعة وبدء يوم السبت، حيث كان اليوم يبدأ مع غروب الشمس لا مع منتصف الليل كما هو معروف اليوم. ذلك بأنّ اليهود كانوا سيذهبون ليتناولوا عشاء الفصح مباشرة بعد الغروب كما جرت العادة. وعلى هذا الأساس كان يجب أن يتمّ ذبح الحمل ظهرًا أي في الوقت الذي يقول فيه يوحنّا إنّ يسوع أسلم الروح. وسيخبرنا يوحنّا كذلك أنّ الجنود المكلّفين إنزال المصلوبين، سيكسرون «ساقي الأوّل والآخر المصلوب معه»، وذلك بقصد التعجيل بموتهما. أمّا يسوع «فلمّا جاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنّهم رأوه قد مات».

ماذا يعني كلّ هذا؟ كيف نقرأه؟ وما هو التغيير أو المعنى الجديد لعيد الفصح؟

أنهى المسيح بصليبه وقيامته، زمن الهيكل، إذ صار هو الهيكل الجديد: «انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيّام أُقيمه» (يوحنّا ٢: ١٩). وبذلك يكون قد أبطل شريعة الذبائح، بموته الطوعيّ. وهذا يبدو جليًّا في إعلان موته ظهر يوم الجمعة في الوقت الذي تقدّم فيه ذبيحة الفصح. كما أنّ الاستشهاد الكتابيّ الذي يقدّمه الإنجيليّ لقرّائه المأخوذ من سفر الخروج، هو جزء من «فريضة الفصح». فالربّ يوصي موسى بأن تُحفظ هذه الفريضة من جميع بني الإيمان في كلّ الأجيال. وتأتي وصيّة «وعظمًا لا تكسروا منه» (١٢: ٤٦) من ضمن هذه الفريضة. ومن الواضح لقرّاء العهد القديم أنّ المزمور 34، في حديثه عن الصدّيق الذي ينجّيه الربّ من جميع بلاياه، سيستعمل التعابير ذاتها إذ يقول إنّ الربّ «يحفظ جميع عظامه. واحدٌ منها لا ينكسر». وهنا لا يسع المؤمن سوى الانتباه إلى التشابه بين هذا الحمل الذي كان يُقدّم ذبيحة غفرانٍ وشكرٍ لله، و«الحمل الذي يرفع خطيئة العالم» كما وصفه يوحنّا المعمدان (١: ٩). 

لا يتوقّف التشابه بين حمل الله والحمل الفصحيّ هنا. ففي سفر العدد سيكرّر الربّ على خادمه موسى تفاصيل «فريضة الفصح». وهناك وقبل أن يذكّره بوصيّة حفظ عظام الحمل من الكسر، يوصي الربُّ بني إسرائيل بأن: «لا يُبقوا منه إلى الصباح» (عدد ٩: ١٢). وهذا تحديدًا ما حدث مع يسوع «الفصح الجديد» الذي أُنزِل عن الصليب، ودُفِن عند غروب الشمس، فلم يبقَ حتّى الصباح.

طهارة يسوع ونقاوته وخلوّه من الخطيئة، التي يرمز إليها العهد القديم بضرورة نقاء لون الحمل، موضوع لا يحتاج إلى تأكيد. لكن مع ذلك لا يغفل الإنجيليّ يوحنّا عن تأكيد هذا الموضوع على لسان من هو من خارج الإيمان المسيحيّ، وحتّى من خارج الإيمان بالله الواحد. فبيلاطس البنطيّ، الحاكم الرومانيّ الوثنيّ نفسه، سيجيب على إلحاح اليهود بأنّ يسوع الناصريّ هذا الذي قدّموه إليه ليصلبه: «خذوه أنتم واصلبوه، لأنّي لست أجد فيه علّة» (١٩: ٦).

هكذا أبطل المسيح، بموته الطوعيّ، الذبائح بكلّ أنواعها. وكما أنهت ذبيحة إسحق (تكوين ٢٢) الذبائح البشريّة، التي اعتاد الكنعانيّون تقديمها، أبطلت ذبيحة الصليب كلّ الذبائح الدمويّة. أعطى المسيح المعنى الأخير والكامل والتفسير الأصحّ لكلام المزمور: «لكنّك لا تُسرّ بالمحرقات. فالذبيحة لله روحٌ منسحقٌ، القلب المتخشّع والمتواضع لا يرذله الله» (٥٠: ١٥-١٦). وبهذا أيضًا صرنا قادرين، باتّباعنا المسيح، الذي هو «الطريق» على المشاركة في هذا «الفصح السرّيّ». وما عاد العيد مجرّد ذكرى إذ أمسى بصليب الربّ طريق حياة. فالفصح ما عاد «خروجًا» من مكان جغرافيّ، بل صار خروجًا من الموت، كلّ موت. وما عاد عبورًا إلى أرض جديدة بل صار عبورًا إلى الحياة، حياة الملكوت الذي لا يفنى.

 

الصين

أعيد فتح كنيسة السيّدة الأرثوذكسيّة الروسيّة في حربين، في الشمال الشرقيّ من الصين، بعد أن تمّ إغلاقها السنة ٢٠١٤ من أجل الترميم. أقيم القدّاس الإلهيّ بمشاركة حوالى مئة شخص. يُقدّر عدد الأرثوذكسيّين في الصين ببضعة آلاف.

 

رومانيا

أفادت إحصاءات حديثة أنّ ٩٥٪ من الأهالي في رومانيا يؤمنون بالله، ويصرّح ٤٤٪ منهم أنّهم يصلّون يوميًّا، ويعتبر ٣٣٪ منهم أنّهم مسيحيّون ممارسون. لكن ٢١٪ منهم فقط يذهبون إلى الكنيسة كلّ أسبوع.