ocaml1.gif
العدد ٢٥: حكمة العطشان والوعد بالارتواء والفيض Print
Written by Administrator   
Sunday, 20 June 2021 00:00
Share

raiati website copy
الأحد ٢٠ حزيران ٢٠٢١ العدد ٢٥ 

أحد العنصرة

القدّيس مثوديوس أسقف بتارن

القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس 

كلمة الراعي

حكمة العطشان
والوعد بالارتواء والفيض

حكمة العطشان والوعد بالارتواء والفيض وعد يسوع بأن يلبّي حاجة الإنسان الدفينة والعميقة بدون تردّد أو حساب. واستخدم لهذا الغرض صورة من خبرتنا اليوميّة وصاغها بغاية البساطة وجاذبيّة كبيرة: «إنْ عطش أحد فليأتِ إليّ ويشربْ» (يوحنّا ٧: ٣٧). فهل يمكننا أن نصف درجاتها ومسيرتها؟ لربّما هذه هي بعض علاماتها.

 

إنْ عطش أحد إلى الحقيقة، فليقبلْ إلى يسوع فهو القائل «أنا هو الطريق والحقّ والحياة» (يوحنّا ١٤: ٦)، وقد عبّر في غير موضع كيف أنّه لم يأتِ إلّا ليصنع مشيئة أبيه ويمجّد اسمه، فهو أمين وصادق ولا يحابي الوجوه، بل يعلّم الحقّ ويظهره بالقول والفعل، ويصعد على الصليب من أجل ذلك.

إنْ عطش أحد إلى الإيمان بالله، فليقبلْ إلى الكلمة، الابن الوحيد الذي أرسله الآب، فيسوع يروي عطشه يوميًّا بواسطة حياة الكنيسة وخدمة القريب والمساهمة في الأسرار المقدّسة، وخبرة عيش كلمة الإنجيل وسعي الصلاة اليوميّ.

إنْ عطش أحد إلى الرجاء الحيّ، فليتأمّلْ في شهادة قافلة الآباء الذين سبقونا وكيفيّة حفاظهم على هذا الرجاء في زمن الضيقات والتجارب والمحن التي عاشوها، وليأخذ منها عبرة وحكمة وتشجيعًا لكوننا أعضاء الجسد الحيّ الواحد.

إنْ عطش أحد إلى المحبّة الفاعلة، فليعطِ ذاته لله بصدق ونزاهة وبساطة، وكذا الأمر بشأن العلاقة بالقريب، وليصرْ قانونُ المحبّة القاعدةَ التي يلتزمها كان ما كان الأمر أو الشخص أو الظرف، فيملأه الربّ دومًا من المحبّة الإلهيّة ويزيده قدرة على الخدمة والمسامحة والصبر والاحتمال.

إنْ عطش أحد إلى الشركة المحيية، فلا يتكبّرْ على غيره من جهة الخبرة أو المواهب أو الفضائل أو الممتلكات أو النجاحات التي لديه، بل ليتّضعْ عبر طاعته للإنجيل وتوبته وانفتاحه بالخدمة المتعدّدة الأشكال على واقع إخوته وأترابه، وليتعهّدْهم بالصلاة والعناية وحسن التدبير والحفاظ على رباط الوحدة والسلام.

إنْ عطش أحد إلى الأخوّة الصالحة، فليصرْ هو أوّلًا أخًا صالحًا بأن يزيل الخشبة التي في عينه قبل أن يزيل القذى الذي في عين أخيه (متّى ٧: ٥)، وليعرفْ كيف يعاتبه إن أخطأ إليه (متّى ١٨: ١٥-١٧) وكيف يقبل توبته (لوقا ١٥: ٣٢).

إنْ عطش أحد إلى خدمة يتمجّد الله فيها، فلينظرْ أوّلًا إلى كيفيّة أدائه هو لخدمته على قاعدة التفاني والأمانة والإخلاص للإنجيل، وليس على قاعدة مقارنتها بقيمة خدمة الآخرين أو نوعيّتها. فروح الخدمة الإنجيليّة تطلق نفوسًا غيرها في الخدمة عينها وتنمّيها وتغذّيها فيصير نبعًا يفيض محبّة وتعاضدًا وتعزية.

إنْ عطش أحد إلى طهارة جسده، فليضبطْ حواسّه وشهواته ومخيّلته، وليتعلّم من القدّيسين كيف واجهوا ضعفهم وخطيئتهم وقذارتهم الداخليّة ولم يستسلموا، بل ثابروا بنعمة الله في جهاد العفّة الداخليّة، وصاروا نبعًا يروي العطشى إلى سلام النفس والفكر.

إنْ عطش أحد إلى استنارة ذهنه، فليتّضعْ داخليًّا وليعملْ بحسب إرادة الله، فينير سواه برأي نافع أو قرار حكيم أو شهادة منيرة، فتنقشع الظلمة من النفوس ويضيء نور المسيح للجميع.

إنْ عطش أحد إلى نقاوة قلبه، فلينقِّ نيّته من كلّ سوء وبغض وحقد وغضب وإدانة. ساعتها يتّسع قلبه لمحبّة القريب ومحبّة الله من دون تعب أو تذمّر أو منّة، ويبلسم عالـمًا فاقدًا للمحبّة وأفرادًا عطشى لتلمّسه مجسَّدة بينهم.

إنْ عطش أحد إلى أن يصير إنسانًا جديدًا، فليدخلْ في مغامرة الإيمان هذه، وليسرْ فيها باحثًا عن إرواء عطشه، من دون يأس من نفسه أو عدم قدرته أو ضعفه. فالعطش المتعدّد الأشكال محرّك دائم للبحث عن الارتواء، وحريّ به أن يصل إلى الملء والفيض كما أكّد يسوع: «من آمن بي تجري من بطنه أنهار ماء حيّ» (يوحنّا ٧: ٣٨). فعطشنا إلى الله يرويه الروح القدس الذي أفاضه الله بسخاء علينا في العنصرة وهو يقود سعينا، فرادى وجماعة، لنصير منارة تفيض نورًا، ونبعًا يفيض خيرًا وصلاحًا وبركة، ووحدة في الإيمان تفيض قداسة. هلّا روينا عطشنا وعطش إخوتنا وأترابنا بإيماننا وشكرنا واجتهادنا؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: أعمال الرسل ٢: ١-١١

لمّا حلّ يوم الخمسين كان الرسل كلّهم معًا في مكان واحد. فحدث بغتة صوت من السماء كصوت ريح شديدة تعسف، وملأ كلّ البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار فاستقرّت على كلّ واحد منهم. فامتلأوا كلّهم من الروح القدس وطفقوا يتكلّمون بلغات أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا. وكان في أورشليم رجال يهود أتقياء من كل أُمّة تحت السماء. فلمّا صار هذا الصوت اجتمع الجمهور فتحيّروا لأنّ كلّ واحد كان يسمعهم ينطقون بلغته. فدهشوا جميعهم وتعجّبوا قائلين بعضهم لبعض: أليس هؤلاء المتكلّمون كلّهم جليليّين؟ فكيف نسمع كلّ منّا لغته التي وُلد فيها؟ نحن الفرتيّين والماديّين والعيلاميّين وسكّان ما بين النهرين واليهوديّة وكبادوكية وبُنطُس وآسية وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية عند القيروان، والرومانيّين المستوطنين واليهود والدخلاء والكريتيّين والعرب نسمعهم ينطقون بألسنتنا بعظائم الله.

 

الإنجيل: يوحنّا ٧: ٣٧-٥٢ و٨: ١٢

في اليوم الآخِر العظيم من العيد كان يسوع واقفًا فصاح قائلًا: إن عطش أحد فليأتِ إليَّ ويشرب. من آمن بي فكما قال الكتاب ستجري من بطنه أنهار ماء حيّ (إنّما قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مُزمعين أن يقبلوه إذ لم يكن الروح القدس بعد لأنّ يسوع لم يكن بعد قد مُجّد). فكثيرون من الجمع لمّا سمعوا كلامه قالوا: هذا بالحقيقة هو النبيّ. وقال آخرون: هذا هو المسيح. وآخرون قالوا: ألعلّ المسيح من الجليل يأتي؟ ألم يقُل الكتاب إنّه من نسل داود من بيت لحم القرية حيث كان داود يأتي المسيح؟ فحدث شقاق بين الجمع من أجله. وكان قوم منهم يريدون أن يُمسكوه ولكن لم يُلقِ أحد عليه يدًا. فجاء الخُدّام إلى رؤساء الكهنة والفرّيسيّين، فقال هؤلاء لهم: لمَ لم تأتوا به؟ فأجاب الخدّام: لم يتكلّم قطّ إنسان هكذا مثل هذا الإنسان. فأجابهم الفرّيسيّون: ألعلّكم أنتم أيضًـا قد ضللتم؟ هل أحد من الرؤساء أو من الفرّيسيّين آمن به؟ أمّا هؤلاء الجمع الذين لا يعرفون الناموس فهم ملعونون. فقال لهم نيقوديمُس الذي كان قد جاء إليه ليلًا وهو واحد منهم: ألعلّ ناموسنا يدين إنسـانًا إن لم يسمع منه أوّلًا ويَعلم ما فعل؟ أجابوا وقالوا له: ألعلّك أنت أيضًـا من الجليل؟ إبحث وانظر إنّه لم يَقُمْ نبيّ من الجليل. ثمّ كلّمهم أيضًـا يسوع قائلًا: أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة.

 

الروح القدس حاضن التحوّلات

في البدء كان روح الله يرفّ على مياه الخليقة ويحضنها. وهو ما يزال يحضنها اليوم حتّى تنمو إلى قصد الله لها. وفي العنصرة توزّعت ألسنة النار على التلاميذ حتّى يجعلوا من الأرض امتدادًا لجسد المسيح.

إذا كانت الحياة المسيحيّة كما يعرّفها الرسول بولس حياة في الروح أو انقيادًا له (غلاطية ٥: ٢٥)، فهي ليست حياة موازية للحياة اليوميّة أو على هامشها، بل هي كلّ الحياة إذ يخترقها نور الروح فتتجلّى وتتجدّد من داخلها في كلّ جوانبها. كان القدّيس سلوان يطلب إلى الربّ «أن يعطي لكلّ الشعوب معرفة محبّته وعذوبة روحه القدّوس حتّى ينسى الناس الآلام ويتعلّقوا به بحبّ». فاكتشاف هذا الحبّ هو نواة الحياة المسيحيّة والقوّة الأفعل لكشف المحبّة الإلهيّة في العالم. يصبح الروح القدس لمن يتلقّاه «حوضًا من نور يجدّد كلّ من يدخل إليه... فكونه النور الذي لا يغرب يحوّل كلّ من يسكن فيه إلى نور» (القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث). نتيجة هذا التطابق أنّ المسيحيّ يشهد في العالم لملكوت ابن الله كما الروح القدس يشهد له على ما قال يسوع لتلاميذه: «ومتى جاء المعزّي... فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضًا لأنّكم معي منذ الابتداء» (يوحنّا ١٥: ٢٦-٢٧).

بإدخال الروح القدس النعمة الإلهيّة إلى عمق الخليقة، هو ينشئ شوقًا إلى الله وإلى فعله في الناس والكون. وبمقدار هذا الشوق إلى الله يرى الإنسان الله في إخوته البشر ويراهم في الله. هذا التحسّس لحضرة الله في كلّ أوان ومكان يطلق في القلب صلاة مستمرّة وفي العالم فعلًا محوّلًا. وقد يكشف هذا الشوق ذاته كمسؤوليّة تجاه الله والبشر، كفعل عبادة أو رهبة مقدّسة أو وعي حادّ لنقص المحبّة أو التزامًا حارًا لمشيئة الله. فالإنسان مهيّأ منذ الخلق لسكنى الروح فيه. يعيد الروح القدس إلى النفس قدرتها على التواصل مع الأشخاص أي يرمّم فيها حالتها الطبيعيّة. لا يُعطى للإنسان أن يرى أخاه سرًّا مبهرًا أو وجهًا حسنًا إلّا بكشف من الروح. فإذا كانت «التوبة الأولى» على ما يشرح الأب ليف جيلله هي اللقاء الأوّل والواعي مع مخلّصها كمعلّم وصديق، و«التوبة الثانية» هي المواجهة مع سرّ الصليب والقيامة في تكريس جذريّ للحياة في المسيح وطاعة للمحبّة الإلهيّة، فزمن التوبة الثالث هو عنصرة نار الروح القدس والدخول في حياة وحدة محوِّلة مع الله.

كيف نتذكّر ومضات النور في كثافة الظلام؟ كيف نتمسّك بخيوط الضوء ولا نخون أنين المتألّمين؟ هذا إبداع الروح في كلّ محبّ أفرغ نفسه ليصغي إلى صوت الله في كلّ إنسان. يحضن الروح الإبداعات البشريّة والاكتشافات العلميّة والتحوّلات الاجتماعيّة نحو الخير والعدل وانكشاف كلّ جمال وكلّ ما يحفظ سلامة الإنسان.

الروح مفجّر النبوءات في الكنيسة وخارجها أيضًا. ويرسل صوته ناطقًا بحناجر الأطفال والرضّع في الكنيسة، أي الإخوة الذين يعتبرهم البعض صغارًا. غير أنّ صراخ الأنبياء يبقى غير فعّال إن لم يقترن بحلول أو اقتراحات حلول ومرافقة رحيمة لإمكانات التحوّل. فكما تحضن الدجاجة فراخها هكذا يحضن الروح كلّ حبّات الخردل الصغيرة التي بذرها الفلاح الإلهيّ في العالم. وفي حنان أموميّ يعطي الروح لكلّ بذرة أن تغيّر هيئة الأرض التي زرعت فيها، أو بالحريّ أن تفجّر فيها قوّة التجلّي. وفي طول أناة لا توصف يتفشّى الملكوت حتّى تتآوى فيه كلّ مخلوقات الأرض.

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ: الروح القدس

التلميذ: لِمَ اتّخذ الروح القدس هيئة ألسنة من نار عند حلوله على التلاميذ؟

المرشد: السبب هو كون اللسان أداة للكلام وتاليًا أداة لإعلان البشارة. أَلا تذكر كيف قال يسوع لتلاميذه قبل موته إنّه ليس عليهم أن يفزعوا عند مثولهم أمام المحاكم ماذا يقولون، لأنّه سيُعطى لهم كلامًا وحكمة تنصرانهم في الدفاع عن الحقيقة؟

التلميذ: لماذا لم تنزل ألسنة النار في العنصرة على جميع البشر، بل على التلاميذ فقط؟

المرشد: نزلت الألسنة يومها على الذين كانوا مجتمعين بقلب واحد وإيمان واحد في أورشليم، ومنتظرين أن يتحقّق وعد المسيح بأن يرسل لهم المعزّي. ولكنّ حدث العنصرة مستمرّ في حياتنا، ونلتمسه في هذا العيد لنعيش سموّ هذه النعمة ونخدم بها أترابنا في الحقّ والمحبّة.

 

صلاة السجدة

للمطران جورج خضر

تغتنم الكنيسة فرصة تجمّع المؤمنين يوم الأحد في القدّاس الإلهيّ حتّى تقيم الغروب فورًا بعد القدّاس الإلهيّ. سوف تلاحظون أنّنا سوف نسجد على الرُكَب. هذه عادة موجودة فقط في يوم العنصرة في غروب العنصرة لأنّ الصلاة التي ستسمعونها هي صلاة توبة، لأنّ الذي يتوب ويعود إلى الله هذا إنسان ينزل عليه الروح القدس، وإذًا لا نستطيع أن نشترك في العيد إلّا إذا كنّا مطهِّرين أنفسنا من الخطيئة حتّى نستطيع أن نستوعب الروح القدس.

(...) لهذا سوف نتوب، سوف نركع، لندلّ على التوبة، فينزل الروح القدس أيضًا علينا ويُجدّدنا. «تُرسِلُ روحَكَ فيُخْلَقون وتجدّد وجه الأرض». لذلك يا إخوتي، سوف نتحوّل الآن إذا أراد الله بقوّة هذا الروح الذي نازل عليكم.

 

القدّيس نيقولاس كاباسيلاس

تعيّد له الكنيسة في ٢٠ حزيران. ولد في مدينة تسالونيكي العام ١٣٢٢م. تتلمّذ على يد المتروبوليت دوروثاوس فلاتيس- متروبوليت تسالونيكي (١٣٧١-١٣٧٩م). التحق بمدرسة الفلسفة في القسطنطينيّة حيث برع في فنّ الخطابة والكتابة، فشابه الفلاسفة اليونانيّين القدماء من جهة اللغة والبلاغة. كان من أعوان الأمبراطور يوحنّا السادس (كانتاكوزينوس) لحسن ثقافته وحدّة ذكائه الذي تنازل لاحقًا عن العرش واقتبل الحياة الرهبانيّة باسم يواصاف. مذ ذاك اعتزل القدّيس نيقولاوس الشؤون العامّة لينكبّ على التأمّل في السرّ المعيش للمسيح في الكنيسة.

عرف زمانه الصراع حول الهدوئيّة، وهو نمط يعتمد على الصلاة القلبيّة «ربّي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ». دافع القدّيس نيقولاس كاباسيلاس عن النمط الهدوئيّ الذي هو جوهريّ في الكنيسة الأرثوذكسيّة، ومن صلب إيمانها فوضع العديد من العظات والمؤلّفات في هذا المجال. من أبرزها: «الحياة في المسيح»، ونقله إلى العربيّة المثلّث الرحمة البطريرك إلياس الرابع والصادر عن «تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة».

القدّيس نيقولاس في كتابه، يطرح هذه الحياة الإلهيّة بكلّ عمقها واتّساعها، أمام الذين اعتمدوا وتنقّوا والذين تناولوا الدم والجسد الطاهرين بصورة تمور بالحياة. يطرحها حقيقة تجدّد وتخلق وتبدع وتقوّي وتشدّد وتحرّر وتغلب الموت وتحقّق الملكوت السعيد، وتنتهي بالوحدة الكاملة مع الله، الغرض البعيد والقريب من خلقه الله لخليقته على صورته ومثاله. يطرحها بطريقة ترى فيها إيمانه ووعيه وإدراكه للحقائق الإلهيّة وتشعر أنّه عاشها، ترى عمق درسه للكتاب المقدّس وعمق استخلاصاته حتّى ينتهي إلى رؤية المسيح حياةً كلّها حبّ يحتضن الإنسان ويحييه ويغذّيه بأقدس ما يُعبّر عن الحبّ، بالجسد والدم. وهكذا يعطينا المسيح كلّ ما عنده، يعطينا حضوره أسرارًا تقدّسنا وتفتح لنا أبواب الفردوس، تدخلنا ولا تخرجنا وتنقّينا لنكون فردوسًا لله ومسكنًا له وهيكلاً مقدّسًا بحضوره الكلّيّ.

Last Updated on Thursday, 17 June 2021 18:27