ocaml1.gif
العدد ٣١: بوصلة يسوع في تحديد اتّجاهات الحياة Print
Written by Administrator   
Sunday, 01 August 2021 00:00
Share

بوصلة يسوع في تحديد اتّجاهات الحياة
الأحد ١ آب ٢٠٢١ العدد ٣١  

الأحد السادس بعد العنصرة

عيد زيّاح الصليب الكريم المحيي،

تذكار القدّيسين الفتيان المكّابيّين السبعة الشهداء وأمّهم صلموني ومعلّمهم لعازر

 

كلمة الراعي

بوصلة يسوع في تحديد اتّجاهات الحياة

بوصلة يسوع في تحديد اتّجاهات الحياة يعرض علينا يسوع في حادثة شفاء المفلوج بوصلة لاستخدامها في اتّجاهات متعدّدة، بحسب قدرة إبحار كلّ منّا واستعداده الداخليّ ورغبته في الحصول على صيد وفير. كيف يكشف لنا يسوع عن هذه البوصلة في علاقته مع المفلوج والذين أحضروه إليه، ومع الكتبة الذين راقبوا مجرى الأحداث والجموع الحاضرة؟ ماذا كان ردّ فعل الذين تلقّوا عرض يسوع؟ ما هي الاتّجاهات التي أشارت إليها بوصلته؟ فلنتأمّل في اتّجاهاتها:

اتّجاه البوصلة الأوّل هو مرجعيّتنا. يوجّه يسوعُ ببوصلته أنظارنا إلى الله، فهو القادر على كلّ شيء. هذا فهمناه من قول يسوع للمفلوج بصيغة المبنيّ للمجهول، أي صيغة التورية الكتابيّة التي تُستعمَل للإشارة إلى الله: «مغفورة لك خطاياك» (متّى ٩: ٢). فالأهمّ دومًا وأبدًا هو أن نطلب الله قبل كلّ شيء وأن تكون مصالحتنا معه هي نقطة بداءة كلّ شيء. أَوَليس هذا التذكير في مكانه اليوم، أمام تقاعسنا الكبير والنامي والمتمادي في عدم إيلاء الفراغ الروحيّ الذي فينا العناية اللازمة، وبحثنا الوحيد عن البُعد المادّيّ للأزمة القائمة؟

أمّا اتّجاه البوصلة الثاني فهو إيماننا بالله. يسوعُ يوجّه قوانا الداخليّة نحو تفعيل إيماننا، فهو الصلة التي تجعلنا قائمين في حضرة الله الحاضر دومًا من أجلنا. هذا نستدلّ عليه من تشجيع يسوع للمفلوج على الثبات في استعداده الحسن: «ثقْ يا بنيَّ» (متّى ٩: ٢)، وذلك رغم الواقع المرير الذي يعيش فيه، أو ربّما لأنّه بالضبط رازح تحته وليس بمقدوره تغييره بمفرده. هل بمقدورنا يا تُرى أن تشجّعنا كلمات يسوع للمخلّع على أن نتمالك أنفسنا من التهوّر ومجاراة محيطنا في حالة الإحباط التي يعيشها أو اليأس الذي يصيبه؟

وهاكم الاتجاه الثالث للبوصلة: إنّه سلّم أولويّاتنا. يضع لنا يسوع أولويّاتنا في الحياة على أساس أسبقيّة الروحيّات على المادّيّات. ها هو يساعد الحاضرين على أن يرفعوا أنظارهم نحو العُلى عوضًا من أن تبقى مسمّرة نحو أسفل، ويعطي الصدارة لشفاء الروح على شفاء الجسد. هوذا وجه المفاضلة الذي عبّر عنه: «أيّما أيسر أن يُقال: مغفورة لك خطاياك أم أن يُقال: قمْ وامشِ؟» (متّى ٩: ٥). فهل يجدر بنا بعد اليوم أن ننحصر بطلب المادّيّات وأن نغفل عن طلب الروحيّات أو أن نطلبها بدرجة ثانويّة باهتة؟

أمّا اتّجاه البوصلة الرابع فهو قلب الإنسان الخفيّ. يهمّ يسوع أن نطلّ على حالة قلبنا الداخليّة وأن نميّز نوعيّة الأفكار فيه وأن نعمل على تنقيته مـمّا لا يتلاءم والصلاح الذي ينتظره الله منّا. كشف يسوعُ هذه الحالة لدى الكتبة في طريقة قراءتهم عمل الله واعتقادهم الراسخ بأن يسوع يجدّف عندما منح الغفران للمفلوج: «لماذا تفكّرون بالشرّ في قلوبكم؟» (متّى ٩: ٤). أَلعلّه لدينا نحن أيضًا أفكار مشابهة في مقاربتنا واقعنا وطريقة تدخّل الله فيه أو عدم تدخّله فيه؟ أَلعلّ أفكارًا كهذه هي التي تشكّل في العمق الحاجز الكبير أمام رفع الصلاة من القلب وتجرّنا نحو مهوار روحيّ يزيد من تعبنا وإنهاك ما تبقّى من قوانا؟

وأخيرًا الاتّجاه الخامس للبوصلة يكمن في شهادتنا اليوميّة. يرغب يسوعُ في أن نستخدم بوصلته في معيشتنا وشهادتنا اليوميّة. فهناك بيت القصيد، وهناك وجّه يسوعُ المفلوجَ ليعيش عطيّة الحياة الجديدة التي حصل عليها: «قمْ احملْ فراشك واذهبْ إلى بيتك» (متّى ٩: ٦). وجب على المفلوج أن يشهد هناك حيث قضى سابقًا طريح الفراش لكيما تصير بوصلة الحياة التي قدّمها يسوع عطيّة لغيره تنطلق من محيطه الضيّق إلى أوسع منها، والتي رأينا براعمها بما اعتملت نفوس الجموع إثر الحادثة: «فلـمّا رأى الجموع تعجّبوا ومجّدوا الله الذي أعطى الناس سلطانًا مثل هذا» (متّى ٩: ٨). فمتى يأتي دورنا للانتقال من دور المفلوج المحمول إلى يسوع إلى دور المؤمن المرسَل من يسوع، ومن دور المراقِب الذي يدين عمل الله إلى دور الممجِّد لهذا العمل، ومن دور المتفرّج على آلام الآخرين إلى دور المساعِد إيّاهم على احتمالها وتخطّيها؟

أعطانا يسوع البوصلة التي تحتاج إليها نفوسنا حتّى تخرج من بلادتها الروحيّة وعدم إحساسها بخطيئتها، وتكوّن تاليًا قوّتها الروحيّة الآتية من الإيمان به والمستندة إليه والفاعلة به، وتجد في تشجيعه («ثقْ يا بنيّ») ونعمته («مغفورة لك خطاياك») وإرساله إلينا من جديد («اذهبْ إلى بيتك») طريقة لتجسيد تدبيره في حياتنا وحياة أترابنا، ولو أتيناه في وهن شديد (كالمفلوج)، ولو تعرّضنا لوابل من الانتقاد أو التهكّم أو التشكيك في قدرة الله وصلاحه («هذا يجدّف»)، مؤمنين بقدرة الجماعة التي تحتمل ضعفاتنا وشاكرين لها سعيها في أن تقدّمنا إلى المسيح كما نحن في وهننا («وإذا مفلوج يقدّمونه إليه»). 

بالعمق، يسوع هو بوصلتنا! هلّا شكرنا من القلب جميع مَن لهم الفضل علينا، في السماء وعلى الأرض، في تعب وصبر وصلاة وتفانٍ، يومًا بعد يوم، في العلن والخفاء، في تأديب وتشجيع، الذين يقدّمون لنا البوصلة ويقدّموننا للمسيح حتّى نقوم إلى الحياة الجديدة فيه؟

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: رومية ١٢: ٦-١٤

يا إخوة إذ لنا مواهب مختلفة باختلاف النعمة المعطاة لنا فمن وُهب النبوءة فليتنبّأ بحسب النسبة الى الإيمان٠ ومن وُهب الخدمة فليلازم الخدمة، والمعلّم التعليم، والواعظ الوعظ، والمتصدّق البساطة، والمدبّر الاجتهاد، والراحم البشاشة. ولتكن المحبّة بلا رياء. كونوا ماقتين للشرّ وملتصقين بالخير، محبّين بعضُكم بعضًا حبًّا أَخويًّا، مبادرين بعضُكم بعضًا بالإكرام، غير متكاسلين في الاجتهاد، حارّين بالروح، عابدين للربّ، فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة، مؤاسين القدّيسين في احتياجاتهم، عاكفين على ضيافة الغرباء. باركوا الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا.

 

الإنجيل: متّى ٩: ١-٨

في ذلك الزمان دخل يسوع السفينة واجتاز وجاء إلى مدينته. فإذا بمخلّع ملقًى على سرير قدّموه إليه. فلمّا رأى يسوع إيمانهم، قال للمخلّع: ثق يا بنيّ، مغفورة لك خطاياك. فقال قوم من الكتبة في أنفسهم: هذا يُجدّف. فعلم يسوع أفكارهم فقال: لماذا تفكّرون بالشرّ في قلوبكم؟ ما الأيسر، أن يقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم فامشِ؟ ولكن لكي تعلموا أنّ ابن البشر له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمخلّع: قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام ومضى إلى بيته. فلمّا نظر الجموع تعجّبوا ومجّدوا الله الذي أَعطى الناس سلطانًا كهذا.

 

حفظ الأمانة في الصعاب

حَبانا الله بالكثير من النعم والمواهب بمسحة الروح القدس التي بها خُتمنا. «لكن الذي يثبّتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله. الذي ختمنا أيضًا وأعطى عربون الروح في قلوبنا» (٢كورنثوس ١: ٢١-٢٢). هذه المواهب هي لنموّ الإنسان روحيًّا لكي يصل إلى ملء قامة المسيح (أفسس ٤: ١٣)، ولتسخيرها في خدمة جماعة المؤمنين ونموّها في حياة الملكوت. من هنا تأخذ الأمانة حيّزًا كبيرًا في حياة المؤمن. التي دافعها ومحرّكها أوّلًا وآخرًا المحبّة، فهي الوجه الساطع للمحبّة الصادقة والمُخلِصة لله «إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبّتي كما أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبّته» (يوحنّا ١٥: ١٠). لا ريب في أنّ الأمانة هي الشيمة المرافقة والحافظة لكلّ الفضائل التي يسعى الإنسان المسيحيّ إلى تحقيقها، فلا خدمة من دون أمانة، لا عطاء من دون أمانة، لا تعليم من دون أمانة، لا تضحية من دون أمانة، لا شهادة من دون أمانة.... والشهداء الفتية المكّابيّون السبعة مع أمّهم صلموني ومعلّمهم لعازر، الذين عاشوا في القرن الثاني ق.م.، في فترة حكم السلوقيّين للشرق الذين حاولوا بالقوّة إدخال العادات اليونانيّة على الأمّة اليهوديّة مانعين إيّاهم من ممارسة شعائرهم كتقدمة الذبائح في الهيكل والختان وقراءة التوراة، وإجبارهم على عبادة الآلهة الوثنيّة، واجهوا ببسالة طغيان السلوقيّين وجبروتهم، محافظين على شرائع آبائهم، غير خائفين ممّن يقتل الجسد (متّى ١٠: ٢٨) فقدّموا حياتهم على مذبح الشهادة، ورغم أنّهم عاشوا قبل تجسّد الربّ يسوع اعتبرتهم الكنيسة شهداء له لأمانتهم لله وزهدهم بالأمجاد العالميّة.

الصعوبات التي واجهت المسيحيّين منذ انطلاقة الكنيسة يوم العنصرة، هي هي في كلّ العصور، كما اليوم الحاضر، اضطهادات، أوبئة، هرطقات، انشقاقات داخل الكنيسة.... لكن تبقى الصعوبة الكبرى هي في صراعنا ومنازلتنا مع فكر هذا العالم وشهواته. «لأنّ كلّ ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظّم المعيشة ليس من الآب بل من العالم» (١يوحنّا ٢: ١٦)، بحيث عرف العالم المعاصر، الذي أدرك نقطة ضعف الإنسان أي حبّه لنفسه وميله إلى أن يكون مركز العالم فكلّ هوى وشهوة ضارّة منبعها حبّ الذات، كيف يسوّق لهذه الشهوات بشتّى الطرائق والوسائل، موجّهًا العقول والقلوب إلى تقبّلها على أنّها أمر طبيعيّ، فيقع الإنسان في ما سمّاه الآباء «اللاحسّ» أو موت الضمير، وتاليًا يسمح بكلّ شيء لنفسه منجرًّا إلى الانغماس في الموبقات من دون أن يرفّ له جفنٌ. فيصبح الباطل هو الحقّ، لذلك ليس غريبًا أن نرى تصرّفات غريبة وممقوتة صادرة من البعض: من ظلم، وحقد، واستغلال صعوبات الناس في الأزمات طمعًا في تحقيق مكاسب سريعة، لو على حساب الإيمان. فأصبح الآخر خادمًا لشهوات المستغلِّين وطموحاتهم، الذين أمسَوا بشكل وبآخر قاتلين لإخوتهم بإساءة استخدام المقدّرات والإمكانيّات والطاقات التي يملكونها.

الظروف الصعبة الحاضرة تحاصرنا وتتحدّى ثباتنا في إيماننا، ومحبّتنا لله. السؤال هو كيف نحافظ على محبّتنا الأولى (رؤيا ٢: ٤). يحثّنا الرسول بولس على إعادة تقويم مسيرتنا بكمالها: «اسهروا. أثبتُوا في الإيمان. كونُوا رجالًا. تَقَوُّوا» (١كورنثوس ١٦: ١٣). السهر واليقظة هما المثابرة على توطيد علاقتنا بالربّ يسوع القائمة على الصلاة، وقراءة الكلمة الإلهيّة، والمساهمة في القدسات، والالتزام بالأصوام. واليوم نلج مسيرة صوم السيّدة الذي هو مجالٌ لإعادة إحياء الفضائل، ودافعٌ للسلوك على منهج والدة الإله في أمانتها وطهارتها. هكذا نكون في جوّ روحيّ يرسّخ فينا الأمانة الدائمة لله، يُعطينا عزيمةً وثباتًا ورجولةً وإقدامًا لمواجهة أهوال هذا الدهر مهما كانت صعبةً، وضاغطةً، ومهدِّدةً لنا بالخوف والقلق من الغد، والموت...

اليقظة تُوجب على الإنسان أن يكون أمينًا تجاه الله، وتجاه نفسه، وتجاه الآخرين. الإنسان الأمين في علاقته مع الله، لا يقبل إطلاقًا ما يفصله عنه (رومية ٨: ٣٨-٣٩). لا يتهاون ولا يتخاذل، ولا يقبل السير في طرق ملتوية، بل يفحص كلّ كلمة، وكلّ تصرّف واضعًا إيّاهما تحت مجهر كلمة الله ومشيئته، مراقبًا نموّه الروحيّ من جهة حُسن استخدام المواهب الممنوحة له من الروح القدس. وفي الوقت عينه يسعى بكلّ طاقته من أجل خلاص الآخرين ومشجّعًا لهم ومساعدًا إيّاهم، في حال تعثّروا روحيًّا، على المضي قُدُمًا في طريق الملكوت.

تبدأ أمانة الإنسان بالأمور الصغيرة والله يباركه على نيّته الحسنة، ويفيض عليه بالبركات والنعم. فمن كان أمينًا على القليل يقيمه الله على الكثير (متّى ٢٥: ٢١).

 

من تعليمنا الأرثوذكسيّ:

بين أعياد السيّد وأعياد السيّدة

التلميذ: لماذا تُسمّى أعياد والدة الإله أعيادًا سيديّة؟

المرشد: ندعوها أيضًا الأعياد الوالديّة. هي سيّديّة لارتباطها بالسيّد الربّ يسوع المسيح الذي هو محور العيد. فأعياد والدة الإله ترتبط بالخلاص لأنّها هي التي ولدت المخلّص. في البدء، كانت الكنيسة تعيّد للقيامة، ثمّ للأحداث المتّصلة بها، ومع الزمن رتّبت أعيادًا لوالدة الإله مشابهةً لأعياد السيّد.

التلميذ: ما هي هذه الأعياد؟

المرشد: تبدأ أعياد والدة الإله بميلادها في مطلع السنة الكنسيّة (٨ أيلول)، ثمّ نعيّد لدخولها إلى الهيكل (٢١ ت٢) وبشارتها (٢٥ آذار)، ورقادها (١٥ آب).

ما يشبهها من أعياد السيّد هو عيد ميلاده (٢٥ ك١)، ودخوله إلى الهيكل (٢ شباط). أمّا الأعياد السيّديّة الأخرى فتشمل عيد رفع الصليب المقدّس (١٤ أيلول)، ختانة الربّ يسوع بالجسد (١ ك٢)، وظهوره الإلهيّ (٦ ك٢)، وقيامته من بين الأموات (الفصح)، وصعوده، والعنصرة (حلول الروح القدس على التلاميذ)، وتجلّيه (٦ آب).

التلميذ: أتذكّر أنّنا بعد عيد الميلاد نقيم القدّاس الإلهيّ في اليوم التالي لوالدة الإله. هل هذا عيدٌ سيّديٌّ أيضًا؟

المرشد: كلّا، هذا يُسمّى عيدًا جامعًا لوالدة الإله. نعيّد لها بعد عيد الميلاد في ٢٦ ك١ لأنّها كانت الأداة لتجسّد ابن الله. العيد الجامع يكون في اليوم الذي يلي كلّ عيد سيّديّ، ونعيّد فيه للأشخاص الذين كان لهم دورٌ في العيد. مثلًا بعد ميلاد السيّدة نعيّد عيدًا جامعًا لوالدَيها يواكيم وحنّة؛ وبعد بشارتها نعيّد عيدًا جامعًا للملاك جبرائيل الذي كان وسيلة البشارة.

كلّ عيد سيّديّ، أكان للسيّد أم للسيّدة، له ارتباطٌ مباشرٌ بخلاصنا نحن البشر. لكي نلمس ذلك، علينا أن نقرأ الحدث في الإنجيل ونتأمّله مصوَّرًا في أيقونة العيد. وأنصحك أيضًا بأن تشارك في غروب وسحر العيد والقدّاس الإلهيّ، لكي تتمعّن في المعنى الموجود في القراءات والقطع والطروباريّة.

 

التجلّي

للمطران جورج خضر

ماذا حدث على جبل التجلّي؟ أيًّا كان هذا الجبل، أهو ثابور في الجليل أم حرمون جبل الشيخ عندنا هنا؟ فالعلماء مختلفون حول هذا الموضوع.

هذا ليس بالشيء المهمّ. الأمر المهمّ أنّ السيّد كان في منعطف، في سيرته هنا على الأرض، كان بمنعطف والمنعطف بعد التجلّي أخذ يكلّم التلاميذ عن موته المزمع أن يكون في أورشليم. (...) مجد المسيح أتاه بالقيامة فأراد أن يكشف شيئًا منه قبل الموت وأخذهم إلى هذا الجبل، وظهر لثلاثة منهم وهناك ظهر إليه موسى وإيليّا. ما معنى ذلك ولماذا؟

موسى كان يمثّل في عقل اليهود الشريعة، هو صاحب الشريعة في العهد القديم ومُبلّغها من الله إلى الناس، وإيليّا كان رمزًا للأنبياء جميعًا. (...)

تجلّى، ما معنى ذلك؟ كانت حوله السحابة وفي أيقوناتنا لو درستموها هنا، لرأيتم أنّ المسيح نيّر والسحابة حوله نيّرة والكون حوله نيّر. النور منه ينبثق إلى ما حوله وإلى كلّ العالم.

قبل ذلك كان النور مخفيًّا فيه وهنا أعيدكم إلى الرسالة إلى أهل فيليبّي حيث يقول عن المسيح وعن تجسّده وتواضعه «الذي كان في صورة الله لم يحسب غنيمة أن يكون في صورة الله، لكنّه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا بشبه الناس». أي لمّا اتّخذ المسيح جسدًا من العذراء ما عاد المجد ظاهرًا فيه وظهر عليه متجلّيًا.

(...) نحن الآن أمام قيامة مصغّرة، لذلك مهمّ أن تأخذوا من هذا النور في حياتكم، في السلوك ولا تتعلّقوا بشيء غير المسيح.

Last Updated on Thursday, 29 July 2021 17:29