Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2015 زكا العشَّار ٠١/٢٤/٢٠١٥
زكا العشَّار ٠١/٢٤/٢٠١٥ Print Email
Saturday, 24 January 2015 00:00
Share

زكا العشَّار   

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت ٢٤/١/٢٤-١٥

georgekhodr   قصّته في الإنجيل قصة المال وجباة المال وكل الذين يلتمسونه. لا أعرف خطيئة حذّر منها يسوع كما حذّر من خطر المال. هل انه رآه أشد من الأخطار الأخرى؟ قال عنه إننا نعامله كرب يسود علينا. ربوبية الملك الذي نملك عندما يقول السيد: "لا تعبدوا ربين الله والمال" تعني في اللغة البسيطة انك تعتبر المال مساويًا لله.

 كشف يسوع الناصري كيف يرى سلطة الخطيئة على الناس. هي شبيهة بسلطة الله علينا ان آمنا. لها قوة الله ان قبلناها لكوننا نؤلهها لنملك. اذًا الخطيئة بديل الله لمن شاءها.

العشّارون جُباة عند السلطة الرومانية ولكن يُعشّرون حسب شريعة موضوعة أي يجمعون من المواطن عُشر دخله الأساسي. منهم كان متى الذي صار رسولًا للمسيح والضريبة هم يحدّدون مبلغها اذ لم يكن في ذلك الزمن محاسبة تدل الجباة على دخل المواطن اليهودي. وكان شائعًا انهم يحتفظون لأنفسهم بقسم من المبلغ الذي يجبونه. ما كانت سلطة تراقب الأرقام. الوضع كله كان يدفع الجابي ان يكون ظالمًا اذ كان وحده الذي يقرّر المبلغ. ولانعدام الرقابة على الجباة كان المعتقد السائد انهم يسرقون من مال الضريبة.

من هؤلاء الكبار كان الرجل القصير الذي اسمه زكا وكان لفضوله يريد ان يعرف هذا النبي الجديد الذي تكلّم عنه جميع الناس. كان هذا في أريحا. كيف لزكا ان يرى يسوع والجموع تزحمه؟ صعد إلى جميزة على الطريق التي كان الرب يجتازها. كان مشتاقًا إلى رؤيته. فضول أو حبّ؟ المهم في النص ان زكا لما لم يتمكن من رؤية يسوع لازدحام الجموع صعد إلى جميزة ليراه.

فلما وصل يسوع إلى الشجرة قال للرجل: "اسرع سريعًا يا زكا، لأني سأقيم اليوم في بيتك". كيف أراد يسوع نفسه ضيفًا هكذا؟ المهم قول الإنجيل ان الرجل نزل مسرعًا واستقبل الرب بفرح. هذا الرجل الخاطئ زكا كيف جاءه الفرح بالمعلم؟ كيف تاب فجأة؟ هذا سرّ رؤية الانسان ليسوع. رؤية يسوع تبدأ عند الخطيئة وتنقلب حياة جديدة. دخلت إلى هذا الإنسان الحياة الجديدة اذ قال: "سأعطي الفقراء نصف أموالي". تحوّل قلب الرجل. رأى يسوع هذا فقال: "اليوم وصل الخلاص لهذا البيت". وقمّة الكلام قول الرب: "ابن الإنسان جاء ليبحث عن الهالكين ويخلصهم". ما قال: جاء ليبحث عن الذين تهددهم خطاياهم بالهلاك. قال ان الذين حسبوا هالكين ما بقوا هالكين بسبب من محبته لهم.

ما معنى ان الخاطئ تمحى خطيئته؟ المعنى ان الرب لم يبق محاسبًا له اذا تاب أي لا يرى خطيئته في ماضيه اذ لم يبقَ له حلف مع الخطيئة ويراه الآب إنسانًا جديدًا لانه غيَّر عقليّته. هذا معنى لفظة توبة في الأصل اليوناني أي اكتسب عقل المسيح. يراك الله في خلقك الأول قبل السقوط. ليس عند الله سجل حسابات. عنده فقط سجل توبات.

عندي شعور فيما أقرأ الكتاب المقدس بجملته ان للرب ميلاً خاصًا، فريدًا إلى الخطأة اذا تابوا ربما لأن مؤلّفي الأناجيل يحسبون أن الأبرار هم له. تحسّ ان كتبة الكتاب يميلون إلى الخطأة اذا تابوا ربما لأن الأبرار مقيمون دائمًا في الملكوت.

أظن ان أهمية زكا العشار عندنا، اننا نحس أنفسنا قريبين اليه وان كلا منا لم يبق يائسًا من توبته مهما عظمت خطيئته لأن بهاء يسوع أنه يشعرك بأنه قريب منك في عمقك البشري حتى ينسيك خطاياك فلا تبقى حزينًا بها ولكنك تنتقل إلى الفرح الذي نزل عليك بالتوبة.

دائمًا شدّني الخطأة الكبار اليهم اذا تابوا لأنني اعرف ان الرجوع كان مستحيلًا وان قدرة الله وحدها تجعله ممكنًا. التوبة الحقيقية سرّ. لا تعرف أنت كيف ذهبت عنك الخطيئة وكيف عاد اليك وجه الله. كل لقائنا بالله سرّ.

دائما كان يذهلني ما كنت أحسّه عند قراءتي كيف ان الأبرار يفرحون حتى التهليل برجوع الخطأة وما كانوا يتكلّمون الا قليلاً عن بقاء القديسين في الطهارة مع ان هذه ليست من المسلمات. هذا سر الله مع محبيه. هذا سر عشقه لنا. دائمًا كان يلفتني في أدب التقوى عندنا ان كبار الكتاب ما كانوا يمدحون الراسخين في الطهارة كما كانوا يتهللون لرجوع الخطأة. ربما لأن كل كاتب في القداسة يشعر نفسه خاطئًا.

الصلاة المألوفة عند المؤمن في كنيستي هي هذه: "ارحمني يا رب، يا يسوع المسيح، أنا الخاطئ". هذه نصر عليها اذ نعتبر هذا الدعاء أساسيًا في معركتنا مع آثامنا. هذا الدعاء يتعلّمه أولًا كل من باشر في حياة الصلاة عندنا. وهو يتضمّن اعترافين أولهما الاعتراف بيسوع مخلصًا ثم الاعتراف بنفسك خاطئًا. بعد هذا يمكنك الدخول إلى سرّ المسيح.

وصلاة العشَّار هذه نتلوها على السبحة الأرثوذكسية التي لا يعرف عنها الكثيرون ويقول الأكابر عندنا انك اذا تلوتها تكون قلت كل شيء. وقرأنا من قال: ان دعاء اسم يسوع (يا يسوع المسيح ابن الله ارحمني انا الخاطئ) فيه كل الصلاة وكان بعض يقولون انه يغنيك عن كل صلاة أخرى. ولكنا لم نهمل نحن من أجله أي صلاة تعلمناها. وبقيت صلاة العشَّار حبًا لنا كبيرًا ولاسيما لعلمنا ان الرهبان في كنيستنا يتلونها مئات المرات في اليوم على سبحة القماش التي يحملون. وفي أيامنا اتخذ بعض الشبان السبحة عن رهباننا وباتوا يحملونها ويتلونها. ورأيت بعضا منا يتلونها وما كانت معهم سبحة. هذا كان جديدا في أرثوذكسية هذه البلاد والجديد فيها كثير.

أيَّة كانت معرفتك بالروحانية الأرثوذكسية تبقى صلاة العشَّار ملجأ أمينًا لك في ضعفك وفي توبتك.

Last Updated on Saturday, 24 January 2015 02:19
 
Banner