Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2016 الجشع ٠٢/١٣/٢٠١٦
الجشع ٠٢/١٣/٢٠١٦ Print Email
Saturday, 13 February 2016 00:00
Share

الجشع

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار السبت ١٣ شباط ٢٠١٦

georgekhodr  الدعوة الإلهية ان تتحرّر، من كلّ سلطة إلاّ من سلطتها، لكون الله لما يستعبد أحدًا. «لستم عبيدًا بعد. أنتم أبناء». والمالك يغريه الملك. المالك الذي يحبّ مُلكه مملوكٌ لما يملك. لذلك، كانت الحريّة فقط ان يملك الله، بحيث تحسّ ان ما بين يديك ليس ملكًا لك. هذا شرط شعورك ان ما بين يديك أشياء وليست أكثر. لا تُوجِدك ولا تَزيدك، وليس دونها نقصان.

لك ان تعرف، بحياة روحيّة عميقة، ان ما بين يديك يكون أحيانًا الغاء للوجود الحقيقيّ، وتُدرك بهاءً كبيرًا ان عرفت انّك لست بما تملك، ولكن ان امْتَلكَكَ الله. هذا هو الفقر بمعناه الروحيّ العظيم. أنت بما أنت، وبالحري بما يراك الله عليه، وغير هذا باطل. فإذا اشتهيتَ المُلك وأحسَسْتَ انك تعظمُ به، يتركك الله إلى اللاشيء الذي هو المُلك.

عند لوقا: طوباكم أيّها الفقراء، أي الذين يؤمنون أنّ ربّهم غِناهُم، ولا يَزيدون عليه ذرّة من هذه الدنيا. ان تربّي نفسكَ على أنّ ربّك هو المُبتغى، هذه غاية مناك، إذ ليس شيء آخر يُبتغى. أنت مُشته حقًا، إذا أحسَسْتَ أنّ ذرّة واحدة في الكون تزيدك شيـئًا. وأنتَ لست بمُشتَه، إنْ آمنتَ أنّ الدُنيا ليست بشيء يُزاد عليك.

الدنيا في استعمالك لمجد الله وتمجيدك بالله، ولكن في جوهرها، لا تُعطيك شيئًا فوق قيمتك بالله. لا يستخدمك شيء أو إنسان. كنْ خادمًا للجميع بما يحتاجون إليه. اعطهم ما تقدر ولا تُساعدهم على الجشع. ان تأكلَ وتشربَ مع أولادك وتدفعهم إلى المحبّة، هذا ما يكفيك ويكفيهم. مكافأتُك فوقْ. وتعلَّم، أنَّ مواهبك الروحيّة تفوق كلّ غناك، واصرفْ غناك لإنماء مواهبك الروحيّة.

في المزامير، «بدّد أعطى المساكين». أراد أن يقول بدّد، ليدعو إلى أعظم عطاء ممكن، لأنّك في فتح يدَيكَ تخلُص.

الآخرون هم الوجود، وأنت حقًا لا تعرف أنّك موجود، ما لم تُنكر نفْسَك في سبيل الآخرين. إذ ذاك، يُعيد الربّ نفْسَكَ إليك. لا ترْ إلى وجهك دائمًا في المرآة، لأنه تموت إذ ذاك، موتًا نرجسيًا كذاك الذي تأمّل بوجهه في البركة وغرق في رؤية وجهه ومات. فقط، إذا رأيتَ إلى وجوه الآخرين تحبّ.

لا تستطيع بالمال ان تزيد على قامتك ذراعًا واحدة. إذا كُنتَ سعيدًا في فقْركَ فأنت ملك. لا تشته شيئًا، يُعطك ربّك ما تحتاج إليه. كُنْ أنتَ بالمحبّة طعامًا للآخرين، ينموا وتنمو. يُطعمك الله ما تحتاج إليه، لا تخف، كن فقيرًا إليه، لا يتركك.

لا تَصلْ إلى هذا ما لم تفهم، أنّك بالمال لا تقدر أن تزيد على قامتك ذراعًا واحدة. أنت، إنسانًا، شبيه بالله وتنمو بنعمته، إنسانيّتك باستقلالك على كلّ الموجود. إذا اشتهيتَ، تبقى على شهوتك ولا تكتسب شيئًا. أنت لا تصير إلاّ من ذاتك. لا تصير بأشيائك. الأشياء التي تُزاد لك، لا تصيّرك أفضل ممّا كنت. أنت تنمو من ذاتك، من نعمة الله إذا نزلت عليك. لا تنميك أشياء اكتسبتها. لا تعظّم ذاتك بما اقتنيت. قد يكون أي فقير محبّ الله وللآخرة أعظم منك.

ما قلت ان اكْره المال. المخلّص قال، لا تستطيعون ان تعبدوا الله والمال. أن تعبد الله، تعني انه بات هو لك كلّ  شيء. أن تعبد المال، تعني أيضًا أن المال صار لك كلّ شيء، أي انك اقتنعت انك تتّخذ حياتك منه. هذا حاصل لكثير من الناس. لذلك قد يقيمون كلّ صلواتهم ولا يلتقون فيها الله. عندما قال يسوع، خذوا كلوا هذا هو جسدي، أراد بوضوح انك قادر ان تأخذ الله إلى ذاتك، وان تجعله من ذاتك ولا مكان فيك له ولغيرك معًا. إذا كان الجشع ان تأكل أشياء هذه الدنيا، تكون قد عنيت انك لا تقبل الله مأكلاً لك وقد دعاك ان تأكل جسده وتشرب دمه. عندما دعاك يسوع ان تأكل جسده وتشرب دمه، أراد بهذه الصورة ان يقول إنك قادر ان تجعله إيّاك، أي ان تجعل ذاته في ذاتك فتصيرها. الحقيقة انك لا تستطيع ان تأكل معًا جسد ابن الله وشيئًا آخر. لك ان تقرّر ابتلاع جسد ابن الله لتحيا.

Last Updated on Saturday, 13 February 2016 09:02
 
Banner