Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2011 المسيحيــــون المشرقيــــون 01/15/2011
المسيحيــــون المشرقيــــون 01/15/2011 Print Email
Saturday, 15 January 2011 00:00
Share

المسيحيــــون المشرقيــــون 

المطران جورج خضر، جريدة النهار 01/15/2011

العبارة لها دلالة لاهوتية لا جغرافية. فهناك لاهوت غربي خاص نما في القرن الثالث عشر وهناك لاهوت شرقي يحافظ على فكر الآباء القدامى بصورة حادة. غير اننا في هذه العجالة نتكلّم على كل المسيحيين القاطنين المشرق العربي، على اولئك الذين انضموا فكريا ونظاميا الى الكثلكة والذين لم ينضموا، ذلك ان هناك مكونات مشتركة لكل الكنائس كالنظام البطريركي او المجمعي وأحيانا هيمنة للغة قديمة في العبادات مثل السريانية والقبطية والأرمنية والحبشية القديمة واتخاذ هذه الكنائس طابعا اثنيا ما لم يحل دون تفشي العربية في الصلاة. فاذا استثنينا إثيوبيا نرى هذه الجماعات المذهبية قاطنة الشرق العربي.


الى هذه الجماعات ظهرت الحركة الإنجيلية منذ الثلث الأول من القرن التاسع عشر التي لعبت دورا مهما في النهضة العربية وفي نشر مبادئ الإصلاح البروتستنتي وتأسيس التعليم الجامعي.
وعلى كون بعض من هذه الكنائس تفرعت عن الجذر القديم وعلى بقاء الأصل والفرع وما بينهما من خلاف واختلاف فإن ما يجمع كل المسيحيين في هذه المنطقة ايمانهم الواحد بالمسيح واتباعهم انجيلا واحدا ودستور ايمان واحداً ما يجعل الرؤية الى وحدتهم امرًا شرعيا. وهم يتقاربون كثيرا في المحبة وذوق الإلهيات والتعاون على الأرض من بعد منتصف القرن التاسع عشر وتجمعهم المحنة اذا حلت بفريق اذ يحسون ان استضعاف هذا الفريق يصيب الجميع. من هذه الرؤية صح إحساسنا بوحدة المسيحيين المشارقة فعلى عدم احصاء دقيق ارى انهم لا يقلون عن خمسة عشر مليونا في العالم العربي وهم انتشروا فيه من بعد موت المسيح بقليل يحمل رسالته الى كل أصقاع هذه الديار تلاميذه الاثنا عشر ورفقاؤهم في الرسالة.
واذا اخذتهم جملة لا يصح السؤال متى جاؤوا. هم كانوا قبل تدوين الأناجيل في سوريا ولبنان وفلسطين وآسيا الصغرى (تركيا الحالية) ومصر. عندنا مد مسيحي منذ البدء ولم ينقطع وحسب المؤرخين المحدثين كانوا في اواسط القرن الثالث عشر 75% من اهل بلاد الشام والى فترة قريبة 30% فيها.

• • •

وما كان أهم من العدد كانت سوريا بمعناها التاريخي ومدينة الاسكندرية في الألفية الأولى تحملان كل الفكر المسيحي اي في زمن لم تكن فيه اوروبا شيئا. كل المسيحية عقيدة ونسكا ورهبانية كانت هنا. وكفاك ان تقرأ أعمال الرسل لترى ان الايمان المسيحي حمله الى العالم دعاة ذهبوا الى الغرب من انطاكية عاصمة ولاية المشرق الرومانية وحسبك ان تعرف ان المسيحية اجتاحت كل الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط انطلاقا من صور.
لذلك كان من جهل التاريخ ان يقرن اسم المسيحية بالغرب. الغرب ولدناه نحن في المسيح حتى استقام عقله الديني. ولما أحس بقوته العسكرية في آخر القرن الحادي عشر شن علينا (وقلت علينا) ما سميناه حروب الفرنجة في القدس فذبحوا الأرثوذكس والأرمن والمسلمين معا. وفي الحملة الرابعة التي شنوها على القسطنطينية السنة الـ 1204 دمروها ودنسوا كنيسة ايا صوفيا. لماذا تحولت هذه الحملة عن فلسطين لكسر امبراطورية مسيحية؟ نحن لم نكن اذًا حلفاء الغرب وما اشتركنا في إبادة المسلمين.
لذلك عندما يسمينا أيمن الظواهري صليبيين يكون غير قارئ للتاريخ او يتجاهله. لماذا ندفع نحن ثمن الغباوة الغربية؟ ولماذا ينظر بعض القوم على اننا جالية مزروعة هنا وغير أصيلين؟ متى تهب ربي عقولهم العدل حتى يثقوا بنا ونحن لم نخرب كيان احد؟ عندما نتهم بمحالفة الاستعمار هل يعني ذلك اننا رفعنا المعاريض لندعو الاجنبي الى احتلال بلادنا؟ كلكم يعلم ان استعمار الفرنسيين والانكليز لمناطقنا كان مبنيا على قرار سايكس بيكو في تقسيم الدولة العثمانية. هل نحن ترجينا فرنسا وبريطانيا العظمى وروسيا القيصرية المجتمعة آنذاك لنعرب لها عن سرورنا باحتلال الغرب لديارنا؟

• • •

ماذا يعني الحضور المسيحي في الشرق لكل انسان فيه. اذا أدرك ان هناك ما يفوق السياسة قدرا واذا فهم المسيحيون ان قضيتهم أثمن بكثير من تحصيل حصة في الحكم. اذا احسوا انهم بناة للبلد حصة من حصص الله ماذا عليهم؟ انهم عطاء روح لكل روح ودفق حب لكل قلب، لكونهم يعطون ما ركزت عليه رسالة الإنجيل في إلهام بولس ان يتمنى ان يصبح كل منهم إنجيلا حيا لا مكتوبا بحبر وقلم. واذا لم يحسوا بهذه المسؤولية فليذهبوا. لا محل لهم على تراب البلد الا اذا كانوا آتين اليه من الحضن الإلهي.
هذا لا يعني انهم بذلك يحمون انفسهم. هذا يعني انهم يحمون كل انسان من جهله. لم يبقَ مجال الآن للافتخار بالجسد، بترف العيش وان كانوا مترفين او بالاعتزاز بثقافتهم فكل الناس باتوا عارفين بكل شيء. وليس عند المسيحيين اي امتياز على الصعيد الثقافي في المثلث السوري-اللبناني-الفلسطيني واذا تمتع المواطنون جميعا ببهاء المعرفة فهذا يسرنا جميعا.
اذا تجمّل المسيحيون بكل جوانب الطهارة والصدق والإخلاص لأوطانهم هل يثمر هذا سلامة لهم؟ الطهارة وما اليها كثيرا ما كانت مقرونة بالشهادة اي بالموت. السفلة والأدنياء لا يقتلهم احد. اما الذين نالوا حرية الروح فليس لهم ضمانة إلا من الروح. ان تعالوا والتمسوا القداسة يسكن الله في قلوبهم. في هذه الحال من اعتدى عليهم يكون معتديا على ذات الله. ان طلبوا الدرجات العلى من تأله يكمن فيهم قد يؤتاهم التأليه مجانا وان لم يلتمسوا الألوهة تصير حياتهم فراغا.
القولة إن لبنان بلا مسيحية لا ينفع شيئا يفترض من كل من آمن بها ان يطلب الى المسيحيين ان يصبحوا عظماء في القداسة. ومن طلب اليهم ذلك يكون قد تحول هو أيضا بالقداسة ورقت فيه ألحان من السماء.
ان يبقى هذا الجسد يعني ان تبقى الترابية فيه. أما اذا زال فلا تنقطع من حوله رائحة المسيح الزكية. وسنبقى له شهودا بالحق. نكهتنا حب الى ان يحل ملكوت الله في كل الخلائق العاقلة ونصير انسانية واحدة معروفة بالحياة الجديدة.

Last Updated on Saturday, 15 January 2011 11:56
 
Banner