Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2013 العدد 16: السير الى الفصح
العدد 16: السير الى الفصح Print Email
Sunday, 21 April 2013 00:00
Share

تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس

الأحد ٢١ نيسان ٢٠١٣    العدد ١٦   

الأحد الخامس من الصوم / أحد القديسة مريم المصرية

رَعيّـتي

كلمة الراعي

السير الى الفصح

ينزل عليك الفصح إن انت طلبته بالإنجيل الذي تقرأ. يجيء اليك الفصح إن أحببته بالتوبة فهي الطريق اليه. الله يريد ان يعطيك الفصح. وليتحقق هذا لا بدّ بعد ان تقول ليسوع: أرسل إليّ فصحك اي اجعلني بحنانك ان أعبرَ اليك. 

ان أعبر اليك يفترض ألا أبقى متربعا في ذاتي، أن أريد وجهك وأن اسير اليه بابتعادي عن كل ما يعيقني عن رؤيته. المبتغى أن أُسمّر عينيّ على عينيك، ألا أقف عند وجه بل آخذ كل الوجوه اليك.

أن أسير الى الفصح يعني ألا أقف عند شيء في هذه الدنيا، ان أكمل المسيرة ولو تعبت. ألا يستوقفني شيء تعني ان أعرف ان مسيراتي في هذه الدنيا محطات لأن وجهك هو المحطة الأخيرة.

بعبارة بسيطة ان أمشي إليك هو الا أتوقف عند محطة من محطات حياتي. أن أسير إليك بلا توقف. التوقف هو التوقف عند رغباتي والمبتغى ان أطلب مشيـئـتـك اي أن أمـشــي دائـمـا الــيـك. هـذا يـتطـلّب أن أنسلخ عن مصالحي ورغباتي لكي تصبح انت رغبتي الوحيدة وعشقي الوحيد.

في الدنيا وفي نفسي رغبات كثيرة. حقّي أن أحتفظ فقط بما تحبه انت غذِّ فيّ فقط الرغبة إليك لأن كل رغبة لا تتفق مع مشيئتك تقتلني اليوم او غدًا. علّمني ان تكون انت حبي. شدّني إليك لكي لا أتعلّق بشيء من هذا العالم. لن يكون لي عيد إلا اذا صرتَ كل يوم عيدي. أن يأتي اليّ الفصح هو ممكن اذا أخذت أتعلّم ان كل حياتي هي القيامة معك، قيامتي بك. هذا يتطلّب رحمة منك اي نزول نعمتك عليّ. كلّ يوم يصبح عيدا إن تعلّمت فيه انك وحدك فرحي.

علّمني ان أرى وجهك بحيث أطلبه وحده في كلّ وجه. إن أحببتك وأحببت الناس أقدر ان أراك على وجوههم بحيث أرى النور مرتسمًا عليهم. لا تأخذني الى أحد. خذني فقط الى وجهك وان انا رأيته أشدّ كلّ الوجوه اليك فتستنير.

نحن نسكن وجهك ان انت رضيت عنا. واذا طلبنا الناس المهم ان يلتمسوا وجهك على وجوهنا لأننا بلا وجهك نحن فقط من لحم ودم. اما اذا ارتسم علينا نور وجهك يرى الناس فقط نورك.

فيما يقبل الفصح هيئنا سيدي له. العيد هو انت. واذا لم نلقكَ بسبب من الخطيئة نكون صرنا عدما او جهنما. خذنا الى القيامة لكي نصير بها شيئا. كل الدنيا قبل حلولها علينا عتمات. لا تسمح ربِّ بأن يبقى فينا ظلام لأنه الموت. نورك وحده الوجود يا سيد. واذا استنرنا بك نصبح شيئا كثيرا لأنك تكون انت قد أصبحت حياتنا. تعال يا سيد فقد جاء العيد. إن لم تكرم وتنزل الينا لا نكون شيئا ولن يكون عيد.

لا تدع احدا منا وحده. خذنا من صحراء الوجود وأقمنا معك او فيك فأنت وحدك الإقامة. اجعلنا دائما نشتاقك ولا تدع الخطيئة مسافة بيننا وبينك. اطرحها عنا ليكون لك وحدك المقام. فاذا نظر الناس الينا يجدونك. دعنا نتحسس انك انت الوجود من الآن والى ابد الآباد.

 جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: عبرانيين  ٩: ١١-١٤

يا إخوة، ان المسيح إذ قد جاء رئيس كهنة للخيرات المستقبلية فبمَسكن أعظم وأكمل غير مصنوع بأيدٍ ليس من هذه الخليقة، وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل الأقداس مرة واحدة فوجد فداء أبديا، لأنه إن كان دمُ ثيران وتيوس ورماد عِجلةٍ يُرشُّ على المنَجّسين فيُقدّسهم لتطهير الجسد، فكم بالأحرى دمُ المسيح الذي بالروح الأزليّ قرَّب نفسَه لله بلا عيبٍ يُطهّرُ ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحيّ.

الإنجيل: مرقس ٣٢:١٠-٤٥

في ذلك الـزمان أخذ يسوع تـلاميذه الإثنـي عشر وابتدأ يقول لهم ما سيعرض له: هوذا نحن صاعدون إلى أورشليم، وابنُ البشر سيُسلَم إلى رؤسـاء الكهنـة والكـتبـة، فيحكمون عليه بالموت ويُسلـمـونـه إلى الأُمم فيهـزأون به ويبصقون عليه ويجـلـدونه ويقـتـلـونه، وفي اليوم الثـالـث يقـوم. فدنا اليه يعقوب ويوحنا ابنا زبـدى قائـلَين: يا معلّم، نريد أن تصنـع لنا مهما طلبنا. فقال لهما: ماذا تريـدان أن أصنع لكما؟ قالا له: أَعطنا أن يجلس أحدنـا عن يمينـك والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: إنكما لا تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أَشربها انا، وأن تصطبغا بالصبغة التـي أَصطبـغ بها أنا؟ فقالا له: نستـطيع. فقال لهما يسوع: أما الكأس التي أَشـربها فتشربانها وبالصبغة التي أَصطبغ بهـا فتصطبغان، وأما جلوسُكما عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيَه الا للـذين أُعدَّ لهم. فلما سمع العشرة ابتدأوا يغضبون على يعـقـوب ويوحنا. فدعاهم يسوع وقال لهم: قـد علِمتُم أن الـذين يُحسَبون رؤساء الأُمـم يسودونهم، وعظماءهـم يتسلّطـون عليهم. وأما انتـم فلا يكون فيكم هكذا. ولكن من أراد أن يكون فيكم كبيرا فليكن لكم خادما، ومن أراد أن يكون فيكم أوّل فليكـن للجميع عبـدا. فإن ابـن البشـر لـم يـأت ليُخـدَم بل ليَخـدم وليبـذُل نفسه فِـداءً عـن كثيـرين.

الـكـــلّ!

قَبْلَ أن قال الرسول إلى المؤمنين في كنيسـة كولوسّي: "اطرحوا الكلّ"، كان قد عدّد لهم آفاتٍ يمكن اعتبارها، في نظر عموم البشر، من أكثر الخطايا فظاعةً في الأرض. وهذه: الزنى والنجاسة والهوى والشهوة الرديئة والطمع الذي هو عبادة الأوثان. أمّا الكلّ التي يمكن أن يعتبرها معظم الناس من الخطايا العاديّة، فذكر منها ما يلي: غضبًا وسخطًا وخبثًا وشتمًا وكلامًا قبيحًا وكذبًا (٣: ٥- ٩).

أن يَعتبر بولسُ ما قد يُعتبر من الخطايا عاديًّا هو الكلّ، هذا، لعمري، أمر يجب أن نتسمّر عنده. فالناس اليوم، إذا سألت أيًّا منهم: برأيك، ما هي الخطيئة الشنيعة في الأرض؟، فمن المرجَّح كثيرًا أن يتفنّن في ذكره لك خطايا يعتبرها كبرى، ويترك ما قال بولس عنه إنّه الكلّ. لا، ليس ما دعانا الرسول إلى أن نطرحه عنّا هو، في رأي إنسان اليوم، خطايا حقيقيّة. إنّه أخطاء يمكن أن يرتكبها أيّ إنسان، أخطاء عامّة! هذا لا بدّ من أنّ الرسول يعرفه. ويجب أن نراه، بما قاله، يواجه المعتبَر عاديًّا. فالتراث، الذي ينقله، واضح في عدم تمييزه ما بين خطيئة وأخرى. كلّ خطيئة، في تراثنا، هي الكلّ. فالمسيحيّة، تراثيًّا، دعوة إلى الكمال. والخطيئة، أيّ خطيئة، تعطّل هذه الدعوة، وتجعلها فارغةً، أي من دون مضمون.

هذا يطرح سؤالاً وجيهًا، وهو: إلى مَنْ يستند الناس في سلوكهم؟ أي عندما يغضبون أو يشتمون مثلاً، مَنْ يتذكّرون، ويذكرون؟ إن أجبت: بعضهم بعضًا، أو أمورًا يشرّعون بها تصرّفاتهم السيّئة، لا أرتجل. فمعظم الناس أسرى الآخرين وما يرونه يغريهم في هذا العالم الحاضر الخدّاع! أين الله في ظلّ هذه المعمعة؟ هذا، إن كان هدفنا حياة البرّ، هو السؤال المحوريّ. فما يعوزه الناس، في غير جيل، أن يذكروا أنّ الحياة الحقّ أن نضع الربّ في صميم حياتنا. بمعنى أن نتمثّل به في كلّ شيء. وإن قال الكتاب في الله إلهنا مثلاً: "إنّه لم يرتكب خطيئةً، ولم يوجد في فمه غِشّ. شُتم ولم يَرُدَّ الشتيمة بمثلها. تألّم ولم يهدّد أحدًا، بل أسلم أمره إلى مَنْ يحكم بالعدل" (١بطرس ٢: ٢٢ و٢٣)، يعني أنّ شأننا الراهن أن نحذو حذوه.

ذلك بأنّ المسيحيّة أن نتبع الربّ. هذا هو جـوهـرها كلّه. كلّه كلّه. عندما كنّا شبابًا يافعين، جاء أحد الإخوة المعتبَرين، وقال لنا: كلّما مررتم بأوضاع حرجة، قولوا في أنفسكم: "لو كان الربّ مكاني، فماذا كان قد فعل، وتفعلونه هو عينه". ولا أتفاصح إن ذكرت أنّ هذا أطيب قول مربٍّ سمعته في حياتي. بلى، القول تلقّاه بعضنا صدمة. فنحن، وقتئذٍ، لم نكن جميعنا على وعي أنّ المسيحيّة اقتداء بإله يريدنا أن نتشبّه به. وكان الإخوة سندًا لنا مقنعين. هل أقصد أنّ المسيحيّة هي اقتداء بالمعتبَرين في الجماعة أيضًا؟ أجل، أجل. فليس أحلى من أن تنخرط في قومٍ هم ما يقولونه من خير. القوّة، في الحياة المسيحيّة، توطّدها الزمالة الناصعة التي يسودها الربّ بحضوره المخلِّص. إن كان العالم قد تعلّق بالزيف ونـسج لـه الشيـطان مـا يـرتديه بـأنـاقـة!، فـيجب أن نـرتـبـط بعالم الحقّ الذي يساعدنا على أن نحيا بالبرّ أبدًا.

أمّا الكلّ الظاهرة في قول الرسول، فهي خطايا "أداتها الفم" (المطران جورج (خضر)، رعيّتي ٣/ ١٦ كانون الثاني ٢٠١١). هذه الخطايا الفمويّة (الشتم والكذب وما إليهما) خطرها أنّها توهم مَنْ يتلفّظونها بأنّها ألفاظ خارجيّة (أي لا علاقة لها بالقلب!). وهذا، الذي يشرّعه ظلم الشيوع، يزيد شيوعه من شيوعه! ألم يكثر بيننا، مثلاً، الذين يبرّرون الشتم بقولهم: كلّ الناس يشتمون؟ لا أريد أن أفرض على أحد قناعةً لا يراها تعنيه. لكنّ الحقّ يريدنا أن نعرف أنّ هذا التبرير يخفي أنّ الخطايا سلسلة. ويخفي الذي يحرّك هذه السلسلة كما لو أنّها سُبّحة، أي الشيطان الذي يرغب، بارتكابنا ما هو عاديّ، في أن نفتح له، ليدخلنا، ويتربّع فينا. فالشيطان، ليفتك، لا يعوزه سوى العاديّ! والمفارقة أنّ مَنْ يفصلون، إذا شتموا، ما بين أفواههم وقلوبهم، لا يعتقدون أنّهم يفصلون بينهما متى صلّوا مثلاً! كيف للقلب أن يصلّي دائمًا وللفم، وحده، أن يشتم؟ سؤال عويص لا يحبّ الأكثرون أن يتأمّلوا فيه! معظم الناس يستريحون إلى شائعٍ يريحهم. والله يريدنا أن نرتاح إلى كلمته التي خلقت أفواهنا، لتتعطّر بخيرها. هل أريد أنّ الفم الذي يستغرق بترداده الخطايا عبثًا لا يستطيع أن يمتهن الشهادة؟ سؤال أترك لقارئي أن يجيب عنه!

قال الرسول: "اطرحوا الكلّ". ويجب أن نقرأ، في قوله، أن ليس للمسيحيّ شأن مع أيّ خطيئة، كبيرةً أو صغيـرةً (عاديـّة). فأن يطـرح أحـدنـا أمـرًا، لهـو أن يلقيـه بعيدًا منه. هذا أوّلاً. وأمّا تاليًا، فأن يقتدي بالبرّ، أي يطيع كلمة الله، ويعنيه انتشارها في الأرض. ليست المسيحيّة ألاّ أخطئ فحسب، بل أن أكره الخطيئة أيضًا، وأحاربها أينما ظهرت. أن تطبّل الخطايا وتزمّر أمامنا، لا نكون شيئًا إن صفّقنا أو رقصنا لها. المسيحيّ شخص يحيا في عالم يريده أنقى. كلّنا نعرف أنّ هذا العالم مشكلته العظمى أنّ مسيحيّين كثيرين لا يريدون أن يخدموا طهر الله فيه. لا أقول: لا يمكنهم، بل لا يريدون! كثيرون منهم يحتاجون إلى أعجوبة تقنعهم بأنّ الله أرادهم خدّام امتداد برّه. هل تراني أضيف إلى قائمة الرسول خطيئةً عاديّةً أخرى؟ لا أعتقد أنّ ثمّة، في الكون، ما هو أشنع من أن نَعتبر أنّ أمر الله لا يخصّنا، بل سوانا؟ المسيحيّة، إمّا أن يكون كلّ مَنْ فيها جنديًّا صالحًا للمسيح يسوع، وإمّا هي تجمّع يمشي إلى قبره! أن نطرح الكلّ، لهو أن نطرح كلّ ما يبدي الله لا يخصّنا. هذا ما أراده الرسول، ليكون المسيح، هو هو، "الكلّ في الكلّ".

القديس الشهيد

البطريرك غريغوريوس ١٧٤٥-١٨٢١

هـو البـطريرك غريـغوريس الخامس بطريرك القسطنطينية الذي حُكم عليه بالموت شنقًا على باب البطريركية الرئيسي في اسطنبول وبقي جثمانه معلقًا على الباب مدة ثلاثة أيام وقرار إعدامه حول عنقه. كان ذلك في العاشر من نيسان سنة ١٨٢١ وكان أحد الفصح. بعد ان أقام البطريرك قداس الفصح ببـضع ساعات قُبـض عـليه وأُخـضع لـلاستجـواب والتـعذيـب. بقي صامتًا لا يقول إلاَّ: "بـطريـرك المسيحيـيـن يـموت مسيـحيًّـا". ثـم حُـكـم عـليـه بـالمـوت شنـقًا على بـاب البـطريـركيـة.

منذ ذلك الحين لا يزال هذا الباب مقفلا ويدخل الجميع الى البطريركية من باب جانبي كما يلاحظ كل من يزور البطريركية المسكونية. كانت الثورة اليونانية ضد الامبراطورية العثمانية قد بدأت سنة ١٨٢١ وحدثت عدة مجازر وتم توقيف أربعة مطارنة ثم البطريرك غريغوريوس.

البطـريـرك غـريغـوريوس مـن البيـلـوبونيز في اليونان لكنه تلقى علومه وخدم شماسا وكاهنا وأسقفا على مدينة إزمير (تركيا). خلال احدى عشر سنة رعى أبرشيته بحكمة وغيرة رسولية. أعاد بناء الكنائس وأسس عدة مدارس الى ان انتُخب سنة ١٧٩٧ بطريركا على القسطنطينية. أعاد بناء الدار البطريركية وأنشأ مطبعة هدفها نشر الكتب الطقسية واللاهوتية والآبائية باللغة المحكية، فكان عمله هذا ممهدا لنهضة ثقافية وروحية للشعب اليوناني.

طعام الصوم

دخل أناس على أحد الآباء سائلينه: ماذا يُسمَح أن نأكل خلال الصوم، وماذا لا يُسمح؟ فعلِم الأب انهم يقصُرون اهتمامهم على أنواع الطعام الصيامي فقط دون الاهتمام بهدف الصوم الذي يتخطّى الطعام الصياميّ الى روح الصوم.  فأجابهم بهذا: تنصح الكنيسة في هذا الموسم بتناول بثلاثة أنواع من الطعام، وهذه المأكولات يذكُرها الرب يسوع في إنجيله. هذه المأكولات تناسب موسمنا اليوم كما تناسب كل مواسم حياتنا وهي التالية:

  1. قال الرب: "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله". النوع الأول من الطعام هو كل كلمة تخرج من فم الله. ونحن نعلم أن كل كلمة خرجت من فم الله قد دُوّنت في الكتاب المقدس. لذلك نحن نتناول ما في الكتاب طعاما لنا.
  2. قال الرب: "طعامي أن أَعمل مشيئة الذي أَرسلَني".  النوع الثاني من الطعام أكلهُ يسوع وعلّمنا أن نأكله نحن الذين باسمه نُدعى، وهو أن نعمل مشيئة الله الآب حتى تكون مشيئته "كما في السماء كذلك على الأرض". هذا الطعام اذًا هو تنفيذ ما قرأناه في كتاب الله.
  3. قال الرب: "إن جسدي مأكل حق، ودمي مشرب حق". النوع الثالث من الطعام هو اذًا مجيئُنا معا عائلة واحدة مؤمنة حتى نتناول ذاك الذي قرأنا عنه في كتابه وحاولنا جاهدين أن نصنع مشيئته.


 لماذا الإكثار من الصلاة

دخـل قـوم عـلى أب روحـيّ سائــليـنـه: يـا أبـانــا القديس، لماذا نُكثر من الصلاة، ولماذا نكرر دعاء "يا رب ارحم" عشرات المرات، علمًا بأن الرب لا يحتاج الى كل هذه الصلوات؟

علم الأب أنهم ما أدركوا قيمة الصلاة، وما فهموا أن البشر هم المحتاجون الى كل هذه الصلوات وليس الرب. فأجاب وقال: نحن حجارة اقتُلع كل واحد من مقلع مختلف، واُلقينا لنمشي معا "في وادي ظل الموت"(مزمور ٢٢: ٤). من هذه الحجارة ما هو كبير قاسٍ، ومنها ما هو صغير أقل قساوة. منها المربّع ومنها المستطيل ومنها المدوّر. منها الأبيض ومنها القاتم ومنها القذر. منها الطويل الرقيق ومنها القصير ذو السماكة. منها ما هو مسنَّن الأطراف نافرها جارح، ومنها ما هو مهذّب الأطراف أَملس. يصعب على كل هذه الحجارة ان تتواجد سويّة لأن بعضها معرّض للانكسار عند ارتطامه بسبب كبره وقساوته، وبعضها معرّض للانفراط بسبب ليونته، وبعضها ينجرح ويتفتّت بفعل الاحتكاك بما حوله. واللافت فيها أنك تجد قرن الواحد إلى خاصرة الآخر، كما أنك لا تقع على متشابهين اثنين بينها كلها.

هذا الوضع المُحزن لا يتغيّر إلا عندما ينساب الماء غزيرًا على حجارة ذلك الوادي، فتدخل تلك المادة الناعمة في ما بين الحجر وجاره و"قريبه" فتغسلها يومًا فيومًا وسنةً بعد سنةٍ، وتُذيب في انسيابها كل ما هو نافر أو حادّ أو مسنَّن، فتستحيل الحجارة كلها متشابهةً، ويقترب واحدها إلى مَن هم حوله حتى يتراصف الكلّ مجرى واحدًا لنهرٍ واحدٍ، ويستريح الخدّ على الخدّ، فينظر كل حجرٍ إلى نفسه فلا يجد فيها سوى صورة الآخَر.

هكذا تمامًا الإكثار من الصلاة وطلب رحمة الرب تفعلان فعلهما داخل النفس فتغسلانها وتُهذّبانها حتى تُمسي منفتحةً على الآخرين ومرتاحةً إليهم وفيهم، فيتكوّن بذلك جسم الكنيسة.

Last Updated on Monday, 15 April 2013 11:56
 
Banner