Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2018 العدد ٢٩: تنصيب سيادة راعي الأبرشيّة المطران سلوان
العدد ٢٩: تنصيب سيادة راعي الأبرشيّة المطران سلوان Print Email
Sunday, 22 July 2018 00:00
Share

تصدرها أبرشيّة جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد ٢٢ تمّوز  ٢٠١٨ العدد ٢٩ 

الأحد الثامن بعد العنصرة

القدّيسة مريم المجدليّة

logo raiat web


الرسالة: ١كورنثوس ١: ١٠-١٧

يا إخوة أَطلب إليكم باسم ربّنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولاً واحدًا، وألاّ يكون بينكم شقاقاتٌ بل تكونوا مكتملين بفكرٍ واحدٍ ورأيٍ واحد. فقد أَخبرني عنكم يا إخوتي أهل خْلُوي أنّ بينكم خصومات، أَعني أنّ كلّ واحد منكم يقول أنا لبولس أو أنا لأبلّوس أو أنا للمسيح. ألعلّ المسيحَ قد تجزّأ. ألعلّ بولس صُلِب لأجلكم، أو باسم بولس اعتمدتم. أشكر الله أنّي لم أُعمّد منكم أحدًا سوى كرسبُس وغايوس لئلاّ يقول أحدٌ إنّي عمّدتُ باسمي؛ وعمّدتُ أيضًا أهل بيت إستفاناس؛ وما عدا ذلك فلا أَعلم هل عمّدتُ أحدًا غيرهم لأنّ المسيح لم يُرسلني لأُعمّد بل لأُبشّر لا بحكمة كلامٍ لئلاّ يُبطَل صليب المسيح.

 

الإنجيل: متّى ١٤: ١٤-٢٢

في ذلك الزمان أبصر يسوع جمعًا كثيرًا فتحنّن عليهم وأبرأ مرضاهم. ولمّا كان المساء، دنا إليه تلاميذه وقالوا: إنّ المكان قفرٌ، والساعة قد فاتت، فاصرف الجموع ليذهبوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا. فقال لهم يسوع: لا حاجة لهم إلى الذهاب، أَعطوهم أنتم ليأكلوا. فقالوا له: ما عندنا ههنا إلاّ خمسة أرغفة وسمكتان. فقال لهم: هلمّ بها إليّ إلى ههنا. وأمر بجلوس الجموع على العشب. ثمّ أخذ الخمسة الأرغفة والسمكتين ونظر إلى السماء وبارك وكسر، وأَعطى الأرغفة لتلاميذه، والتلاميذُ للجموع. فأكلوا جميعهم وشبعوا ورفعوا ما فضُل من الكِسَر اثنتي عشرة قفّةً مملوءةً. وكان الآكلون خمسة آلاف رجلٍ سوى النساء والصبيان. وللوقت اضطرّ يسوعُ تلاميذه إلى أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العَبْرِ حتّى يصرف الجموع.

 

تنصيب سيادة راعي الأبرشيّة المطران سلوان

يوم الجمعة في ١٣ تمّوز ٢٠١٨، استقبلت الأبرشيّة راعيها الجديد سيادة المطران سلوان (موسي) في كنيسة القدّيس جاورجيوس في بصاليم، حيث احتشدت جموع المؤمنين بالآلاف أتوا من كلّ أنحاء الأبرشيّة، فامتلأت الكنيسة والساحات. وصل الموكب يتقدّمه غبطة البطريرك يوحنّا العاشر والمطران سلوان والمطارنة والأساقفة وكهنة الأبرشيّة. ترأس غبطته صلاة الشكر ثم جرى تنصيب المطران المُنتَخب سلوان (موسي) راعيًا لأبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)، بحضور السادة المطارنة جورج (خضر)، وأعضاء المجمع المقدّس والأساقفة ولفيف الكهنة والشمامسة. قامت جوقة الأبرشيّة بالترتيل. وقد حضر ممثّل فخامة رئيس الجمهوريّة وممثّل رئيس مجلس النوّاب وممثّل رئيس مجلس الوزراء، والعديد من الرسميّين وممثّلي الطوائف. في نهاية الصلاة قلّد البطريرك المطران الجديد عصا الرعاية ودعا المطرانَ جورج (خضر) ليسلّمه إيّاها.

 

كلمة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر

ألقى غبطة البطريرك يوحنّا العاشر كلمة جاء فيها: «في غمرة فرحتنا اليوم، نكرّر عهد الحبّ الذي قطعناه نحن الأرثوذكس للبنان. ونشدّد على انفتاحنا على جميع مكوّناته، ولاسيّما تلك التي نعيش معها في هذه الأبرشيّة... ونغتنمها فرصة، لكي نشكر الله على التعاون القائم بين الكنائس في هذا البلد. ونرجو أن نتمكّن معًا من القيام بأعمال مشتركة تساهم في ترسيخ أبنائنا في أرضهم، وتأمين فرص العمل لهم وفي تنمية قدراتهم العلميّة والثقافيّة والاقتصاديّة والروحيّة للشهادة للمسيح القائم في هذا البلد.

وفي هذا اليوم أيضًا، نودّ أن نعبّر عن محبّتنا لإخوتنا المسلمين وبشكل خاصّ أبناء بني معروف الموحّدين الدروز، الذين نعيش معهم في قرى هذا الجبل، والذين سنبقى نعمل معهم من أجل ترسيخ مصالحة الجبل، التي أساسها عودة الجميع إلى ديارهم.

نحيّيكم جميعًا أحبّتي أنتم الذين شاركتمونا في فرحة تنصيب المطران سلوان. ونؤكّد ومن جديد أنّنا سنبقى نعمل معكم من أجل الحفاظ على لبنان ومؤسّساته، ومن أجل كلّ ما من شأنه ترقية الإنسان فيه ونموّه وتثبيته في أرضه.

صلاتنا أيضًا من أجل سلام كلّ العالم، وبخاصّة من أجل السلام في سورية وفلسطين الجريحة والقدس الشريف والعراق وكلّ الشرق الأوسط.

ولعلّ ملفّ مطراني حلب يختصر ولا يختزل شيئًا من معاناة المسيحيّين مع غيرهم كمواطنين أصلاء في هذا الشرق. لقد خطف المطرانان يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي والعالم يتعاجز بكلّ حكوماته وهيئاته ومنظّماته. نحن لا نريد تباكيًا من أحد ولا لغة عواطف بل لغة أفعال. لقد تاقت سورية إلى أيّام سلامها ومن حقّها أن ترى بنيها الذين اقتلعتهم نار الحرب والتكفير في ديارهم من جديد».

 

كلمة سيادة المتروبوليت سلوان

«ولمّا صلّوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه، وامتلأ الجميع من الروح القدس، وكانوا يتكلّمون بكلام الله بمجاهرة» (أعمال ٤: ٣١)

أحبّتي، آبائي وإخوتي،

بهذه الآية أسعى إلى أن أبلغ معكم إلى عمق ما يجمعنا في هذه الصلاة المباركة، القصيرة والبليغة بآن.

أوّلاً، هو عهد نجدّده معًا كرعيّة للمسيح يسوع. وللعهد مُحاوران: الله والإنسان، الله ونحن. الله بكلمته يبلغ إلينا، ونحن بوفائنا نبلغ إليه. إنّه عهد أنْ نحبّ الله وأنْ نحبّ الإنسان من كلّ الكيان؛ عهد الاجتماع جميعًا حول الكلمة والمعيّة في عيشها ومشاركتها؛ عهد الخدمة في الحقّ والتواضع. إنّه عهد الدخول والخروج من الباب إلى المراعي الخصبة، بالمسيح وعبره وحده، فهو قائل: «أنا هو الباب» (يوحنّا ١٠: ٩).

ثانيًا، هي إقامة في انتظار دائم، انتظارِ العطيّة، عطيّةِ الروح الذي يقودنا إلى كلّ الحقّ. أنظر أمامي صورة الرعيّة المجتمعة التي تستدرّ بصلاتها نعمة الروح لتبلغ إلى معرفة مشيئة الله وفهمها وتسعى إلى أن تحقّقها في حياتها.

وثالثًا، هو انطلاق من الذات إلى اللقاء، لقاءِ الله ولقاء من خُلق على صورته، لقاءٍ يبغي تسبيح الخالق والسجود له. هو انطلاق إلى الجمال الدفين الذي وشّح به الخالقُ الإنسان، جمالٍ نحن مدعوّون إلى أن نُزيل ستارة الأنانيّة عنه بتطهير العقل والقلب. هو انطلاق يتحقّق بسكب النفس في سبيل محبّة الأخ وخدمة القريب.

إذا كانت هذه الصلاة والخدمة التي تشارَكْنا فيها تعنينا كلّنا بأشكال مختلفة، فكيف يمكن أن نترجم ما سبق قوله عمليًّا؟ أشارك محبّتكم في بعض هذه المعاني التي يمكننا أن نعمل عليها معًا:

المعنى الأوّل: هو أنّ أبرشيّتنا صورة مصغّرة عن كنيستنا الأنطاكيّة، ففيها كرسيّان رسوليّان: مرقص الإنجيليّ، معاون بطرس الرسول، أسّس كرسيّ جبيل، وسيلا أو سلوان، معاون بولس الرسول، أسّس كرسيّ البترون. هذه البركة مدعاة لمسؤوليّة رسوليّة نجسّد عبرها روح الكنيسة الأنطاكيّة في محيطها الأصغر وفي محيطها الأرحب، وذلك في الخدمة والمحبّة والانفتاح والبشارة والعيش المشترك والحوار، عبر الالتزام بشؤون الإنسان وقضاياه، وبشؤون الوطن وأبنائه، بتضامن في العمل على تقديم كرامة الإنسان على أيّ اعتبار آخر وصونها وتحقيق مبتغاها الأخير، فهو يستمدّ كرامته ممّن خُلق على صورته.

المعنى الثاني: هو أنّ رسوليّةَ هذه الأبرشيّة معطوفة على واقع تاريخيّ فهي حديثةُ الكينونة كأبرشيّة مستقلّة، وهذا يجعلها رفيقة درب لعدد من أبرشيّات الكرسيّ الأنطاكيّ التي نشأت بسبب الهجرة في العصور الحديثة في غير مكان من هذه المعمورة. فلها أن تتباهى بمنشئها كلّما انحنت مع غيرها في خدمة ورعاية مَن بعث بهم الزمن للعيش فيها، زمن حرب ولّى عندنا، ونرجو أن يولّي قريبًا إلى غير رجعة عند كلّ إخوتنا في هذا الشرق.

المعنى الثالث: هو أنّها تتميّز بتاريخها الحضاريّ والكنسيّ. فقد خرج من مرفئها قديمًا بحّارة حملوا مشعل الأبجديّة وكانوا روّاد التعامل والتواصل البنّاء والمنتج مع أترابهم في الإنسانيّة أينما حلّوا. وقد انطلق من هذا المرفأ عينه كارز رسوليّ إلى القارّة الإفريقيّة حمل معه مشعل الإيمان وأضاء به أبناءها. هذا يحمّلنا مسؤوليّة أن نكون خير مثال في الكلام والتعامل والخدمة والبناء الإنسانيّ والروحيّ والحضاريّ مع إخوتنا في هذا البلد، كما في أيّ مكان تشدّ الرياح بسفينة حياتنا إليه.

المعنى الرابع: هو أنّها تتميّز بجغرافيّتها وموقعها في لبنان وتاليًا في هذا الشرق. فالبعض يحلو له أن يسمّيها أبرشيّة جبل لبنان، وللجبال في حياتنا أكثر من معنى. فجبل لبنان له موقع القلب في جغرافيّة لبنان وتاريخه. وهو يحتلّ عبر التاريخ مكان الملجأ الأمين في أوقات الشدّة، القديمة والحديثة، لأبناء هذا الشرق. ولمَن تحوّلت الهموم جبالاً في حياته، فما له سوى أن يرفع الألحاظ إلى هذا الجبل ويتذكّره قول المرنّم: «رفعتُ عينيّ إلى الجبال من حيث يأتي عوني؛ معونتي من عند الربّ الذي صنع السماء والأرض» (مزمور ١٢٠: ١-٢). عسى وجود هذا الجبل يساعدنا على رفع جبال الهمّ عن قلوبنا فنحوّلها إلى مكان مقدّس، مكان لقاء بالربّ عبر الصلاة لاستدرار التعزية والنعمة والعضد الإلهيّ.

المعنى الخامس: كامن في خاصّيّة أبناء الأبرشيّة، المقيمين هنا (فيها) أو هناك (وراء البحار) ويأتون إلينا بين الحين والآخر. فهم ينهضون بكنيستهم وببلدانهم بتنوّع ثقافاتهم واختصاصاتهم، من جهة، وبقوّة إيمانهم ورجائهم، من جهة أخرى. وهذا مدعاة للفرح بأن تنمو في نفوسهم حياة التقديس، وروح التعاون والمعيّة والمشاركة في تحقيق كرازة الكنيسة وخدمتها، هنا وهناك على السواء.

المعنى السادس: كامن في طاقة التكريس لله وخدمته، إذ حبا الله هذه الأبرشيّة بإمام وأب وراعٍ عمل على تطوير الدعوات في نفوس أبنائها على الأصعدة الكنسيّة كافّة، حيث برز التكريس بأوجه الكهنوت الملوكيّ والكهنوت الخاصّ والتكريس الرهبانيّ. فتحوّلت الأبرشيّة إلى ورشة حيّة دائمة في الداخل وعلى أسوارها، أي في الرعايا وفي أديارها التي تسوّرها من جهاتها الجغرافيّة الأربع، وتغنيها بروح الطهارة والصلاة النقيّة. جميع هؤلاء يكوّنون ذخيرة الروح المتّقد والملتهب حبًّا بالخدمة والحقّ، وامتنانًا لراعيها وخادمها الأمين.

المعنى السابع: هو الوفاء لدعوتها، تلك التي سطّرنا أوجهها في المعاني الآنفة الذكر. إذا انعدم الوفاء فكيف يمكننا أن نعلن سرّ الكنيسة أنّها كنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة؟ ليس الوفاء ما يفترضه المرء، بل له معيار هو الإنجيل والكرازة الرسوليّة والفكر الآبائيّ الحيّ في خلايا الخبرة الكنسيّة الطويلة. هو الوفاء للعهد بين الراعي والرعيّة، وللالتزام بالكلمة، وللانصياع للروح. هو خروج من الذات وتسليمها لله. فما الرعاية على مستوى الكنيسة الكبرى أو على مستوى الكنيسة المنزليّة سوى امتهان مستمرّ للتواضع، وانحاء طوعيّ نحو واقع الآخر، ومحاولة رفعه على منكبي الخدمة والتربية، وسعيّ إلى عيش الوحدة التي يقدّم فيها ذاتَه الراعي، كلُّ راعٍ، سواء في بيته أو رعيّته أو ديره أو كنيسته، وذلك في سبيل صون المحبّة في الجماعة ووحدتها في الإيمان.

ولمّا نحن نحتفل معًا الآن بصلاة الشكر، وهو الإطار الكنسيّ لخدمة التنصيب، فلا بدّ لي أوّلاً من أن أشكر الله معكم على انكشاف هذه المعاني أمامنا، وعلى إمكانيّة التعبير عنها والمشاركة والتعاضد في تحقيقها. لقد تعلّمنا عبرها أنّ خدمة التنصيب لا تعني الراعي الجديد بمعزل عن رعيّته أو كنيسته أو محيطه الأقرب والأبعد. بل هي خدمة تضعني كما تضعكم في موقع مميّز: إنّنا معًا، بمن تكونون، وبمن وبما تمثّلون، متضامنون من دون خجل، سواء على المستوى الأبرشيّ والكنسيّ الأنطاكيّ، أو على مستوى العمل والحوار المسيحيّ والإسلاميّ، أو على المستوى الوطنيّ والرسميّ، كما على مستوى الإنسان في أيّ مكان.

لقد حباني الله في هذا المجال بنعمة فريدة كرئيس كهنة، وهي أن أعيش خبرة هذه الخدمة مرّتَين: مرّة في الأرجنتين، والآن في لبنان؛ مرّة في الخارج ومرّة في الداخل (بالنسبة إليكم). يبدو لي أنّه عليّ أن أتعلّم من جديد سبيل إخلاء الذات في خدمة الله وخدمة صورته، الإنسان. أرجو أن أكون هذه المرّة خير تلميذ بين أفضل الأساتذة، وألاّ يذهب تعبكم ونعمة المسيح باطلاً (١كورنثوس ١٥: ١٠). لقد خدمتُ في الأرجنتين لأفي الدَّين الذي عليّ لكم، فقد تربّيتُ بينكم وعلى أيديكم، والآن أنا بينكم لأفي دَيني على كنيسة الأرجنتين، التي أحبّ أن أدعوها «حديقة الكرسيّ الأنطاكيّ»، وذلك لأنها كوّنتني كرئيس كهنة خادم للكنيسة. لذا أفي دَيني عليهم بخدمتي إيّاكم، واضعًا أمام عينيّ قول الربّ العظيم: لا تحتقروا إخوتي، «لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار» (متّى ١٠: ١٨).

أشكر الله معكم أنّ سبب وجودي بينكم إنّما هو عناية أبينا وراعينا البطريرك يوحنّا العاشر في تدبير أمور كنيستنا المقدّسة. فلولا اقتراحه أوّلاً، ومحبّة وثقة آباء المجمع ثانيًا، لما كانت عناية الله قد نقلتني إلى هنا. هاتان اليدان موجودتان لخدمتكم عن قريب كما كانت من بعيد، فهي في تصرّف خدمة الوحدة والتعاون والمحبّة الأخويّة.

كما أشكره معكم لأنّ سبب وجودي بينكم إنّما هو أيضًا عناية راعي هذه الأبرشيّة بكم وبكنيستنا، وكم أتبارك الآن بمعيّته في رعايتكم. أرجو أن أفي معكم عنايته بنا وصلاته من أجلنا.

أشكر لأبناء هذه الأبرشيّة وأبناء كنيستنا بعامّة الفرح الذي عبّروا عنه بقرار المجمع، فأرجوه فرحًا قائمًا بأن ننظر وجوه بعضنا البعض نظرة الله إلينا، فيكون الواحد للآخر أخًا كريمًا ومحبوبًا ومكرّمًا فوق الاعتبار على حسب وصيّة الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس. وأرجوه فرحًا يغذّي انطلاقنا الدائم في ممارستنا الكنسيّة، انطلاقًا من «الوجود» مبتغين «حسن الوجود» أو «أفضل الوجود». وأرجوه أيضًا فرح المقيمين في السلام والمحبّة والوحدة (٢كورنثوس ١٣: ١١)، فرحًا ثابتًا في جسد الكنيسة، وفي جسد هذا الوطن الحبيب، وفي جسد هذا الشرق المتألّم، وفي جسد الإنسانيّة المجرّح بتألّب أشكال الأنانيّة عليه.

أشكر الله على كلّ من يخدم بتفانٍ وإخلاص، في الحقل الكنسيّ والروحيّ والشأن العامّ، فهم إخوتي في الإيمان والمواطنة والخدمة والمصير والعيش المشترك. أمدّ يدي إليكم وأضمّ قلبي إلى قلبكم، متعاونًا وإيّاكم في ورشة تضافر الجهود في سبيل خير هذا البلد وخير أبنائه.

أشكر الله على إخوة لنا تعزّيتُ بإيمانهم، مَن جنت عليهم صروف الدهر بشتّى أنواع العذاب والآلام، والذين حباني الله أن أرافقهم كرئيس كهنة خارج هذا الوطن، إذ تعلّمتُ معهم وعبرهم الكثير، أقصد بهم الذين هاجروا إلى الأرجنتين سواء من أهلنا في سورية أو من أهلنا في فنزويلا وهم من أصل لبنانيّ وسوريّ. وأخصّ بالذكر، في هذا المجال، رعيّتي الأولى في أبرشيّة حلب وراعيها المطران بولس، خصوصًا بعد أن أقامه اللهُ في «تلك المهمّة الكنسيّة غير المنظورة»، منذ يوم ٢٢ نيسان ٢٠١٣، وذلك مع رفيق المصير المطران يوحنّا ابراهيم. لقد تعزّيتُ بجهاد هؤلاء الذين خرجوا إلى برّيّة الغربة القاسية، غربة خبرتُها مرّات عديدة في حياتي، وأفرح بقوّة صلواتِهم ورجائِهم واتّكالِهم المطلق والكلّي على الله. لقد صاروا جميعًا لؤلؤة ترصّع إكليل والديهم ورعاتهم وكنيستهم وتعزية لأترابهم. وكم أرجو أن نكون دومًا عزاء، الواحد للآخر، أينما كان ومهما كان.

أخيرًا، أشكر الله على هذه التعزية الحاصلة لنا بنعمة الله وبركة صلوات آباء كنيستنا وكهنتها ورهبانها ومؤمنيها، الحاضرين والغائبين، الذين في السماء والذين على الأرض. فهم كثر، ولا يسعنا أن نفيهم حقّهم سوى بالخدمة المتفانية والصبورة والمحبّة.

أشكركم جميعًا.

بعد التنصيب كان حفل استقبال في الصالون وقدّم الحضور التهنئة إلى سيادة راعي الأبرشيّة.

Last Updated on Thursday, 26 July 2018 10:11
 
Banner