Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2022 العدد ٢٥: شهادة سعينا لبلوغ قامة ملء المسيح
العدد ٢٥: شهادة سعينا لبلوغ قامة ملء المسيح Print Email
Written by Administrator   
Sunday, 19 June 2022 00:00
Share

شهادة سعينا لبلوغ قامة ملء المسيح
الأحد ١٩ حزيران ٢٠٢٢ العدد ٢٥  

أحد جميع القدّيسين

الرسول يهوذا نسيب الربّ، البارّ باييسيوس الكبير

 

كلمة الراعي

شهادة سعينا لبلوغ قامة ملء المسيح

شهادة سعينا لبلوغ قامة ملء المسيحعندما شدّد يسوع أمام تلاميذه على أن «ليس مكتوم لن يُستعلن ولا خفيّ لن يُعرف» (لوقا ١٢: ٢)، أكّد، بطريقة لا لبس فيها، أنّ الحقيقة تعلو ولا يُعلى عليها. هذا لأنّ حقيقة الله وحقيقة الإنسان ستكون بيّنة بالكلّيّة يوم يعتلن ملكوت الله ببهائه ومجده، وذلك بعد أن رأينا أركانه ومعالمه في انطلاق هذا الملكوت في نفوس الذين شهدوا ويشهدون ليسوع وبشارته في حياتهم ورقادهم.

نعم، سيكون كلّ شيء معلومًا في النور، نور الله المضيء لكلّ إنسان آتٍ إلى العالم، ولن يبقى أيّ شيء خافيًا على أحد من خفيّاتنا ونيّاتنا وأقوالنا وأفعالنا. ستظهر للملء طبيعتها الخيّرة أو السيّئة، ما هو قمح أو ما هو زؤان. هذا سيحصل بشكل تلقائيّ طبيعيّ، لأنّ بصيرة الإنسان الروحيّة سترى الحقيقة بغياب كلّ ما كان يحجبها في عالمنا من كذب أو تشويه أو تضليل، أو ما يطمسها من شرّ وافتراء وظلم، أو ما تعالى عليها من مجد باطل وغرور واستعلاء. ستنهار هذه الحجب الواهية لتبقى حقيقة الإنسان في الله واضحة للبصيرة الروحيّة: سيكون شخصنا شفّافًا منيرًا إن أقمنا حقًّا في نور الإيمان فتنقّينا من كلّ سوء والتصقنا بكلّ صالح، أو سيكون شخصنا متلوّنًا بدرجات العتمة بحسب بُعْدنا عن نور الله وتغرّبنا عنه.

في هذا السياق، ستكون شهادة يسوع بحقّنا أمام أبيه، بعد شهادتنا له أمام أترابنا، نتيجة طبيعيّة لحقيقة سيرنا بحسب إرادته الصالحة وتدبيره المحبّ، أي من كوننا مخلوقين على صورة الله إلى صيرورتنا على مثاله. علّمنا كيف نصير أبناء لأبيه السماويّ عندما أعطانا ذاته مثالًا، وأوضح لنا كيف يمكننا أن نتمثّل إرادة الله في حياتنا بحيث يتكوّن فينا الإنسان الجديد كما رأينا مجده في يسوع المسيح. مَن أراد هذه البنوّة حمل صليبها، أي تغرّب عمّا يعيق نموّها فيه، حتّى لا يبقى غريبًا عن أبوّة الآب له. فشهادة يسوع بحقّنا أمام الآب إنّما تتناول بالفعل تحقيق بنوّتنا لأبيه عبر حمل صليب عيش وصاياه، بنكران الذات.

أعطانا يسوع في مثل الابن الضالّ كيف تكون هذه الشهادة ملغومة، سواء في شخص الأخ الأصغر أم الأخ الأكبر في وقفتهما أمام أبيهما وخياراتهما الخاطئة، بحال لم يفرّط أحد بالكرامة البنويّة التي له في منزل أبيه، أي من لدن أبيه، بل الانطلاق منها كحقيقة ثابتة في علاقته بأبيه وأخيه ومَن يحيط به. ساعد هذا الأبُ ولدَيه على تمييز النعمة المعطاة لكلّ منهما، وكيفيّة أن يتحمّل مسؤوليّتها ويتمثّل بمثال أبيه ويتخلّق بأخلاقه.

في إنجيل عيد جميع القدّيسين، حسم التلاميذ خيارهم مع يسوع بأن تركوا كلّ شيء وتبعوه. وها هم يسألونه عن مصيرهم معه، وتاليًا عن مصير كلّ مَن يأخذون كرازتهم على محمل الجدّ، أي على محمل الإيمان، ويتبعون يسوع جيلًا بعد جيل. في جوابه، حسم يسوع مآل الذين يسيرون في إثره، فأوضح طبيعة صيرورتهم بأن اتّخذ منطلقًا حياتهم الأرضيّة وكيفيّة تحوّلها، بفعل نكران الذات واتّباعهم له، إلى شركة مع الله. وما إشارته إلى فكرة التعويض بمقدار مئة ضعف بقوله: «كلّ مَن ترك بيوتًا أو أخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًّا أو امرأة أو أولادًا أو حقولًا من أجل اسمي، يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبديّة» (متّى ١٩: ٢٩)، إلّا تعبيرًا عن حقيقة نموّ المؤمن به في الله، واكتمال شخصه فيه، بحيث ما عاد إنسانًا أرضيًّا لحميًّا، بل صار إنسانًا روحانيًّا حاملًا الروح القدس، وقارب قامة ملء المسيح.

هذه الصيرورة، أو السعي من أجلها، هي الشهادة التي يقدّمها تلميذ المسيح فيشهد على أنّه مؤمن ببشارة المسيح. إنّها الصيرورة التي تدين بحدّ ذاتها أولئك الذين رفضوا حقيقتها أو توانوا في تحقيقها في ذواتهم. ستكون الحقيقة بيّنة بين هؤلاء الذين بلغوا الجمال الإلهيّ وأولئك الذين تنازلوا عن ابتغائه. إنّها حقيقة مَن بات ناموس المسيح حيًّا فيه وفاعلًا، وبين مَن بقي مستعبَدًا لناموس الخطيئة فيه.

عيد جميع القدّيسين نور ينير بجمال هؤلاء علينا لنبتغيه، ونار تحرق فينا كسلًا وضعفًا وغربة. هلّا شكرناهم والتمسنا اقتفاء أثرهم؟ طوبى لـمَن افتدى الوقت وسعى منذ الآن في هذا السبيل! ما أحلى الكنيسة إذ تصلّي وتسعى من أجل أبنائها والعالم أجمع حتّى لا يكونوا غرباء عن بهاء الربّ، بحيث يعيشون خبرة هذا السرّ، لا بل يصيروا معاونين لله وخادمين له بين أترابهم. باركْ يا ربّ سعينا وتمّم مسعاك فينا!

+ سلوان
متروبوليت جبيل والبترون وما يليهما
(جبل لبنان)

 

الرسالة: عبرانيّين ١١: ٣٣-٤٠، ١٢: ١-٢

يا إخوة إنّ القدّيسين أجمعين بالإيمان قهروا الممالك وعملوا البرّ ونالوا المواعد وسدّوا أفواه الأسود، وأطفأوا حدّة النار ونجوا من حدّ السيف وتقوّوا من ضعف وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب، وأخذت نساء أمواتهنّ بالقيامة، وعُذّب آخرون بتوتير الأعضاء والضرب، ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا على قيامة أفضل، وآخرون ذاقوا الهزء والجلد والقيود أيضا والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف، وساحوا في جلود غنم ومعزٍ وهم مُعوَزون مُضايَقون مَجهودون، ولم يكن العالم مستحقًّا لهم، فكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد لأنّ الله سبق فنظر لنا شيئًا أفضل أن لا يَكْمُلوا بدوننا. فنحن أيضا إذ يُحدِقُ بنا مثلُ هذه السحابة من الشهود فلنُلقِ عنّا كلّ ثقلٍ والخطيئةَ المحيطةَ بسهولة بنا، ولنُسابق بالصبر في الجهاد الذي أمامنا، ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمّله يسوع.

 

الإنجيل: متّى ١٠: ٣٢-٣٣، ٣٧-٣٨، ١٩: ٢٧-٣٠

قال الربّ لتلاميذه: كلّ من يعترف بي قدّام الناس أَعترف أنا به قدّام أبي الذي في السماوات. ومن يُنكرني قدّام الناس أُنكره أنا قدّام أبي الذي في السماوات. من أحبَّ أبًا أو أمًّا أكثر منّي فلا يستحقّني، ومن أَحبّ ابنًا أو بنتًا أكثر منّي فلا يستحقّني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقّني. فأجاب بطرس وقال له: هوذا نحن قد تركنا كلّ شيء وتبعناك، فماذا يكون لنا؟ فقال لهم يسوع: الحقّ أقول لكم إنّكم أنتم الذين تبعتموني في جيل التجديد، متى جلس ابنُ البشر على كرسيّ مجده، تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًّا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر. وكلّ من ترك بيوتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًّا أو امرأة أو أولادًا أو حقولًا من أجل اسمي يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبديّة. وكثيرون أَوَّلون يكونون آخِرين وآخِرون يكونون أوّلين.

 

خبرة القداسة: شهادات معاصرة

ندعو في ليتورجيّتنا الأرثوذكسية الفترةَ الممتدّة من يوم الفصح إلى الأحد بعد العنصرة بالفترة الخمسينيّة أو البنديكستاري. يوم العنصرة هو اليوم الخمسون بعد الفصح، تاليًا كان يمكن لهذا اليوم أن يكون خاتمةً منطقيّة لهذه الفترة، إلّا أنّ الكنيسة رتّبت أن نختتمها في هذا الأحد الذي يلي العنصرة والذي نقيم فيه تذكارًا لجميع القدّيسين. يتبدّى لنا عبر هذا الترتيب أمر أساس: القداسة خبرة محوريّة وضروريّة في تجسيد إيماننا بقيامة الربّ يسوع المسيح.

سنقدّم في السطور اللاحقة خبرتَيْن مختلفتَيْن لقدّيسَيْن معاصرَيْن جسّدا إيمانهما عبر حياتهما وأقوالهما وخدمتهما الكنسيّة، فصارا نموذجين لخبرة الكنيسة في عيشها قيامة المسيح.

- القدّيس نيقولاي فيليميروفيتش: كان القدّيس نيكولاي واحدًا من أكثر اللاهوتيّين المعاصرين تعليمًا في القرن العشرين، وأطلق عليه اسم «فم الذهب الجديد». عاش هذا القدّيس حياته في ظلّ ظروف صعبة، إذ عاصر الحربين العالميّتين الأولى والثانية في صربيا التي عانت وبشكلٍ مباشر اضطرابات الحرب. لم يقتصر إسهام القدّيس نيقولاي خلال هذه الأوضاع السيّئة في بلاده على الناحيتين اللاهوتيّة والروحيّة عبر تثبيت المؤمنين في الرجاء والإيمان، بل كان له أيضًا دور وطنيّ، فسعى خلال مهامّه الديبلوماسيّة إلى لفت انتباه الدول الغربيّة إلى معاناة شعبه، فأمّن مساعدات سياسيّة وماليّة واجتماعيّة لشعبه. اعتقلته القوّات الألمانيّة السنة ١٩٤١ وأودعته معتقلًا نال فيه القدّيس أشدّ التعذيبات. سأله أحدهم: «هل يدمّر المعتقل الحياة الروحيّة أم يحييها؟» أجاب: «أنت جالسٌ في الزاوية وتقول لنفسك: «أنا تراب، أنا رماد، يا ربّ خذ روحي». فجأة ترتفع روحك وترى الله وجهًا بوجه، لكنّك لا تتحمّل هذه الرؤية فتقول له: «يا ربّ لا أستطيع، أعدني مجدّدًا إلى حيث كنت». وهكذا من جديد تقبع في الزاوية ساعات متتالية وطويلة وتقول لنفسك: «أنا تراب، أنا رماد، يا رب خذ نفسي» ومن جديد يرفعك الربّ الإله لتعاينه». يدلّ كلام القدّيس هذا على خبرته الروحيّة العميقة وإيمانه الثابت بأنّ قيامة الإنسان الحقيقيّة هي قيامته الروحيّة مع يسوع المسيح، كما قال بولس الرسول: «إن كنّا متنا مع المسيح نؤمن بأنّنا سنقوم أيضًا معه». لم تكن ظروف حياته ومسؤوليّاته والآلام التي رآها وعاينها إلّا مجالًا لتمجيد الله وشكره على عطاياه.

- القدّيس صفروني سخاروف: وُلد القديس صفروني في روسيا العام ١٨٩٦. ارتحل إلى الجبل المقدّس العام ١٩٢٦. ترهّب في دير القدّيس بندلايمون وسيم فيه شمّاسًا السنة ١٩٣٠ بوضع يد القدّيس نيقولاي فيليموروفيتش. هناك التقى بالقدّيس سلوان الأثوسيّ وأصبح تلميذًا له حتّى رقاده السنة ١٩٣٧. السنة ١٩٥٩ انتقل إلى إنكلترا حيث أسّس دير القدّيس يوحنّا المعمدان وبقي فيه حتّى رقاده السنة ١٩٩٣. ينقل عنه أنّه اعتاد دائمًا القول: «إن لم يعش المسيح داخلك، فلن تستطيع أن تفهم أمور هذه الحياة بالشكل الصحيح... كيف سيكون بإمكانك أن تفهم ألم البشر أم فرحهم إن لم يكن المسيح حيًّا في داخلك». بكلامٍ آخر، كيف يمكننا أن نشهد لموت المسيح وقيامته إن لم نختبر هذا في حياتنا؟ يذكّرنا كلام القدّيس هذا بمعموديّتنا التي بها لبسنا المسيح. أن يكون المسيح رداءنا يعني أن يتحقّق عمله الخلاصيّ في كلّ واحد منّا، أي أن نشاركه شخصيًّا في موته وقيامته، عندها نستطيع أن نفهم معاني الألم والفرح لأنّنا نكون قد اختبرنا عمل المسيح في حياتنا.

إذًا إيمان الكنيسة بقيامة الربّ يسوع المسيح ليس إيمانًا جامدًا نتذكّر به عمل المسيح الخلاصيّ فقط، إنّما هو إيمان حيّ معاش نتلمّسه عبر سحابة من الشهود ما زالوا يشهدون حتّى اليوم لقيامة المسيح. دعوتنا اليوم أن نقتدي بهؤلاء فالقداسة ممكنة اليوم وفي كلّ زمان.

 

معيّة القدّيسين

للمطران جورج خضر

المشاركة بين المؤمنين، بالروح القدس الواحد فيهم، لا يقطعها الموت لأنّ «المحبّة أقوى من الموت» (نشيد الأناشيد)، وما سُمِّي شركة القدّيسين، ونترجمه معيّة القدّيسين، وهي تعني هنا القدّيسين الذين على الأرض والقدّيسين الذين في السماء، بحيث إنّ الرسول بولس يسمّي المسيحيّين، هنا على الأرض، قدّيسين. وحيث إنّ القدّيس هو الذي خُصِّص للمسيح وُكرِّس له، والقدّيس ليس هو البطل، والمسيحيّة ليس فيها ما يسمّى بطولة، هذه المعيّة تعني أنّ ثمّة عُرًى لا تنفصم بين الذين هم على الأرض والذين انتقلوا إلى الله.

(...) لكنّ حقيقة الإنسان هي أنّه مع الإنسان الآخر والله بينهما جامع. ليس صحيحًا أنّي أنا مع الله وحدي، أنا معكم وكلّنا، بعضنا مع بعض، مع الله. هذه هي الإنسانيّة، هذا هو جسد المسيح. المسيح هو في الذين يحبّونه، وهؤلاء أعضاء لا ينفصل بعضهم عن البعض الآخر. والله الآب هو أبو هذه العائلة والمسيح يشكّلها والروح القدّس مبثوث فيها. هذه حقيقة الإنجيل. الكنيسة هي هذه الموصوليّة بين كنيسة الأرض وكنيسة الأبكار المكتوبين في السماء، وتمثِّلها الكأس المقدّسة عندما نضع فيها أجزاء الأحياء والأموات، والقدّيسون ممثَّلين بتسع طغمات عن يسار الحمل، ووالدة الإله التي هي عن يمين الجوهرة في الصينيّة، يتّحد هؤلاء بالدم الإلهيّ، هؤلاء كلّهم مربوطون بعضهم مع بعض بدم الحمل الإلهيّ وهم معيّة.

(...) إنّنا نؤكّد هذه المعيّة بكلّ هذه الرموز والأعمال، نؤكّد هذه المعيّة الواحدة بيننا وبين الذين ذهبوا، نؤكّد أنّ الروح القدّس الواحد يجمع بينهم وبيننا. ولهذا فالموقف الأرثوذكسيّ في استشفاع العذراء والقدّيسين، أي طلب دعائهم لنا، الموقف الأرثوذكسيّ في ذلك ليس أنّهم جسر يوصلنا إلى الله، ذلك بأنّ الله أقرب إلينا ممّا هم إلينا، وهذا التصوير أنّ الله بعيد وأنّهم هم يقرّبوننا إليه تصوير خاطئ، إنّما هو أنّهم هم معنا في صلاة واحدة. والقضيّة هي فقط قضيّة ناس مرتّبين حول عرش الله. ويمكننا القول إنّ الذين سبقونا إلى المجد الإلهيّ انتهى جهادهم، أكملوا الجهاد الحسن، هم ثبتوا في سكون الله. نحن نطلب شفاعة الأوّلين هؤلاء الذين ينتمون إلى الصف الأوّل من هذه الصفوف التي تتحلّق كلّها حول السيّد.

 

القدّيس البارّ باييسيوس الكبير (+٤١٧م)

تعيّد له كنيستنا في ١٩ حزيران، اسمه في السنكسارات السوريّة القديمة (القرن ١٣م) بيوس وفي السنكسارات البيزنطيّة بائيسيوس، وعند السريان والأقباط «بشيه» أو «بيشوي» أو «بيشاي». وُلد البارّ باييسيوس في بلدة بيسيشانيا من جانب معرب مصر من أبوَين صالـحَين محبَّين، وكان أصغر إخوته السبعة. توفّي والده باكرًا فربّتهم أمهم بخوف الله. نما باييسيوس بالنعمة والقامة ونمت فيه اللهفة إلى الحياة الرهبانيّة، سلك إلى برّيّة الإسقيط فانضوى إلى أحد شيوخها القدّيسين وقضى فيها ستّين عامًا. كانت وفاته في العام ٤١٧ وكان قد شاخ كثيرًا وضعف وصار جسده قربانًا لله نقيًّا. كان دائمًا يقول: «ليست فضيلة أعظم من أن يحرص الإنسان على ألّا يعمل شيئًا برأي نفسه بل أن يقبل ما يشير عليه به أخوه ويهرب من المجد الباطل، لأنّ المجد الباطل متى استبدّ بإنسان هزّه وألقى ثمره كما تلقي الرياح الشديدة الثمر من الشجر». بالفعل أقصى القدّيس عنه المجد الباطل واتّكل على الله من صغره، فورث الملك السماويّ وبلغ النعيم الأبديّ.

 

الشيخ بيساريون من دير الأغاثون

ضمّ مجمع البطريركيّة المسكونيّة، في جلسته المنعقدة بتاريخ ١٤ حزيران ٢٠٢٢، الشيخ بيساريون إلى سنكسار الكنيسة الأرثوذكسيّة فيعيَّد له يوم ٢٢ كانون الثاني.

ولد القدّيس البارّ بيساريون كوركولياكوس السنة ١٩٠٨ وانضمّ إلى الرهبنة مراهقًا، ونسك في دير الأغاثون قرب لاميا في اليونان. عرفه أبناء وسط اليونان حاملًا أيقونة العذراء العجائبيّة يتنقّل بها من رعيّة إلى أخرى مصلّيًّا وموزّعًا البركات. من بين الأسماء التي أطلقوها عليه «الرحيم» لأنّه كان يوزّع خيرات كثيرة. رقد في ٢٢ كانون الثاني ١٩٩١. قساوة الطقس وتكدّس الثلوج في تلك المنطقة الجبليّة لم يمنعا الجموع الغفيرة من المشاركة في جنازته.

المشهد تكرّر في العام ٢٠٠٦، حيث احتاج الرهبان في دير الأغاثون إلى القيام ببعض أعمال التوسيع في الدير، في المكان الذي عند قبر الشيخ بيساريون، فوجدوا رفاته كاملة وغير منحلّة، رغم مرور ١٥ سنة على دفنه. ومن ذلك الحين صار الدير محجّة للمؤمنين من كلّ حدب وصوب. وصار محبّو الشيخ يتحدّثون عن معجزات جرت عبره في حياته وبعد رقاده.

Last Updated on Friday, 17 June 2022 19:52
 
Banner