Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home Raiati Bulletin Raiati Archives Raiati 2007 العدد 05: رد على ذم "رعيتي
العدد 05: رد على ذم "رعيتي Print Email
Sunday, 04 February 2007 00:00
Share

تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

الأحد 4 شباط 2007 العدد 5 

أحد الابن الشاطر

رَعيّـتي

كلمة الراعي

رد على ذم "رعيتي"

ورد إلينا من مجموعـة تسمّـي نفسها "التجمّع اللبنـاني الأرثوذكسي" بعنوان مسجع "الحكمـة الخفيّة في نشرة الأبرشيّة" مخصّص كلّه للطعن بهذه النشرة وذلك بلا توقيـع، وفي الأصول لا يرد على نص غير موقّع باسم او اسمين. وبعـد أن سمـت هذه الورقـة المسلمين الذين ساجلوا المسيحية، أطلّت على حسنات الكنيسة الغربيـة في تعاملهـا الفكـري والمسلمين. ولستُ أريد ان أفحص ما قامت به الكنيسة الغربيـّة في هذا المضمـار غير أنّ مجمـع الفاتيكـان الثـاني الذي تكلّم على التوحيد وعلى التقـارب لا يبدو لي انه في موقع متقدّم بهذا الحوار.

وبعد مديح الكنيسة الغـربيّة، جاءت هذه الورقة تتهمنا بأننا مدحنا الإسـلام. وهذا بعـيد عن الحقيقة. انت لك ان تستسيغ حقائق في القـرآن والتـراث الإسلامي وما فعـله آباؤنا منـذ القديس يوستينس الشـهيد الفيلسوف حتى المدرسة الاسكنـدريّة يبين الاشيـاء الجميـلـة فـي وثنيــّة العالم الإغـريقي القـديم لأنه كان يـفتـش عن كل نـور فـي كل تـراث لأن كل نـور يجـيء مـن المـسيـح فـي ايـّة كتابـة تحمـل قبسـا مـنه.

يأخذ علينا كتّاب هذه الورقة الذين لا نعرف أسماءهم أنهم أشاروا مثلا الى مقال في "رعيتي" عن "العذراء في القرآن" وقالوا قبل ذلك ان "العلاقة بين الدينين (الكاثوليكي) والإسلامي تقوم على أسس من الود والتفاهم". ماذا عملنا نحن غير ذلك؟ أليس المقال الذي أشير اليه "العذراء في القرآن" أبعد من الود والتفاهم. وبعد هذا يعد هؤلاء المؤلفون علينا سطورا في هذا المقال او ذاك، وخفاهم ان القصة ليست في عدد السطور ولكن في المضمون. السؤال يكون اذًا هكذا: هل في مضمون "رعيتي" ما يخالف استقامة الرأي؟ هل "رعيتي" تبنّت عقيدة اسلاميّة تناقض الايمان الارثوذكسي؟

ثم تأتي المغالطة: "لماذا نبقى على مسيحيّتنا ولا نعتنق الإسلام ان كان الأخير المعيار والمرجع القطعي لصحّة المسيحيّة". مَن قال في "رعيتي"هذا؟ ألم يجد الكاتب المثقّف اسلاميًا في الرد علينا ما يوطّد ايماننا المسيحي الارثوذكسي؟ لماذا نعتنق الإسلام اذا كان في هذا الموضع او ذاك من تراثه ان في المسيحية اشياء صحيحة.

ليس المجال في هذه الزاوية القصيرة ان ارد على كل مغالطة وردت في هذه الكتابة التي تذكر رابعة العدوية وما يقابلها في التراث المسيحي ولا سيّما السرياني فما قالته "عن الثواب والعقاب" وجدناه حرفيا في نسكيات القديس إسحق السرياني وهما كلاهما من العراق. في ظني انها لم تتأثّر به فقط في كلامها هذا، ولكنه جاء من الأديرة العراقيّة التي كانت تمتد من حيث عاش قديسنا اي في نينوى الى حيث عاشت هذه المتصوّفة اي في البصرة.

ثم ذكر الكاتب الارثوذكسي المتفقه في الاسلام شيئًا عن قربى بين الغزالي في "احياء علوم الدين" ولم يذكر الاستشهاد او الصفحة.

عودة الى الكنيسة الكاثوليكيّة المعجب بها صاحب النص، اود ان اقول له ان بضعة من كهنة فرنسا الكاثوليك قالوا بنبوءة محمد، وان بعضا من اللاهوتيين الغربيين ولا سيّما الالمان ابتدعوا علما جديدًا سمّوه "لاهوت الاديان" وفيه اكثر من إعجاب بالإسلام. فيه ان الـــوحي المسيحي ليس وحده الــوحي وان هذا موزّع الى هنا وهناك. وهذا لم يقله ارثوذكسي واحد من شمالي روسيا الى الشرق الأدنى.

اين "الحكمة الخفيّة في نشرة الأبرشيّة"؟ ما هو العنصر المخفي؟ انا أتحدّى هذا الكاتب ليدلّني على سطر واحد في "رعيتي" فيه مأخذ واحد على إيماننا الارثوذكسي. وكل النصوص التي أشرنا اليها في التراث الاسلامي هي من باب اننا نُسَرّ للحقائق المنثورة هنا وهناك اذا كان فيها ما يمكن اعتباره استمدادا من المخلّص وإنجيله وآباء الكنيسة.

ثم أريد ان أُعلم هذا الأخ الارثوذكسي الكريم الذي امتعض من "رعيتي" بوضوح ان في هذه الأبرشيّة غير شخص واحد دارس للإسلام حتى مستوى الدكتوراه وان من بحث فيه بمقاطع قصيرة انما يعلن في بدء القداس: "مباركة هي مملكة الآب والابن والروح القدس".

ما غاية هذه الورقة المعتدية سوى زرع الشك في نشرة رعائيّة اعتمد اسلوبها معظم المطارنة في الكنيسة الأنطاكيّة وهي الى جانب الوعظ والتعليم اداة بشارة تصل الى كل البيوت والكثيرون من أربابها قالوا لي: "رعيتي" هي الوسيلة الوحيدة التي نُثقّف بها أرثوذكسيّا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

الرسالة: 1كورنثوس 12:6-20:6

يا إخوة، كل شيء مباح لي ولكن ليس كل شيء يوافق. كل شيء مبـاح لي ولكن لا يتسلط عليّ شيء. ان الأطـعمة للجـوف والجـوف للأطعمـة وسيُبيد الله هذا وتلك. اما الجسد فليس للزنى بل للرب والرب للجسد. والله قد أقام الرب وسيقيمنا نحن ايضا بقوته. أما تعلمون أن اجسادكم هي اعضاء الـمسيح؟ أفآخذ أعضاء الـمسيـح وأجعـلها اعضاء زانيـة؟ حاشى. أما تعلمـون ان من اقتــرن بزانيـة يصير معها جسدا واحدا لأنـه قـد قيل: يصيران كلاهـما جسدا واحـدا. اما الذي يقتـرن بالـرب فيكــون معـه روحـا واحـدا. اهــربـوا مـن الزنى. فان كــل خطيئة يفعلها الانسان هي في خارج الجسد. اما الزاني فانه يخطئ إلى جسده. ام ألستم تعلمون ان أجسادكم هي هيكل الروح القدس الذي فيكم الذي نلتمـوه من الله، وانكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتُريتم بثمن؟ فمجِّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله.

الإنجيل : لوقا 11:15-32

قال الرب هذا المثل: انسان كان له ابنان. فقال أصغرهما لأبيه: يا أبتِ اعطني النصيب الذي يخصني من المال. فقسـم بينهما معيشته. وبعـد ايام غير كثيرة جمع الابن الأصغـر كل شـيء له وسافر إلى بلـد بعيد وبذّر ماله هناك عائشا في الخلاعة. فلما أنفق كل شيء حدثت في ذلك البـلد مجـاعة شديدة فأخذ في العوز. فذهب وانضوى إلى واحد من اهل ذلك البلد، فأرسله إلى حقوله يرعى خنازير. وكان يشتـهي ان يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطه احد. فرجع إلى نفسه وقال: كم لأبي من أجراء يفضُل عنهم الخبـز وانا أهلك جوعا. أقوم وأمضي إلى أبي وأقول له: يا أبتِ قد أخطأت إلى السمـاء وأمامك، ولستُ مستحقا بعد ان أُدعى لك ابنا فاجعـلني كأحد أُجَرائك. فقام وجاء إلى أبيه، وفيما هو بعد غير بعيد رآه ابوه فتحنن عليه وأسـرع وألقى بنفسه على عنقه وقبّله. فقال له الابن: يا أبتِ قد أخطـأت إلى السماء وأمامك ولستُ مستحقـا بعد ان أُدعى لك ابنا. فقال الأب لعبيـده: هاتوا الحلـة الاولى وأَلبِسـوه، واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه، وأْتوا بالعجل الـمسمّن واذبحـوه فنأكل ونفرح، لأن ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوُجد. فطفقـوا يفرحون.

وكان ابنه الأكبـر في الحقل. فلما أتى وقرُب من البيت سمع أصوات الغناء والـرقص. فدعا أحد الغلمان وسأله: ما هذا؟ فقال لـه: قد قَدِم أخوك فذبح أبوك العجـل الـمسمـّن لأنه لقيـه سالـما. فغـضب ولم يُرِد ان يدخل. فخرج أبوه وطفق يتوسل اليه. فأجـاب وقـال لأبيه: كم لي من السنـين اخدمك ولـم أتعـدَّ لك وصية، وانت لم تعطني قـط جديا لأفـرح مع اصدقائي. ولـما جاء ابنك هـذا الذي اكـل معيشتك مع الزواني ذبحتَ لـه العجـل الـمسمّـن! فقال لـه: يا ابني انت معي في كل حين وكـل مـا هـو لـي فهـو لـك. ولكـن كـان ينبـغـي ان نفـرح ونُسَرّ لأن أخاك هذا كان ميتـا فعـاش وكان ضالا فـوُجد.

الكتاب المقدّس والتقليد

"المخطوطات بالنسبة إليّ هو يسوع المسيح، المخطوطات هي صليبه وموته وقيامته والإيمان الذي من عنده" (القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ).

واو العطف، الظاهرة في عنـوان هذا المقـال، لا يراد بها أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة تعتقد بمصدرين للإيمـان، بل بمصدر واحد بعضه مكتـوب، أي مسجّل في الكتـب المقدّسة، وبعضه الآخر منقول شفاهًا، ووصل إلينا بالتتابع (أنظر: قوانين القدّيس باسيليـوس الكبير، القانون 92).

طبعًا، هذا التعريف يغيظ المعمدانيّين الذين يفخرون بأنّه قيل عنهم "إنّهم أهل الكتاب" (هيرشل هوبس، عقيدة المعمدانيّين ورسالتهم، صفحة 25). ومن قرأ كتبهم، يعرف أنّهم لا يتورّعون عن اتّهام الكنيسة المقدّسة بأنّها انحرفت، منذ عهد الأوّلين، عن "سلطة الكتاب المقدّس كالمصدر الوحيد للتعليم والممارسة" (الموقف الكتابيّ، العدد 5). فالكتاب المقدّس وحده Sola Scriptura من دون غيره، يجب، برأيهم، "أن يكون مصدر تعليم الكنيسة المسيحيّة الحيّة وممارستها"، وألاّ يزاحمه "على سلطانه وتأثيره في الكنيسة وفي نفوس المؤمنين"، لا "التقليد"، ولا "تعليم الكنيسة"، ولا "المجامع المسكونيّة"، ولا "الهرميّة الإداريّة"، ولا "الممارسات الطقسيّة المستهجنة"، ولا غيرها (الموقف الكتابيّ، الأعداد 6 و14 و16؛ روبرت أ. بايكر، سير المعـمدانيّين في التـاريخ، صفحة 10- 12). ويضحكنا "بايكر"، في كتابه المذكور هنا، بقوله: "ومن العقائد التي تحدّت المسيحيّة عقيـدة العارفين (Gnostics) الذين ادّعوا أنّ لهم تقـليدًا أو معرفة منقولة غير مكتوبة أنشئت في أيّام الرسل. وقد قاوم إيريناوس هذه البدعة محاربًا النار بالنار قائلاً: نحن أيضًا لنا سلسلة كنائس ورعاة ترجع بتاريخها إلى أيّام الرسل عينهم. ويبـرهن هذا التتابع الواضح أنّنا نحن ذوو الحقّ تسلّمناه من الرسل، وأنّ العـارفين وتتابعـهم غير الواضح لم يتسلّمـوا ذلك الحـقّ. ومن وقت عبارة إيريناوس ولعنة التقاليد والخلافات تقلق الكنيسة" (صفحة 11).

لم أقلْ يضحكنا بايكر استهزاءً. فالمـعمـدانيــّون، فـي هـذا المـوقـف، يريـدون أن يـوهـمـوا أتباعهم بأنّ التقليد الحيّ، الذي لعنه صاحبنا، ظهر في زمن القدّيس إيريناوس أسقف ليون، أو هو مصدره. وهذا هو المضحك. والواقع، الذي لا يذكره المعمدانيّون، أنّ القدّيس إيريناوس، استلهم ما هو موجود قبله، وهو أنّ "الكنيسة الواحدة المنتشرة في أصقاع العالم تتكلّم بصوت واحد، وتحفظ، في كلّ موضع، الإيمان ذاته كما سلّمه الرسل وحفظه تعاقب الشهود". وهذا لم يعنِ، يومًا، أنّ المسيحيّين الأوّلين أضافوا شيئًا إلى سلطان الكتاب المقدّس، أو قبلوا أن يزاحمه شيء. فالمسيحيّون، منذ البدء، وعوا أنّ الكتاب لا يفهم، بطريقة صحيحة، إلاّ على "قاعدة التفسير الكنسيّ الجامع". وهذا كان، عندهم، الوسيلة الوحيدة لمعرفة معنى الكتاب وكشفه. والمعروف أنّ تفسير الكنيسة للكتاب المقدّس كان المنهج اللاهوتيّ الأهمّ لصدّ الهرطقات التي انتشرت في القرون الأولى، والتي كان روّادها يحتكمون إلى الكتاب (أنظر: 2 بطرس 3: 16 و17). وأكّد آباؤنا المدافعون أنّ الكتاب المقدّس ينتمي إلى الكنيسة، ولا يُفهم فهمًا وافيًا، أو يفسّر بطريقة موافقة، إلاّ ضمن جماعة الإيمان القويم المتأصّل في بشارة الرسل وكرازتهم. وإذا رجعنا إلى تعليم القدّيس إيريناوس الذي استهزأ به "بايكر"، لا نشكّ في أنّ التتابع، أو التعاقب الكنسيّ الآتي من الرسل، هو، عنده، الذي يحفظ الإيمان سالمًا، ويفسّر الكتاب من دون خطر. وأنّ التقليد، في مفهومه، لم يكن مجرّد نقل عقائد متوارثة، بل الحياة المستمرّة في الحقيقة.

هذا يؤكّد مكانة التقليد الحيّ، في حياة الكنيسة، منذ البدء. غير أنّه يفترض سؤالاً يناسب المعمدانيّين، وهو: هل يتطلّب فهم الكتاب استعارات خارجيّة، أو أنّه هو يفسّر ذاته بذاته؟ في سيـاق الجـواب، لا بدّ من التـأكيد أنّ آباء الكنيسة أدركوا أنّ الهراطقـة، في تقديمهـم تعاليمهـم، كانوا يلعبـون على آيات الكتاب، ويقتطعـون قولاً من هنا وأقوالاً من هناك، ويجمعونها، ليؤكّدوا انحرافهم. وهذا، بالطبع، يشـوّه "نموذج الكتـاب وبنيته الداخليّة وتآلفـه". ولذلك كان رأي آبائنـا أنّ "قانـون الإيمان"، الذي يتلـوه المؤمن في معمـوديّتـه، هـو المـرشد إلى قراءة الكتب المقدّسة، أو المفتاح الوحيد لفهم معانيه. هذا ما شدّد عليه، في مبحثه الشهير، "معارضة الهراطقة"، العلاّمة ترتليانوس الذي رفض رفضًا قاطعًا أن يقرأ الكتاب مع الهراطقة، أو أن يباحثهم في المواضيـع الإيمانيـّة التي لا يتّفـقـون مع الكنيسـة حـولها، لأنّ الكتـاب، برأيـه، "لا يـخصّهـم". ثمـة ضـوابـط يعـوزهـا تفسير الكتاب حتّى لا تتشتّت الجماعة الواحدة، وحتّى لا يصيبها ما أصاب المعمدانيّين أنفسهم الذين تفرّقوا فِرَقًا عدّة، وحاولوا أن يغطّوا انقساماتهم بمعاداتهم الكنيسة المستقيمة وبأفكار غريبة يحسبون أنّها الحقّ.

يبقى أن ندلّ من يهوى الحقيقة على بعض الآيات التي تثبت وجود تقليد حيّ كان، وما يزال، ذاكرة الكنيسة الحيّة التي حفظت فيها رسالة الخلاص الواحدة (ومنها: يوحنّا 20: 30 و31؛ 21: 25؛ 1كورنثوس 11: 2 و34؛ 2كورنثوس 3: 3- 6؛ 2تيموثاوس 1: 13؛ 2: 1 و2؛ 2يوحنّا 12؛ 3يوحنّا 13 و14). وهذه الآيات، وغيرها، تؤكّد، بما لا يقبل جدلاً، أنّ الكرازة الرسوليّة قامت، دائمًا، على أساس هذه الذاكرة المقدّسة التي تحفظ وحدة إيمانها عبر الدهور، وفق مشيئة الربّ (يوحنّا 17: 20 و21)، وأنّ كلمة الله الحيّة باقية أبدًا داخل الكنيسة وموجّهة إلى كلّ إنسان، في كلّ زمان ومكان، بغية إحيائه.

حياة المسيحيين الأوائل

هي رسالة قديمة جدا كُتبت على الأرجح في اوائل القرن الثالث لأن المسيحية كانت منتشرة جدا في كل انحاء الامبراطورية الرومانية وتخومها. لا يُعرَف كاتبها لكنها موجهة الى شخص وثني يُدعى "ديوجين". صنّفت الرسالة مع الأدب المسيحي الدفاعي. يصف كاتبها وضع المسيحيين وإيمانهم وطريقة سلوكهم في الحياة. اليكم بعض المقاطع منها علّنا نجد في مسيحيي القرون الأولى مثالا يُحتذى.

"... لا وطن، ولا لغّة، ولا لباس يميّز المسيحيّين عن سائر الناس. لا يقطنون مدنًا خاصة بهم ولا يتفرّدون بلهجةٍ تخرج عن المألوف من اللهجات... تراهم منتشرين في المدن اليونانيّة وغيرها وفقًا لنصيب كلٍّ منهم. يُجارون عادات البلاد في المأكل والملبس ونمط الحياة...

يقيم كلّ منهم في وطنه إنما كغريب مضاف. يتمّمون واجباتهم كمواطنين ويتحمّلون كلّ الأعباء كغرباء. كلّ أرض غريبة وطن لهم، وكلّ وطن أرض غريبة. يتزوّجون كسائر الناس ويتناسلون، إلاّ أنهم لا ينبذون مــواليدهــم. يتقــاسمون المـــأكل ذاته، ولا يشـــاركون في المضجع ذاته (اي يتزوّجون امرأة واحدة).

إنهم في الجسد، ولكنهم لا يَحيون حسب الجسد. يصرفون العمر على الأرض، إلاّ أنهم من مواطني السماء. يمتثلون للشرائع القائمة، إلاّ أنّ نمط حياتهم يسمو كمالاً على الشرائع. يتودّدون إلى الجميع، والجميع يضطهدونهم ويتنكّرون لهم ويحكمون عليهم، وبموتهم يربحون الحياة. إنهم فقراء وبفقرهم يُغنون الكثيرين. يفتقرون إلى كلّ شيء، وكلّ شيء فائض لديهم. يحتقرهم الناس، وباحتقار الناس إياهم يتمجّدون. يَنمّون عليهم فيتبرّرون، يشتمونهم فيباركون، يُهينونهم فيكرِّمون. لا يعملون إلاّ الصلاح، ويعاقَبون كالسفلاء، وفي عقابهم يتهلّلون كأنهم يولدون للحياة".

الأخبار

موسكو

تسعـى بطريـركية موسكـو منذ بـضعة شـهور الى ادخـال مـادة إلـزامـية فـي المدارس عنوانها “أسس الثقافة الأرثوذكسية”. يثير هذا الأمر جـدلا في المـجتمع الروسـي وتتنـاوله وسائـل الاعـلام. وقـد صرّح رئيس بلدية موسكو يوري لويكـوف انه لن يسمـح بالتـعليم المسيحي في مدارس العاصمة. اما في الكنيسة فقد قال الاب بطرس (مشتشيرينوف) مدير مركز تدريب المسؤولين عن نشاط الشباب في بطريركية موسكو اثناء حلقة عن الكنيسة والأولاد ان لا جدوى من ادخال هذه المادة كما هي في المدارس لانها تستند على تربوية محض اخلاقية. وبالرغم من تصاريح البطريرك ألكسي الثاني المتكررة ان هذا التعليم ثقافي، يبدو ظاهريًا انها محاولة لإدخال التعليم المسيحي بأسوأ الطرق. واضاف ان التربية الروحية للاطفال لا يمكن ان تفرض ممارسات بطريقة سلطوية، بل ان ترشد الاولاد بالمحبة على القيم المسيحية الاساسية. ثم أبدى أسفه لان الكنيسة الروسية، في الـ15 سنة الماضية، لم تـطور مـقاربة كـنسية شاملة للتربية المسيحية. قال ايضا انه بعد دراسة البرامج والكتب والاساليب التي وضعت لمادة اسس الثقافة الارثوذكسية، تَبيّن أن لا علاقة لها بالثقافة انـما هي برامج تلقينية تستوحي كتاب التعليم المسيحـي الذي وُضع بالروسية في الولايات المتحدة سنة 1959، والذي لا يأخذ بعين الاعتبار نمو الاولاد وامكانيات الفهم عندهم وتفاعلهم مع ما يعيشونه في مجتمعهم.

 
Banner