Article Listing

FacebookTwitterYoutube
Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 2010 يا عشقي المصلوب 04/02/2010
يا عشقي المصلوب 04/02/2010 Print Email
Friday, 02 April 2010 00:00
Share

 

يا عشقي المصلوب

بقلم المطران جورج خضر، الجمعة 2 نيسان 2010

يا يسوع، “يا عشقي المصلوب”. انت معلّق على خطايانا قبل أن رفعوك على خشبة. قتلتك خطايانا فيما كنا نلهو بها. نُبصرك الآن “لا منظر لك ولا جمال فنشتهيك” مُدمّى، مطعونا ولكن غير مكسور، موضع محبّة الله. تدين معاصينا بجسدك ولا تديننا لأن قلبك لا يحتمل أن يموت فيه انسان. نحن مشرّدون يا سيّد. لقد مددت ذراعيك كي تضمّنا فتُعيدنا الى أبيك إنسانية واحدة مطهّرة كي لا يلفظ حكمه فينا يوم الدينونة. انت تقول له: ما لهم وللموت. اغفر الزلات للكاذبين والسارقين والقتلة لأنك تحبّهم كما تحب الطاهرين. جميعهم أبناؤك وجميعهم إخوة لي. انت كلّهم تحضنهم بالرحمة وما من واحد يَخلُص الا بهذه الرحمة. انت أوحيت للتلميذ الحبيب: “الله محبة”. هذا فهم أن المحبة هي انت ومن أحبّ تكون انت ساكنه. ومن كفر تكون ايضا ساكنه. تطلب اليه فقط أن يؤمن بغفرانك وإيمانه. هذا يُرجعه اليك. تغفر له لأنك تشتاقه في كل حين.

انك تشتاق اليه لكونه وليد محبّتك التي لا تريد أن يطرد منها احد. فإذا نسيها ماذا يبقى له في الذاكرة؟ كبارنا قالوا إنك أوجدتنا كي لا يبقى حبك أسير كيانك. يا أبتاه، انت إله يمتدّ، يضمّ وبعثت بي كي يعرف الإنسان ذلك فيحيا ويعرف انه نسيب الله. انا بتّ عشيره حتى موتي فلا يعرف كما كان الأوائل انك فوق وانه تحت. ليس من مدى بينك وبينه. كان يعرف القدامى انهم مقرّبون. لما عرفوني انا باتوا يعلمون أن نعمتك جعلتهم افضل من ذلك. عرفوا انهم بك لصيقون. وهذا اقتضى جرحي. لقد أمرت بجرحي حتى يُحبّوك فيُشفوا. واذا شُفوا غنّوك واستلموا الفرح. والفرح هو السماء.

انت ما أصعدت احدا اليك الا لمّا أنزلتني اليهم. انهم سيصعدون معي بعد قليل ليتمّ فرحهم فينا فينكشف لهم ملكوتك. قلت لهم انه فيهم ثم ترجمت لهم ذلك بموتي.

يا يسوع خذني الى هذا الحب الذي تُكفر به ذنوبي كل يوم. لا تجعلني أرى غير وجهك لأن كل وجه آخر يلهي. احصرني في محبتك حتى لا تدغدغني أهوائي فيرى الناس نورك مرتسما على وجهي، ولكن عرّفه أن هذا النور ليس منه ولكنه مسكوب عليه بحنانك. انت اختلطت بنا لنذوقك والعلاقة بيننا وبينك بعد أن أتممت العشاء الأخير انك أعطيتنا ذاتك بشكل خبز وكأس حتى نجوع اليك دائما ونعطش اليك اي حتى تزول المسافة التي كانت بيننا وبين أبيك.

***

واذا دخلت الينا بهذه الصورة لا نظل حاسبين اننا اخوة باللحم والدم اللذين نحن بهما فبتنا اخوة بروحك نحن لا نأخذك الينا فقط. انت تخطفنا اليك. انت تظهر ان هذا الذي نتناوله على مائدة الخلاص هو اياك الجالس عن يمين الآب.

نحن نرى هذا بأن ذراعيك الممدودتين على الخشبة تضمّاننا اليك والى أبيك بقوة روحك. نعود الى ذراعيك حتى لا نتشتّت في دنيانا وقد أصبحت انت دنيانا حتى لا نتلهّى بسواها فنضجر ونموت.

لقد قلت مرة: “من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني”. نعرف أن هذا شاقّ على قوانا ولكنا نؤمن انك تحمل شقاءنا فنتعزى بكل كلمة خرجت من فمك. وكذلك قلت: “انتم أنقياء بسبب من الكلام الذي كلّمتكم به”. أن نسمع فقط الى ما قلته ولا نستمع الى سواه هذا يجعلنا خلائق جديدة. من بعد هذا ننبسط في ملكوتك. سُد علينا يا يسوع لنطمئن الى أن سلامك فينا. هذا سلام تعطيه انت من جراحك فتشفى بها جراحنا فلا نرقد رقدة الموت.

الحياة الجديدة التي دعوتنا بها صارت فينا وتصير اذا حفظنا وصاياك. إن هربنا من وصاياك نسعى الى سراب فعدم. لا ترمنا يا رب في العدم الذي ليس فيه كلامك. انتشِلنا دائما من هوى السقطات التي تحوّلنا عن رؤية صليبك فتميل نفوسنا الى كلام الخديعة. والخديعة هي “شهوة العين وشهوة الجسد وكبرياء الوجود”. هذه كلها ميتات نعرفها تعطّل فاعلية صليبك فينا.

نريدك يا سيد، لا تُخزنا ولا تجرّبنا بذوق المعاصي. انت جعلت القديسين لا يردونها. ونحن نسلك كأن القداسة عبء او كأنها مستحيلة. حوّلنا الى ما تشتهيه لنا انت حتى لا يكون لنا مشيئة غير مشيئتك فنتّحد بك في الصميم. قوّم أفكارنا لكي لا نخطئ فكرك، نق نياتنا لنتقبّل بفرح ما تنويه لنا، وهكذا نصبح عشراءك حقا. لاصقنا في ضعفاتنا نفسها نلصق بك فنستمدّ قوّتك ولا نخشى الموت.

يا سيدي أبعد عنا كل شبح يأتي إلينا من مملكة الموت وأهلنا اذا ما اقترب أن يلقانا الآب بقوة قيامتك. لا تطرحنا من امام وجهك في ساعتنا الأخيرة حتى لا تُداهمنا الظلمات. أوضح لنا أن فراقنا هذه الأرض إنما باب احتضانك. روّضنا على ذلك كل حين فإذا ما عرفنا اقتراب هذا الفراق نُدرك أننا لسنا مقصيّين عن وجهك. وجهك يا رب، وجهك عزاؤنا في عالم التعب. لا تسمح بأن نيأس من إمكان دنوّنا اليك لأن هذا يكون الموت.

***

ادعُ كل من مات في ساعة موته اليك لأنه إن لم يسمع صوتك يبقى أصمّ. اكشف له وجهك لكي يقبل حضن أبيك. كل الذين يموتون يدخلون برحمته. هذا قاله كبارنا الذين تروّضوا في الجهاد. أمك لا تطيق أن يُقيم أحد في النار. وقد قلت انت عند نزاعك للتلميذ الحبيب إنها أمه ففهمنا أنك تريدها أمّا لكل تلميذ حبيب. هي لا ترضى بموت أحد الى الأبد. فاذا خلصوا جميعا يرتدون ثوب مريميّتهم. هذا هو عرس قانا الجليل، سيدي.

هذا العرس كان صورة عرسك مع الإنسانية البارّة بالدم. هذا إياه سيكون العرس الأبديّ اذا جمعت أحباءك من كل أصقاع الدنيا فتنتهي آلامهم ويطربوا بك. الذين خطفتهم اليك سيتبعونك فوق حيث تسير.

كل ما عندنا هنا من صلاحك تهجئة لهذا اليوم الأخير. القيامة التي حقّقتها من بدء آلامك وذقنا منها قيامات بحنوّك سنراها قيامة أخيرة لنا ايضا اي جمعًا للإنسانية المصطفاة الى حبك. بعد هذا نعزف مع الملائكة على قيثارات الظفر، وكل لحظة من السماويات تكون فينا ترتيلة جديدة.

وهذا كله سيكون في السماء صدى لبعد ما نقوله بعد يومين هنا: المسيح قام.


 

 
Banner