Article Listing

FacebookTwitterYoutube

Subscribe to RAIATI










Share

للمقبلين على سرّ الزواج المقدّس رجاءً مراجعة موقع:  wedding2

مركز القدّيس نيقولاوس للإعداد الزوجيّ

Home An Nahar Articles An Nahar Archives An Nahar 1993 المجمع الأرثوذكسي الموسع 10/02/1993
المجمع الأرثوذكسي الموسع 10/02/1993 Print Email
Saturday, 02 October 1993 00:00
Share

المجمع الأرثوذكسي الموسع  

بقلم المطران جورج خضر، جريدة النهار 2 تشرين الأول 1993

بعد غد الاثنين يبدأ في دير سيدة البلمند المجمع الانطاكي للروم الارثوذكس دورة الخريف. تدوم اسبوعا وتضم الى مطارنة الأبرشيات الأساقفة المعتمدين في الخارج وسيصطحب كل رئيس كهنة وفدا اكليريكيا-علمانيا. لهذا دعي المجمع الموسع يناقش فيه كل الحضور جدول الأعمال ويرفعون التوصيات الى المجمع المقدس المؤلف من مطارنة الأبرشيات في الوطن والمهجر الذي ينعقد منفردا لإضفاء الصفة القانونية على التوصيات.

سيدرس وضع كل ابرشية ومعتمدية (هذه بقعة من الأرض - التشيلي، اوستراليا، اوربا الغربية ... مسؤول عنها اسقف تابع للبطريرك) وذلك بغية دفع العمل البشاري وتنسيق الجهود وإقامة التعاون الفعلي في ظل قانون البطريركية الأساسي بحيث تأتي الرعاية موحدة المضمون والأسلوب ليوطد الرجاء في كل مناطق المد الأنطاكي الواسع استعدادا لنظم الشتات واحد العطاء، واحد البنية القانونية في تعدد اللغات والقوميات. لا نملك بعد صورة الوحدة الارثوذكسية في هيكليتها في المهاجر. هذا بحث تجدد منذ سنوات إعدادا للمجمع الارثوذكسي العالمي الذي تهيئه الكنائس الارثوذكسية المستقلة في دورات لها متتابعة في جنيف.

وكائنا ما يكون البناء الذي يأتي به الفكر القانوني لانتظام المهاجر الا اننا نبث نفحات التراث الأنطاكي بما يحمل من غنى وخصوصية لأداء الشهادة في العالم كله.

واذا رأينا الى الأجزاء تتحد فلا بد لنا ان ننكب بخاصة على مسألة الكاهن في دعوته وتنشئته ونموه الروحي وتعزيز اوضاعه ومعاشه. ولعلنا غدونا اعظم وعيا لهذا الشأن منذ تأسيس معهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند في مطلع السبعينات ومدارس إعداد كهنة في غير أبرشية. هذا الى جانب المساعي المبذولة، هنا وثمة، في التربية الكهنوتية الدائمة. نحن بحاجة الى عدد من الكهنة متعاظم غير ان حاجتنا الملحة الى الحس الروحي والمعرفة لقصوى. وما يعزي في هذا المضمار ان المؤمنين صاروا في ذلك اشد تطلبا. الى جانب ذلك عمق تحسسهم لضرورات المعيشة عند الكاهن (البيت، الراتب، مدارس اولادهم، العناية الصحية) وان كنا لم نبلغ السوية الواحدة في كل الأبرشيات وبين رعية ورعية.

***

ولعل ما هو اشمل مواجهة مسألة التربية الدينية لكل الأعمار بما في ذلك الشباب والشطر النسائي. ما مضمون التربية، ما اساليبها ومواضعها، ما مكانة حركات الشبيبة التطوعية، الحلقات الإنجيلية، السهرات الروحية الطويلة في الأديرة، ما دور الرهبانية التي تتوطد او تنبعث دائما في الخط التراثي وهي تنكب على نشر النسكيات بخاصة وسير القديسين ومؤلفات الآباء الروحيين القدامى والمعاصرين.

هذه بعض من الهموم التي يبدو ان المجمع الموسع سيعالجها حلقة اولى في حركة تشاورية يؤكد السيد البطريرك أغناطيوس الرابع انها ستأخذ في الامتداد ولا سيما ان القانون الاساسي للبطريركية ينص على انعقاد مؤتمر انطاكي  تؤلفه الوفود من كل الأبرشيات. والتحرك الحالي ينبئ بقدوم هذا المؤتمر ولا سيما اذا اكتمل تشكيل مجالس الرعايا ومنها ينبثق مجلس الأبرشية الذي يتولى حياة المؤمنين من كل جوانبها. وقد انتقل الروم الارثوذكس - بالأقل على صعيد النص - من رؤية العلمانيين مضطلعين بالشأن الاداري والمالي الى كونهم باحثين في كل شيء فضربنا تقسيم حياة الكنيسة الى مادي-تنظيمي مفوض به الى العامة والى روحي-لاهوتي يكون حكرا على الاكليروس.

هذا بينا خطأه لاهوتيا في الأربعين سنة الماضية وحاولنا - من حيث المبدأ - ان نتنقى من طغيانين ممكنين: الطغيان الاكليريكي والطغيان العلماني.

طبعا، هذا يتطلب رياضة وتمثلا فالكنيسة عرفت في هذه الحقبة او تلك نزعة اكليريكانية او نزعة علمنة دهرية كلاهما غريب عن رؤيتنا لطبيعة الكنيسة فكنيستنا لا تقبل التفريق بين من هو فوق ومن هو تحت. ترفض اعتبار العلماني على انه ذلك الذي يتعاطى شؤون العالم فقط واعتبار الكاهن من تعاطى شؤون الآخرة حصرا. نحن اقرب الى لاهوت الشراكة الذي ينفي فلسفة الإزائية المتصلبة بين الرعاة والرعية. اجل، هناك تقابل بسبب من سلطان الكلمة وإقامة الاسرار وتعهد الافتقاد. هناك احتضان وان تأتي الكلمة قاطعة باستقامة كما يقول الرسول. ولكن هذه الإزائية ليست سلطوية لأنها تنبع من المحبة والبنيان الواحد لجسد المسيح.

واذا كان الراعي ليس طاغية تحديدا - ولو شذ عن ذلك مزاجا - فمن باب اولى الا تطغى الرعية. وقد يخرج منها من له روح النبؤة فيكلم الاسقف باسم الله واذا رأى الاسقف ان في هذا المؤمن روح الرب فعليه ان يطيع حسب القاعدة الرسولية "ليخضع بعضكم لبعض بتقوى المسيح" (افسس 5: 21). لقاء هذا وذاك أصاحب مقام كان ام مؤمنا عاديا - خارج كل تفلسف لاهوتي - يحكمه قول بولس: "وانتم الذين اختارهم الله فقدسهم وأحبهم، البسوا عواطف الحنان واللطف والتواضع والوداعة والصبر. احتملوا بعضكم بعضا، واصفحوا بعضكم عن بعض اذا كانت لأحد شكوى من الآخر (كولوسي 3: 12 و13).

***

ومن بداهة القول ان الارثوذكسيين اذا اجتمعوا يحملون كل كنائس المسيح في حب وانفتاح ودعاء. نحن المسيحيين صرنا نلاحظ ان كل طهر وكل جلال وكل كلمة حق وكل إصلاح يتم هنا وهناك يفرح له الجميع ويتبناه الجميع. اظن ان الارثوذكسيين واعون امر السهر على رعيتهم وهذا من باب الاخلاص ومن باب المحافظة على ما سلمه الينا القديسون مرة. ولكن إصرارنا على استقامة الرأي لنا وللجميع لا ينفي الثقة المتزايدة بالكنائس الاخرى.

***

والارثوذكسيون واعون في هذه المحاولة المتواضعة المصلية ان قلوبهم الى العائلة الارثوذكسية المتألمة في العالم. لست اعلم فيما اكتب هذه السطور ما يكون الوضع في روسيا قد آل اليه. نحن لا نفتش عن قوة من هذا العالم ولكننا ندعو لتوثب روحي يشمل العالم الارثوذكسي كله. من هذا الانبعاث نجيء الى المسيحيين جميعا ومن خلال التجدد الروحي في دنيا المسيح قاطبة نأتي الى المؤمنين في الأرض والمعذبين فيها.

لذلك نرى انفسنا مشدودين الى لبنان الذي يستضيفنا نحن الآتين اليه من كل ارجائه ومن سوريا والعراق والجزيرة العربية والمستوطنين اقطار الدنيا المنحدرين من اصل عربي والناشئين روحيا من تطلعات مدينة الله انطاكية العظمى. لبنان هنا سنحمله في ادعيتنا ورجاؤنا ان يلهمنا الله كلمة منه وكلمة اليه. ما يبدو لي ان لبنان قائله للمجمع المقدس الموسع انه لن يتعافى الا بعودة المهجرين الى مدنهم وقراهم على رجاء ان يكون العائد ومن لم يغادر واحدا في الحب اذا اقاما معا وواحدا في تعامل الدولة معهم وعدلها.

هذا المجمع قد يتلقى من الرب رؤى اذا حمله المؤمنون جميعا في ادعية لهم طيبة.

 
Banner